20 أغسطس، 2024

بغداد/المسلة: كشف تقرير حديث صادر عن مكتب المفتش العام بوزارة الدفاع الأمريكية أن المحادثات بين الولايات المتحدة والعراق حول مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في العراق لا تزال مستمرة، حيث يركز الطرفان على كيفية ومتى سيتم الانتقال إلى اتفاقية الأمن الثنائي.

يأتي هذا في وقت حساس، حيث يواجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ضغوطاً متزايدة من بعض القوى الداخلية المطالبة بإخراج القوات الأمريكية من البلاد كجزء من الترتيب الجديد.

يُعَدُّ هذا التقرير الصادر عن مكتب المفتش العام، والذي يغطي نشاطات الربع الأول من العام الجاري، بمثابة مؤشر على الوضع الأمني المتدهور في العراق، خاصةً فيما يتعلق بتنظيم داعش.

ورغم تراجع أعداد عناصر التنظيم، إلا أن التقرير يحذر من أن داعش في طريقه لتحقيق أكثر من ضعف العدد الإجمالي لهجماته في عام 2023، حيث استمر التنظيم في تنفيذ هجمات باستخدام الأسلحة الصغيرة، العبوات الناسفة، والكمائن التي تستهدف القوات الأمنية والمدنيين.

في هذا السياق، أشار التقرير إلى أن الفصائل العراقية حافظت على توقف مؤقت للهجمات ضد القوات والمنشآت الأمريكية وقوات التحالف الدولي. ورغم هذا الهدوء النسبي، فإن المخاطر لا تزال قائمة، مما يعقد مسار المفاوضات بين بغداد وواشنطن بشأن مستقبل القوات الأمريكية.

تحليلًا لهذا الوضع، يمكن القول إن الضغوط الداخلية التي يواجهها السوداني قد تدفعه نحو اتخاذ موقف أكثر تشددًا فيما يخص الوجود الأمريكي، خاصة مع تصاعد الخطاب المعادي للوجود الأجنبي بين بعض الفصائل.

ومع ذلك، فإن التحديات الأمنية المتزايدة، لا سيما التهديدات المستمرة من داعش، قد تجعل من الصعب تنفيذ انسحاب كامل للقوات الأمريكية دون المخاطرة بزعزعة استقرار الوضع الأمني الهش في البلاد.

هذه التطورات تضع الحكومة العراقية أمام معادلة صعبة، حيث يجب عليها تحقيق التوازن بين مطالب الأطراف الداخلية، والحفاظ على الدعم الدولي الضروري لمحاربة الإرهاب وضمان الاستقرار.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

جرائم مراكز الشرطة العراقية بين الانتهاكات وإصلاحات وزير الداخلية الحالي

بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..

تشهد مراكز الشرطة التابعة لوزارة الداخلية في العراق منذ سنوات متواصلة موجة من الجرائم والانتهاكات التي طالما أثارت قلق المجتمع المحلي والدولي ومنظمات حقوق الإنسان. فقد صدرت تقارير متعددة تفيد بوقوع اعتداءات جسدية ونفسية للمعتقلين، واستخدام أساليب تحقيق عنيفة، فضلاً عن انتشار الفساد الإداري الذي يؤثر سلباً على مصداقية الجهاز الأمني. وفي خضم هذه التحديات، يأتي دور وزير الداخلية الحالي السيد عبد الأمير الشمري كخطوة إيجابية نحو الإصلاح والتغيير حيث أثبتت بعض التقارير أن داخل جدران مراكز الشرطة تحدث ممارسات تعسفية تشمل التعذيب والضرب أثناء التحقيقات، مما يتسبب في إصابات جسدية ونفسية للمحتجزين وحالات تنتهي بالوفاة وتشير الشهادات إلى أن بعض المعتقلين يتعرضون لمعاملة قاسية لا ترقى إلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان، الأمر الذي يُفاقم من حالة الرعب وعدم الثقة بين المواطنين والمؤسسات الحكومية. كما أن الفساد الإداري يشكل عنصراً إضافياً في هذه الأزمة؛ إذ تنتشر حالات استغلال السلطة لتحقيق مكاسب شخصية، سواء عبر قبول الرشاوى لتخفيف الأحكام أو لتأمين الإفراج عن المعتقلين.
ومن هنا يبرز التناقض الواضح في أداء الجهاز الأمني الذي من المفترض أن يحمي المواطنين، لكنه في بعض الأحيان يتحول إلى مصدر للإساءة والانتهاكات. في هذا السياق، كانت دعوات المجتمع المدني والإعلام وحقوق الإنسان للإصلاح تتردد بصوت عالٍ، مطالبين بضرورة محاسبة المسؤولين وتطبيق العدالة دون استثناء. وقد اعتُبر تفعيل آليات رقابية مستقلة خطوة أساسية لمنع تكرار مثل هذه الانتهاكات في المستقبل. ومن اللافت للنظر في الآونة الأخيرة، أن وزير الداخلية الحالي قد اتخذ سلسلة من الإجراءات الإصلاحية التي أسهمت في تحسين الوضع داخل مراكز الشرطة. فقد أطلق برنامجاً شاملاً لتأهيل الكوادر الأمنية وتدريبهم على استخدام أساليب تحقيق تتوافق مع المعايير الدولية واحترام حقوق الإنسان. كما وضع الوزير نظام متابعة ورقابة جديد، يهدف إلى الكشف المبكر عن أي مخالفات والانتهاكات داخل المراكز الأمنية، ما ساعد في تقليل عدد الحالات المسجلة وتحسين صورة الجهاز الأمني أمام المجتمع.
وأشاد عدد من خبراء الأمن وحقوق الإنسان بالدور الإيجابي الذي يقوم به الوزير، مشيرين إلى أن إصلاحات وزارة الداخلية تحت قيادته بدأت تؤتي ثمارها تدريجياً، رغم أن الطريق لا يزال طويلاً. إذ أنه بالرغم من التحديات الداخلية والخارجية، يسعى الوزير لتطبيق الشفافية والمساءلة داخل الأجهزة الأمنية، ويعمل على تعزيز التعاون مع الجهات القضائية والإعلامية، مما يساهم في رفع مستوى الثقة بين المواطنين والجهات الرسمية.
ولا يخفى على أحد أن إصلاح مراكز الشرطة يتطلب إرادة سياسية قوية وإجراءات منهجية تضمن حماية حقوق الإنسان وتطبيق القانون بشكل عادل. وفي هذا السياق، تعتبر الخطوات التي اتخذها وزير الداخلية الحالي بمثابة بصيص أمل في ظل واقع معقد تتداخل فيه عوامل الفساد والانتقادات الحادة للسلطات الأمنية. إنه يمثل نموذجاً لتلك القيادة التي تسعى إلى استعادة الثقة وتقديم نموذج عملي لإصلاح جهاز الدولة، على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهه.

ختاماً، تبقى قضية الجرائم والانتهاكات في مراكز الشرطة العراقية تحدياً يستدعي جهوداً مشتركة من جميع الأطراف؛ الحكومة والمجتمع المدني والإعلام والمجتمع الدولي. وإذن مع الخطوات الإصلاحية التي يتخذها وزير الداخلية الحالي، يبدو أن هناك بوادر تغيير قد تكون نقطة انطلاق نحو مستقبل أكثر شفافية وعدالة في جهاز الدولة، مما سيعود بالنفع على المواطن العراقي في نهاية المطاف.

انوار داود الخفاجي

مقالات مشابهة