سودانايل:
2025-03-19@22:19:15 GMT

الصراع على السلطة في السودان ومستقبل المتصارعين

تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT

الصراع الحالي في السودان بين القوات المسلحة السودانية (الجيش) وقوات الدعم السريع يُعدّ صراعًا مركبًا ينطوي على أبعاد داخلية وخارجية معقدة. بينما يدور الصراع على السلطة بين الجنرالين عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش، ومحمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع، فإن التدخلات الإقليمية والدولية تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مسار الأحداث.



البعد الدولي والإقليمي
منذ اندلاع الصراع، كان واضحًا أن الدول الإقليمية والدولية الكبرى تراقب الوضع في السودان عن كثب، وكل منها يسعى لتعزيز مصالحه الجيوسياسية في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر. هذه المنطقة تعد حيوية على المستويين الاقتصادي والعسكري، حيث تسعى القوى الدولية مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا لتعزيز نفوذها من خلال دعم أطراف محلية معينة. مصر والإمارات والسعودية كذلك تلعب أدوارًا بارزة، نظرًا لموقع السودان الجغرافي الاستراتيجي وتأثيره على أمن البحر الأحمر.

ردود أفعال القوى الدولية
الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، تراقب الصراع بقلق، لكنها تسعى في نفس الوقت إلى تجنب الانخراط المباشر خشية تكرار سيناريوهات فاشلة مشابهة في ليبيا واليمن. رغم ذلك، فإن هناك دعمًا غير مباشر من خلال فرض العقوبات ومحاولة التأثير على الأطراف المتصارعة عبر الوساطات الدولية.

الموقف السوداني الداخلي
تبدو القوى المدنية السودانية متأرجحة بين المعسكرين، لكنها تميل أكثر نحو الجيش بحكم تاريخه كجزء من مؤسسات الدولة الشرعية. ومع ذلك، فإن تعقيد الوضع العسكري وتورط الجنرالين في صراع عنيف يجعل من الصعب على القوى المدنية لعب دور حاسم، إلا إذا كانت مدعومة بقوة إقليمية قادرة على فرض تسوية سياسية.

السيناريوهات المحتملة
في ظل استمرار الصراع وغياب أي تسوية سريعة، يبدو أن الوضع في السودان مرشح لمزيد من التصعيد، وربما يؤدي ذلك إلى سيناريوهات مشابهة لما حدث في بعض الدول الإفريقية حيث انهارت الدولة المركزية وحلّت الفوضى. يمكن لقوات الدعم السريع أن تحاول فرض سيطرتها على البلاد، لكنها ستواجه تحديات كبيرة على المستوى الداخلي والخارجي، خاصة مع تفاقم الانتهاكات الإنسانية والضغوط الدولية.

فإن السودان يواجه خيارين: إما الوصول إلى تسوية سياسية تتضمن إصلاحات جذرية تشمل جميع الأطراف، أو الانزلاق نحو مزيد من الفوضى التي قد تؤدي إلى تقسيم البلاد فعليًا بين قوى متصارعة. الدعم الإقليمي سيلعب دورًا حاسمًا في هذا السياق، حيث يمكن أن يُرجح كفة طرف على آخر، لكن هذا الدعم قد يأتي بشروط تتجاوز المصالح الوطنية السودانية لتشمل أجندات إقليمية ودولية أوسع.

تحليل دور القوى المدنية في الصراع السوداني الحالي يعتبر أمراً حاسماً لفهم المشهد السياسي المستقبلي في البلاد. رغم أن القوى المدنية تمثل شريحة كبيرة من الشعب السوداني، إلا أنها تعرضت لضغوط واختراقات من قبل تحالفات إقليمية ودولية، مما أثر على قدرتها على التأثير بفعالية في مسار الأحداث.

اختراق القوى المدنية وتحالفاتها
القوى المدنية السودانية، ممثلة في تحالف "قوى الحرية والتغيير" ومجموعات أخرى، تعرضت لاختراقات وضغوط من قوى إقليمية ودولية تسعى لتحقيق مصالحها في السودان. هذه التحالفات تشتمل على دول مثل الإمارات، مصر، والسعودية، التي تدعم أحياناً أحد أطراف النزاع بهدف التأثير على مسار الأحداث. تدخل هذه الدول في الشأن السوداني لم يكن دائماً لصالح القوى المدنية، بل غالباً ما سعت إلى تقويضها لصالح القوى العسكرية أو شبه العسكرية التي تتوافق مع مصالحها الجيوسياسية.

الدور المتوقع للقوى المدنية في المستقبل
في حالتي الفوضى أو التسوية، ستظل القوى المدنية لاعباً أساسياً، وإن كان ضعيفاً، في المشهد السوداني

في حالة الفوضى
إذا استمرت الحرب الأهلية أو تفاقمت، فإن القوى المدنية قد تجد نفسها عاجزة عن التأثير المباشر، لكن يمكنها أن تلعب دوراً في توفير الشرعية لأي تسوية سياسية مستقبلية. قد تستمر هذه القوى في تشكيل تحالفات جديدة مع قوى دولية تسعى إلى تحقيق الاستقرار في السودان. في هذه الحالة، قد تتحول القوى المدنية إلى معارضة مقاومة تسعى للحفاظ على مكتسبات الثورة وتحقيق حكم مدني في المستقبل البعيد.

في حالة التسوية:

إذا تم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، ستكون القوى المدنية مفتاحاً في تشكيل حكومة انتقالية أو حتى في عملية إعادة بناء الدولة. دورها سيكون مهماً في ضمان أن التسوية لا تقتصر على توزيع السلطة بين الأطراف العسكرية فقط، بل تشمل إصلاحات دستورية ومؤسسية تضمن مشاركة واسعة لمختلف فئات الشعب السوداني. هذه القوى يمكن أن تستفيد من الدعم الدولي لإعادة إحياء العملية السياسية وضمان أن تكون الحكومة القادمة أكثر شمولية وتمثيلاً.
التحديات المستقبلية
رغم هذه السيناريوهات، تواجه القوى المدنية تحديات كبيرة في توحيد صفوفها واستعادة ثقة الجماهير. استمرار التدخلات الخارجية والضغوط الإقليمية قد يعرقل جهودها، لكن مع ذلك، يبقى لها دور محوري، خاصة إذا نجحت في تشكيل تحالفات جديدة تستند إلى أجندة وطنية واضحة بعيداً عن الاستقطابات الإقليمية.

القوى المدنية في السودان، رغم ضعفها النسبي نتيجة الضغوط الداخلية والخارجية، تظل عنصراً أساسياً لا يمكن تجاهله في أي تسوية سياسية مستقبلية. مستقبلها يعتمد بشكل كبير على قدرتها على التكيف مع الأوضاع الراهنة وبناء تحالفات جديدة تعزز من موقعها في المشهد السياسي السوداني.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى المدنیة تسویة سیاسیة فی السودان

إقرأ أيضاً:

حزب المعارضة بجنوب السودان يعلق العمل جزئيا باتفاق السلام

أعلن حزب الحركة الشعبية جناح المعارضة (أحد أحزاب الائتلاف الحاكم) الثلاثاء تعليق دوره في عنصر رئيسي من اتفاق السلام الموقع 2018، وذلك وسط تدهور العلاقات بين الرئيس سلفاكير ونائبه رياك مشار.

وقد أنهى اتفاق السلام 2018 الحرب الأهلية التي استمرت 5 سنوات وراح ضحيتها أكثر من 400 ألف قتيل، وتسببت في نزوح وتشريد ما لا يقل عن مليوني شخص.

ومع تدهور العلاقات بين الرئيس ونائبه، عادت التوترات من جديد، وتجددت الاشتباكات العنيفة بين الأطراف في شرق البلاد.

رئيس جنوب السودان سلفاكير (يسار) ونائبه رياك مشار (وكالات)

واعتقلت أجهزة الأمن عددا من المسؤولين بالحركة الشعبية جناح المعارضة من بينهم وزير النفط ونائب رئيس أركان الجيش، في أعقاب إجبار مقاتلي الجيش الأبيض القوات الموالية للنظام على الخروج من بلدة الناصر بالقرب من الحدود الإثيوبية.

وتتهم الحكومة الحركة الشعبية جناح المعارضة بالتنسيق مع الجيش الأبيض الذي يتكون معظم أفراده من شباب قبيلة النوير التي ينتمي إليها مشار وقاتلت في صفوف قواته خلال حرب 2013-2018.

ومع أجواء التوتر والمخاوف من العودة إلى الحرب، قال نائب رئيس الجناح السياسي المحسوب على مشار، ناثانيل بيرينو، الثلاثاء، إن الحركة لن تشارك في الترتيبات الأمنية المرتبطة بعملية السلام حتى يتم الإفراج عن المسؤولين المعتقلين.

إعلان

وقال ناثانيل إن استمرار المداهمات السياسية مهدد لجوهر اتفاق السلام الموقع بين الأطراف قبل 5 سنوات.

الصراع العرقي

وحذر رئيس بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان نيكولاس هايسوم من أن يتحول الصراع إلى حرب تتخذ بعدا عرقيا، بسبب تفشي خطاب الكراهية الناتج عن المعلومات المغلوطة والمضللة.

وأضاف رئيس بعثة الأمم المتحدة أنه يشعر بالقلق من أن البلاد "على شفا الانزلاق إلى حرب أهلية".

خريطة جنوب السودان (الجزيرة)

وقالت منسقة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنيتا كيكي إن الصراع الحالي الذي يدور في محيط بلدة الناصر بولاية أعالي النيل أدى إلى نزوح 50 ألف شخص، أكثر من 10 آلاف منهم فروا إلى دولة إثيوبيا.

ووفقا للمحليين، فإن الحرب في السودان المجاور أدت إلى انهيار عملية السلام، مع تعليق عائدات النفط في جنوب السودان وتصاعد التوتر في المنطقة وتدفق الأسلحة عبر الحدود.

مقالات مشابهة

  • مدير المركز الألماني السوداني للسلام: ما يجري تبادل أدوار بين”البرهان وحميدتي” وليس حربا
  • الحزب الديمقراطي الكردي.. يد في السلطة وأخرى تسعى لإسقاط حكومة السوداني
  • حزب المعارضة بجنوب السودان يعلق العمل جزئيا باتفاق السلام
  • اتهام الجيش السوداني باستخدام الأسلحة الكيماوية.. ومسؤول ملف حقوق الإنسان في جنيف يرد
  • خطاب الفوضى- كيف تحوّل الصراع السياسي في السودان إلى حرب لغوية مفتوحة؟
  • أي فرصة سياسية للحكومة الموازية في السودان
  • بعد هزائم الدعم السريع.. هل ينجح البرهان في فرض سيطرته؟
  • وزير خارجية السودان: القوى المدنية مسؤولة عن الحرب.. ومصر المستهدف الرئيس مما يجري حاليًا
  • وزير الخارجية السوداني: بلادي تواجه ظروفًا معقدة وأطماعًا خارجية في مواردها
  • الشعبية «التيار الثوري»: قوى الثورة يجب ألا تسمح باستخدامها كـ«ديكور» لقسمة السلطة