واشنطن– ألقت أزمة العدوان الإسرائيلي على غزة بظلالها على مؤتمر الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، ولا سيما مع المظاهرات الحاشدة التي نظمت بالقرب من مقر انعقاده وتزامنا مع بدء أعماله.

ويتخوف القادة الديمقراطيون من أن تهدد -هذه المظاهرات والموقف من العدوان الإسرائيلي على غزة- وحدة الحزب في لحظة تاريخية حساسة عقب استبدال الرئيس جو بايدن بنائبته كامالا هاريس للترشح على بطاقة الحزب لمواجهة الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب.

وفي الوقت الذي بدأ فيه ملايين الأميركيين بمتابعة المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، تجمع عشرات الآلاف من المتظاهرين في شيكاغو للتعبير عن غضبهم من دعم إدارة بايدن هاريس للعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة.

وحاول مئات المتظاهرين اختراق الحواجز الأمنية في محيط موقع المؤتمر، في سعي للتعبير عن الغضب وللتنديد بموقف الإدارة الأميركية الداعم لإسرائيل في حربها على غزة، وهو ما أدى لتدخل قوات الأمن، ومنعهم من اقتحام الحواجز.

وردد المتظاهرون "أنهوا الاحتلال الآن، العالم كله يشاهد" وهاجموا الرئيس، ورددوا "بايدن، لا يمكنك الاختباء. نحن نتهمك بالإبادة الجماعية" كما أطلقوا شعارات مماثلة ضد هاريس.

جانب من تجمع مؤيد للفلسطينيين خارج مقر انعقاد المؤتمر الديمقراطي بشيكاغو (رويترز) داخل قاعات المؤتمر

وداخل قاعة المؤتمر الرئيسية بمركز يونايتد، من المتوقع أن يعبّر ما لا يقل عن 30 مندوبا عن الحزب من عدة ولايات عن معارضتهم لسياسات إدارة بايدن هاريس بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة.

وبينما أثار اختيار هاريس لحاكم ولاية مينيسوتا تيم والز نائبا لها (بدلا من حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو، وهو يهودي) بعض التفاؤل داخل حركة "غير ملتزم" وهي مجموعة تشكلت للاحتجاج على دعم بايدن لإسرائيل في صناديق الاقتراع خلال انتخابات الحزب الديمقراطي التمهيدية، ويأمل الكثيرون في الحركة أن تعدل هاريس موقف واشنطن لتصبح أكثر تعاطفا مع معاناة الفلسطينيين، وأكثر صرامة تجاه ممارسات الحكومة الإسرائيلية.

وكانت هاريس قد تعاملت "بحنكة" مع هذه القضية، ودعمت على نطاق واسع جهود الرئيس بايدن لتأمين اتفاق وقف إطلاق النار. ويحاول الديمقراطيون تحقيق توازن يحافظ على دعم الحزب التقليدي لإسرائيل مع استيعاب النشطاء المناهضين لإسرائيل الذين يشكلون فصيلا صغيرا في الحزب ولكنه "صاخب".

ويعتقد القادة السياسيون والخبراء أن غزة ستظل قضية رئيسية في السباق الرئاسي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على فرص هاريس، حيث تجعل أصوات كل من الحركة المؤيدة للفلسطينيين من جانب، واللوبيات والفصائل المؤيدة لإسرائيل من جانب آخر، مسموعة.

وعلى الرغم من عدم اكتراث الناخب الأميركي تقليديا بقضايا السياسة الخارجية، ينتظر أن تكون قضية غزة الأكثر سخونة بين جميع قضايا السياسة الخارجية في موسم الانتخابات.

ويتوقع أن يؤثر العدوان على غزة على قرار مئات الآلاف من الناخبين العرب والمسلمين، خاصة في عدد من الولايات المتأرجحة الرئيسية مثل ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا، حيث يمكن لأصواتهم أن تحدد مصير المرشح الفائز بالبيت الأبيض.

وتدعو هاريس إلى إنهاء الحرب، والتوصل لوقف فوري لإطلاق النار لمعالجة الوضع الإنساني المتردي، والإفراج عن المحتجزين لدى حركة حماس.

تنافس عربي يهودي

ورحبت حركة "غير ملتزم" -التي تمثل الناخبين في ولايات ميشيغان ومينيسوتا وويسكونسن المتأرجحة- باستعداد هاريس للاستماع لمطالبهم، وابتعادها عن تشدد بايدن في دعمه لإسرائيل. ومع ذلك، دفعوا بمطالب تعتبر حادة بمعايير السياسة الأميركية مثل حظر تصدير الأسلحة لإسرائيل، وهو ما قد يعقد من قدرة هاريس على تبني موقف الحركة بالكامل.

ويستضيف نشطاء مؤيدون للفلسطينيين حلقة نقاش حول الحقوق الفلسطينية على هامش المؤتمر الوطني الديمقراطي، وهو حدث غير مسبوق. وفي الوقت ذاته تستضيف العديد من الجماعات اليهودية فعاليات مشابهة للبحث في دعم الحزب الديمقراطي لإسرائيل.

وقد أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى تواصل قادة الحزب الديمقراطي الوثيق مع المندوبين غير الملتزمين للضغط عليهم لعدم خلق حالة من الشقاق أو الفوضى في قاعة المؤتمر، وهو ما قد يهدد صورة وحدة الحزب.

من ناحية أخرى، يعمل الديمقراطيون للتأكد من تمثيل عائلة أحد المحتجزين الإسرائيليين في غزة لتلقي كلمة في فعاليات المؤتمر، لكنهم يحاولون أيضا موازنة الأمور من خلال استضافة متحدث من المعروفين بانتقادهم للموقف الإسرائيلي.

وتعتقد نيويورك تايمز أن أحد المرشحين المحتملين هو المدعي العام في ولاية مينيسوتا كيث إليسون، وهو ناقد بارز لإسرائيل منذ فترة وجوده في الكونغرس، وقد تحول للديانة الإسلامية قبل سنوات.

وانتقد مؤسس المعهد العربي الأميركي جيمس زغبي -وهو ناشط ديمقراطي ومقرب من إليسون كذلك- اختيار الأخير للحديث بلسان الفلسطينيين، وطالب بأن يتحدث أحد ممثلي عائلة فلسطينية ممن فقدوا أبناءهم نتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة.

معلقون يشككون في قدرة هاريس على استمالة الغاضبين من تعامل إدارة بايدن مع العدوان الإسرائيلي (الأناضول) نهج التوازن

في حين يعتقد جيريمي بن عامي، رئيس جي ستريت -وهي إحدى جماعات اللوبي المؤيد لإسرائيل ولحل الدولتين- أن نهج هاريس لتحقيق التوازن بين الدعم لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين يمكن أن يتردد صداه الإيجابي مع العديد من الناخبين الديمقراطيين. إلا أنه أردف قائلا "لا أعرف إن كان الناس على أقصى طرفي النقيض من الجانبين سيكونون راضين عن التوازن".

ومع إيجابية التقارير الواردة من الدوحة والقاهرة حول قرب التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، تترقب دوائر الحزب الديمقراطي ملف غزة، رغبة منهم في أن يمنح وقف الحرب دفعة لحظوظ هاريس الانتخابية.

وفي حديثها مع الصحفيين خلال جولة انتخابية بولاية بنسلفانيا الأحد الماضي، قالت هاريس إن الولايات المتحدة "لن تستسلم، وسنواصل العمل بجد على هذا الأمر. كان علينا التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وعلينا إخراج هؤلاء الرهائن". ويجدر بالذكر أن من بين المحتجزين 5 مواطنين أميركيين من مزدوجي الجنسية.

ولا يزال بعض المعلقين يشككون في قدرة هاريس على فعل الكثير للتأثير على الناخبين الغاضبين بشدة من تعامل إدارة بايدن هاريس مع العدوان الإسرائيلي. ولا يتوقع هؤلاء تبني هاريس موقفا يفرض شروطا أو تقييدا للمساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، بل إن أقصى طموحات هذا الفريق أن تتبنى هاريس موقف إدارة بايدن المؤيد لإسرائيل، مع إظهار المزيد من التعاطف مع الضحايا الفلسطينيين.

وردد ترامب ذلك في تصريحات لمؤيديه اليهود يندد فيها بموقف هاريس من إسرائيل. وقال "هاريس مرشحة القوى التي تريد تدمير الحضارة الغربية، ولكن بشكل خاص إسرائيل والشعب اليهودي".

وأضاف في لقاء مع ناخبين يهود بمنتجعه بولاية نيوجيرسي "إذا تم انتخاب هاريس ووالز، فإن اليسار الراديكالي والمتعاطفين مع حماس لن يتسببوا في الفوضى بشوارعنا فحسب، بل سيديرون السياسة الخارجية الأميركية بالبيت الأبيض، وستختفي إسرائيل".

وقال ترامب لأنصاره اليهود إنه يجب رفض "معاداة السامية" في صناديق الاقتراع، بينما هاجم الأميركيين اليهود الذين يصوتون للديمقراطيين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات العدوان الإسرائیلی على غزة الحزب الدیمقراطی إدارة بایدن

إقرأ أيضاً:

في جانب مهم.. هاريس تتبع استراتيجية حملة مختلفة عن بايدن

توجّه مرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، تركيزها نحو المناطق التي طالما اعتبرت معاقل تقليدية للحزب الجمهوري في حملتها الانتخابية الحالية، في نهج يختلف عن استراتيجية الرئيس، جو بايدن، السابقة، وفقا لموقع "بوليتيكو".

وذكر الموقع أن نائبة الرئيس لا تركز فقط على المناطق الديمقراطية الكبرى مثل ميلووكي وأتلانتا وفيلادلفيا، بل تسافر أيضا إلى مدن أصغر مثل أو كلير في ويسكونسن وسافانا في جورجيا، بأهداف توسيع قاعدة الناخبين الديمقراطيين وتقليص الفجوة في المناطق التي كانت تقليديا تصوت للجمهوريين.

استراتيجية ديمقراطية

ووضع الديمقراطيون هذه الاستراتيجية الجديدة بعد الخسارة أمام الرئيس السابق، دونالد ترامب، في انتخابات عام 2016، لمحاولة الحد من هزائمهم في المناطق التي تميل إلى الجمهوريين، لكن الرئيس جو بايدن "حاد عن هذا النهج"، في وقت سابق من هذا العام، مركزا بشكل أساسي على المدن الكبرى في محاولة لإصلاح مشاكله مع القاعدة الديمقراطية.

ويكشف تحليل حديث أجرته "بوليتيكو"، عن أن هاريس توجّه اهتمامها نحو "المناطق الجمهورية"، سواء في جولاتها الميدانية أو حملاتها الإعلانية، في تحول استراتيجي يسلط الضوء على نقاط قوتها الفريدة، ويبرز التحديات التي تواجهها مقارنة ببايدن، وفق المصدر ذاته.

ويظهر أن حملة هاريس أصبحت أقل تركيزا على تعزيز قاعدتها الديمقراطية التقليدية، متجاوزة الحاجة للانشغال بشكل مكثف بالمراكز الليبرالية الكبرى، مثل فيلادلفيا، التي طالما شكلت محور الحملات الديمقراطية السابقة.

وبدلا من ذلك، يرى فريقها أن الفرصة سانحة للتوسع بين شرائح متنوعة من الناخبين في البلدات الصغيرة والضواحي والمناطق الريفية التي تزورها حاليا، وخاصة بين الناخبين البيض الأكبر سنا، الذين يفتقر معظمهم للتعليم الجامعي.

ويوضح دان كانينين، مدير الولايات المتأرجحة في حملة هاريس، قائلا: "هناك شريحة من الناخبين تحتاج لمعرفة المزيد عن نائبة الرئيس، فهم لا يعرفونها كما عرفوا جو بايدن. مهمتنا هي سد هذه الفجوة المعرفية، وضمان فهمهم لشخصيتها، ومبادئها، وإدراكهم أنها تناضل من أجل جميع الأميركيين".

تقرير: أجندة هاريس الانتخابية "غامضة" وتضم "ثغرات" "غامضة" وتضم "ثغرات"، هكذا وصف تقرير لشبكة "إن بي سي نيوز" أجندة مرشحة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية، كامالا هاريس. رهان هاريس

وتبرز استراتيجية هاريس الجديدة بوضوح في بنسلفانيا، حيث كثفت جهودها بشكل ملحوظ. في جولة حافلة قبل المؤتمر الوطني الديمقراطي، زارت مناطق محافظة وريفية، بينما جال زميلها في الترشيح، تيم والز، في مقاطعات تقليدية جمهورية ومتأرجحة، وفقا للموقع.

وسعت هاريس نطاق نشاطاتها متجاوزة المناطق المفضلة لبايدن في فيلادلفيا، موجهة قدرا كبيرا من مواردها نحو مناطق أخرى في الولاية. إذ مثلا، فاق عدد زياراتها لغرب بنسلفانيا، خلال الأسابيع الستة الأولى، من حملتها ما قام به بايدن، طوال الأشهر الستة السابقة.

غير أن "بوليتيكو" تلفت إلى أنه كان لهاريس الأصغر من بايدن بأكثر من عقدين، الطاقة للحفاظ على جدول أعمال أكثر نشاطا يجوب الولايات المتأرجحة.

وجادل مساعدو المرشحة وبايدن بأن الاختلاف الحاصل في تحركاتهما خلال الحملة، يمكن تفسيره من خلال التقويم الانتخابي، إذ أنه في وقت مبكر من الحملة يجب على المرشحين الرئاسيين توحيد قاعدتهم، قبل أن يتحولوا لاحقًا إلى كسب أصوات الناخبين المتأرجحين، وكان بايدن سيذهب في النهاية إلى هذه الأماكن أيضا.

ويراهن فريق هاريس على كسب أصوات في المناطق المتأرجحة والريفية من خلال التركيز على قضايا مثل مكافحة التلاعب بالأسعار وخفض تكاليف الأدوية وقضايا الحقوق الإنجابية.

تواريخ هامة في سباق الرئاسة الأميركية 2024 يتواجه الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس الحالية الديمقراطية كاملا هاريس في انتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من نوفمبر.

ويرى خبير استطلاعات الرأي، بيروود يوست، أن هاريس عززت دعمها في المراكز الحضرية، لكنها تواجه تحديات في الضواحي، خاصة في المناطق التي يقطنها ناخبون بيض أكبر سنا.

وتقلل حملة ترامب من أهمية استراتيجية هاريس، مركزة على تعزيز دعمها في المناطق الريفين، مؤكدين على سياسات المرشح الجمهوري الداعمة للمزارعين وموقفه من الصين والتجارة كعوامل جذب للناخبين الريفيين والعمال.

المتحدثة باسم اللجنة الوطنية الجمهورية، آنا كيلي، تعتبر أن محاولات هاريس "متأخرة"، مشيرة إلى أن الناخبين الريفيين "تعبوا من خذلان الديمقراطيين لهم، وهم يصطفون لدعم الرئيس ترامب."

مايك كيلي، النائب الجمهوري وحليف لترامب يمثل جزءا من غرب بنسلفانيا، يرى أن جهود هاريس "تنم عن ضعف"، مؤكدا أن ترامب "أقرب لروح بيتسبرغ مما أعتقد أن نائبة الرئيس ستكون. أعتقد أنها تبدو كشخص من كاليفورنيا".

ورغم ذلك، توضح الصحيفة أن الاستراتيجية التي تعتمدها هاريس أظهرت نجاعتها مشيرة إلى تجربة فوز ديمقراطيين آخرين باستخدام نهج مماثل في انتخابات سابقة، إذ أن حاكم بنسلفانيا، جوش شابيرو، والسيناتور جون فيترمان، اعتمدا نفس المقاربة في انتخابات 2022، مع شعار "كل مقاطعة، كل صوت".

ويوضح نائب شابيرو، أوستن ديفيس، أن هاريس تتبع نفس الاستراتيجية الناجحة، مضيفا "عليك أن تجوب الولاية بأكملها وتشرك الجميع، وخاصة في الأماكن التي لا يسهل فيها أن تكون ديمقراطيا"، مضيفا "يمكنك أن تخسر هناك، لكن لا يمكنك أن تخسر بهامش كبير."

مقالات مشابهة

  • عاجل.. ترامب: بايدن ونائبته هاريس السبب في محاولة اغتيالي.. وإعلام أمريكي يكشف ما فعله المتهم داخل المحكمة
  • بايدن يؤكد حاجة جهاز الخدمة السرية الأميركي إلى مساعدة إضافية
  • بايدن: جهاز الخدمة السرية الأميركي يحتاج إلى مساعدة إضافية
  • عاجل. ترامب: خطاب بايدن وكامالا هاريس وراء إطلاق النار علي
  • بيتلجوس بيتلجوس يتصدر ولا تتحدث بالشر ينطلق بقوة في شباك التذاكر الأميركي
  • بعد محاولة اغتيال ترامب للمرة الثانية.. ما رد فعل الحزب الديمقراطي؟
  • خلال اجتماع.. الأمن المصري يعتقل 3 من أعضاء الحزب الديمقراطي الاجتماعي
  • ما قصة المواجهة بين "قطار ترامب" وحافلة "هاريس- بايدن"؟
  • العطوي‬⁩: ‏سبب استمرار حالة ⁧‫سالم الدوسري‬⁩ التزامه داخل وخارج الملعب .. فيديو
  • في جانب مهم.. هاريس تتبع استراتيجية حملة مختلفة عن بايدن