دراسة: المولود الجديد يقلص أدمغة الآباء
تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT
مع تطور الأبحاث المتعلقة بالطفولة وعلم النفس، تتزايد مشاركات الآباء في تربية ورعاية أطفالهم مباشرة بشكل أكبر خلال العقود الأخيرة الماضية، خاصة في الدول التي توفر إجازات للأبوة بعد إنجاب مولود.
إذ تؤكد مجموعة متنامية من الدراسات أن الأطفال الذين يشارك الآباء في رعايتهم وتربيتهم، بحضور وحميمية مثل الأمهات، يحققون نتائج أفضل عن غيرهم ممن لا يحصلون إلا على رعاية طرف واحد فقط من الأبوين، وتحديدا فيما يتعلق بالصحة البدنية والأداء المعرفي.
ورغم أهمية هذا الدور، فإن هناك القليل من الأبحاث التي تتخصص في البحث حول كيفية تأثير الأبوة على الرجال بيولوجيا. إذ بالنسبة للنساء مثلا، تساعد التغيرات الهرمونية المرتبطة بالحمل في تفسير سبب تغيُر أدمغة الأمهات الجدد. ولكن هل تعيد الأبوة تغيير وتشكيل أدمغة الرجال؟ دراسة جديدة وجدت نتائج مفاجئة بهذا الخصوص.
دراسة على دماغ الآباء الجددفي دراسة علمية نُشرت بمجلة "سيريبرال كورتس" (Cerebral Cortex) الأميركية لعلوم الطب المتعلقة بالدماغ، وجد العلماء أن الآباء الذين يشعرون برابطة نفسية وعاطفية قوية مع أطفالهم الذين لم يولدوا بعد، بل وأولئك الذين خططوا لقضاء المزيد من الوقت مع أطفالهم بعد الولادة، ظهر لديهم "تضاؤل" ملحوظ في مناطق معينة من أدمغتهم.
وارتبطت هذه التغييرات بصورة طردية بسلوكيات الأبوة الإيجابية لدى الرجل، لكنها تزامنت أيضا مع زيادة مخاطر تعرضهم لمشاكل النوم والصحة العقلية.
الآباء الذين يشعرون برابطة عاطفية قوية مع أطفالهم الذين لم يولدوا بعد، لديهم "تضاؤل" ملحوظ بأجزاء من أدمغتهم (غيتي إيميجز)وفي الدراسة، ملأ عدد من المشاركين استبيانات وخضعوا لفحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي أثناء فترة الحمل لدى زوجاتهم، ومرة أخرى بين 6 و12 شهرا بعد ولادة طفلهم الجديد.
وقيمت المعلومات عددا من العوامل مثل درجة إحساس الأب بالترابط مع الطفل الذي لم يولد بعد، وما يعانيه من ضغوطات متعلقة بالأبوة، والوقت الذي يقضيه الرجال مع الرضيع بعد وصوله، ومستوى جودة النوم الذي يحصل عليه الأب في كل مرحلة، إضافة إلى عدد من معايير الصحة العقلية.
تقلُص الدماغ مع الأبوة الجديدةوجد الباحثون في نتائج هذه البيانات انخفاضا كبيرا في حجم المادة الرمادية في قشرة الدماغ لدى الآباء الجدد، وكان هذا الانخفاض أكثر وضوحا لدى الآباء الذين أفادوا بوجود ترابط أقوى مع طفلهم الذي لم يولد بعد، وبين أولئك الذين خططوا لأخذ إجازة أطول من العمل بعد الولادة. بل كلما كان دور الأب أكبر في رعاية المولود الجديد وأساسي في الاعتناء به، شهد انخفاضا أكبر في حجم المادة الرمادية في دماغه.
وقد أشار الباحثون إلى أن هذه التغيرات حدثت في المقام الأول في القشرة المخية، التي تلعب دورا مهما في الأداء التنفيذي عند الإنسان، بما في ذلك مهارات الذاكرة والتفكير والاستدلال والتعلُم وحل المشكلات والمعالجة العاطفية.
الآباء يحتاجون إلى التكيُف ليكونوا ناجحين في أدوارهم الجديدة (غيتي إيميجز)كشفت الدراسة أيضا عن جانب سلبي لهذه التغيرات في الدماغ، حيث ارتبط انخفاض حجم القشرة المخية بتدهور مستوى النوم، والمعاناة من مستويات أعلى من الاكتئاب والقلق والضيق النفسي لمدد قد تصل إلى 12 شهرا بعد الولادة.
ومع ذلك، أفاد الآباء الذين فقدوا المزيد من المادة الرمادية في الدماغ باختبارهم لمشاعر أقوى من الترابط مع أبنائهم مقارنة بغيرهم ممن لم يشعروا بالترابط القوي.
التغيُرات الدماغية ليست كلها سلبيةفي حين أن انكماش مناطق الدماغ الرمادية يمكن أن يرتبط بتنكُس الدماغ وتدهوره، كما هو الحال عند المعاناة من الخرف أو عند التعرُض للحوادث الدماغية، فإن العلماء يشيرون إلى أن التغيرات التي تم رصدها في الدماغ يمكن ألا تكون سلبية في المُجمل كما قد يظن الكثيرون.
على سبيل المثال، ترتبط مرحلة المراهقة أيضا بالقضاء على المشابك العصبية الزائدة في الدماغ، بمعنى أن الدماغ يتقلص بشكل ما في تلك الفترة، وهو ما ينعكس في التطور المعرفي والعاطفي لدى المراهقين. هذا النوع من "انكماش الدماغ" يُعد نوعا من عملية التبسيط، ويُعتقد أنه يساعد الدماغ على معالجة المعلومات الأهم بكفاءة أكبر.
وبالتالي يرجح الخبراء أنه يمكن ربط انخفاض حجم الدماغ بتحسُن في الوظيفة المحددة التي يواجهها، وهي الحالة التي تحدث أثناء الأمومة أيضا بشكل تلقائي، مما يساهم في تحسين الشبكات الدماغية المتعلقة برعاية الأطفال عند الأمهات.
استعدادات دماغية لرعاية المولود الجديدتتطلب تربية الأبناء مهارات فريدة من نوعها. ويحتاج الآباء والأمهات إلى توقع احتياجات أطفالهم، وفهمهم ورعايتهم، وغالبا ما يكون ذلك دون خبرة وبقدر ضئيل جدا من النوم والراحة. لذلك، ليس من المستغرب أن يحتاج الآباء إلى التكيُف ليكونوا ناجحين في أدوارهم الجديدة، كما قال بعض الباحثين. وهو ما يفسر هذه التغيرات البيولوجية الجديدة التي تطرأ على أدمغة الرجال.
العلماء يشيرون إلى أن التغيرات التي تم رصدها في الدماغ يمكن ألا تكون سلبية في المُجمل كما قد يظن الكثيرون (غيتي إيميجز)وبحسب داربي ساكسبي، أستاذ علم النفس في جامعة جنوب كاليفورنيا المتخصص في التغيُرات البنيوية في الدماغ، تدعم الاختلافات الجديدة التي تمر بها أدمغة الرجال "قدرتهم الجديدة على تكوين رابطة مع الطفل والتواصل بشكل حساس معه"، وذلك لأن هذا التكتيك "مهم للغاية في بقاء واستمرارية جنسنا البشري"، على حد تعبيره.
هرمونات الآباء الجدد تتغير أيضايختبر الرجال أيضا تغيُرات هرمونية قبل وبعد أن يصبحوا آباء، مثلما يحدث للأمهات تماما. حيث أظهرت إحدى الدراسات أن الآباء يحصلون على دفعة غنية في أجسادهم من الأوكسيتوسين، وهو أمر مهم للترابط العاطفي بالمولود الجديد.
يحدث ذلك بصورة عكسية مع مستويات هرمون التستوستيرون لدى الرجال عند دخولهم في مراحل الأبوة، ويُعتقد أن هذه التغيرات الهرمونية تعيد ضبط التركيز والأولويات في الجسم، لكي يصبح منصبا على رعاية الأسرة.
وختاما، رغم أن الانحدار في القشرة الدماغية عند الآباء الجدد قد يكون مثيرا للقلق بالنسبة للبعض، فقد أكد الباحثون أن تلك التغيرات ما هي إلا عملية ضبط للأولويات، لتكون بمثابة إعادة تهيئة ضرورية للأب لكي يتمكن من الشعور بالترابط مع الطفل ويرعاه بالصورة المطلوبة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الآباء الجدد هذه التغیرات الآباء الذین فی الدماغ
إقرأ أيضاً:
آخرهم ماركو روبيو للخارجية..أبرز الشخصيات الذين اختارهم ترامب لشغل مناصب رئيسية
ترامب.. تردد اسم ماركو روبيو في الأوساط السياسية العالمية خلال الساعات الأخيرة، بعد اختيار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب له ليحمل حقيبة الخارجية الأمريكية.
وبعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية يوم الثلاثاء، بدأ الرئيس الأمريكي في ملء المناصب الرئيسية في إدارته الثانية، مع التركيز حتى الآن على المساعدين والحلفاء الذين كانوا أقوى داعميه خلال حملة 2024.
وبحسب وكالة رويترز، قالت مصادر يوم الاثنين إن من المتوقع أن يختار ترامب السناتور "ماركو روبيو"، ليكون وزيرا للخارجية مما يجعل السياسي المولود في فلوريدا أول لاتيني يتولى منصب أعلى دبلوماسي في الولايات المتحدة بمجرد تولي الرئيس الجمهوري المنتخب منصبه في يناير.
أبرز الأسماء في ولاية ترامب الثانيةونستعرض أبرز الأشخاص الذين اختارهم ترامب ليشغلوا المناصب الرئيسية في ولايته الثانية للولايات المتحدة الأمريكية، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الأمريكية "اسوشتيد برس"..
سوزي وايلز، كبير موظفي البيت الأبيض
كان تعيين وايلز أول قرار رئيسي يتخذه ترامب كرئيس منتخب، وهو القرار الذي قد يشكل اختباراً حاسماً لإدارته القادمة نظراً لعلاقتها الوثيقة بالرئيس المنتخب، ويقال إن وايلز اكتسبت ثقة ترامب جزئياً من خلال توجيه ما كان الأكثر انضباطاً بين حملات ترامب الرئاسية الثلاث.
وكانت وايلز، البالغة من العمر 67 عاما، مستشارا كبيرا لحملة ترامب الرئاسية لعام 2024 ومديرها الفعلي.
وتتمتع وايلز بخلفية سياسية في فلوريدا، ساعدت رون دي سانتيس في الفوز بأول انتخابات له لمنصب حاكم فلوريدا. وبعد ست سنوات، لعبت دورًا رئيسيًا في هزيمة ترامب له في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في عام 2024.
لقد تمكنت وايلز من مساعدة ترامب على البقاء على المسار الصحيح، كما فعل عدد قليل من الآخرين، ليس من خلال انتقاد دوافعه، ولكن من خلال كسب احترامه من خلال إظهار نجاحه بعد الأخذ بنصيحتها.
مايك والتز، مستشار الأمن القومي
وقال شخص مطلع على اختيارات ترامب، امس الاثنين إن ترامب طلب من والتز، ضابط الحرس الوطني المتقاعد والمحارب القديم، أن يكون مستشاره للأمن القومي.
ومن شأن هذه الخطوة أن تضع والتز في طليعة سلسلة من أزمات الأمن القومي، بدءاً من الجهود الجارية لتزويد أوكرانيا بالأسلحة وتصاعد المخاوف بشأن التحالف المتنامي بين روسيا وكوريا الشمالية إلى الهجمات المستمرة في الشرق الأوسط من قبل وكلاء إيران والدفع نحو وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس وحزب الله.
والتز هو عضو في الكونجرس عن الحزب الجمهوري لثلاث فترات من شرق وسط فلوريدا، وقد خدم عدة مرات في أفغانستان وعمل أيضًا في البنتاجون كمستشار سياسي عندما كان دونالد رامسفيلد وروبرت جيتس وزيرين للدفاع.
ويعتبر متشددًا تجاه الصين، ودعا إلى مقاطعة الولايات المتحدة لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022 في بكين بسبب تورطها في أصل فيروس كورونا المستجد وسوء معاملتها المستمر لأقلية الأويغور المسلمة.
توم هومان، "قيصر الحدود"
وقد تم تكليف هومان، البالغ من العمر 62 عامًا، بمهمة تنفيذ أكبر عملية ترحيل في تاريخ البلاد، وهي إحدى أهم أولويات ترامب.
على الرغم من إصرار هومان على أن مثل هذا المشروع الضخم سيكون إنسانيًا، إلا أنه كان منذ فترة طويلة مؤيدًا مخلصًا لمقترحات ترامب السياسية، حيث اقترح في مؤتمر عقد في واشنطن في يوليو أنه سيكون على استعداد "لإدارة أكبر عملية ترحيل شهدتها هذه البلاد على الإطلاق".
وانتقد الديمقراطيون هومان بسبب دفاعه عن سياسة "عدم التسامح مطلقًا" التي انتهجها ترامب بشأن المعابر الحدودية خلال إدارته الأولى، والتي أدت إلى فصل الآلاف من الآباء عن أطفالهم طالبي اللجوء على الحدود.
إليز ستيفانيك، سفيرة الأمم المتحدة
تعتبر إليز ستيفانيك، ممثلة عن نيويورك وواحدة من أقوى المدافعين عن ترامب منذ محاكمة عزله الأولى.
وبعد انتخابها لعضوية مجلس النواب في عام 2014، اختارها زملاؤها الجمهوريون في مجلس النواب كرئيسة لمؤتمر الجمهوريين في مجلس النواب في عام 2021، عندما تمت إزالة النائبة السابقة عن وايومنغ ليز تشيني من المنصب بعد انتقادها علنًا لترامب لادعائه الكاذب أنه فاز في انتخابات عام 2020.
وشغلت ستيفانيك، البالغة من العمر 40 عامًا، هذا المنصب منذ ذلك الحين كثالث عضو في قيادة مجلس النواب.
وقد ساعد استجواب ستيفانيك لرؤساء الجامعات بشأن معاداة السامية في حرم جامعاتهم في استقالة اثنين من هؤلاء الرؤساء، مما أدى إلى زيادة مكانتها الوطنية.
وإذا تم تأكيد ترشيحها، فإنها ستمثل المصالح الأميركية في الأمم المتحدة، حيث تعهد ترامب بإنهاء الحرب التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا والتي بدأت في عام 2022.
كما دعا إلى السلام مع استمرار إسرائيل في هجومها على حماس في غزة وغزوها للبنان لاستهداف حزب الله.
ستيفن ميلر، نائب رئيس الأركان للسياسة
كان ميلر، المتشدد في مجال الهجرة ، متحدثًا صريحًا خلال الحملة الرئاسية لصالح أولوية ترامب في الترحيل الجماعي. وكان الرجل البالغ من العمر 39 عامًا مستشارًا كبيرًا خلال إدارة ترامب الأولى.
وكان ميلر شخصية محورية في بعض قرارات السياسة التي اتخذها ترامب، ولا سيما تحركه لفصل آلاف الأسر المهاجرة.
وزعم ترامب طوال الحملة أن الأولويات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية للبلاد يمكن تلبيتها من خلال ترحيل الأشخاص الموجودين في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني.
ومنذ ترك ترامب منصبه في عام 2021، شغل ميلر منصب رئيس America First Legal، وهي منظمة مكونة من مستشاري ترامب السابقين تهدف إلى تحدي إدارة بايدن وشركات الإعلام والجامعات وغيرها بشأن قضايا مثل حرية التعبير والأمن القومي.
لي زيلدين، وكالة حماية البيئة
اختار ترامب النائب السابق عن نيويورك لي زيلدين ليكون مرشحه لقيادة وكالة حماية البيئة .
ولا يبدو أن زيلدين لديه أي خبرة في القضايا البيئية، لكنه مؤيد قديم للرئيس السابق.
وكتب عضو مجلس النواب الأمريكي السابق البالغ من العمر 44 عامًا من نيويورك على موقع التواصل الاجتماعي "X" تويتر سابقا:"سنستعيد هيمنة الولايات المتحدة على الطاقة، ونعيد تنشيط صناعة السيارات لدينا لإعادة الوظائف الأمريكية، وجعل الولايات المتحدة رائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي".
وأضاف: "سنفعل ذلك مع حماية الوصول إلى الهواء النظيف والمياه".
وفي بيان، قال ترامب إن زيلدين "سيضمن اتخاذ قرارات تحريرية عادلة وسريعة والتي سيتم تنفيذها بطريقة تطلق العنان لقوة الشركات الأمريكية، مع الحفاظ في الوقت نفسه على أعلى المعايير البيئية، بما في ذلك أنظف هواء ومياه على هذا الكوكب".