في الجزء الأول من سلسلة "رقصة الصحة والسياسة: رحلة البحث"، استكشفنا العلاقة بين السياسة والصحة وتأثيرها على النظم الصحية. في هذا الجزء الثاني، نركز على تأثير الإيديولوجيا وكيفية تعقيدها لتطوير القطاع الصحي، مع إلقاء الضوء على تجربة السودان كنموذج. سنبحث كيف تشكل الأفكار الإيديولوجية سياسات الصحة وتؤثر على تقديم الرعاية، محاولين فهم كيفية التوفيق بين المبادئ المختلفة في نظام صحي يعاني من تحديات معقدة.


مقدمة
عندما بدأت رحلتي في مجال الرعاية الصحية في السودان قبل عشر سنوات، كنت أؤمن بشدة أن جميع السياسيين في الدول النامية، بما في ذلك السودان، يجتمعون حول هدف مشترك وهو تطوير القطاع الصحي. كان لدي قناعة راسخة بأن تحسين الرعاية الصحية هو مصلحة مشتركة لا جدال فيها. لكن مع مرور الوقت، أدركت أن هذه النظرة كانت مبسطة وساذجة. فالواقع أكثر تعقيداً؛ حيث يمكن أن تؤدي المكاسب السياسية والصراعات الإيديولوجية إلى تأخير ملحوظ وإلحاق أضرار مباشرة بالقطاع الصحي. إن تضارب الأفكار والعقليات في المجال الصحي قد يكون له آثار مدمرة، وغالباً ما يبدو التوفيق بين الأيديولوجيات المختلفة ضمن منظومة صحية واحدة أمراً مستحيلاً. في هذا المقال، سنستعرض كيف تؤثر الإيديولوجيا على القطاع الصحي، مع التركيز على السودان كنموذج.
ما هي الإيديولوجيا؟
الإيديولوجيا هي مجموعة من المعتقدات والمبادئ التي تشكل أساساً لنظام سياسي أو اجتماعي معين. في مجتمعاتنا، غالباً ما تُستخدم الإيديولوجيا كأداة للتنفير من الأفكار المعارضة أو لتجريم الجماعات والأحزاب المختلفة. ومع ذلك، كما يشير د. عمار علي حسن، الهروب من الإيديولوجيا أمر بالغ الصعوبة، وما يمكن فعله بدلاً من ذلك هو تفكيك أبنيتها وفهم تأثيراتها.
الإيديولوجيات السياسية تختلف بشكل كبير في توجهاتها نحو الرعاية الصحية:
• الرأسمالية: تركز على الحرية الفردية وتدعم دور السوق الحرة في تقديم الخدمات الصحية. في النظم الليبرالية، مثل الولايات المتحدة، تُقدم الرعاية الصحية من خلال شركات التأمين الخاصة، مما يؤدي إلى تفاوت في الوصول إلى الرعاية بناءً على القدرة المالية.
• الرعاية الاجتماعية: ترفض الفردية وتتعامل مع المجتمع ككيان واحد. في نظم الرعاية الاجتماعية، مثل السويد، تُقدم الرعاية الصحية للجميع دون النظر إلى القدرة المالية، مما يساهم في تحقيق المساواة في الوصول إلى الرعاية الصحية.

تأثير الإيديولوجيا على النظم الصحية
تلعب الإيديولوجيا دوراً مباشراً في تشكيل سياسات الصحة، وتنعكس آثارها على عدة جوانب:
• التخصيص المالي: في النظم التي تعتمد على السوق الحرة، تُوجه الموارد نحو التخصصات الطبية التي تحقق الأرباح، مما قد يؤدي إلى إهمال بعض الجوانب الأساسية للرعاية الصحية. على الجانب الآخر، في النظم التي تدعم الرعاية الصحية الشاملة، يتم تخصيص الموارد بشكل أكبر للرعاية الأولية والوقائية، مما يعزز من الصحة العامة.
• تأثيرات على برامج الصحة العامة: تؤثر الإيديولوجيا أيضاً على كيفية التعامل مع الأزمات الصحية وتطوير برامج التوعية. في بعض الدول التي تعتمد سياسات اجتماعية، تكون الاستجابة للأزمات الصحية مثل الأوبئة أكثر تنظيماً وشمولية، حيث تلتزم الدولة بمسؤولياتها تجاه جميع المواطنين. بينما في الدول ذات السياسات الرأسمالية، قد تكون الاستجابة أقل تنسيقاً وتعتمد بشكل أكبر على القرارات المحلية، مما قد يؤدي إلى تفاوت في كفاءة الاستجابة بين المناطق المختلفة.
لست هنا لأغوص في أعماق مفاهيم الإيديولوجيا بقدر ما أهدف إلى تسليط الضوء على تأثير التضاد الإيديولوجي على الصحة العامة. قد يبدو للقارئ، للوهلة الأولى، أن الأيديولوجيا الصحية التي تُعنى بتوفير رعاية صحية مجانية وشاملة للجميع هي الخيار الأمثل والبديهي. هذه الشعارات البراقة تُستخدم بشكل متكرر من قِبل الساسة في الحملات الانتخابية أو في معارضة السلطة القائمة. لكن، الواقع يثبت أن هذه الشعارات غالبًا ما تتعرض للفشل الذريع عند مواجهتها لتحديات الأنظمة الصحية في البلدان المشابهة للسودان.
في فترات التغيير والانتقال، كان المسؤولون في السودان يلجأون إلى استخدام لغة شعبوية في مناقشات الصحة، تلامس آمال المواطنين وتستغل شعارات مثل "الصحة للجميع" و"محاربة مافيا الدواء" و"محاربة الخصخصة". ولكن، ومع ذلك، لم تكن هذه الشعارات قادرة على الصمود أمام أبسط التحديات الصحية. وعلى الرغم من أن نظم الرعاية الاجتماعية في الدول المتقدمة تنجح في ربط شعاراتها السياسية الخدمية بسياسات الدولة وأفعالها، إلا أنها لا تزال تعاني من تأخر في تقديم الخدمات العلاجية غير الأساسية، فضلاً عن عدم قدرتها على تغطية تكاليف أساليب العلاج الحديثة والتكنولوجيا، بالرغم من امتلاكها لتغطية مالية كبيرة وأنظمة ضريبية فعالة.
على الجانب الآخر، وعلى الرغم من تميز الأنظمة الصحية التي تتبنى الإيديولوجيا الرأسمالية في البحث العلمي وسرعة تقديم الخدمات الصحية الحديثة لمن تشملهم التغطية، إلا أنها تعاني من تفاوتات كبيرة وعدم مساواة في توفير الرعاية الصحية. يُعرف المعسكر الآخر، الذي يتبنى مفهوم الرعاية الاجتماعية، هذه التفاوتات بأنها عيوب هيكلية متأصلة في النظام الرأسمالي، ولا يمكن إصلاحها بسهولة. ويرى أن السوق الحرة بطبيعتها تخلق فجوات في تقديم الخدمات، حيث يتم توجيه الرعاية الصحية بناءً على القدرة المالية وليس الحاجة الصحية، مما يؤدي إلى ترك فئات معينة من المجتمع تعاني من نقص في الرعاية الضرورية.

نقاط التلاقي
يبقى السؤال الذي يزعجني باستمرار: كيف يمكن للإيديولوجيات المتضاربة أن تتعاون ضمن منظومة صحية واحدة، حتى وإن كانت هذه المنظومة تعاني من الفشل كما هو الحال في السودان؟ وكيف يمكن تحقيق ذلك دون اللجوء إلى الأساليب السياسية المعتادة؟ وما هي الطرق لتوحيد الأهداف والمصالح المختلفة لتحقيق أقصى استفادة من النظام الصحي لخدمة الصحة العامة بفعالية؟

استحالة قيادة الإيديولوجيا الواحدة للمنظومات الصحية
هذا الاصطدام الأيديولوجي في مجال الصحة لا يبدو بالحدة ذاتها مقارنةً بالمجالات الأخرى، نظرًا للخصوصية التي تتمتع بها الصحة والتي تجعلها متميزة. حتى في أعظم النظم الرأسمالية، مثل الولايات المتحدة، لا تزال هناك تحديات في تقديم الرعاية الصحية للجميع، مما يدفعها إلى تبني برامج تكافلية واجتماعية مثل "Medicare" و"Medicaid". هذه البرامج تمثل استجابة من النظام الرأسمالي لتعويض النواقص والتفاوتات الصحية التي تعترضه. وعلى الجانب الآخر، نجد أن الأنظمة الصحية في دول الرعاية الاجتماعية، مثل السويد وبريطانيا، قد اضطرت في بعض الأحيان إلى خصخصة بعض الخدمات المساعدة لتقليل التكاليف وسد العجز في الموازنات. وفي السودان، الذي يعاني من نسبة إنفاق مرتفعة جداً من جيوب المواطنين على الخدمات الصحية، حيث تتجاوز 75٪ سنوياً، حاولت الدولة مواجهة هذه التفاوتات الصحية من خلال برامج دعم المرضى. بينما اعتمدت الأنظمة الصحية في دول مثل كوريا الجنوبية وكندا على سياسات هجينة تجمع بين مفاهيم الرعاية الاجتماعية وتوازن بين الربحية ومبادئ الرأسمالية.
بناءً على هذه التجارب، يتضح أن النظامين الصحيين - الرأسمالي والاجتماعي - لا يمكنهما الاستمرار بشكل مستقل دون استعارة أو دمج بعض أدوات الإيديولوجيات الأخرى، مع الحفاظ على مبادئهما الأساسية. نظريًا، يبدو من السهل تلاقي هذه الإيديولوجيات ضمن نظام صحي واحد، حيث لا يظهران على طرفي نقيض بشكل صارم.
لكن عمليًا، وخصوصًا في الدول التي تعاني من اضطرابات مزمنة كالسودان، يصعب تحقيق هذا التلاقي بين الإيديولوجيات، وغالبًا ما يكون الصراع بينهما أشد حدة مما يبدو في النظرية. فذاكرة النظام الصحي السوداني تتضمن فصولاً ممتدة من الرعاية الاجتماعية التي خلفها الاستعمار الإنجليزي، والتي استهدفت الفئات المنتجة والمتعلمة التي كانت لفترات طويلة تمثل الفئات الفاعلة سياسيًا ومؤثرة على المواطنين. هذه الذاكرة كانت مصاحبة لنضال الأطباء والكوادر الصحية، الذين اعتبروا الخدمة الصحية حقًا للجميع واهتموا بالمريض دون النظر للتكاليف أو الصحة كمفهوم كلي. تلك المبادئ الأصيلة في الصحة ارتبطت بشكل وثيق بالتيارات اليسارية والاشتراكية، التي أثرت على العديد من الأطباء خلال فترة المد الشيوعي والعمل النقابي. هذا الارتباط يظهر الصراع بين المبادئ اليسارية والإدارة الحديثة للصحة كمصدر للتوتر والتحديات في تطور النظام الصحي.
شهدنا لاحقًا تحولات جذرية أدت إلى اعتماد الأنظمة الصحية في المنطقة بشكل متزايد على المنح والمعونات الخارجية. هذا الاعتماد المفرط على الدعم الخارجي أسفر عن تباطؤ ملحوظ في تطوير الأنظمة الصحية وتحسين أدائها، حيث أصبحت الاستراتيجيات والخطط الصحية تُصاغ وفقًا لأجندات المانحين، مما دفع لوضع سياسات تركز على جذب التمويلات بدلاً من تلبية الاحتياجات المحلية الفعلية. ونتيجة لذلك، شهدت عقلية الفاعلين في القطاع الصحي تحولات جوهرية أثرت على نظرتهم الشاملة للصحة ودورهم في تحقيق التنمية المستدامة.
يمكننا وصف هذه التحولات بأنها توليد لأيديولوجيا جديدة، يمكننا أن نطلق عليها مجازًا "أيديولوجيا المنظمات الأممية للصحة". وفي حالة النظام الصحي السوداني، تستوجب هذه الأيديولوجيا تناولها في مقال منفصل قادم، حيث سنستعرض كيف أثرت هذه الديناميات على النظام الصحي وكيف يمكن أن يكون لها تداعيات بعيدة المدى على مستقبل الرعاية الصحية في البلاد.

ختاما، الجمود الأيديولوجي بين الفاعلين في الصحة جعل من الصعب دمج الذاكرة والإرث التاريخي ضمن النظم الصحية الحديثة التي نشأت نتيجة التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكبرى. هذا الوضع يتطلب من جميع المعنيين أن يعملوا ضمن النظام الصحي القائم بذكاء، دون إلغاء الأيديولوجيات والأفكار، ولكن بالاتفاق على الحد الأدنى الضروري لخدمة الصحة العامة. من الضروري أيضًا التفريق بين ما هو تكتيكي وما هو استراتيجي لتحقيق توازن فعّال ضمن هذا السياق المعقد.
والجواب قد يكون في خلق حوار مفتوح وشفاف بين جميع الأطراف المعنية، مع التركيز على الأهداف المشتركة مثل تحسين صحة المواطنين وتقديم الرعاية الصحية المتساوية للجميع. يمكن أن يكون هناك توازن بين المبادئ الرأسمالية التي تشجع على الابتكار والكفاءة وبين المبادئ الاجتماعية التي تهدف إلى تحقيق العدالة والمساواة في تقديم الخدمات الصحية. ولكن لتحقيق ذلك، يتطلب الأمر إرادة سياسية قوية، وفهماً عميقاً لاحتياجات النظام الصحي، والتزاماً حقيقياً من جميع الأطراف بتقديم الرعاية الصحية كأولوية وطنية فوق أي اعتبارات أيديولوجية.

عبدالمنعم السر حسن حميدة

dr.abdelmonim@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الرعایة الاجتماعیة الأنظمة الصحیة فی فی تقدیم الخدمات الخدمات الصحیة الرعایة الصحیة تقدیم الرعایة القطاع الصحی الصحة العامة النظم الصحیة النظام الصحی بین المبادئ فی السودان فی الدول یؤدی إلى تعانی من التی ت

إقرأ أيضاً:

رئيس الرعاية الصحية: استمرار رفع درجة الاستعداد في 302 منشآة

عقد الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية والمشرف العام على مشروع التأمين الصحي الشامل، اجتماعًا عبر تقنية الزووم لمتابعة استعدادات التأمين الطبي للاحتفالات في محافظات تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل، وذلك اتساقًا مع خطة وزارة الصحة والسكان لتوفير الرعاية الصحية المتكاملة للمواطنين خلال الاحتفالات، بما يعزز سلامتهم وصحتهم.

وأكد الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية والمشرف العام على مشروع التأمين الصحي الشامل، استمرار رفع درجة الاستعداد في 302 منشأة صحية تابعة للهيئة بمحافظات المرحلة الأولى لتطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل "بورسعيد، الأقصر، الإسماعيلية، جنوب سيناء، أسوان، السويس"، مع تعزيز تواجد الأطقم الطبية في أقسام الطوارئ والحالات الحرجة، مشيرًا إلى انعقاد غرف الأزمات والطوارئ على مدار الساعة لضمان الاستجابة السريعة لأي طارئ وتوفير أعلى مستويات الخدمة الطبية.

وأضاف السبكي، أن خدمات الطوارئ تقدم ضمن منظومة متكاملة تعمل على مدار الساعة، من خلال مسارات علاجية محددة تضمن تسريع الخدمة وتوفير بيئة آمنة وهادئة للمرضى، مؤكدًا أن "خدمات الطوارئ خط أحمر ولا تهاون في تقديم الرعاية اللازمة للمرضى في مختلف الظروف".

وأوضح السبكي، أن الهيئة قدمت أكثر من 9 ملايين خدمة طوارئ منذ انطلاق منظومة التأمين الصحي الشامل في عام 2019 وحتى الآن، استفاد منها أكثر من 5.9 مليون حالة تردد على أقسام الاستقبال والطوارئ بالمنشآت الصحية التابعة للهيئة، مما يعكس حجم الجهود المبذولة لضمان صحة وسلامة المواطنين.

وأشار السبكي، إلى أن الهيئة تمتلك 35 مستشفى ومجمع طبي في 6 محافظات تشملها المرحلة الأولى من منظومة التأمين الصحي الشامل، جميعها مجهزة بأحدث التقنيات الطبية لدعم خدمات الطوارئ، بما يسهم في تقديم خدمات صحية متكاملة تلبي احتياجات المواطنين بكفاءة وجودة عالية.

وأكد السبكي، أن الهيئة تولي اهتمامًا كبيرًا بتأهيل الكوادر الطبية من خلال برامج تدريبية مستمرة لضمان تحقيق أعلى معايير الجودة في خدمات الطوارئ، مع توحيد وتنميط العمل داخل أقسام الطوارئ بالمنشآت الصحية، والتأكد من الالتزام بتقديم أفضل الخدمات الصحية لتحقيق أعلى معدلات رضاء المواطنين.

واختتم الدكتور السبكي، تصريحاته، بالتأكيد على أن الهيئة ملتزمة بمواصلة جهودها لتوفير خدمات صحية شاملة وآمنة، خاصة خلال الفترات التي تشهد كثافة في الاحتفالات والتجمعات، وذلك في إطار رسالتها لتقديم نموذج رائد للرعاية الصحية بمصر.

مقالات مشابهة

  • وباء الإنفلونزا يجتاح أوروبا ويضع أنظمة الرعاية الصحية تحت ضغط هائل
  • موعد عرض الموسم الثاني من مسلسل «ساعته وتاريخه»
  • العدو الصهيوني يحرم 40 ألف فلسطيني من الرعاية الصحية شمال غزة بعد تدمير المستشفيات
  • مصير الجزء الثاني من مسلسل «أرض النفاق».. محمد هنيدي يكشف التفاصيل
  • رئيس الرعاية الصحية: استمرار رفع درجة الاستعداد في 302 منشآة
  • الاحتلال يواصل تدمير مستشفيات غزة ويحرم 40000 فلسطيني من الرعاية الصحية
  • شيخ الأزهر يوجه برعاية حالة الأم الملهمة «زينب الشربيني» وتوفير الرعاية الصحية
  • الجزء الثاني من كتاب شياطين الحلف المقدس .. 2( حورية بديلة )
  • حصاد إنجازات الرعاية الصحية بمنظومة التأمين الصحي الشامل خلال 5 سنوات
  • رئيس "الرعاية الصحية" يطمئنن على استمرار كفاءة منظومة التأمين الصحي الشامل