مليارديرات يلجأون لتجميد جثثهم بعد الموت وحماية ثرواتهم على أمل إعادة إحيائها
تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT
في خطوة تبدو وكأنها مستوحاة من أفلام الخيال العلمي، لجأ مئات المليارديرات والأثرياء حول العالم إلى تجميد جثثهم بعد الوفاة على أمل أن يتمكن العلماء في المستقبل من إحيائهم. يُعرف هذا الإجراء باسم "التجميد بالتبريد"، وهو ممارسة تهدف إلى حفظ الجثث عند درجة حرارة -196 درجة مئوية باستخدام النيتروجين السائل، على أمل أن يجد العلم يومًا ما طريقة لإعادة الحياة إليها.
إلى جانب التحدي العلمي، تبرز مسألة أخرى تتعلق بما سيحدث لثروات هؤلاء الأشخاص بعد وفاتهم. وفقًا لصحيفة "ميرور"، تعهد ما يصل إلى 5500 شخص بتجميد جثثهم، حيث ابتكر الخبراء في هذا المجال ما يُعرف بـ "صندوق الإحياء"، وهو صندوق يدير أصول المتوفين ويضمن أن تظل ثرواتهم محفوظة لهم حتى يتم إحياؤهم. هذا الحل يتيح للمتوفين المحتملين حماية ثرواتهم وضمان استخدامها ـ حسب اعتقادهم ـ عند عودتهم إلى الحياة في المستقبل.
على الرغم من أن عملية التجميد تأتي بتكلفة باهظة تصل إلى 155000 جنيه إسترليني بالإضافة إلى رسوم تخزين شهرية، إلا أن العديد من الأثرياء يرون فيها استثمارًا مستقبليًا. يتم حاليًا حفظ الجثث في أربعة مرافق للتبريد حول العالم، بما في ذلك اثنان في الولايات المتحدة، وواحد في موسكو وآخر في برلين.
من بين المشاهير الذين أبدوا اهتمامًا بهذه التقنية، سيمون كويل، بريتني سبيرز، وباريس هيلتون. كما يُعتقد أن مليارديرات مثل بيتر ثيل وقطب الكازينو دون لافلين، الذي توفي العام الماضي، قد انضموا إلى قائمة الذين لجأوا إلى التجميد بالتبريد، آملين في فرصة ثانية للحياة في المستقبل.
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
في غرفة العناية المركّزة
تدخل إلى المستشفى، تذهب إلى جناح العناية المركزة، تشاهد جثثًا نائمة، لا تقوى على الحراك، محاطة بالأسلاك، والأنابيب، والأجهزة الطبية، تشاهد أولئك الراقدين، الذين استسلموا لمرضهم، ولطبيبهم، وتشاهد ملامح القلق، وأحيانًا اليأس على وجوه ذويهم، أُمٌّ تبكي حين ترى ابنها ممددًا على سرير، وأبٌ يحاول التماسك، وأخت تحاول كتم دموعها، وزوجة تمسك بالمصحف تدعو لزوجها، وزوج يسعى من أجل بصيص من الأمل لزوجته، تراهم جميعًا واجمين، ينتظرون اللحظة التالية، بينما يقوم الأطباء والممرضون بعملهم «المعتاد»، مشهد يشعرك بضعفك، بإنسانيتك، بحزنك، وانكسارك.
ليس هناك أسوأ من الانتظار أمام سرير مريض، لا تعرف مصيره التالي، مؤلمة تلك اللحظات الفارقة بين الأمل واليأس، بين الموت والحياة، الجميع سواسية فـي ذلك المكان، يحاولون التماسك، والتمسك بحبل التفاؤل، وسط أمواج عاتية من القلق، يطلبون من الطبيب أن يطمئنهم على حال مريضهم، ولكنه لا يملك أحيانًا غير مصارحتهم بالحقيقة المؤلمة: «ليس هناك من أمل إلا بالله».. لا يجد المرء فـي تلك اللحظة إلا اللجوء إلى الخالق، يشعر بضعفه أمام جبروت الموت، ويمنّي نفسه أن تُستجاب دعواته، ولكن تمضي الأمور ـ أحيانًا ـ على غير إرادته، لا يكف ذوو المرضى عن الدعاء، حتى الرمق الأخير، إنه سلاح العاجز أمام قدرة الله.
أحيانًا تأتي لحظة الفرج، يُشفى المريض بعد أيام، أو أشهر من الغيبوبة، يفتح عينيه، ويرى العالم كأنما يراه لأول مرة، تدب فـي أوصاله الحياة، وسط «صدمة» أهله، الذين فقد بعضهم الأمل فـي شفائه، وتبدأ احتفالات محبيه بنجاته، يفرحون به كيوم ولادته، تلك اللحظة التي يخرج فـيها من كماشة الموت، إلى مسار الحياة، لحظة زمنية فارقة فـي الذاكرة، لم تكن التجربة سهلة، بذل الأطباء قُصارى جهدهم كي يُنقذوا حياة إنسان لا حيلة له إلا بالله، نجحوا، وذلك مبلغ غايتهم، تحمّلوا صراخ ذوي المريض، وتفهموا انفعالاته، وقدّروا ظرفه الإنساني، ولم ينتظروا الشكر من أحد، فشفاء المريض هو مكافأتهم التي سعوا لأجلها.
فـي جناح العناية المركزة يرقد طفل صغير، أو فتاة يافعة، أو رجل فتيّ، أو شيخ عجوز، يرقدون جنبًا إلى جنب مستسلمين لأقدارهم، لا أدري ما الذي يدور فـي أدمغتهم فـي ذلك الحين، هل ينقطعون عن العالم؟.. هل ينتهي تفكيرهم؟.. أي عالم خفـيّ يعيشونه؟.. هل بإمكانهم التخيل؟.. هل يشعرون بألم أهليهم؟.. هل يمر عليهم شريط حياتهم؟.. (حبيباتهم.. لحظات طيشهم.. خيباتهم.. انتصاراتهم.. حكاياتهم.. من ظلمهم.. ومن ظلموه؟..).. لا يملك الإجابة سواهم، وقد لا يملكون الإجابة بعد شفائهم، فذاكرتهم المشوشة لا تتسع لكل تلك الأسئلة، يخرجون ـ إن كتب الله لهم النجاة ـ إلى حياتهم العادية، قد يتذكرون فـي وقت ما، كيف عادوا من فم الموت، فـيتّعظون، وقد يمضون دون أن يلتفتوا لتلك اللحظات العصيبة.
فـي المستشفى، وحيث العناية المركزة، يتساوى الأحياء بالأموات، الجميع فـي سبات عميق، لا يلوون على شيء، يقضون أيامهم قابضين على جمرة الأمل، يحاولون الفرار من قَدَر إلى قَدَر..
شفى الله كل مريض يعاني، وأعان أهله، ومُحبيه على لحظات الانتظار المرير، وكفانا الله وإياكم شرور «أمراض الفجأة» التي كثرت هذه الأيام، ورحم الله موتى المسلمين جميعًا.