خطوة للاستعداد بشكل أفضل.. دراسة جديدة تكشف دور ثاني أكسيد الكربون في انفجار البراكين البازلتية
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
لطالما اعتقد علماء الجيولوجيا أن الماء -جنبا إلى جنب مع الصهارة الضحلة المخزنة في القشرة الأرضية- يدفعان البراكين إلى الانفجار. لكن الآن، وبفضل أدوات البحث المطورة حديثا في جامعة كورنيل الأميركية، أدرك العلماء أن غاز ثاني أكسيد الكربون يمكن أن يؤدي إلى ثوران بركاني.
ويشير بحث جديد إلى أن البراكين البازلتية، الموجودة عادةً في الجزء الداخلي من الصفائح التكتونية، تتغذى بواسطة صهارة عميقة داخل الوشاح، مخزنة على بعد حوالي 20 إلى 30 كيلومترا تحت سطح الأرض.
ونُشر البحث الذي يقدم صورة أوضح للديناميكيات والتكوين الداخلي العميق لكوكبنا، مع ما يترتب على ذلك من تحسين التخطيط للمخاطر البركانية؛ في السابع من أغسطس/آب الجاري في دورية "بروسيدنجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسز".
تغيير المفهوم السائدوقال "إستيبان جازيل" كبير مؤلفي الدراسة والأستاذ في قسم علوم الأرض والغلاف الجوي في جامعة كورنيل "لقد اعتدنا أن نعتقد أن كل الأحداث حدثت في القشرة الأرضية"، بينما "تشير بياناتنا إلى أن الصهارة تأتي مباشرة من الوشاح وتمر بسرعة عبر القشرة مدفوعة بمرحلة عملية ينفصل فيها غاز ثاني أكسيد الكربون عن السوائل الموجودة".
ويشير جازيل في البيان الصحفي المنشور على موقع "فيز دوت أورغ" إلى أن هذا يغير تماما من المفهوم السائد عن كيفية حدوث الانفجارات البركانية، والذي تسيطر فيه فكرة أن الماء هو المحرك الرئيسي للثوران، لكن الماء ليس له علاقة تذكر بهذه البراكين، لأن ثاني أكسيد الكربون هو الذي يجلب هذه الصهارة من أعماق الأرض.
وتبدأ قصة الوصول لتلك النتائج الجديدة منذ حوالي 4 سنوات حينما طور جازيل ومجموعته البحثية مقياسا لكثافة ثاني أكسيد الكربون عالي الدقة، واستخدموه لقياس العينات الطبيعية مثل الفقاعات الغنية بثاني أكسيد الكربون بحجم مجهري محاصرة في بلورات منبثقة من الانفجار البركاني، لتقديم تأريخ للصهارة.
وهذه التقنية الجديدة ضرورية للقيام بتقديرات دقيقة حول الوقت الفعلي لتخزين الصهارة، وقد تم اختبارها من قبل مجموعة جازيل خلال ثوران بركان في لاس بالماس بجزر الكناري خلال 2021.
علاوة على ذلك، طوّر العلماء طرقا لتقييم تأثير تسخين الليزر على شوائب غنية بثاني أكسيد الكربون وجدت مغموسة في البلورات، ولتقييم محتوى الذوبان وأحجام الفقاعات بدقة. كما طوروا طريقة إعادة تسخين تجريبية لزيادة الدقة وحساب ثاني أكسيد الكربون المحاصر على شكل بلورات كربونات داخل الفقاعات بشكل صحيح.
باستخدام هذه الأدوات الجديدة، فحص العلماء الرواسب البركانية من بركان فوغو في كابو فيردي، غرب السنغال في المحيط الأطلسي. ووجدوا تركيزا عاليا من المواد المتطايرة في شوائب الذوبان صغيرة الحجم المغطاة ببلورات سيليكات الحديد والمغنيسيوم. وتشير الكمية الأكبر من ثاني أكسيد الكربون الموجودة في البلورات إلى أن الصهارة كانت مخزنة عشرات الكيلومترات تحت السطح داخل وشاح الأرض. واكتشفت المجموعة أيضا أن هذه العملية مرتبطة بمصدر الوشاح العميق الذي يغذي هذه البراكين.
ويشير هذا إلى أن الانفجارات البركانية، مثل اندلاع فوغو البركاني، تبدأ وتتغذى من الوشاح، متجاوزة بشكل فعال التخزين في قشرة الأرض ويدفعها ثاني أكسيد الكربون العميق إلى الانفجار.
وتقول شارلوت ديفيتر -وهي من أعضاء المجموعة البحثية- "هذه الصهارة لها لزوجة منخفضة للغاية وتأتي مباشرة من الوشاح، لذلك هنا، لا يمكن أن تلعب اللزوجة والماء الأدوار الشائعة التي تؤديها في الأنظمة البركانية الضحلة أو الغنية بالسيليكا".
وبدلا من ذلك، في بركان فوغو، تم دفع الصهارة سريعا بواسطة ثاني أكسيد الكربون، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى دور مهم في سلوكها المتفجر. وهذه خطوة رئيسية في فهمنا للضوابط التي تتحكم في الانفجارات البازلتية.
يقول جازيل، إن فهم تخزين الصهارة يساعد على إعداد المجتمع بشكل أفضل للانفجارات المستقبلية، ونظرا لأن تخزين الصهارة العميقة لن يتم اكتشافه من خلال تشوه الأرض حتى يقترب الذوبان من السطح، فإن هذا له تداعيات مهمة على فهمنا للمخاطر البركانية.
ويضيف "من خلال القياسات الدقيقة التي تخبرنا أين تبدأ الانفجارات، وأين تذوب الصهارة وأين يتم تخزينها وما الذي يؤدي إلى اندلاع البركان؛ يمكننا تطوير خطة أفضل بكثير للانفجارات المستقبلية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ثانی أکسید الکربون إلى أن
إقرأ أيضاً:
مصر تسدد قرض الضبعة بالروبل الروسي.. خطوة اقتصادية جديدة تعكس تحولا في الشراكات الدولية
في خطوة تعكس تحولًا نوعيًا في العلاقات الاقتصادية بين مصر وروسيا، صدّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسميًا على ملحق الاتفاق المبرم مع القاهرة، الذي ينص على سداد قرض مشروع محطة الضبعة النووية بالروبل الروسي بدلًا من العملات الأجنبية التقليدية. هذا التحول لم يكن مجرد إجراء مالي، بل هو مؤشر على مسار جديد في السياسة الاقتصادية المصرية نحو تنويع الشراكات وتقليل الاعتماد على الدولار، في وقت يواجه فيه الاقتصاد العالمي تحديات متزايدة.
الضبعة النووية.. من الحلم إلى التنفيذ
يعود الاتفاق الأساسي بين مصر وروسيا إلى نوفمبر 2015، حين وُقِّع عقد إنشاء أول محطة طاقة نووية مصرية بمنطقة الضبعة في محافظة مطروح، بتمويل روسي ميسّر بقيمة 25 مليار دولار. المحطة، التي يتم تنفيذها من قبل شركة "روساتوم" الروسية، ستمثل نقلة نوعية في قطاع الطاقة المصري، حيث تضم أربعة مفاعلات من الجيل الثالث المطور (3+) باستطاعة إجمالية تصل إلى 4800 ميغاواط. ومن المقرر أن يبدأ تشغيل أول مفاعل في عام 2028.
من الدولار إلى الروبل
بحسب ما أعلنه نائب وزير المالية الروسي، فلاديمير كوليتشيف، فقد تم تعديل اتفاق سداد القرض في سبتمبر 2024، ليتحول إلى الروبل الروسي. هذا التغيير جاء نتيجة الصعوبات التي تواجهها القاهرة في سداد التزاماتها بعملات "غير مواتية"، وسط تقلبات أسواق الصرف العالمية وتحديات اقتصادية ضاغطة. وأوضح كوليتشيف أن مصر التزمت بسداد الأقساط المستحقة حتى بداية 2024، وتواصل حاليًا دفع الأقساط وفق الجدول المتفق عليه.
رأي خبير اقتصادي: فوائد متعددة لمصر
يرى الدكتور رمضان معن، أستاذ الاقتصاد بكلية إدارة الأعمال، أن هذه الخطوة تمثل دفعة قوية لمشروع محطة الضبعة، الذي يُعد أحد أبرز مشروعات الطاقة في مصر. ويؤكد أن الانتقال إلى السداد بالروبل يُسهم في تسريع وتيرة التنفيذ، ويقلّل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية مثل الوقود السائل والغاز الطبيعي، مما يعزز من تنوع مصادر الطاقة في البلاد.
كما أشار إلى أن التخلي عن الدولار في سداد الأقساط يُخفف الضغط على احتياطي النقد الأجنبي، ويُقلّل من الطلب على العملة الأمريكية، مما يساهم في استقرار سعر الصرف ويحدّ من التقلبات المرتبطة بالاحتياطي النقدي.
شراكة استراتيجية تمتد إلى المستقبلمن جانبه، يرى الدكتور معن أن هذه الترتيبات تعكس انسجامًا ماليًا قويًا بين مصر وروسيا، وقد تفتح الباب أمام اتفاقات مماثلة مع دول أخرى مثل الصين والهند. وأكد أن هذا يعزز من استقلالية القرار المالي المصري، ويمنح الاقتصاد الوطني مرونة أكبر في مواجهة الأزمات الدولية وسوق العملات العالمية.
تنويع سلة العملات.. سياسة اقتصادية جديدة
التحرك المصري يتماشى مع سياسة أشمل تنتهجها الدولة منذ فترة، تسعى من خلالها إلى تنويع سلة العملات المستخدمة في التعاملات الدولية. هذا التوجه يعكس إدراكًا متزايدًا لمخاطر الاعتماد المفرط على الدولار، خاصة مع تحركات البنك الفيدرالي الأمريكي التي كثيرًا ما تؤثر سلبًا على اقتصادات الأسواق الناشئة.
وبحسب معطيات رسمية، عززت مصر في العامين الماضيين تجارتها مع شركاء مثل الصين وروسيا والهند باستخدام العملات المحلية، وهي خطوة تساعد في امتصاص الصدمات الخارجية وحماية الاقتصاد من تقلبات أسواق المال العالمية.
قرار مالي بخلفية سياسية واقتصادية
يمثل سداد قرض الضبعة بالروبل الروسي قرارًا ماليًا مدروسًا، لكن صداه يتجاوز المعاملات البنكية إلى فضاء أوسع من الشراكات الجيوسياسية والاقتصادية. إنه تعبير عن مسعى مصري لتعزيز استقلال القرار الاقتصادي، وبناء علاقات دولية تقوم على التوازن والتنويع، وهو ما يفتح الطريق أمام مزيد من المشاريع الاستراتيجية الكبرى، بعيدًا عن القيود التي تفرضها هيمنة العملات الغربية.