هوامش ومتون :عاشقة جبال «وادي السحتن»
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
قبل مشاهدتي للفيلم العماني التسجيلي «مسافات طويلة» للمخرجين حمد القصابي وعلي البيماني، كنت قد قرأت وسمعت عن العدّاءة العمانية سعاد النصيبية، بطلة سباقات الركض الجبلي التي خرجتْ من قرية نائية تسكن جبال وادي السحتن بولاية الرستاق، ودخلت في منافسات مع عدّاءات عالميات بجهود فرديّة، ودعم من مدرّبها وزوجها سامي السعيدي، وإمكانات بسيطة، بعد أن كانت ترعى الأغنام في الجبال.
حكاية سعاد هي حكاية الفتاة العمانية المكافحة التي تجري مثل وعل برّي، متحدّية الصعاب، لتحقّق نتائج عالمية، كان آخرها فوزها بالمركز الأوّل في سباق نسوي، بعد مشاركة لها بسويسرا، وحين سألها الشاعر سماء عيسى في جلسة نظمها صالون سعيدة بنت خاطر، في النادي الثقافي، عن الفرق بين جبال عمان وجبال سويسرا، وأيّهما أكثر صعوبة؟ ظننتُ أنّها ستقول إنّ جبال سويسرا أسهل، لاسيّما مع اعتدال درجات الحرارة، وكثرة نزول الأمطار، واتّساع المساحات الخضراء، لكنّها أجابت: الفرق كبير، والجري أصعب، وهو يختلف باختلاف التضاريس، والأمكنة، مثلما رأت أن الجري على أرض صحراوية أكثر مشقة من الجري على أرض جبلية، ومن الجوابين عرفتُ مدى التصاقها ببيئتها الجبلية، التي صارت مألوفة، بالنسبة لها، ولأقدامها أكثر من أيّ مكان آخر، كما يخيّل لي، فعندما تجري، على جبال وادي (السحتن) حيث تحفُّ بها المراعي الطبيعية، والمواشي والأغنام التي كثيرا ما رعت بها، واستظلّت بأشجار السمر والسدر، هذه الأقدام بجريها تتكلّم (عماني)، تصحيفا لأغنية سيد مكاوي «الأرض بتتكلّم عربي»، وهي أقدام صارت تتفاهم مع تضاريس الجبال العمانيّة، فالصخور تتناغم مع حركتها، كما رأينا في فيلم (المسافات الطويلة)، الذي جرى عرضه في تلك الجلسة، وشاهدناها وهي تجري في أحضان الوادي الذي تكثر به الكتابات الصخرية، والرسومات، والنقوش الأثرية التي يعود تاريخها إلى الألف الثالثة قبل الميلاد، ومنها ما هو حديث نوعا ما حيث يعود تاريخه إلى الألف الأول قبل الميلاد، من هذا المكان، خرجت سعاد، وهذا لن يحدث في جبال سويسرا، وقد نطقت الصورة بذلك وشرحت أبعاد تلك العلاقة الناشئة بينها والمكان، في الفيلم الذي فاز بجائزة النخلة الذهبية للفيلم الخليجي في فئة «الأفلام الوثائقية» في الدورة التاسعة لمهرجان (أفلام) السعودية، وهو من إنتاج شركة خط للأفلام، مثلما تحدّث الفيلم عن مشوارها مع رياضة الجري، التي كانت تحصيل حاصل بالنسبة لها، فرعي الأغنام جعلها سريعة الحركة، قادرة على تحمّل السير لمسافات طويلة، وحين أتيحت لها فرصة المشاركة في أحد السباقات، نالت المركز الأول ولفتت أنظار زميلها العداء سامي السعيدي، بعد أن حقّقت نتائج جعلتها مؤهلة للمشاركة في سباقات دولية، لتصبح بطلة في السباقات الطويلة، لمسافات تصل إلى سبعين كيلومترا، بما يؤكد القدرات التي يمتلكها الشباب العماني ودور الرعاية والدعم في إظهار قدراته، إذ تجعله قادرا على دخول المنافسات، وتأكيد حضورهم في المحافل الدولية، دون أن يغرب عن ذاكرتها مشوار الألف الذي بدأ بخطوة، تلك الخطوة تمثّلت برحلة من قرية (وكان) بين صخور الجبل على الأقدام، مرورا بـ(نخل) وصولا إلى (سيق) في الجبل الأخضر بعد قطع مسافة استمرت ست ساعات.
يقول الشاعر سماء عيسى عن سعاد عاشقة الجبال كما أسماها «قدّمت سعاد راعية الغنم، لنا نموذج التجاوز، والبحث الدائم عن آفاق حياة جديدة هي ما يولد من أعماقنا، يتحدث بشفافية صادقة سامي السعيدي مدرب وزوج العداءة، قائلا إن سعاد تمتلك إمكانيات مكبوتة وعلينا أن نفجّرها، ونخرجها من قيود الذات إلى الفضاء الرحب، في الوقت الذي تضيف فيه سعاد قائلة، لطالما ردّدوا أنّ المرأة العمانية ليست قادرة على العمل الإيجابي، وأنّها دوما أسيرة سلبياتها، وأنا الآن أثبت لهم عدم صحة هذه الفرضية الخاطئة، المرأة العمانية قادرة دوما على تحقيق الانتصارات في ميادين الحياة المختلفة».
وقد نجحت العدّاءة سعاد في إثبات ذلك، عندما قدّمت نموذجا لامرأة عشقت الجبال، فأعطتها شهادات تميّز، وميداليات وأوسمة دولية.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
هل يجوز تجسيد شخصية معاوية في مسلسل درامي؟.. سعاد صالح توضح
ردّت الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، على الجدل المثار حول مسلسل "معاوية" بسبب تجسيده لشخصيات الصحابة.
وقالت سعاد صالح خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية نهال طايل في برنامج "إحنا لبعض" المذاع على قناة "صدى البلد"، إن هناك شخصيات من الصحابة كانوا قريبين من النبي صلى الله عليه وسلم، مثل العشرة المبشرين بالجنة، وهؤلاء يُحرم أن يتشبه بهم أي شخص، مهما كان.
وأضافت أن هناك شخصيات أخرى عاصرت الرسول صلى الله عليه وسلم، مثل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، يجوز تجسيدها، مشيرة إلى أن معاوية كان شخصية سياسية، لم يلجأ إلى السلم، بل اعتمد على الحرب والخداع.
وتابعت قائلة: "من حيث المبدأ، لا مانع من تجسيد بعض الصحابة، ولكن المشكلة أن ذلك قد يؤدي إلى فتنة بين السنة والشيعة، خاصة أن الشيعة لا ينسون ما فعله معاوية بالإمام الحسين رضي الله عنه، وما ترتب عليه من انقسام المسلمين إلى سنة وشيعة وخوارج".
وأكدت أن أول تفرقة حدثت بين المسلمين كانت على يد معاوية رضي الله عنه، مشيدة بموقف الأزهر الشريف الذي رفض المسلسل حرصًا على عدم إثارة الفتنة.
واختتمت: «نحن الأن نحتاج لتوحيد الصفوف، والقضاء على الفتنة الدينية، وأناضد مسلسل معاوية، وضد ظهور الصحابة وتجسيدهم، لأن الصحابي له مكانته، وأيًا كان الممثل الذي يُجسده سيكون مسخ للصحابي ونتحفظ عليه، وهذا من باب حفظ مكانة صحابة الرسول».