قال مواقع "كاونتربنتش" إن مسألة الألم والبؤس الجماعي والقتل لدول بأكملها، يتضاءل أمام الصفقات المربحة بمليارات الدولارات الناتجة عن تجارة الاسلحة، كما يجري في قطاع غزة اليوم.

وأوضح الموقع في تقرير ترجمته "عربي21" أن والمفارقة الكبرى هي أن بعض أعلى المدافعين عن حقوق الإنسان هم في الواقع أولئك الذين يسهلون تجارة الأسلحة العالمية، وبدون ذلك، لن يتم انتهاك حقوق الإنسان مع الإفلات من العقاب.



ونقل عن أكاديمية جنيف، وهي منظمة بحثية قانونية، إنها تراقب حاليا حوالي 110 نزاعات مسلحة نشطة في جميع أنحاء العالم. تدور معظم هذه الصراعات في الجنوب العالمي، على الرغم من أن العديد من هذه الحالات إما تتفاقم أو تمولها أو تديرها القوى الغربية أو الشركات الغربية المتعددة الجنسيات.



ولفت إلى أن أسوأ هذه الحروب وأكثرها دموية تجري حاليا في غزة، وهي واحدة من أفقر المناطق وأكثرها عزلة في العالم.

وخرجت مجلة لانسيت برقم مرعب، لعدد الشهداء في غزة، مشابه لما أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، على الرغم من أن المجلة الطبية قالت إن استنتاجاتها استندت إلى تقديرات متحفظة للوفيات غير المباشرة مقابل الوفيات المباشرة التي غالبا ما تنتج عن مثل هذه الحروب.

وفي حال انتهت الحرب اليوم، أي 20 حزيران/يونيو، فإن 7.9 بالمئة من سكان قطاع غزة سيموتون بسبب الحرب وتداعياتها. وهذا يعني "ما يصل إلى 186 ألف حالة وفاة أو أكثر"، وفقا لمجلة لانسيت.

وأضافت: "لا يموت الفلسطينيون في غزة بسبب فيروس لا يمكن تعقبه أو كارثة طبيعية، بل يموتون في حرب بلا رحمة لا يمكن استمرارها إلا من خلال شحنات ضخمة من الأسلحة، والتي تستمر في التدفق إلى إسرائيل على الرغم من الاحتجاجات الدولية".

ورغم قرارات محكمة العدل الدولية، استمرت الأسلحة في التدفق، وكان معظمها يأتي من الحكومات الغربية، ومن غير المستغرب أن المصدر الرئيسي للأسلحة هو الولايات المتحدة، تليها ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا.

وعلى الرغم من إعلانات بعض الدول الأوروبية بأنها تعمل على تقليص أو حتى تجميد إمدادات الأسلحة إلى الاحتلال، إلا أن هذه الحكومات تواصل إيجاد محاذير قانونية لتأخير الحظر التام، تصر إيطاليا، على سبيل المثال، على احترام "الأوامر الموقعة مسبقًا"، وعلقت المملكة المتحدة معالجة تراخيص تصدير الأسلحة "في انتظار مراجعة أوسع".

ومع ذلك، تظل واشنطن المورد الرئيسي للأسلحة إلى تل أبيب. وفي عام 2016، وقع البلدان مذكرة تفاهم أخرى من شأنها أن تسمح لإسرائيل بتلقي 38 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية، وهذه هي مذكرة التفاهم الثالثة التي يتم توقيعها بين البلدين، وكان من المقرر أن تغطي الفترة ما بين 2018 إلى 2028.

ومع ذلك، دفع العدوان على غزة، صناع القرار في الولايات المتحدة إلى تجاوز التزامهم الأصلي، من خلال تخصيص 26 مليار دولار أخرى (17 مليار دولار من المساعدات العسكرية)، مع العلم جيدا أن غالبية ضحايا غزة، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، هم من المدنيين، ومعظمهم من النساء والأطفال.

وعلى هذا فحين تحث الولايات المتحدة على إنهاء الحرب في غزة بينما تستمر في إغراق إسرائيل بالمزيد من الأسلحة، فإن هذا المنطق يبدو معيبا تماما ومنافقا تماما.

وينطبق نفس النفاق على دول أخرى، معظمها غربية، والتي تتظاهر بوقاحة بأنها مدافعة عن حقوق الإنسان والسلام الدولي.



ووفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، فإن أكبر عشرة مصدرين للأسلحة الرئيسية في العالم بين عامي 2019 و2023 تشمل ست دول غربية. وتمتلك الولايات المتحدة وحدها حصة تبلغ 42 بالمئة من صادرات الأسلحة العالمية، تليها فرنسا بنسبة 11 بالمئة.

ويبلغ إجمالي صادرات الأسلحة من الدول الغربية الست الكبرى ما يقرب من 70 في المائة من الحصة العالمية.

وشدد الموقع بالقول: "لكي يتولى الجنوب العالمي مسؤولية مستقبله، يجب عليه أن يحارب هذا الظلم الواضح، ولا يمكنهم السماح لقاراتهم بالاستمرار في العمل كمجرد أسواق للأسلحة الغربية، ولا ينبغي أن تراق دماء العرب والأفارقة والآسيويين والأمريكيين الجنوبيين من أجل الحفاظ على اقتصادات الدول الغربية".

وختم بالقول: "يمكن للمرء أن يستمر في القول بأن إسرائيل يجب أن تحترم القانون الدولي، ولكن ما فائدة الكلمات المجردة عندما يستمر الغرب في توفير سلاح القتل، دون أي مساءلة أخلاقية أو قانونية؟".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة الاحتلال غزة الاحتلال جرائم ابادة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة حقوق الإنسان على الرغم من فی غزة

إقرأ أيضاً:

الحداثة الغربية والأيديولوجية الدينية

إن أول ما يبادرك به دعاة الأخذ بالحداثة الغربية، أو أول ما يعرِّفون به الحداثة، هو الانتقال إلى عصر العقل والعقلانية، والنهج العلمي، والابتعاد عن العقل الديني أو السحري أو الأسطوري. البعض يقول إن الحداثة هي الإنسان الصانع، لا الإنسان الساحر أو المؤمن بالسحر. وهناك من يبدأ بالعلمانية والمواطنة المدنية التي تفصل الدين عن الدولة، كما في الحداثة الغربية.

على أن هذه البداية، وهذا التعريف، لا يأخذان بعين الاعتبار:

أولًا: تاريخًا طويلًا وحضارة إسلامية لم يتعارض فيها الدين مع التفكير العلمي أو التعامل مع العلوم والحياة وشؤونها، دون إقامة ذلك الحاجز بين الإيمان بالله والخلق، وتطوير العلوم والكشف عن قوانين الطبيعة والكون.

فعلى سبيل المثال: الطب، علم الفلك، الكيمياء، الرياضيات، والخوارزميات كلها بُنيت وتطوَّرت في ظل الحضارة الإسلامية. وبالتأكيد حدث مثل هذا في الحضارات الأخرى، وإلا كيف تمّت مكافحة البرد والقيظ وتطوَّرت الزراعة والملاحة ووسائل النقل وتربية الحيوانات وترويضها عبر العصور، قبل أن تبدأ الحداثة الغربية رحلتها.

صحيح أن هناك كثيرًا من الخرافات، أو أعمال السحر، أو الاعتقادات الأسطورية، وجدت وتعايشت وتصارعت مع المؤمنين بالدين والعلم. وذلك مثل علماء المسلمين الذين أخذوا بالمنهج العلمي والاستقرائي قبل الحداثة الغربية بقرون. ويُعتبرون آباء كوبرنيكوس وجاليليو. (راجع جورج صليبا حول العلوم في الحضارة العربية والإسلامية).

هذا من ناحية عدم الدقة أو الصحة في تمييز الحداثة أو الحضارة الغربية عما قبلها من حضارات، باعتماد العقل والعقلانية. فالقول بتغليب العقل والعلم والصناعة، مقابل عقل خرافي أو وهمي، هو في الحقيقة اتهام لعقل وإنسان ما قبل الحداثة الغربية بالابتعاد عن الموضوعية وقوانين الحركة والحياة في مواجهة التحديات.

ثانيًا: يجب ملاحظة أن من عدم الدقة اعتبار ما يميِّز الحداثة أو الحضارة الغربية هو الإنسان الصانع والعالم العلماني المعرفي. وذلك بتقديم الحداثة الغربية على أنها الحضارة التي بدأت في القرن السادس عشر إلى اليوم. ولا بأس بمناقشة من يريد البدء بما يسميه عصر التنوير، أو الأنوار، وحقوق الإنسان، والدولة الحديثة والمجتمعات الديمقراطية.

وذلك لأن أول ما يميِّز الحضارة الغربية المعاصرة هو سيطرتها العسكرية والاقتصادية والسياسية والثقافية على العالم، وقد بدأت ذلك منذ عصر الملوك والإقطاع والكنيسة الكاثوليكية في القرن السادس عشر.

إبراز السمات المتعلقة بالعقل والصناعة والموضوعية العلمية لا يجوز أن يخفي البُعد المتعلق بالسيطرة العسكرية العالمية والنهب العالمي. ودعنا من الإبادة الجماعية للهنود الحمر في الولايات المتحدة الأميركية، وما تعرّضت له الشعوب الأصلية في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية من مظالم ومجازر ونهب في القرن السادس عشر، قبل أن يُعتبر الأوروبيون، حاملي الأنوار والتنوير وحقوق الإنسان (أي الإنسان الحداثي الأوروبي الأبيض).

بكلمة أخرى، يجب قراءة التاريخ جيدًا وتتبع خطواته. فالبحارة المسلمون الذين قادوا سفينة كولومبوس أو غاما لتبدأ الحداثة الأوروبية، هل كانوا الإنسان الديني الأسطوري أم الإنسان الديني العالِم بالملاحة وأصولها؟

هذا البُعد التاريخي، شئتم أم أبيتم، يا دعاة الحداثة الغربية، لا تستطيعون تجاهله أو دحره إلى الخلف في مقابل تقديم جاليليو أو ديكارت أو داروين أو نيوتن.

ثالثًا: الإشكال الذي يُبرزونه في تعريف الحداثة الغربية على أنها تغليب حكم العقل والعلوم وحقوق الإنسان على ما يعتبرونه (الدين والأيديولوجيات الدينية). ولكن بماذا يردون لو قيل لهم إن هذا الفصل أو القطيعة مع الدين لم تعرفها الحداثة الغربية إلا في فرنسا، وليست اللائكية الفرنسية إلا جزءًا متواضعًا في عالم الحداثة الغربية التي تغلب عليها الشعوب والدول الأنجلوسكسونية.

فبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية والبلدان التي سادت فيها البروتستانتية هي ركائز الحضارة أو الحداثة الغربية.

هنا لا نجد قطيعة بين الحداثة الغربية والدين، بل نجد الدين جزءًا أساسيًا في تشكيل الدولة، وفي أيديولوجية الشعوب الغربية الآخذة بالبروتستانتية. وهي الحداثة المشبعة بالرجوع إلى التوراة والأيديولوجية البروتستانتية الصهيونية الأكثر رجعية. بل حتى اليوم نجد الحداثة الغربية في الولايات المتحدة والغرب عمومًا، تعلن نفسها حضارة مسيحية (بروتستانتية)- يهودية، الأمر الذي يعني أن جميع التعريفات التي تبدأ بالعقل والعلمانية والحرية وحقوق الإنسان والتقدم، قد امتزجت بالبُعد البروتستانتي الصهيوني، قبل عصر التنوير وبعده.

وإذا كان هنالك فكر يمكن اتهامه بالخرافة والأسطورية، والبعد عن العلمانية والعولمة وعصر العقل أو التنوير أو حقوق الإنسان، فهو البُعد البروتستانتي الصهيوني الذي يقود الحداثة الغربية.

أما نكران هذا البُعد وتجاهله فهو عيب وتضليل أو قصور نظر.

هل يُعقل إغفال هذا البُعد الأيديولوجي المندمج عضويًا في الحداثة الغربية، بزعامة الدول الأنجلوسكسونية (أميركا وبريطانيا) التي قادت وتقود الحداثة الغربية، بما في ذلك الاتجاه الفرنسي المعاصر؟

وهل يصحُّ أن تُقوَّم الحداثة على غير حقيقتها؟ وذلك عند الحديث عن العقل والعقلانية والموضوعية والعلمية والعلمانية وحقوق الإنسان أو القيم الأخلاقية العالمية، مع إخفاء علاقتها بالأيديولوجية الدينية.

من هنا، وفي وقت يستعيد فيه الغرب أساطير مشوَّهة من التوراة ليجعلها في قلب الحداثة الغربية، مناقضًا روح تعريفه للحداثة، لا بد لنا من إعادة قراءة الحداثة الغربية من خلال بُعدها الأيديولوجي. فهذا البُعد الديني الأيديولوجي البروتستانتي الصهيوني، إضافة إلى بُعد السيطرة العسكرية العالمية والنهب يشكلان معًا اللحمة والسدى في الحداثة الغربية، ويبتعدان بها عن التعريف الذي يتناولها كقطيعة مع الدين والحضارات غير الغربية.

وإذا أردنا أن نزيد من الشعر بيتًا، فسنسأل: أليست "إسرائيل" درّة تلك الحداثة؟ ثم أليس ما يجري من إبادة بشرية مهولة في قطاع غزة يُرتكب برعاية دول الحداثة الغربيّة؟ فأين العقل والتنوير وحقوق الإنسان هنا؟

لهذا، من يريد البحث عن حداثة، فليبحث عنها بعيدًا عن الحداثة الغربيّة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • خبراء أمميون يحذرون من قمع غير مسبوق في فنزويلا
  • مقررة أممية: غزة تشهد إبادة جماعية مرعبة
  • الولايات المتحدة تكمل سحب قواتها العسكرية من النيجر
  • “بلومبرغ”: على الرغم من إنفاق تريليون دولار سنوياً.. الجيش الأمريكي متخلف عن الركب
  • اتهموها بالنفاق والازدواجية..خبراء أمميون ينتقدون الدول الغربية لصمتها على جرائم إسرائيل
  • لضرب العمق الروسي.. هذه الأسلحة الغربية تريدها أوكرانيا
  • الجامعة العربية تكرم الإمارات لدعمها مكافحة الإتجار غير المشروع للأسلحة الصغيرة والخفيفة
  • الجامعة العربية تكرم الإمارات لدعمها مكافحة الاتجار والانتشار غير المشروع للسلاح
  • الحداثة الغربية والأيديولوجية الدينية
  • الادعاء يطلب السجن بحق نائب رئيسة الوزراء الإيطالية