سودانايل:
2025-02-05@08:35:17 GMT

الصراع على السلطة في السودان ومستقبل المتصارعين

تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT

الصراع الحالي في السودان بين القوات المسلحة السودانية (الجيش) وقوات الدعم السريع يُعدّ صراعًا مركبًا ينطوي على أبعاد داخلية وخارجية معقدة. بينما يدور الصراع على السلطة بين الجنرالين عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش، ومحمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع، فإن التدخلات الإقليمية والدولية تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مسار الأحداث.



البعد الدولي والإقليمي
منذ اندلاع الصراع، كان واضحًا أن الدول الإقليمية والدولية الكبرى تراقب الوضع في السودان عن كثب، وكل منها يسعى لتعزيز مصالحه الجيوسياسية في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر. هذه المنطقة تعد حيوية على المستويين الاقتصادي والعسكري، حيث تسعى القوى الدولية مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا لتعزيز نفوذها من خلال دعم أطراف محلية معينة. مصر والإمارات والسعودية كذلك تلعب أدوارًا بارزة، نظرًا لموقع السودان الجغرافي الاستراتيجي وتأثيره على أمن البحر الأحمر.

ردود أفعال القوى الدولية
الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، تراقب الصراع بقلق، لكنها تسعى في نفس الوقت إلى تجنب الانخراط المباشر خشية تكرار سيناريوهات فاشلة مشابهة في ليبيا واليمن. رغم ذلك، فإن هناك دعمًا غير مباشر من خلال فرض العقوبات ومحاولة التأثير على الأطراف المتصارعة عبر الوساطات الدولية.

الموقف السوداني الداخلي
تبدو القوى المدنية السودانية متأرجحة بين المعسكرين، لكنها تميل أكثر نحو الجيش بحكم تاريخه كجزء من مؤسسات الدولة الشرعية. ومع ذلك، فإن تعقيد الوضع العسكري وتورط الجنرالين في صراع عنيف يجعل من الصعب على القوى المدنية لعب دور حاسم، إلا إذا كانت مدعومة بقوة إقليمية قادرة على فرض تسوية سياسية.

السيناريوهات المحتملة
في ظل استمرار الصراع وغياب أي تسوية سريعة، يبدو أن الوضع في السودان مرشح لمزيد من التصعيد، وربما يؤدي ذلك إلى سيناريوهات مشابهة لما حدث في بعض الدول الإفريقية حيث انهارت الدولة المركزية وحلّت الفوضى. يمكن لقوات الدعم السريع أن تحاول فرض سيطرتها على البلاد، لكنها ستواجه تحديات كبيرة على المستوى الداخلي والخارجي، خاصة مع تفاقم الانتهاكات الإنسانية والضغوط الدولية.

فإن السودان يواجه خيارين: إما الوصول إلى تسوية سياسية تتضمن إصلاحات جذرية تشمل جميع الأطراف، أو الانزلاق نحو مزيد من الفوضى التي قد تؤدي إلى تقسيم البلاد فعليًا بين قوى متصارعة. الدعم الإقليمي سيلعب دورًا حاسمًا في هذا السياق، حيث يمكن أن يُرجح كفة طرف على آخر، لكن هذا الدعم قد يأتي بشروط تتجاوز المصالح الوطنية السودانية لتشمل أجندات إقليمية ودولية أوسع.

تحليل دور القوى المدنية في الصراع السوداني الحالي يعتبر أمراً حاسماً لفهم المشهد السياسي المستقبلي في البلاد. رغم أن القوى المدنية تمثل شريحة كبيرة من الشعب السوداني، إلا أنها تعرضت لضغوط واختراقات من قبل تحالفات إقليمية ودولية، مما أثر على قدرتها على التأثير بفعالية في مسار الأحداث.

اختراق القوى المدنية وتحالفاتها
القوى المدنية السودانية، ممثلة في تحالف "قوى الحرية والتغيير" ومجموعات أخرى، تعرضت لاختراقات وضغوط من قوى إقليمية ودولية تسعى لتحقيق مصالحها في السودان. هذه التحالفات تشتمل على دول مثل الإمارات، مصر، والسعودية، التي تدعم أحياناً أحد أطراف النزاع بهدف التأثير على مسار الأحداث. تدخل هذه الدول في الشأن السوداني لم يكن دائماً لصالح القوى المدنية، بل غالباً ما سعت إلى تقويضها لصالح القوى العسكرية أو شبه العسكرية التي تتوافق مع مصالحها الجيوسياسية.

الدور المتوقع للقوى المدنية في المستقبل
في حالتي الفوضى أو التسوية، ستظل القوى المدنية لاعباً أساسياً، وإن كان ضعيفاً، في المشهد السوداني

في حالة الفوضى
إذا استمرت الحرب الأهلية أو تفاقمت، فإن القوى المدنية قد تجد نفسها عاجزة عن التأثير المباشر، لكن يمكنها أن تلعب دوراً في توفير الشرعية لأي تسوية سياسية مستقبلية. قد تستمر هذه القوى في تشكيل تحالفات جديدة مع قوى دولية تسعى إلى تحقيق الاستقرار في السودان. في هذه الحالة، قد تتحول القوى المدنية إلى معارضة مقاومة تسعى للحفاظ على مكتسبات الثورة وتحقيق حكم مدني في المستقبل البعيد.

في حالة التسوية:

إذا تم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، ستكون القوى المدنية مفتاحاً في تشكيل حكومة انتقالية أو حتى في عملية إعادة بناء الدولة. دورها سيكون مهماً في ضمان أن التسوية لا تقتصر على توزيع السلطة بين الأطراف العسكرية فقط، بل تشمل إصلاحات دستورية ومؤسسية تضمن مشاركة واسعة لمختلف فئات الشعب السوداني. هذه القوى يمكن أن تستفيد من الدعم الدولي لإعادة إحياء العملية السياسية وضمان أن تكون الحكومة القادمة أكثر شمولية وتمثيلاً.
التحديات المستقبلية
رغم هذه السيناريوهات، تواجه القوى المدنية تحديات كبيرة في توحيد صفوفها واستعادة ثقة الجماهير. استمرار التدخلات الخارجية والضغوط الإقليمية قد يعرقل جهودها، لكن مع ذلك، يبقى لها دور محوري، خاصة إذا نجحت في تشكيل تحالفات جديدة تستند إلى أجندة وطنية واضحة بعيداً عن الاستقطابات الإقليمية.

القوى المدنية في السودان، رغم ضعفها النسبي نتيجة الضغوط الداخلية والخارجية، تظل عنصراً أساسياً لا يمكن تجاهله في أي تسوية سياسية مستقبلية. مستقبلها يعتمد بشكل كبير على قدرتها على التكيف مع الأوضاع الراهنة وبناء تحالفات جديدة تعزز من موقعها في المشهد السياسي السوداني.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى المدنیة تسویة سیاسیة فی السودان

إقرأ أيضاً:

أسباب فرض عقوبات على قائد الجيش السوداني

في منتصف يناير 2025، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان. وأوضحت الوزارة في بيانها أن القرار يعكس التزام الولايات المتحدة بإنهاء النزاع، متهمة الجيش السوداني بتنفيذ هجمات ضد المدنيين.

تقرير: حسن إسحق
في منتصف يناير 2025، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان. وأوضحت الوزارة في بيانها أن القرار يعكس التزام الولايات المتحدة بإنهاء النزاع، متهمة الجيش السوداني بتنفيذ هجمات ضد المدنيين.
ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، تسببت الحرب المستمرة منذ 15 أبريل 2023 في مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون سوداني.
وأكدت الوزارة أن العقوبات تأتي ضمن جهود واشنطن لإنهاء الحرب المستعرة بين الجيش السوداني بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق، محمد حمدان دقلو "حميدتي". وأثارت هذه الخطوة غضب أنصار الجيش والحركة الإسلامية، لا سيما أنها جاءت بعد أيام من فرض عقوبات مماثلة على قائد قوات الدعم السريع.
رفض الجيش السوداني للعقوبات
رفض الجيش السوداني هذه العقوبات، مؤكداً التزامه بإنهاء الحرب والعنف في البلاد. واعتبر القرار ظالمًا، مشددًا على أنه لا يمكن مساواة الجيش السوداني بقوات الدعم السريع.
اتهامات بارتكاب أعمال عنف
ذكرت مجموعة "محامو الطوارئ" الحقوقية أنها وثّقت منذ اندلاع الحرب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وفي يناير 2025، وثقت هجمات عنيفة في بلدة أم القرى بولاية الجزيرة تزامنت مع تقدم الجيش في المنطقة. واتهمت المجموعة الجيش السوداني باعتقال مدنيين، بينهم نساء، وارتكاب انتهاكات شملت القتل خارج نطاق القانون، والاختطاف، والاعتقال غير القانوني، والتعذيب، إضافة إلى الإذلال الجسدي والمعنوي.
إدانة رئيس الوزراء السابق لانتهاكات الجيش
أدان رئيس الوزراء السوداني السابق، عبد الله حمدوك، الانتهاكات الجارية في ولاية الجزيرة، واصفًا إياها بالمروعة. ودعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في حماية المدنيين من "المجازر التي تُرتكب ضد الشعب السوداني". كما حث السودانيين على عدم الانجرار وراء خطاب الكراهية والتعبئة العنصرية التي تعمّق الفتنة بين المكونات الاجتماعية.
رفض حكومة بورتسودان مقترحات التفاوض
يرى بعض المراقبين أن العقوبات فُرضت على البرهان لعدة أسباب، أبرزها رفضه التفاوض مع قوات الدعم السريع لإنهاء الحرب، بالإضافة إلى تنفيذ ضربات جوية على المدنيين العالقين في مناطق سيطرة الدعم السريع في دارفور وكردفان والخرطوم، وحتى ولاية الجزيرة التي سيطر عليها الجيش مؤخرًا.
كما أدى القصف الجوي إلى مقتل عشرات المدنيين، ما عُدّ انتهاكًا خطيرًا. إضافة إلى ذلك، تسببت حملات الاعتقال التعسفية في مناطق سيطرة الجيش، بحجة التعاون مع قوات الدعم السريع أو معارضة حكومة الأمر الواقع، في تسريع فرض العقوبات. كما ألقت الأحداث الأخيرة في مناطق الكنابي بظلالها على الجيش السوداني، مما دفعه إلى إصدار بيان ينفي تورطه، معلنًا فتح تحقيق في المجازر المرتكبة بحق المدنيين.
موقف أنصار الجيش من العقوبات
في المقابل، يعتبر أنصار الجيش السوداني وحكومة بورتسودان أن العقوبات الأمريكية غير عادلة، إذ يرفضون مساواة الجيش بقوات الدعم السريع التي يصفونها بـ"الميليشيا المتمردة". ويرون أن قوات الدعم السريع، وليس الجيش، هي المسؤولة عن حرب 15 أبريل وما تلاها من انتهاكات وجرائم، متهمين القوى السياسية المتحالفة معها بالمشاركة في هذه الفظائع. كما اعتبروا القرار الأمريكي دليلًا على ازدواجية المعايير، مؤكدين أنه لا يخدم جهود إنهاء الحرب.
تأثير العقوبات المحتمل على الجيش
يرى الناشط الحقوقي منتصر محمد عبد الله أن العقوبات الأمريكية قد تساهم في الحد من الانتهاكات ضد المدنيين، مؤكدًا أن الجيش ملزم أخلاقيًا بحمايتهم بدلًا من انتهاك حقوقهم. وأشار إلى أن قادة النظام السابق ما زالوا مطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم الحرب والإبادة الجماعية في دارفور، وأن المجتمع الدولي لن يقف متفرجًا على ما يحدث حاليًا من مذابح وتهجير.
وأضاف أن قرار الحكومة بفتح تحقيق في أحداث كمبو طيبة، بعد انتشار مقاطع فيديو وثّقت الفظائع، يُعد تحذيرًا للبرهان، مؤكدًا أن أي جرائم تُرتكب تحت إشراف الجيش ستُحسب عليه. وحذر من أن البرهان قد يواجه المصير نفسه لسلفه، عمر البشير، إذا استمرت هذه الانتهاكات.
وشدد منتصر على ضرورة أن تلعب الأطراف الفاعلة دورًا إيجابيًا في حماية المدنيين بدلاً من تبني سياسات قمعية وإقصائية قد تزيد من عزلة السودان وتضع قياداته في مواجهة مع المؤسسات الحقوقية الدولية.
الدور الأمريكي في إنهاء الصراع
ترى الناشطة المجتمعية انتصار يعقوب أن الإدارة الأمريكية الجديدة، بقيادة دونالد ترامب، يمكنها لعب دور محوري في وقف الانتهاكات بحق المدنيين في دارفور وكردفان والجزيرة والخرطوم، من خلال الضغط على طرفي الصراع لإنهاء الحرب ووقف الانتهاكات المستمرة منذ أبريل 2023.
وحذرت من أن استمرار تعنت طرفي النزاع قد يؤدي إلى تصعيد الأوضاع، مما قد يدفع مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ إجراءات حاسمة ضد المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الإبادة الجماعية، مؤكدة أن المصير قد يكون شبيهًا بمصير الإدارة السودانية السابقة.

ishaghassan13@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • الدور التركي في النزاع السوداني مابين الوساطة والمصالح الاستراتيجية
  • حرب السودان.. صراع على السلطة أم مؤامرة ضد الدولة؟
  • غرف الطوارئ في السودان تتصدر قائمة جائزة نوبل للسلام للعام 2025
  • إيمان فضل: الصحفيون في السودان يتعرضون لانتهاكات خطيرة والرقابة على الصراع ضرورة
  • سودان أبو القدح
  • هل يتوافق فرقاء السودان على أسئلة اليوم التالي للحرب؟
  • وزير الخارجية السوداني: نقدر عاليا الدعم العربي للقيادة والقوات المسلحة لتحقيق النصر
  • مباحثات بين وزير الخارجية السوداني علي يوسف مع نظيره المصري بدر عبد العاطي
  • الجيش السوداني يواصل تقدمه في ولاية الجزيرة والدعم السريع يرد بالمسيرات
  • أسباب فرض عقوبات على قائد الجيش السوداني