اكتشف ظفار من السماء.. إقبال كبير وعروض مبتكرة ترفد السياحة
تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT
اختتمت صباح اليوم فعالية "اكتشف ظفار من السماء" التي انطلقت لمدة عشرة أيام متواصلة من الفعاليات والمناشط المكثفة التي جذبت جمهورًا كبيرًا من مختلف الأعمار وبمشاركة واسعة وتفاعل كبير في مختلف القرى المخصصة للطيران اللاسلكي والشراعي والورقي، بالإضافة إلى قرية الفلك والتنمية المستدامة والابتكار، فضلًا عن العروض الجوية التي أبهرت الحضور.
وتميزت الفعالية بتنوعها وشموليتها، حيث استقطبت قرى الطيران اللاسلكي والشراعي والورقي شريحة واسعة من محبي الرياضات الجوية، الذين توافدوا بأعداد كبيرة لتجربة الطيران بأنواعه المختلفة، كما لاقت قرية الفلك والتنمية المستدامة والابتكار إقبالًا من العائلات والأطفال الذين أبدوا اهتمامًا كبيرًا بالأنشطة التفاعلية والعروض التثقيفية المقدمة، كما شهدت قرى الطيران الثلاث حماسًا كبيرًا من الجمهور، خاصة مع العروض اليومية التي قدمها محترفو الطيران من مختلف دول المنطقة. وقد تم تخصيص أماكن آمنة لممارسة الطيران الورقي والشراعي، ما أتاح للجميع فرصة الاستمتاع بالطيران وتجربة التحليق في سماء ظفار.
وأعرب محمد الخياري، عضو اللجنة العمانية للرياضات الجوية، عن سعادته بنجاح الفعالية والإقبال الكبير الذي شهدته وقال: "نحن فخورون بأن نكون جزءًا من هذا الحدث المهم الذي يعزز من مكانة المحافظة كوجهة سياحية ورياضية متميزة. الفعالية حققت نجاحًا فاق التوقعات، وشهدنا مشاركة واسعة من الجمهور والممارسين، مما يؤكد على أهمية مثل هذه الفعاليات في نشر ثقافة الطيران وتعزيز الوعي بأهمية الرياضات الجوية". وأضاف: "كانت قرى الطيران اللاسلكي والشراعي والورقي محط اهتمام الجميع، حيث تم توفير جميع المتطلبات اللازمة لضمان سلامة الممارسين، بالإضافة إلى تقديم حلقات عمل تفاعلية لتعريف الجمهور بأساسيات الطيران وأهمية السلامة الجوية".
من جانبه قال أحمد بن زاهر العلوي رئيس اللجنة العمانية للرياضات الجوية: إن تفاعل الجمهور وحضورهم الكبير يعكس اهتمام المجتمع بهذه الرياضات، ويحفزنا على مواصلة تنظيم المزيد من الفعاليات المشابهة في المستقبل.
وأضاف العلوي: "نشكر الجهات الحكومية والمحلية على دعمها المستمر، والذي كان له الدور الأكبر في تحقيق هذا النجاح. نحن نطمح إلى أن تصبح الفعالية حدثًا سنويًا يجذب محبي الرياضات الجوية من جميع أنحاء العالم".
وأعرب العديد من الحضور عن إعجابهم بالفعالية وتنظيمها المتميز، حيث قال محمد البلوشي: "كانت تجربة رائعة بالفعل. أعجبني التنوع في الأنشطة والفعاليات، وكانت العروض الجوية مذهلة حقًا ،نتمنى أن تتكرر هذه الفعالية كل عام". من جهتها، أشادت فاطمة الحارثي بالأنشطة المخصصة للأطفال وقالت: "أحضرنا أطفالنا إلى قرية الفلك والتنمية المستدامة والابتكار، وقد استفادوا كثيرًا من الحلقات التعليمية والعروض التثقيفية، وكان التنظيم رائعًا، والأجواء ملائمة للعائلات".
وأعرب خالد السعدي، أحد ممارسي الطيران الشراعي، عن امتنانه للفرصة التي أتاحتها الفعالية، وقال: "كانت الفعالية فرصة ممتازة لنا لممارسة الطيران الشراعي في بيئة آمنة ومنظمة حيث كان التنظيم على أعلى مستوى، والفعاليات المصاحبة كانت ممتعة ومفيدة".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: کبیر ا
إقرأ أيضاً:
سوق شاطئ الحافة التراثي.. تجسيدٌ حيٌ للأصالة والمعاصرة (2- 2)
خالد بن سعد الشنفري
كان السوق يتألف من 3 سُبَل رئيسية: واحدة خصصت للأسماك ومشتقاتها، الثانية للخضار والفواكه، والثالثة للحوم، وفي ستينيات القرن الماضي- كما أتذكر- كان يتم ذبح بقرة واحدة يوميًا لتلبية احتياجات النَّاس، وكانت اللحوم تُقسَّم إلى أكوام صغيرة لتسهيل الشراء، خاصةً في ظل عدم وجود ثلاجات. وفي أيام الجمعة، كان يُذبح بقرتان أو أكثر.
تعود تسمية "ماركيت الحافة" إلى الجنود البريطانيين العاملين في القاعدة الجوية بصلالة، الذين كانوا ينطقون كلمة "Market" بالإنجليزية؛ ما أدى إلى انتشار هذا الاسم في خمسينيات وستينيات وبدايات السبعينيات من القرن الماضي، مع العديد من التسميات والجمل المترجمة حرفيًا من الإنجليزية إلى العربية... (أشرت إلى ذلك بتوسع في قصة الرعاة الصغار من كتابي البطران الذي صدر عام 2022).
كانت سبل السوق الثلاث مسقوفة بجزوم وسعف نخيل النارجيل، ترتكز على قوائم خشبية من بساتين النارجيل المحيطة بالسوق من الجنوب والشرق، والتي تمتلكها عوائل كريمة من أبناء الحافة، مثل عوائل التميمي، بن عبيد، ومقيبل. وكان يُطلق على الأطعمة التي تُباع بهذا السوق مصطلح قديم يُعرف بـ"الخصار"، وهي كلمة دارجة ظفارية تُشير إلى المواد الغذائية الثلاثة الرئيسية التي كانت تُباع فيه: الأسماك، اللحوم، والخضار. كان السوق بسيطًا ويفتح أبوابه من الصباح حتى صلاة الظهر؛ حيث كان الناس يشترون احتياجاتهم اليومية من الغذاء الطازج.
وفي عام 1986، وكجزء من مشاريع الخطة الخمسية الثالثة، قامت بلدية ظفار بإنشاء سوق صغير في جزء صغير من أرض سوق ماركيت الحافة القديم، لإقامة سوق حكومي جديد وسمي عند افتتاحه بسوق البلدية خصص لبيع اللبان والبخور الظفاري الشهير وذلك تزامنًا مع بدايات مواسم الخريف السياحية.
هذه الشهادات والمعلومات، هي نماذج ندرك من خلالها أن الحافة كانت ولا تزال مركزًا حيويًا للتجارة والثقافة على مر العصور؛ إذ تمثل الحافة رمزًا لتراث ظفار العريق وتاريخها الغني، كونها مركزًا تجاريًا مُهمًا وميناءً رئيسًا ومنطقة ذات أهمية استراتيجية تمتد عبر العصور.
هنا، أودُ أن أوجه كلمة لبعض زملائي الكتّاب من أبناء المحافظة، خاصةً لمن يرون في الكتابة فرصة للشهرة أو لإشباع غرض شخصي دون التحقق من المصداقية. أقول لهم: اتقوا الله في أنفسكم وفي قرّائكم من جميع الأطياف والمستويات. فالكتابة في مثل هذه الموضوعات تتطلب منّا الدقة والبحث العميق، فهي ليست مجرد خواطر عابرة؛ بل مسؤولية عظيمة. لذا، نُشدد على ضرورة الالتزام بالمصداقية التاريخية والمسميات التاريخية، لضمان توثيق موروثنا الثقافي بأمانة ودقة واحترام.
الكتابة بدون تمحيص وبحث قد تؤدِّي إلى نشر معلومات مغلوطة، وتكون عواقبها وخيمة على المجتمع المتآلف الذي نسعى جميعًا لبنائه وتعزيزه، وعلى الجميع ألّا يدع الأهداف الشخصية والتطلعات الخاصة، تسيطر على ما يكتبونه؛ فالحقيقة والمصداقية هما الأساس.. اللهم إنّي قد بلّغت.. اللهم فاشهد!
عمومًا.. لن أتوسَّع أكثر من ذلك في حديثي عن السوق قديمًا ونكتفي بهذا القدر.
والآن، قد يتساءل البعض عن التكهنات والتساؤلات التي أشرنا إليها في بداية مقالنا في الجزء الأول منه، خاصةً مع متابعة معظم أبناء محافظة ظفار لموضوع أكشاك اللبان والبخور في السوق الحكومي.
ويأتي هذا التساؤل تزامنًا مع الانتهاء من إنجاز مشروع سوق شاطئ الحافة التراثي الجديد، الذي أسس كبديل لسوق الحافة وبعد قرب أوان إزالتها بالفعل، فقد تم الإنذار بالإزالة قبل موسم خريف 2025، ومن ثم أعطيت مهلة أخرى إلى ما بعد انتهاء الموسم.
الإشكال هنا يتعلق بمبلغ الإيجار للأكشاك في السوق الجديد. الأكشاك الحالية التي أقامتها بلدية ظفار عام 1986 كانت بتكلفة متواضعة جدًا وتؤجر بمبلغ رمزي قدره 20 ريالًا شهريًا. في المقابل، وبما يدل على الكفاية التقديرية في الدراسة المالية المعدة مسبقا للسوق الجديد؛ إذ جُهِّزَ سوق شاطئ الحافة التراثي الجديد بـ60 دكانًا صغيرًا كبديل لمحلات اللبان والبخور، تتساوى تقريبًا في العدد والحجم والنمط، ولكن بفخامة وجودة أعلى ما يجعل تكلفة الإيجار أعلى بالتأكيد.
ونأمل أن يتوصل الجميع إلى توافق سريع ومرضٍ للطرفين. من ناحية، السوق الجديد وما استثمر فيه من مبالغ طائلة وعلى أعلى المواصفات والجودة يستحق رفع قيمته التأجيرية. ومن ناحية أخرى، فإنَّ مستأجري الأكشاك القديمة من العُمانيين قد استفادوا منها على مدى أكثر من 30 سنة سابقة وبعضهم لا يدير الأكشاك بنفسه؛ بل يؤجرها من الباطن بمبالغ أعلى بأضعاف مضاعفة من مبلغ الـ 20 ريالا شهريا.
لدينا كامل الثقة في أن المسؤولين ببلدية ظفار ومكتب سمو السيد المحافظ وشركة أساس الحكومية المستثمرة لسوق شاطئ الحافة سيجدون مخرجًا وحلًا يحقق التوفيق بين الطرفين دون ضرر أو ضرار، لما فيه الصالح العام. كما نؤمن أن الحلول المستقبلية ستساهم في تطوير وتحديث البنية التحتية للأسواق، مع الحفاظ على التراث العريق لظفار.
أخيرًا، ونحن بصدد أسواقنا التراثية، يجب الإشارة إلى فئة أخرى من إخوتنا بائعي التراث المادي من أسلحة عتيقة وتقليدية وسكاكين وجنابي وسيوف وعصي زينة الرجال ومواد تراثية أخرى لم يلتفت لهم. هؤلاء الباعة يستحقون التقدير والاحترام؛ لأنهم منذ ساعات الصباح الباكر يفترشون ظل بعض البيوت بالحافة حتى تتوسط عليهم شمس الظهيرة لينفروا مُغادرين لموقع آخر.
ويجب على السوق الجديد احتضان هؤلاء الباعة من خلال توفير أماكن مناسبة لهم لعرض بضائعهم الثمينة. موقعهم المثالي يجب أن يكون في أحد محاور السوق الجديد، ليتمكنوا من جذب الزوار والمشترين بمنتجاتهم الفريدة التي تمثل أصالة التراث والثقافة العُمانية.
ونناشد هنا الجهات المسؤولة- سواءً شركة أساس المُستثمرة في السوق أو بلدية ظفار- أن تتعامل برأفة، وتوفر أماكن بالتساوي لكل من يُتاجر بالموروث ويُباشره بنفسه ومع عائلته، وأن تكون لهم الأولوية بأسعار معقولة في السوق الجديد، ولو في السنوات الأولى، وقطع دابر التجارة المستترة في هذه الأنشطة اللصيقة بموروثنا وخصوصيتنا، لأن مثل هذه الإجراءات ستُثري السوق عمومًا وتُسهم في ترويج السياحة بشكل أفضل.
وختامًا.. نتطلعُ لمستقبل مُشرق يُحقق التوازن بين تطوير البنية الأساسية والحفاظ على التراث العريق؛ بما يخدم الجميع ويُعزِّز من جمال وروعة محافظة ظفار بما يتماشى مع مُستهدفات رؤية "عُمان 2040".