صحيفة صدى:
2024-09-18@03:26:07 GMT

ظلم بعض الأخوة في الميراث

تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT

ظلم بعض الأخوة في الميراث

إنَّ من أعظم عقوق الوالدين أكل الحقوق والظلم في الميراث وخاصة حقوق الأخوة والأخوات والأيتام، بل أن البعض يصل به الحال والعياذ بالله لأكل حقوق الأمهات أيضاً وذلك بالتحايل والاستيلاء على أنصابهم إمَّا بالحلف الكاذب أو التزوير والغش أو شهود الزور أو التآمر أو بأي طريقة غير شرعية تتيح لهم الحصول على الميراث أو حِصَّة غير عادلة من تركة الوالدين أو أحدهما، والتي يدخل فيها الظلم والتعدِّي على حقوق الآخرين، غير مبالين لقدرة الله على الظالم أولاً ثم لصلة الرحم التي أوجبها الله أو بِرَّ الوالدين بعد وفاتهما، أو آثار عقوبتها في الدنيا والآخرة التي غفل عنها الكثير وأحببت التذكير بها والتي من أهمها:

* التعدِّي على حُدود الله: أن أكل حقوق الورثة أو جزءاً منها يعتبر تعدي على حقوق الله، وأن الميراث حَدٌّ من حُدود الله كما ذكره الله تحديداً بعد آيات الميراث في سورة النساء في قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} (النساء-13/14).

* أكل حق الضَّعِيفَيْن: والضعيفين هما اليتيم والمرأة كما ورد في حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام والذي قال فيه ” اللَّهمَّ إنِّي أحَرِّجُ حقَّ الضَّعيفينِ: اليتيمِ، والمرأَةِ” (أخرجه ابن ماجه وأحمد)، وفي رِواية الحاكِم: «أُحَرِّجُ حَقَّ» أي: أُضَيِّقُ على النَّاسِ في تَضييعِ حَقِّهم، وأشَدِّدُ عليهم في ذلك، وأحَذِّرُهم من الوُقوعِ في ظُلمِهم.

* سبب لقطع صلة الرحم ولعنة الله: حيث يقول الله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ} (محمد-22/23) وقال الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الشأن “إنَّ اللّهُ خَلَقَ الخَلْقَ، حَتَّى إذَا فَرغ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالتْ: هَذَا مَقامُ العائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قالَتْ: بَلَى، قالَ: فَذلكِ لَكِ” (صحيح مسلم).

* عدم دخول الجنة: وهو ما يلحق قاطع الرحم والعياذ بالله بسبب أكل الحقوق، لأن الجنة هي صلة الله لأهل كرامته وطاعته، وقد أكد ذلك المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي قال فيه “لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قاطِعٌ”، وقَالَ سفيان في روايته: يَعْني: قاطِع رحِمْ. (متفقٌ عَلَيهِ).

* الإفلاس يوم الحساب: أما عن يوم القيامة فيقول الله تعالى {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الشعراء-88/89)، وقال النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه “أَتَدْرُونَ مَا المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ” (صحيح مسلم).

* عِظَمَ الإثم وكبره: إن أكل مال الورثة والأيتام جُرم عظيم عند الله حيث قال تعالى فيه {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} (النساء-2)، وقال ابن عباس أنَّ معنى “حوبا كبيراً” أي إثما كبيراً عظيماً.

* أكلة الميراث ظلماً يأكلون النار وسيصلون سعيرا: وصف الله من يأكلون أموال الورثة والأيتام في قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} (النساء-10)، وقال السدي: يُبعَث آكل مال اليتيم ظلما يوم القيامة ولهب النار يخرج من فِيه ومن مسامعه وأنفه وعينيه، يعرفه من رآه بآكل مال اليتيم.

* أكل المال بغير حق ليس له كفارة: وهو ما أكَّدَهُ النبي عليه الصلاة والسلام في قوله “خَمْس لَيسَ لَهُنَّ كَفَّارَة: الشِّرْكُ باللهِ عَزَّ وجَلَّ، وقَتلُ النَّفْسِ بِغَيرِ حَقِّ، أو نَهْبُ مُؤمِنٍ، أو الفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْف، أو يَمِينٌ صَابِرةٌ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالاً بِغَيرِ حَقّ” (أخرجه أحمد وحسَّنه الألباني).

* سَبَبٌ للدخول في السبع الموبقات: وهي الذنوب المُهلكات التي حَذَّرنا منها المصطفى عليه الصلاة والسلام بقوله “اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ ومَا هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ الغافِلاتِ” (صحيح البخاري).

وأختم بمعلومة قد يجهلها الكثير والتي قامت بها وزارة العدل مشكورة وستكون سبباً بإذن الله في عدم وجود خلاف أو أكل الحقوق بين الورثة ألا وهي خدمة “توثيق وصية” إلكترونياً عبر بوابة ناجز بخطوات سهلة ومُيسرة وهي تستهدف مقدم الوصية بالأصالة عن نفسه أو بالوكالة، بالإضافة إلى إقرار ورثة المتوفي من خلال بياناتها، ويمكن للموصي طلب إلغاء الوصية متى ما شاء طالما أنه على قيد الحياة من خلال النظام نفسه، فإذا توفى الموصي استقرت الوصية، مع العلم بأن الوصية ليست واجبة وإنما هي مُستحبة، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام عنها “مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شيءٌ يُرِيدُ أنْ يُوصِيَ فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ” (رواه البخااري ومسلم-الوصايا)، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام محذراً من أكل الحقوق ولو كانت يسيره “مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بيَمِينِهِ، فقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَليْهِ الجَنَّةَ فَقالَ لَهُ رَجُلٌ: وإنْ كانَ شَيئًا يَسِيرًا يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: وإنْ قَضِيبًا مِن أَرَاكٍ” (صحيح مسلم).

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: علیه الصلاة والسلام أ م و ال

إقرأ أيضاً:

بشارة الانجيل بمجيء رسول الله محمد صل الله عليه وآله وسلم..

بقلم : د. سرى العبيدي ..
سفيرة الجمال والطفولة والثقافة العالمية ..

إن رسالة الانبياء الكبرى ودعوتهم الجامعة هي (( الدين)) فهم جميعا بعثوا ليبشروا به دينا واحدا هو دين الإسلام ، دين الخضوع والاستسلام لأمر الله ، دين الهداية والانقاذ للبشرية مع تفاوت في درجات التبليغ ، واختلاف في منهج التعبد والبناء الاجتماعي ، ومع هذا التفاوت في الرسالات ، والدعوات الإلهية فإن معالمها الرئيسية جميعا تتركز في الرسالة الشاملة لهذا الدين ، رسالة محمد صل الله عليه وآله وسلم {١}.
بشارة الإنجيل بمجيء رسول الله محمد صل الله عليه وآله وسلم ، على الرغم من التحريف الذي تحمله الأناجيل المتداولة ، فإن ما وصل منها بأيدينا لازال يحمل البشارة برسول الله محمد صل الله عليه وآله وسلم ، ومع ذلك فإن المترجمون للأناجيل حاولوا أن يحرفوا ذلك أيضا كما سيتضح بما جاء في انجيل يوحنا :
( إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي ، وانا اطلب من الأب فيعطيكم {بار قليط} معزيا آخر يمكث معكم إلى الأبد……){٢} .
( وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب بأسمي ، فهو يعلمكم كل شيء ، ويذكركم بكل ما قلته لكم){٢}.
( لا اتكلم معكم كثيرا لأن رئيس هذا العالم يأتي ، وليس له في شيء ){٢} .
( ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا أليكم {٣} من الأب روح الحق الذي من عند الاب ينبثق فهو يشهد لي ….) {٤}
( لكني أقول الحق ، أنه خير لكم أن أنطلق ، لانه إن لم ينطلق لا يأتيكم المعزي ، ولكن أن ذهبت أرسله لكم ، ومتى جاء ذلك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة ، أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي ، وأما على بر فلأني ذاهب الى ربي ولا تروني أيضا ، واما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين .
إن لي أمورا كثيرا لاقول لكم ، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الان ، وأما متى جاء ذلك روح الحق ، فهو يرشدكم إلى جميع الحق ، لانه لا يتكلم من نفسه ، بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية ، ذلك يمجدني لانه يأخذ مما لي ويخبركم ….) {٥} .
والتأمل في هذه النصوص نجد أنها تشير إلى :
ان المسيح ع يوصي ويبشر بمجيء معز بعده ، وان مجيئه مشروط بذهابه ، وأنه مرسل من قبل الله ، وأنه يعلم كل شيء ، وأنه يذكر بما قاله المسيح ع ، وأنه يشهد للمسيح ع ، وان العالم سيتبع دينه ، وأنه لا يتكلم من نفسه بل يتكلم بما يسمع ، وأنه يخبر بأمور آتية ، وأنه يمجد المسيح ع ، وأنه يبقى معهم إلى الأبد …

واذا راجعت صفات رسول الله صل الله عليه وآله وسلم فنجد هذه تنطبق عليه تماما ، فإنه يحمل القرآن الذي هو ( تبيان لكل شيء) ، ويخبر عن أمور آتية وقعت بعد نزوله ، وأنه يشهد للمسيح ع بالنبوة والرسالة ، ويمجد المسيح ع وهو لايتحدث من نفسه بل بما يوحى إليه :
( وماينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ) {النجم /٣-٤} .
وقد انتشر دينه في العالم ، وقرآنه حي خالد إلى الأبد ، ويزداد يقينا أكثر إذا علمنا أن كلمة المعزي هي ترجمة محرفة لكلمة ( بير يكليتوس) اليونانية التي كتب بها انجيل يوحنا منذ البداية ، وهي تعني في ترجمتها الدقيقة ( احمد) ، وقد حرفت الكلمة في الأناجيل عند ترجمتها إلى ( باريكليتوس) والتي تعني المعزي .
وذلك ينطبق حرفيا مع ما أثبته القران من كلام المسيح ع إلى بني إسرائيل :
( وإذ قال عيسى ابن مريم يابني إسرائيل إني رسول الله ٱليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد ….) {الصف/٦} .

كما أننا لم نجد في التاريخ ورود معارضة من قبل نصارى صدر الاسلام عند نزول القران وإخباره بأن التوراة والإنجيل قد بشرتا برسول الله محمد صل الله عليه وآله وسلم ، ولكن نقلت وقائع تأريخية عن نقاش اليهود والنصارى فيما إذا كان الرسول الموعود هو هذا أم غيره ، مما يؤكد أن البشارة الواردة هي بشارة برسول إنسان يرسل من قبل الله تعالى ، وقد دخل الاسلام كثير من اليهود والنصارى بسبب تلك البشارة المثبتة في كتبهم .

{١} الطبرسي – مجمع البيان في تفسير القرآن- تفسير سورة البقرة ج١
{٢} يوحنا – الاصحاح -١٤- سطر ١٥
{٢} نفس المصدر – سطر ٢٥
{٢} نفس المصدر – سطر ٣١
{٣} على الرغم من هذا التحريف والتشويه في العبارات فإن النصوص تشير لدالى حقيقة أساسية وهي بعثة النبي محمد صل الله عليه وآله وسلم بعد المسيح .
{٤} يوحنا – الاصحاح ١٥- سطر ٢٦ .
{٥} يوحنا – الاصحاح ١٦- سطر ٦-١٥ .
——————————-تم نشر المقال في صحيفة الشرق الأوسط صحيفة برافدا الروسية—-

سرى العبيدي

مقالات مشابهة

  • المفتي سوسان: ما أقدم عليه العدو هو قمة الإجرام وهو اعتداء على كل لبنان
  • أذكار أوصانا بها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
  • بشارة الانجيل بمجيء رسول الله محمد صل الله عليه وآله وسلم..
  • مولد الماحي.. نور وضياء
  • طحنون بن زايد مهنئاً بالمولد النبوي: ندعو الله أن يعيده علينا بالخير والسلام
  • كم كان عمر الرسول عندما نزل عليه الوحي؟
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • منصور بن محمد: في ذكرى مولد النبي نسأل الله أن يعم الخير والسلام
  • منصور بن زايد: في ذكرى المولد النبوي أدعو الله أن يعم الخير على الأمة الإسلامية والعالم
  • منصور بن زايد: في ذكرى مولد نبينا أدعو الله أن يعم الخير على الأمة الإسلامية والعالم