وقفات تربوية مع بداية عام دراسي جديد
تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT
سعيد بن محمد المحرزي
Saidss6699@gmail.com
يقترب العام الدراسي من بدايته، لذا يُسارع الجميع للاستعداد له، بدءًا من وزارة التربية والتعليم بكافة مؤسساتها المركزية واللامركزية، وكذلك المؤسسات التجارية والجمعيات الخيرية والأهلية، الكل يستعد وفق مجاله وتخصصه، ناهيك عن استعداد الآباء والأمهات مع أبنائهم في توفير المُستلزمات الدراسية المختلفة، غير أنَّ هناك استعدادًا آخر ينبغي أن ينتبه له الجميع، خاصةً الآباء والأمهات، ألا وهو الاستعداد النفسي والمعرفي والمهاري.
في الأسطر التالية، أطرح بعض الأفكار من خلال وقفات تربوية مُختصرة:
الوقفة الأولى (المؤسسات التربوية والمجتمعية): ينبغي خلال هذه الفترة أن تنشط الحوارات التربوية مع مختلف شرائح المجتمع من أولياء أمور وطلاب حول بداية العام الدراسي، بحيث تقدم هذه الحوارات من المؤسسات التربوية والإعلامية المختصة، حتى توفر دعمًا معرفياً وتربوياً لأولياء الأمور والطلاب على حد سواء، وهنا ينبغي أن تقدم هذه الحوارات بمختلف الطرق والوسائل الإعلامية من لقاءات مباشرة، أو فيديوهات قصيرة، أو منشورات كتابية، أو دورات مهارية مصغرة وخاصة في كيفية التواصل بين مختلف أطراف العملية التعليمية من مُعلمين وطلاب وأولياء أمور حتى تتمكن تلك الرسائل التربوية من أن تصل للجميع وبالطريقة المناسبة.
الوقفة الثانية (أولياء الأمور): يقع الدور الكبير للأسرة في تهيئة أبنائها للدراسة، وذلك من خلال الحوارات الهادفة حول الاستعداد النفسي والمهاري والمادي للدراسة، لذا نقول للمربي هنا تحدث مع أبنائك حول الأهداف المرجوة من الدراسة، حيث إن رضا الله تعالى هو الغاية الأولى من الدراسة، ثم يأتي بعد ذلك تنمية العقل واكتساب وتطوير المهارات بحيث ينفع الأبناء أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم ودولتنا الحبيبة عُمان، بل يمتد نفعهم للعالم أجمع.
أيها المربي العزيز.. ناقش مع أبنائك كيف ينبغي أن تكون علاقته بمعلميه وزملائه الطلاب، وتحدث معه حول المهارات التي يمتلكها وكيف يمكن أن يستفيد منها، وحول المهارات التي يحتاجها وكيف سيتدرب عليها، وأخبره بأنَّ طريق التفوق له أساسيات لا بُد من الأخذ بها مثل: التركيز في الحصة ثم المذاكرة أولًا بأول، وأخبره بأنَّ المعلومة التي يشرحها لزملائه ستبقى في ذاكرته طويلًا. اطلب من أبنائك الآن الاطلاع على المناهج من خلال موقع البوابة التعليمية ليتعرفوا على العناوين الرئيسية في كل كتاب، وتحدث معهم حول طرق المذاكرة وكيفية تلخيص الدروس، وحاورهم حول فكرة أن الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي من أكبر المُشتِّتات للطلاب في هذه المرحلة، وتأكد من امتلاك أبنائك لمهارة إدارة الوقت لأنها من المهارات المُهمة للنجاح في الحياة، ودرب أبنائك على مهارة إدارة التعلم والتعلم الذاتي بحيث يستطيعون الاستفادة من قدراتهم وميولهم والموارد التعليمية المتنوعة في صناعة النجاح والتفوق التعليمي.
أيُّها المربي الفاضل.. حاول الاستفادة من الخبرات التعليمية المتنوعة في عائلتك الكبيرة وفي المجتمع من حولك في تنمية مهارات أبنائك، بادر للاستفادة من هذه الخبرات وشجع أبنائك على ذلك.
الوقفة الثالثة (المؤسسات التجارية ): ينبغي على المؤسسات التجارية أن تنتبه لأسعار المستلزمات الدراسية؛ فالمغالاة في الأسعار ضارة بالتاجر والمشتري على حد سواء، ولتعلم هذه المؤسسات أن لها دور فاعل في دعم العملية التعليمية من خلال تيسير حصول أبنائنا على مستلزماتهم الدراسية ذات الجودة وبسعر مناسب ومعقول.
الوقفة الرابعة (المؤسسات الخيرية): تنشط الكثير من المؤسسات الخيرية في مختلف ولايات السلطنة في تقديم الدعم والعون لأبنائنا الطلبة في توفير مستلزماتهم الدراسية، وهنا نوجه الدعوة للجميع لدعم هذه المؤسسات من خلال توفير الدعم المالي والمعنوي لها حتى تتمكن من إيصال رسالتها بشكل هادف وفعال، ونقول أيضًا لهذه المؤسسات: بارك الله جهدكم وتقبل منكم، ثم احرصوا على الاجتهاد قدر الاستطاعة في تجويد العمل الخيري بما يضمن تفاعل النَّاس معه بشكل جاد وفعّال.
** باحث في مجال التربية والأسرة
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
تحصين الجامعات اليمنية في زمن الحروب السيبرانية
أ.د. خالد الحسيني
في المنظور الإسلامي، حماية المؤسسات العلمية من الاعتداءات ليست مجرد تدبير إداري، بل واجب شرعي يدخل في صيانة الضروريات الخمس، وعلى رأسها “حفظ العقل” و”حفظ الدين”، وهو ما لا يتحقق إلا بصيانة أدوات المعرفة الحديثة، وعلى رأسها الأنظمة الرقمية التي أصبحت قلب العملية التعليمية. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: 71]
والأخذ بالحذر في زماننا يشمل إعداد مؤسساتنا العلمية لتحصينها من الاختراق، والعبث، والتخريب، كما نحصّنها فكريًا ومنهجيًا.
في ظل الحرب السيبرانية الموازية التي رافقت النزاع الأخير، أظهرت المعركة الرقمية جانبًا خطيرًا من الحروب الحديثة، حيث أصبحت المؤسسات التعليمية ومراكز الأبحاث في مرمى الاستهداف، ليس من أجل تدميرها جسديًا، بل لضرب بنيتها المعلوماتية، وسرقة بياناتها، وزعزعة استقرارها المعرفي.
ورغم أن المواجهة التي جرت مؤخرا حدثت خارج اليمن، إلا أن الدروس المستفادة منها تمسّنا بشكل مباشر، لا سيما ونحن نعيش ظروفًا مشابهة في الهشاشة الأمنية، ضعف البنية التحتية، وغياب سياسات واضحة لحماية المؤسسات العلمية من الهجمات السيبرانية.
ما تعرّضت له مؤسسات التعليم في بعض الدول خلال الحرب السيبرانية الأخيرة، يُنبئنا نحن في اليمن بما قد يحدث إذا ما استمرت جامعاتنا مكشوفة إلكترونيًا.
ليس المطلوب أن نحاكي سباق التسلّح السيبراني، بل أن نُدرك أن المعركة اليوم لا تُخاض فقط بالبندقية، بل بالخادم Server، وكلمة المرور Password، وجدار الحماية Firewall، فلنحمي جامعاتنا، نحمي عقولنا. ولنبنِ قدراتنا الرقمية كما نبني مختبراتنا، لأن العلم إذا لم يُصن رقميًا، لن يُثمر واقعيًا.
الجامعات اليمنية مكشوفة سيبرانيًا
– تفتقر معظم الجامعات اليمنية الحكومية والأهلية على حد سواء إلى أنظمة رقمية مؤمّنة أو فرق متخصصة في الحماية السيبرانية. وغالبًا ما تُدار البيانات الأكاديمية (الطلاب، النتائج، الأبحاث، الشهادات) من خلال أدوات بدائية، بعضها معرّض للاختراق أو الفقدان، سواء بسبب عدم الحماية أو ضعف التخزين.
– في ظل هذا الوضع، فإن أي نزاع أو تدخل خارجي يمكنه بسهولة أن يشلّ العملية التعليمية أو يُخرّب البنية التحتية لمؤسسة تعليمية كاملة من خلال الاستهدافات السيبرانية لمنصات وجامعات رئيسية.
الدرس السيبراني لليمن: المعرفة بحاجة لحماية إلكترونية
الحرب السيبرانية التي جرت مؤخرا لم تكن نزاعًا رقميًا فحسب، بل كشفت أن المعرفة باتت ساحة معركة، وأن من لا يمتلك أدوات الحماية الرقمية، قد يفقد أمنه التربوي والسيادي.
في اليمن، نحن أمام مسؤولية وطنية عاجلة تتمثل في:
– وضع سياسة وطنية لحماية البيانات التعليمية، ضمن استراتيجية شاملة للأمن السيبراني.
– إنشاء وحدات للأمن المعلوماتي داخل الجامعات اليمنية، مزودة بالكفاءات الفنية والتجهيزات المناسبة.
– تدريب الموظفين الأكاديميين والإداريين على كيفية التعامل مع الهجمات الإلكترونية أو الحوادث الرقمية.
– دمج مساقات ومقررات عن الأمن السيبراني ضمن برامج الحاسوب ونظم المعلومات والهندسة.
– بناء بنية تحتية رقمية مؤمنة للمنصات التعليمية الحكومية والخاصة.
* أستاذ هندسة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT