استشاري متخصص : لا إرادة سياسية للدول الكبرى في حماية المناخ
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
قال الدكتور سمير طنطاوي استشاري التغيرات المناخية، إن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المسببة للتغيرات المناخية في الغلاف الجوي زادت تركيزاتها حتى الآن طبقا لقياسات ناسا إلى 424 جزء في المليون.
وأضاف خلال مداخلة عبر سكايب مع الإعلامية مارينا المصري في برنامج "مطروح للنقاش" على شاشة "القاهرة الإخبارية"، أن وصول هذه التركيزات إلى 450 جزءا في المليون يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض درجتين، وهذا ما أنشئ من أجل عدم حدوثه باتفاق باريس للمناخ.
ولفت إلى أن الغابات والمحيطات يعتبران رئتي العالم، من حيث امتصاص الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتلقي بظلال تخفض درجات الحرارة بنحو 5 درجات، والدول التي لديها غابات مطيرة مثل حوض الأمازون والغابات الاستوائية في إفريقيا، بدأت تزيل الغابات لاستخدام الأشجار في الصناعة أو زراعة الأرض.
حماية المناخ
وأوضح أنه في كوب 26 كان هناك اتفاق بين الدول التي تمتلك غابات على وقف قطع الغابات بحلول عام 2030، لكن الدول الكبرى لا إرادة لديها تجاه حماية المناخ، وبالتالي فإن قمة الأمازون في البرازيل قد تكون طوق نجاة لما يشهده العالم من تغيرات في المناخ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التغيرات المناخية الغلاف الجوي اتفاق باريس
إقرأ أيضاً:
من هو الجدير بالمنصب؟!
د. محمد بن عوض المشيخي **
"الحرس القديم" مصطلح كثُر استخدامه في السنوات الأخيرة في الوطن العربي من جيل الشباب، ويُشير هذا المفهوم إلى كبار المسؤولين في أي دولة والذين يحتفظون بمناصبهم لعقود طويلة، على الرغم من إخفاقاتهم الكثيرة، ولكن هناك إصرار يتمثل في حبهم الشديد وتمسكهم بالكرسي أو المنصب إلى ما لا نهاية.
هؤلاء المسؤولون يعتقدون؛ بل يجزمون بأحقيتهم بأن يُخلَّدوا في أماكنهم، فلا يُوجد شخص في هذا الكون يستطيع أن يقوم بالواجبات اليومية لتلك الشخوص "الطرزانية" من وجهة نظر الجهات العُليا التي سمحت لهم وعينتهم؛ باعتبارهم أفرادًا جاءوا من عالم آخر، وبأنَّ الوظيفة هنا تشريف وليست تكليفًا. والأهم من ذلك كله، أن هناك شعورٌ بأنَّ حياتهم لا يُمكن أن تستمر بتركهم المنصب؛ بل هم مثل السمك الذي يموت بخروجه من محيط الوظيفة الحكومية. من هنا تأتي المعضلة الكبيرة في معارضتهم للإصلاحات الجديدة التي يفرضها واقع المُتغيرات الجديدة وبالدرجة الأولى مصلحة الوطن والمواطن، وذلك انطلاقًا من القاعدة الصحيحة التي تقول "لكل زمن دولة ورجال"، ذلك لكون أن الإنسان له سنوات معينة في الإنتاج والعطاء؛ بل وحتى في الإبداع يمكن أن يمتد لعقد من الزمن كحد أقصى.
صحيحٌ أن مفهوم "الحرس القديم" يعود لقرون مضت وتحديدًا عصر الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت الذي كانت له مقاييس ومواصفات في حرسه القديم من القادة والشخصيات السياسية في بلاطه الإمبراطوري، إلّا أن الوجود الحقيقي لهم في معظم بلداننا العربية ودول العالم الثالث مزروع من دول أجنبية بهدف المحافظة على مصالح الدول الاستعمارية، التي خرجت من الأبواب بسبب الثورات الوطنية، ثم عادت من النوافذ الخلفية من خلال هؤلاء. كلٌّ من في منظومة الحرس القديم يحارب الأفكار الجديدة وينغلق على نفسه؛ فالخطر الأكبر الذي لا يُمكن تحمله وقبوله هو الدماء الجديدة من الجيل الصاعد الذين يفترض بهم أن يحملوا الراية نحو الغد المشرق وهذه سنة الحياة، انطلاقًا من المبدأ المُتعارَف عليه في الدول التي تُحارب الفساد وتُحقق العدالة الاجتماعية بتخصيص سنوات معينة للمسؤول الحكومي لا تتجاوز الخمس سنوات، ثم يخضع للتقييم الذي يحدد مدى استمراريته في المنصب من عدمه.
في كل مرحلة يحتاج الوطن إلى أصحاب الابتكارات والمشاريع الإصلاحية، فهناك تجارب عالمية ناجحة كان لها الدور الأكبر في انتشال تلك المجتمعات الفقيرة من شظف العيش والانطلاق بأوطانها نحو حجز مكان بارز في مصاف الدول المتقدمة، على الرغم من قلة الموارد الطبيعية واستبدال ذلك بما يعرف بـ"الاقتصاد المعرفي"، الذي يعتمد بالدرجة الأولى على عقول الأبناء الذين يحولون إبداعاتهم العلمية والبحثية إلى مشاريع إنتاجية واعدة تصدر إلى مختلف دول العالم.
هنا أتذكر تجارب آسيوية وأفريقية من دول مثل ماليزيا التي نجح فيها مهاتير محمد في عقد الثمانينيات لتُصبح ماليزيا دُرة التاج لدول شرق آسيا من حيث التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بينما يقود مُؤسس سنغافورة (لي كوان يو) تلك الجزيرة التي تفتقر إلى النفط والغاز والمعادن لتصبح واحدة من أفضل اقتصاديات العالم قاطبة، معتمدًا في بداية عمله على تطوير التعليم ومحاربة الفساد من الأعلى، أو ما أصبح يعرف بـ"تكنيس الدرج من الأعلى" أي التخلص من فساد الحرس القديم ومحاسبتهم وطردهم من مفاصل الدولة.
أما التجربة الثالثة، فأتت من قلب القارة السمراء التي ينخر فيها الفساد؛ إذ كانت جمهورية رواندا لا تملك ثروات طبيعية، ولا منفذًا على البحر، لكن تهيأ لها قائدٌ أمين عمل جاهدًا على اجتثاث الفساد والمُفسدين، ويُدعَى (بول كاغامه) الذي تولى الرئاسة في مطلع هذه الألفية، فقد أصدر قانونًا إجباريًّا يتم تطبيقه ميدانيًّا على خمسة آلاف مسؤول رواندي وعائلاتهم؛ بما فيهم رئيس الجمهورية نفسه؛ وذلك بهدف الكشف عن حساباتهم البنكية وأملاكهم في الداخل والخارج، وتطبيق مبدأ "من أين لك هذا؟". وبالفعل ذهب إلى حبل المشنقة بعض المسؤولين الذين نهبوا المال العام.
ومن المُفارقات العجيبة أن رواندا خرجت من أسوأ حرب أهلية في التاريخ؛ قُتِل فيها مليون مواطن رواندي في تسعينيات القرن الماضي، لكنها نهضت من مُستنقع الإبادة الجماعية لتتحول إلى أفضل سوق مفتوح في أفريقيا، وبنموٍّ سنوي تجاوز أفضل الاقتصاديات في العالم.
وفي الختام.. من المؤسف حقًا أنَّ دولنا العربية التي تملك الثروات المعدنية والنفط والغاز والزراعة والثروات السمكية الطائلة لم تنجح في انتشال مواطنيها من الفقر والجهل والأُمِّية، إذ نجد الكثير من الدول العربية دولًا فاشلة بسبب نهب الأموال وتحويلها للخارج في البنوك الغربية، وقد لا ترجع يومًا ما للذين أودعوها، فقد أعلن الرئيس الأمريكي عن نيته مصادرة المليارات التي أودعها رموز الفساد في العراق إبان الاحتلال الأمريكي وسقوط بغداد في العقد الأول من الألفية الثالثة.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصر