هل يجوز التعاقد لشراء كميات من "الحبوب الزراعية" قبل الحصاد؟ الأزهر للفتوى يجيب
تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT
أجاب مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على تساؤل قد ورد إليه عن: هل يجوزالتعاقد لشراء كميات محددة من الحبوب الزراعية قبل الحصاد ؟
قائلا: الحَمْدُ لله، والصَّلاة والسَّلام عَلى سَيِّدنا ومَولَانا رَسُولِ الله، وعَلَىٰ آله وصَحْبِه ومَن والَاه. وبعد؛ فمع أن الأصل في عقد البيع أن تكون السلعة حاضرة ومملوكة للبائع وقت العقد؛ لقول سيدنا رسول الله ﷺ: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» [أخرجه أبو دواد]؛ إلا أنه استُثني من ذلك بعض العقود لحاجة الناس إليها، منها بيع السَلم، وهو بيع آجلٍ موصوفٍ في الذمة بثمن عاجل؛ ومن ذلك بيع الحبوب كالذرة والأرز ونحوهما مما يمكن وصفه في الذمة قبل الحصاد وتحديد وزنه، وتعيين نوعه من جيدٍ أو رديء ونحو ذلك مما يرفع الجهالة، وللمشتري الخيار عند التسليم، إذا كان ذلك مشروطًا وقت العقد لحاجة.
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282]، قال ابن عباس رضي الله عنه: نزلت في السَلَم خاصة. [تفسير القرطبي (3/ 377)] وقد قدم النبي ﷺ المدينة وهم يسلفون بالتمر السنتين والثلاث، فقال ﷺ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» [متفق عليه]. قال الإمام النووي رحمه الله: "وذكروا في تفسير السلم عبارات متقاربة منها: أنه عقد على موصوف في الذمة ببدلٍ يُعطى عاجلًا". [ روضة الطالبين (4/ 3)]. وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله: " ولأن بالناس حاجة إليه؛ لأن أرباب الزروع والثمار والتجارات يحتاجون إلى النفقة على أنفسهم وعليها؛ لتكمل، وقد تعوزهم النفقة، فجوز لهم السلم؛ ليرتفقوا، ويرتفق المسلم بالاسترخاص". [ المغني لابن قدامة (4/ 207)] ويُشترط لصحة عقد السلم، شروط هي: 1- أن يكون المبيع معلوم الجنس كالقمح والأرز ونحوه، ومعلومًا بالكيل أو الوزن أو العدِّ. 2- أن يكون مُحدد النوع، موصوفًا في الذمة، على وجه لا يبقى بعد الوصف إلا تفاوت يسير، يُخرجه عن الجهالة. 3- أن يتم تسليم المبيع إلى المشتري في الوقت والمكان المعين للتسليم، وأن يكون الثمن عاجلًا وقت العقد. 4 - لا يجوز التصرف في الشيء المسلَّم فيه -ولو إلى المسلَّم إليه- قبل تمام القبض. وعليه؛ فيجوز شراء المزروع من الأرز والذرة قبل حصاده، بعد وصفه في ذمة البائع، بما يُعين نوعه وصفته، ويحدد مقداره، ويرفع الجهالة المُفضية إلى المنازعة. وَصَلَّىٰ اللَّه وَسَلَّمَ وبارَكَ علىٰ سَيِّدِنَا ومَولَانَا مُحَمَّد، وَعَلَىٰ آلِهِ وصَحبِهِ والتَّابِعِينَ، والحَمْدُ للَّه ربِّ العَالَمِينَ.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية التعاقد الحبوب الزراعية الحصاد فی الذمة
إقرأ أيضاً:
كيف أتخلص من المال الحرام والتوبة.. وهل يجوز التصدق به
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالًا من أحد الأفراد يسأل فيه عن كيفية التوبة والتخلص من المال الحرام، وما إذا كان يجوز التصدق بهذا المال.
وأوضحت لجنة الفتوى في ردها أنه لا يوجد خلاف بين المسلمين في أن الكسب من طرق غير مشروعة هو ذنب يجب التوبة منه.
فقد حثَّ الإسلام المسلمين على الحصول على الرزق الحلال، وضرورة أن تكون جميع طرق كسب المال مشروعة.
وأكدت دار الإفتاء في بيانها أنه وفقًا للآية الكريمة: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَاتَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾، يجب على المسلمين اتباع الطرق الطيبة والشرعية في كسب المال.
وأضافت اللجنة أنه وفقًا لتوجيهات القرآن الكريم، يجب على المسلم أن يتجنب أكل أموال الناس بغير حق، كما ورد في الآية الكريمة: ﴿يَاَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾، حيث أن الإسلام نهى عن أي نوع من أنواع الكسب غير المشروع أو الحرام.
ومن خلال الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا»، مما يوضح حرمة أموال المسلمين وأهمية الحفاظ عليها.
هل أرباح شهادات الاستثمار وودائع البنوك ربا.. الإفتاء ترد بالدليل هل يجوز قطع صلة الرحم لخلافات عائلية أو بسبب الميراث.. الإفتاء تجيبوفيما يخص التخلص من المال الحرام، أكدت لجنة الفتوى على ضرورة أن يتوب الشخص الذي اكتسب مالًا حرامًا إلى الله تعالى، وأن يقوم بإعادة المال إلى صاحبه إذا كان ذلك ممكنًا، أو إلى ورثته إن كان المال مرتبطًا بحق شخص آخر. وإذا تعذر رد المال، يجوز أن يتصدق به على الفقراء والمساكين أو يتم توجيهه لدعم المصالح العامة للمسلمين، مع النية الصادقة في التوبة وكسب الثواب لصاحب المال الأصلي، وأيضًا مع الاعتقاد بأن ذلك يكفر عن الذنب ويزيل الإثم عن الشخص التائب، وفي حالة عدم إمكانية الرد المباشر للمال، يمكن تسليمه إلى بيت مال المسلمين.
دعاء كفارة الغيبة والنميمةأما بالنسبة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دعاء كفارة الغيبة والنميمة، فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بترديد دعاء خاص عندما يكثر اللغط في مجالسهم، خاصة في حالات الغيبة والنميمة، حيث روى الصحابي أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي قوله: «مَنْ جَلَسَ في مَجْلس فَكثُرَ فيهِ لَغطُهُ فقال قَبْلَ أنْ يَقُومَ منْ مجلْسه ذلك: سبْحانَك اللَّهُمّ وبحَمْدكَ أشْهدُ أنْ لا إله إلا أنْت أسْتغْفِركَ وَأتَوبُ إليْك»، مشيرًا إلى أنه إذا قال الشخص هذا الدعاء قبل مغادرته المجلس، يغفر له ما بدر منه من كلام غير لائق.
وقد فسر العلماء هذا الحديث بأن "اللغط" يشمل الكلام الذي ليس له معنى أو يكون محشوًا بالذنوب، مثل النميمة أو الغيبة. لذا، يُنصح المسلم بأن يختم المجالس التي يكثر فيها اللغط بهذا الدعاء، وأن يتجنب الحديث الذي لا يعود بنفع. كما أشارت التفسير إلى أن سعة المجالس من الأمور المحمودة، لأن المجلس الواسع يتيح مساحة أكبر للناس ويجعلها أكثر راحة وانشراحًا، وهو ما يمكن أن يساهم في نشر الأجواء الإيجابية والتواصل الجيد بين الأفراد.