جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-17@03:05:09 GMT

الأسرة والمراهقة.. تحديات وحلول

تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT

الأسرة والمراهقة.. تحديات وحلول

سلطان بن ناصر القاسمي

الجو الأسري هو أحد العوامل الأساسية التي تُسهم بشكل كبير في تنشئة الأبناء؛ حيث يلعب دورًا محوريًا في بناء شخصيتهم وتوجيههم نحو النجاح، لكنَّ هذا الدور يتأثر بمجموعة من الجوانب المتعلقة بالبيئة التي ينشأ فيها الطفل، ومنها البيت نفسه، العلاقة بين أفراد الأسرة، والظروف المُحيطة.

وبالرغم من التفاوت الكبير بين الأسر من حيث الإمكانيات المادية والثقافية، نجد أنَّ بعض الأسر، رغم قلة الموارد، تحقق نجاحًا ملحوظًا في تربية أبنائها، سواءً على المستوى الأدبي، الأخلاقي، أو التعليمي.

في المقابل، هناك أسر أخرى تتمتع بإمكانيات مادية جيدة، ولكن مخرجاتها في تربية الأبناء قد تكون أقل كفاءة.

ومن هنا يبرز التساؤل: هل البيئة الأسرية هي العامل الأساسي في نجاح الأبناء؟ أم أنَّ البيئة المجتمعية المحيطة هي العامل الأكثر تأثيرًا في تحديد مسارهم ومستقبلهم؟

من وجهة نظري، أن البيئة الأسرية تظل العامل الأساسي والأهم في تحديد الناتج النهائي للتربية. فالعلاقة الأسرية وطريقة التوجيه داخل المنزل هي التي تحدد بشكل كبير كيفية تكوين شخصية الأبناء وتوجهاتهم.

على سبيل المثال، عندما يتم توجيه الأبناء بأسلوب يعتمد على الشدة والحزم المفرطين، خاصة في فترة المراهقة، قد يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية؛ فالمراهقة مرحلة حساسة يمر فيها الأبناء بتغيُّرات جسدية ونفسية واجتماعية كبيرة، تجعلهم أكثر عرضة للعناد والتَّمرد. ولهذا السبب، يجب أن تكون الأسرة على دراية كاملة بكيفية التعامل مع هذه المتغيرات بطريقة تضمن تحقيق التوازن بين التوجيه والانضباط، وبين تفهم احتياجات الأبناء في هذه المرحلة الصعبة.

لا شك أنَّ الظروف الأسرية مثل الترابط بين أفراد الأسرة أو وجود مشاكل متكررة بين الوالدين تسهم بدور كبير في تحديد أنماط الحياة لدى المراهقين، وبالتالي، تؤثر بشكل مباشر على قدرتهم على تحديد أهدافهم والعمل على تحقيقها؛ سواءً كان ذلك في الجانب المجتمعي أو الأخلاقي أو التعليمي. لكن، لا يُمكن تجاهل تأثير البيئة المجتمعية والعادات والتقاليد الاجتماعية التي تحيط بالمراهقين، والتي تمارس دورًا محوريًا في تشكيل سلوكياتهم.

من ناحية أخرى، نجد أنَّ دور الأصدقاء ووسائل التواصل الاجتماعي أصبح ذا تأثير كبير على الأبناء، وبالتالي، يتعين على الأسرة أن تتعامل بذكاء مع هذا التأثير الخارجي. لهذا، أرى أن الحل الأمثل للتغلب على تحديات مرحلة المُراهقة يتطلب عدة خطوات مهمة:

يجب إيجاد بيئة حوار مفتوحة بين أفراد الأسرة؛ فالحوار هو الأساس في حل المشكلات وتوجيه الأبناء بطريقة تجعلهم يشعرون بالانتماء والفهم. وينبغي تقليل استخدام أساليب الشدة والحزم إلا في المواقف التي تتطلب ذلك. من الضروري أن تكون للأسرة دراية كاملة بأصدقاء أبنائها؛ فمعرفة أخلاقيات هؤلاء الأصدقاء وتوجيه الأبناء بشكل مرن يمكن أن يساعد في تجنب التأثيرات السلبية دون اللجوء إلى منع التواصل بشكل قاطع، الذي قد يؤدي إلى نتائج عكسية. يجب على الوالدين محاولة تجنب المشاكل بينهما أمام الأبناء؛ فالاستقرار الأسري وخلق بيئة تفاهمية بين الوالدين يسهم بشكل كبير في تكوين شخصية الأبناء بشكل سليم. من المهم عدم توجيه النصح أو اللوم للأبناء أمام أصدقائهم أو حتى إخوتهم؛ لأنَّ مثل هذه التصرفات قد تؤدي إلى شعور الأبناء بالإحراج، مما قد يؤثر سلبًا على علاقتهم بوالديهم. ينبغي على الأب أن يتقرب من أبنائه، مستخدمًا لغة الحوار بدلًا من لغة العتاب واللوم؛ فالتقارب بين الأب وأبنائه يُعزز من قدرتهم على استيعاب التوجيهات الأبوية بشكل أفضل. يجب على الأسرة خلق روح تنافسية إيجابية بين أفرادها؛ فالتنافس داخل الأسرة يمكن أن يكون دافعًا قويًا لتحقيق النجاح والتفوق. من الضروري عدم منح أحد الأبناء الأكبر سنًا السلطة التامة داخل الأسرة؛ فالسلطة المطلقة قد تؤدي إلى خلق توترات بين الإخوة، مما يُضعف من ترابطهم ويؤثر سلبًا على الجو الأسري.

ويمكن القول إنَّ الأساليب التربوية متنوعة وكثيرة، لكن نحن كأولياء أمور يجب علينا تحديد الأسلوب الأمثل لتربية أبنائنا بناءً على فهم عميق للظروف المحيطة بهم، وكذلك معرفة طبيعة كل ابن من حيث رغباته وهواياته. فعلى سبيل المثال، إذا كان أحد الأبناء يعاني من العناد والتمرد، خصوصًا في مرحلة المراهقة، يجب التعامل معه بحكمة، من خلال منحه مساحة من الحرية مع المراقبة غير المباشرة، والتوجيه المبني على الحوار.

وعليه.. فإني أوجه رسالتين مهمتين جدًا؛ الأولى للوالدين، وهي أن مرحلة المراهقة هي تحدٍ كبير يجب التعامل معه بصبر وحكمة؛ فالمناشط المتنوعة، سواء في المنزل أو في المجتمع، مثل الحلقات التعليمية والبرامج الترفيهية، يمكن أن تسهم في تحقيق النجاح في هذه المرحلة.

أما الرسالة الثانية، فهي للأبناء؛ إذ أدعوهم إلى مواجهة هذه المرحلة بعقلانية، بعيدًا عن العاطفة التي قد تجرهم إلى مستقبل مظلم، ويجب عليهم أن يدركوا أن توجيهات والديهم صادقة وتهدف إلى إيصالهم إلى مستقبل أفضل، وأن يتذكروا دائمًا أن أعظم محبيهم هم والديهم.

وأختم بالقول.. علينا جميعًا أن نعمل بقول الله تعالى "وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا". (الإسراء:23).. فتقدير الوالدين واحترام توجيهاتهم هو الطريق الأكيد للنجاح والسعادة في الدنيا والآخرة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: التی ت

إقرأ أيضاً:

صحف إسرائيلية: تحديات رئيسية تواجه إسرائيل بعد الهجوم الصاروخي الحوثي

تقول صحف إسرائيلية إن التحدي الأكبر الذي تواجهه إسرائيل اليوم هو إيجاد طريقة لردع خصومها المتعددين المدعومين من إيران، مثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي الفلسطيني والحوثيين وحزب الله والمليشيات العراقية، خاصة بعد الهجوم الصاروخي الحوثي الأخير.

ورأت صحيفة جيروزاليم بوست أن هناك 5 تحديات أمام إسرائيل في مواجهة إيران والحركات المسلحة في أعقاب الهجوم الصاروخي الحوثي الأخير، كما رأت صحيفة يديعوت أحرونوت أن ذلك الهجوم ما زال يثير أسئلة صعبة، خاصة لماذا لم يتم تحديده واعتراضه من قبل الجيش الإسرائيلي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جدل بإسرائيل حول التصعيد ضد حزب الله على وقع تصريحات نتنياهوlist 2 of 2صحف أميركية تكشف جوانب من شخصية المشتبه بمحاولته اغتيال ترامبend of list تآكل الردع

وأوضحت جيروزاليم بوست -في تقارير متعددة- أن الجماعات التي تهاجم إسرائيل لا تخشى حاليا أي عواقب بعد أن كان يُعتقد أن حماس كانت تخشى الهجوم قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وأن حزب الله تم ردعه إلى حد كبير بعد عام 2006 عن شن هجمات جديدة على إسرائيل، ولكنه تعلم أنه يستطيع إطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل وإجبار الإسرائيليين على مغادرة منازلهم.

وقالت إن الردع تآكل بسرعة. ففي حين كانت المليشيات في العراق تخاف من شن هجمات بطائرات مسيرة على إسرائيل، أصبحت الآن تتفاخر بذلك، كما أن الحوثيين تعلموا بسرعة منذ أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2023، أنهم قادرون على استهداف إيلات والسفن في البحر الأحمر دون مواجهة انتقام كبير.

وبشكل عام، لم يرتدع المحور المدعوم من إيران -حسبما تقول الصحيفة- فهو يختار الوقت ومكان الهجمات، ويشعر بأن لديه كل الوقت للاستعداد لهجمات أكثر تعقيدا، وبالتالي فإن تغيير المعادلة وردع الأعداء عن الهجوم قضية مهمة بالنسبة لإسرائيل في هذه الحرب.

التكتيكات والاستجابات المتناسبة

منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ركزت إسرائيل على غزة، مما أدى إلى سياسة الاستجابات المتناسبة على جبهات أخرى، ولكن هذا التكتيك ربما لا يبدو ناجحا، خاصة أن غياب إستراتيجية على جبهات متعددة يعني أن كل جبهة أصبحت تقتضي استجابة تكتيكية ومتناسبة في الغالب.

ويقوم الجيش الإسرائيلي بشن حرب تكتيكية في الضفة الغربية، وبدلا من تغيير إستراتيجيته هناك، يكثف عملياته -في المقام الأول- على مطاردة المسلحين، وهو ما أصبح تكتيكا آخر من تكتيكات "جز العشب"، ولكن هل سيؤدي هذا إلى هزيمة المسلحين أم يؤدي إلى جولة أخرى معهم؟ كما تتساءل الصحيفة.

الدفاعات الجوية ليست إستراتيجية

واجهت الدفاعات الجوية الإسرائيلية تحديات متزايدة على جبهات متعددة، وقد اختبرتها هذه الحرب بدرجة غير مسبوقة، حيث بدأت حماس الحرب على سبيل المثال، بإطلاق آلاف الصواريخ على إسرائيل على أمل التغلب على دفاعاتها، وهي لا تزال تطلق صاروخا كل يوم أو كل يومين.

كما تمكن الحوثيون من تهديد إسرائيل، على الرغم من عمل الدفاعات الجوية الإسرائيلية بشكل جيد، ولكن -حسب الصحيفة الإسرائيلية- "العدو يغير قدراته باستمرار"، فهو يستخدم الطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة والصواريخ الباليستية، ويجد طرقا مختلفة لتهديد إسرائيل ويحاول أيضا الهجوم من اتجاهات مختلفة.

واستمرت جيروزاليم بوست إلى القول إن الدفاعات الجوية ليست إستراتيجية لكبح هذه التهديدات، لأنه لا يوجد نظام دفاع قادر تماما على الدفاع ضد كل شيء في جميع الأوقات.

الحرب الطويلة في غزة

ورأت الصحيفة أن حماس قد تكون سعت إلى جر إسرائيل إلى حرب طويلة في غزة، وأن داعميها في الخارج، أرادوا الاستفادة من السابع من أكتوبر/تشرين الأول لزيادة وجود حماس في الضفة الغربية، وكلما طالت الحرب في غزة دون القضاء على حماس، زاد انشغال إسرائيل عن التهديدات الأخرى.

وإذا انتهت الحرب في غزة وهُزمت حماس، فقد تركز إسرائيل على جبهات أخرى -كما ترى الصحيفة- ولكن حماس جرّت إسرائيل إلى حرب طويلة، وأجبرتها على إنفاق الموارد والقدرات في غزة، وهذا ما يرى زعماء إسرائيل أنه لا يصب في مصلحة إسرائيل.

اتفاقيات أبراهام وتصعيد إيران

يهدف تصعيد إيران ضد إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول إلى عزل تل أبيب ومنعها من دفع أجندات أخرى مثل المبادرات الاقتصادية والدبلوماسية، كما تريد إجبارها على خوض حروب منخفضة المستوى لا نهاية لها على طول حدودها، حسب الصحيفة.

تأمل إيران أن يؤدي عزل إسرائيل عن طريق الحرب إلى تمكين طهران من العمل بشكل وثيق مع روسيا والصين وتركيا، من بين دول أخرى، واستغلال جامعة الدول العربية والدول الإسلامية الأخرى ضد إسرائيل.

أما بالنسبة إلى صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن الهجوم الصاروخي الحوثي على وسط إسرائيل يثير أسئلة صعبة، تبدأ بتحديد نوع الصاروخ، ولماذا لم يتم اعتراضه بعيدا عن الأراضي الإسرائيلية إذا كان باليستيا؟

وذهبت صحيفة جيروزاليم بوست -في مقال منفصل- إلى السؤال نفسه الذي طرحته يديعوت أحرونوت، وقالت إن صاروخا حوثيا أفلت من أنظمة الكشف الإسرائيلية المتقدمة، لم يتم إسقاطه إلا بعد أن مر فوق المجال الجوي الإسرائيلي، مما أثار تساؤلات حول الأعطال المحتملة في أنظمة الأمن المعمول بها.

وأوضحت الصحيفة أن الحوثيين لا يمتلكون صناعة صواريخ باليستية خاصة بهم، وأن ما يعرف في اليمن باسم "طوفان" هو في الأساس "صاروخ غدير" الإيراني الذي يبلغ مداه نحو ألفي كيلومتر، ولا يستغرق تجهيز إطلاقه أكثر من نصف ساعة، وتكفيه 15 دقيقة للوصول إلى وسط إسرائيل.

ومع هجوم الصواريخ الباليستية الذي شنه الحوثيون على إسرائيل يوم الأحد -كما تقول الصحيفة في مقال ثالث- ربما لم يعد الوقت في مصلحة إسرائيل، إذ يدور كثير من الحديث حول المدة التي يجب أن تستمر فيها الحرب، وحول إذا ما كان مزيد من الضغط العسكري يمكن أن يكسر حماس ويستعيد المحتجزين قبل نفاد الوقت.

وخلصت الصحيفة إلى أن أي شخص يعتقد أن الحرب يمكن أن تستمر بلا ثمن على هذه الجبهات الأخرى خارج غزة، حتى بعد الانتخابات الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني، يخدع نفسه.

مقالات مشابهة

  • صحف إسرائيلية: تحديات رئيسية تواجه إسرائيل بعد الهجوم الصاروخي الحوثي
  • حافلات المدارس.. تحديات ومعاناة لا تنتهي
  • اليوم العالمي لحفظ طبقة الأوزون.. تحديات وحلول دولية ومجتمعية (مقال)
  • الكرملين: بوتين دائما يتأنى بشكل كبير فيما يتعلق بالرد على تصرفات الغرب
  • اﻷﻳﺘﺎم وﻧﻔﻘﺎت الحياة
  • بعد 21 عاماً من التغيير.. تحديات وتعقيدات تهدد ديمقراطية العراق
  • الجيش الإسرائيلي: من المرجح بشكل كبير أن قواتنا قتلت 3 محتجزين بغزة خلال هجوم جوي نفذته في يناير الماضي
  • طرح كبير لوحدات الإسكان الاجتماعي لمحدودي الدخل في هذا الموعد.. الشروط والأوراق
  • تحديات الانسحاب الأمريكي من العراق
  • "مين هيودي الأولاد المدرسة؟"... استشاري علاقات أسرية تجيب