لجريدة عمان:
2024-11-15@17:56:00 GMT

هوامش ومتون :عاشقة جبال «وادي السحتن»

تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT

قبل مشاهدتي للفيلم العماني التسجيلي «مسافات طويلة» للمخرجين حمد القصابي وعلي البيماني، كنت قد قرأت وسمعت عن العدّاءة العمانية سعاد النصيبية، بطلة سباقات الركض الجبلي التي خرجتْ من قرية نائية تسكن جبال وادي السحتن بولاية الرستاق، ودخلت في منافسات مع عدّاءات عالميات بجهود فرديّة، ودعم من مدرّبها وزوجها سامي السعيدي، وإمكانات بسيطة، بعد أن كانت ترعى الأغنام في الجبال.

حكاية سعاد هي حكاية الفتاة العمانية المكافحة التي تجري مثل وعل برّي، متحدّية الصعاب، لتحقّق نتائج عالمية، كان آخرها فوزها بالمركز الأوّل في سباق نسوي، بعد مشاركة لها بسويسرا، وحين سألها الشاعر سماء عيسى في جلسة نظمها صالون سعيدة بنت خاطر، في النادي الثقافي، عن الفرق بين جبال عمان وجبال سويسرا، وأيّهما أكثر صعوبة؟ ظننتُ أنّها ستقول إنّ جبال سويسرا أسهل، لاسيّما مع اعتدال درجات الحرارة، وكثرة نزول الأمطار، واتّساع المساحات الخضراء، لكنّها أجابت: الفرق كبير، والجري أصعب، وهو يختلف باختلاف التضاريس، والأمكنة، مثلما رأت أن الجري على أرض صحراوية أكثر مشقة من الجري على أرض جبلية، ومن الجوابين عرفتُ مدى التصاقها ببيئتها الجبلية، التي صارت مألوفة، بالنسبة لها، ولأقدامها أكثر من أيّ مكان آخر، كما يخيّل لي، فعندما تجري، على جبال وادي (السحتن) حيث تحفُّ بها المراعي الطبيعية، والمواشي والأغنام التي كثيرا ما رعت بها، واستظلّت بأشجار السمر والسدر، هذه الأقدام بجريها تتكلّم (عماني)، تصحيفا لأغنية سيد مكاوي «الأرض بتتكلّم عربي»، وهي أقدام صارت تتفاهم مع تضاريس الجبال العمانيّة، فالصخور تتناغم مع حركتها، كما رأينا في فيلم (المسافات الطويلة)، الذي جرى عرضه في تلك الجلسة، وشاهدناها وهي تجري في أحضان الوادي الذي تكثر به الكتابات الصخرية، والرسومات، والنقوش الأثرية التي يعود تاريخها إلى الألف الثالثة قبل الميلاد، ومنها ما هو حديث نوعا ما حيث يعود تاريخه إلى الألف الأول قبل الميلاد، من هذا المكان، خرجت سعاد، وهذا لن يحدث في جبال سويسرا، وقد نطقت الصورة بذلك وشرحت أبعاد تلك العلاقة الناشئة بينها والمكان، في الفيلم الذي فاز بجائزة النخلة الذهبية للفيلم الخليجي في فئة «الأفلام الوثائقية» في الدورة التاسعة لمهرجان (أفلام) السعودية، وهو من إنتاج شركة خط للأفلام، مثلما تحدّث الفيلم عن مشوارها مع رياضة الجري، التي كانت تحصيل حاصل بالنسبة لها، فرعي الأغنام جعلها سريعة الحركة، قادرة على تحمّل السير لمسافات طويلة، وحين أتيحت لها فرصة المشاركة في أحد السباقات، نالت المركز الأول ولفتت أنظار زميلها العداء سامي السعيدي، بعد أن حقّقت نتائج جعلتها مؤهلة للمشاركة في سباقات دولية، لتصبح بطلة في السباقات الطويلة، لمسافات تصل إلى سبعين كيلومترا، بما يؤكد القدرات التي يمتلكها الشباب العماني ودور الرعاية والدعم في إظهار قدراته، إذ تجعله قادرا على دخول المنافسات، وتأكيد حضورهم في المحافل الدولية، دون أن يغرب عن ذاكرتها مشوار الألف الذي بدأ بخطوة، تلك الخطوة تمثّلت برحلة من قرية (وكان) بين صخور الجبل على الأقدام، مرورا بـ(نخل) وصولا إلى (سيق) في الجبل الأخضر بعد قطع مسافة استمرت ست ساعات.

يقول الشاعر سماء عيسى عن سعاد عاشقة الجبال كما أسماها «قدّمت سعاد راعية الغنم، لنا نموذج التجاوز، والبحث الدائم عن آفاق حياة جديدة هي ما يولد من أعماقنا، يتحدث بشفافية صادقة سامي السعيدي مدرب وزوج العداءة، قائلا إن سعاد تمتلك إمكانيات مكبوتة وعلينا أن نفجّرها، ونخرجها من قيود الذات إلى الفضاء الرحب، في الوقت الذي تضيف فيه سعاد قائلة، لطالما ردّدوا أنّ المرأة العمانية ليست قادرة على العمل الإيجابي، وأنّها دوما أسيرة سلبياتها، وأنا الآن أثبت لهم عدم صحة هذه الفرضية الخاطئة، المرأة العمانية قادرة دوما على تحقيق الانتصارات في ميادين الحياة المختلفة».

وقد نجحت العدّاءة سعاد في إثبات ذلك، عندما قدّمت نموذجا لامرأة عشقت الجبال، فأعطتها شهادات تميّز، وميداليات وأوسمة دولية.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

جلسة حوارية بظفار تستعرض دور الحرف الظفارية في صناعة الهوية العمانية

أقيمت مساء أمس بمجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه بصلالة جلسة حوارية بعنوان «الحرف الظفارية في صناعة الهوية العمانية» التي نظّمتها الجمعية العمانية للكتاب والأدباء فرع محافظة ظفار بالتعاون مع مجلس إشراقات ثقافية بحضور الدكتور سعيد بن بخيت بيت مبارك رئيس مجلس إدارة الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بظفار والعديد من الكتاب ورائدات الأعمال.

تضمنت الجلسة عدة فقرات بدأت بافتتاح معرض الفن التشكيلي لمبادرة ارتقاء التي شارك به العديد من الفنانات التشكيليات حيث أبرزت أعمالهم الفنية هوية المجتمع العُماني وتاريخه والموروث الفني والحرفي ثم ألقى كلمة الجمعية عمار بن سعيد فاضل أمين سر الجمعية بمحافظة ظفار حيث أكد خلالها على أهمية الشراكة والتكامل بين الجهات المختلفة لتعزيز الحراك الثقافي في المحافظة وأشار إلى ضرورة إبراز وتوثيق التراث المادي وغير المادي عبر مختلف مجالات الاشتغال الثقافي لما له من أثر في تعزيز المواطنة وحفظ الموروث الوطني إضافة إلى الأهمية الاقتصادية للحرف التقليدية كقيمة محلية مضافة وعامل جذب سياحي يدعم الاقتصاد المحلي.

بعد ذلك قدّم الدكتور أحمد بن سالم بالخير ورقة عمل بعنوان «ألحان المهن الحرفية» ورحلة في الغناء الشعبي المصاحب للحرف اليدوية حيث أوضح من خلالها أن لكل مجتمع موروثه الفني الشعبي وسلطنة عُمان تتمتع بالتنوع التراث الشعبي نظرًا لتنوع محفاظات السلطنة حيث الطبيعة الجغرافية وعرض مثالًا لذلك فن «الدان» الذي كان يختص بالجنائز وفن «الهيريابوه» من الفنون البحرية الذي يعتمد على الآلات الموسيقية ويقام عند تأخر السفن في البحر، كما تطرق لبعض الفنون التي تشتهر بها صور مثل فن «الشوباني» الذي يستخدم أثناء تأدية البحارة أعمالهم في البحر وخاصة السفن الكبيرة التي تسير في البحر مدة طويلة، وأكد أن الحفاظ على التراث الشعبي يعتبر حفاظًا على الهوية الشخصية وينبغي ذلك برغم التغيرات التي تحيط بالمجتمع في هذا العصر.

ثم بعد ذلك أقيمت الجلسة الحوارية حول الصناعات التقليدية التي أدارتها منى بنت العبد يسلم الحضرمية وشارك بها كل من الدكتورة فاطمة بنت أحمد الراعية رئيسة لجنة صاحبات الأعمال بمحافظة ظفار وشيماء بنت أجهام الراعية متخصصة في صناعات اللبان العُماني وحنان بنت موسى البلوشية متخصصة في صناعة الفخار حيث أوضحت الدكتورة فاطمة الراعية أهمية الصناعات الحرفية التقليدية بمحافظة ظفار وعن بدايتها مع صناعة البخور والعطور وريادة الأعمال حيث تعلمت الصناعات الحرفية عن طريق المنزل لممارسة بعض الأهل لبعض تلك الصناعات، كما أكدت على مساهمة الحرف اليدوية والصناعات التقليدية في دعم الاقتصاد الوطني حيث إن العمل الحرفي يحافظ على الهوية العُمانية بمواصفات عالمية ويساهم في رفع الاقتصاد وكذلك الحفاظ على خطوات التجارة التي توصل للنجاح منها الإتقان والاستمرارية والتركيز على عنصر واحد للتجارة وكذلك التنسيق مع الجهات المتخصصة يساهم في نجاح المشروع.

وتحدثت حنان البلوشية عن صناعة الفخار ومواكبة التطور التكنولوجي في الصناعة حيث يتم التوازن بين الحداثة والتقليدية في صناعة الفخاريات، وأكدت أن المشاركات الخارجية أضافت لها حيث فتحت المجال لإبراز الصناعات التقليدية العمانية خارجيًا.

كما أوضحت شيماء الراعية أن العمل في صناعة منتجات اللبان له إيجابيات كثيرة منها تطور الذات والبحث والمعرفة والدراسة وأهميته الكبيرة في إثبات الذات والسعي للرقي والنجاح.

مقالات مشابهة

  • جلسة حوارية بظفار تستعرض دور الحرف الظفارية في صناعة الهوية العمانية
  • 93 متسلقًا عالميًا يتنافسون على لقب “نيوم ماسترز لرياضة التسلق” في جبال “بجدة”
  • نقل تجربة الأحساء في الري الحديث لـ «موارد المياه العمانية»
  • «أجكال».. شجرة نادرة تنمو فوق قمم الجبال وتقاوم الانقراض
  • سفير فرنسا : ملتزمون بالمساهمة في تنمية جهة الداخلة وادي الذهب
  • إنقاذ مواطناً أصيب نتيجة سقوطه في أحد جبال رأس الخيمة
  • منخفض جوي سيسيطر على لبنان.. استعدوا للطقس العاصف والماطر
  • ما الذي نعرفه عن المقاتلات الأمريكية التي تقصف الحوثيين لأول مرة؟
  • هوامش على سيرة تحالف
  • الوكالة الدولية للطاقة تحذر من تقلص هوامش حيال الملف النووي الإيراني