كورسك.. القلب الصناعي لغرب روسيا ومدينة المجد العسكري
تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT
إحدى أقدم مدن روسيا، وهي عبارة عن هضبة متموجة تتخللها وديان واسعة وضحلة، تمتد على طول نهر سيم، وتبعد نحو 530 كيلومترا مربعا عن العاصمة موسكو.
يعود تاريخ نشأتها إلى عام 1032م، تعرضت للتدمير عام 1238م خلال الغزو المغولي، ثم أعيد بناؤها عام 1586.
خلال الحرب العالمية الثانية -على عهد الاتحاد السوفياتي– دارت حولها معارك عنيفة، وشهدت أراضيها هزيمة القوات الألمانية.
شنت أوكرانيا يوم 6 أغسطس/آب 2024 هجوما غير مسبوق على كورسك، وسيطرت خلاله على عشرات البلدات، ووُصف هذا الهجوم بأنه أكبر حملة ضد الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية.
الموقعتقع مدينة كورسك في غربي روسيا في الجزء الأوروبي من البلاد، تحدها من الجنوب منطقة بيلغورود، ومن الجنوب الغربي والغرب أوكرانيا، ومن الشمال الغربي منطقة بريانسك، ومن الشمال أوريل، ومن الشمال الشرقي ليبيتسك، ومن الشرق منطقة فورونيج.
تمتاز بشبكة نهرية كثيفة نسبيا، منها نهر سيم وتوسكار وبسيل، كما تقع في الجزء الجنوبي من المرتفعات الروسية الوسطى.
الاقتصاديعتمد اقتصاد المدينة اعتمادا رئيسيا على الزراعة والصناعة، وتعد مركزا صناعيا مهما في المنطقة، حيث توجد العديد من المصانع التي تنتج مجموعة متنوعة من السلع. تشمل الصناعات الرئيسية في المدينة تصنيع الآلات والمواد الكيميائية ومواد البناء والطاقة.
أحدث إطلاق مصنع المنتجات التقنية المطاطية في عام 1948 صدى واسعا للصناعة في كورسك، وساعد على استعادة اقتصاد المدينة، وتحولت إلى مدينة صناعية كبيرة عام 1959.
إلى جانب الصناعة، لعبت الزراعة دورا بارزا في الاقتصاد المحلي لكورسك، إذ تحيط بها مناطق زراعية غنية تسهم في إنتاج الحبوب وكثير من المحاصيل المتنوعة.
ولقطاع التعدين دور بارز أيضا في اقتصاد المنطقة لوقوعها في منطقة غنية بخام الحديد المستخدم في الصناعات الثقيلة، مما عزز المركز الصناعي لكورسك.
التاريخيعود تاريخ تأسيس مدينة كورسك إلى عام 1032م، وهي إحدى أقدم مدن روسيا، وتعرضت للتدمير عام 1238م خلال الغزو المغولي، إذ غزاها الحاكم الليتواني ألغيرداس، وظلت جزءا من ليتوانيا الكبرى مدة قرن ونصف القرن تقريبا.
لم تنضم كورسك إلى روسيا حتى منتصف القرن الخامس عشر، ولكن في العام 1508 أصبحت جزءا من الدولة الروسية، إذ بدأ الأمراء الروس استعادة المنطقة باعتبارها مدينة محصنة، ولكن عملية الاستعادة كانت بطيئة بسبب التهديد المستمر من التتار في شبه جزيرة القرم.
ويعتبر عام 1586 تاريخ إعادة تأسيس مدينة كورسك، وبعد 10 أعوام بُني فيها حصن كبير. وفي بداية القرن السابع عشر، كانت المدينة عرضة بشكل متكرر لعدة هجمات من وحدات بولندية وليتوانية وتتار القرم، ومع ذلك فشلت كل محاولاتهم لاحتلال الحصن.
بدأت إعادة توطين كورسك من مدينة أوريول وعدة مدن روسية أخرى حتى أصبح فيها عام 1678 نحو ألفي مقيم، كما لعب موقعها الجغرافي المميز دورا بارزا في تطورها، إذ تعد أقصر طريق من موسكو إلى القرم، وأيضا إلى كييف.
في عام 1780 اعتُمد شعار خاص لمدينة كورسك، عبارة عن 3 من طيور السمان الطائرة.
شب حريق كبير في المدينة عام 1781، وبعد السيطرة عليه اعتُمدت خطة جديدة لتطوير المدينة، وبحلول عام 1785 كان يقيم فيها نحو 7500 نسمة.
تشكلت محافظة كورسك عام 1797، ثم أصبحت مركزا تجاريا كبيرا في القرن الثامن عشر. واستمرت المدينة بتطورها التجاري، كما أصبحت مركزا صناعيا بداية القرن التاسع عشر، وافتُتح فيها خط سكك حديد (موسكو-كورسك) عام 1868، وتنامى التعداد السكاني فيها ليصل نحو 40 ألف شخص، وأصبحت مركزا للصناعات الغذائية.
افتتحت كورسك متحفا للتاريخ المحلي عام 1903، وفي نهاية 1917 تأسست السلطة السوفياتية في المدينة.
غزت القوات الألمانية أراضي المحافظة في مارس/آذار 1918 وغادرتها في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، وفي عام 1919 احتلت القوات المسلحة لجنوب روسيا جزءا من المنطقة خلال الحرب الأهلية الروسية.
بعد الحرب الأهلية اكتُشفت في منطقة كورسك ظاهرة الشذوذ المغناطيسي في أثناء إعادة بناء الاقتصاد.
ويُعرف الشذوذ المغناطيسي بأنه ظاهرة جيولوجية تحدث عند انحراف أو تغيير غير طبيعي في الحقل المغناطيسي للأرض في منطقة معينة، وينتج هذا الانحراف عن وجود تركيزات كبيرة من المعادن المغناطيسية تحت سطح الأرض، منها خامات الحديد المؤثرة على الحقل المغناطيسي للأرض.
ألغيت محافظة كورسك عام 1928، وأصبحت أراضيها جزءا من الأرض السوداء المركزية (منطقة زراعية تحتوي التربة السوداء، التي تعتبر أكثر أنواع التربة خصوبة في العالم)، وعملت الحكومة السوفياتية على تعزيز الإنتاج الزراعي في المنطقة.
كان هذا جزءًا من السياسات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة لتسريع الإنتاج الزراعي والصناعي، وبحلول عام 1939 بلغ عدد سكان كورسك نحو 120 ألف شخص.
معركة كورسكخلال الحرب العالمية الثانية كانت مدينة كورسك هدفا إستراتيجيا في حملة ألمانيا على الجبهة الشرقية. ومع ذلك لم تقع تحت الاحتلال الألماني بشكل مباشر خلال معركة كورسك، بل كانت مركزًا لهجوم كبير شنته القوات الألمانية في يوليو/تموز 1943 باعتباره جزءا من عملية "القلعة"، التي أطلقها الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر ردا على هزيمته الكبيرة في معركة ستالينغراد أمام الجيش الأحمر السوفياتي.
هدفت المعركة إلى محاصرة القوات السوفياتية قرب كورسك، لكنها انتهت بفشل ألمانيا في تحقيق أهدافها. فبدلا من احتلال المدينة، واجهت القوات الألمانية مقاومة شرسة من الجيش الأحمر، الذي كان قد عزز دفاعاته بشكل كبير حول كورسك، فلم تعد ألمانيا قادرة على شن هجمات واسعة النطاق على الجبهة الشرقية.
في عام 1998 افتتحت مجمعا تذكاريا لمعركة كورسك تكريما لذكراها الـ55، وفي عام 2007 منحت المدينة لقب "مدينة المجد العسكري".
التوغل الأوكرانيشنت أوكرانيا يوم 6 أغسطس/آب 2024 هجوما مباغتا غير مسبوق على الأراضي الروسية، سيطرت خلاله على عشرات البلدات في مقاطعة كورسك، وُصف هذا الهجوم بأنه أكبر حملة ضد الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي 15 أغسطس/آب من العام ذاته أعلن قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي أن قواته أنشأت مكتب قائد عسكري في كورسك "للحفاظ على القانون والنظام وضمان الاحتياجات ذات الأولوية للسكان".
وتقدمت القوات الأوكرانية ما بين 500 متر و1.5 كيلومتر في مناطق غير محددة من المقاطعة، مما يرفع عمق تقدمها إلى 35 كيلومترا منذ بدء العملية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحرب العالمیة الثانیة القوات الألمانیة مدینة کورسک جزءا من فی عام
إقرأ أيضاً:
الجيش الروسي يحرر بلدتي زاوليشينكا وروبانشينا في مقاطعة كورسك
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكرت وزارة الدفاع الروسية، اليوم السبت، أن قوات الجيش الروسي قامت بتحرير بلدتي زاوليشينكا وروبانشينا في مقاطعة كورسك الروسية، مشيرة إلى أن القوات المسلحة الأوكرانية، خسرت أكثر من 220 جنديا، خلال الساعات الـ24 الماضية وفقًا لوكالة «سبوتنيك» الروسية.
وأعلنت روسيا، إسقاط 126 مسيرة أطلقتها أوكرانيا ليلا، غالبيتها في منطقتي فولجوجراد وفورونيج الجنوبيتين، بعدما امتنعت موسكو عن الموافقة على مقترح أمريكي لوقف موقت لإطلاق النار.
وأكدت وزارة الدفاع الروسية، اعتراض 64 مسيّرة فوق فولجوجراد وفورونيج، فيما استهدفت المسيرات الأخرى مناطق حدودية.
وفي 8 مارس، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن قواتها استعادت ثلاث قرى كانت تسيطر عليها القوات الأوكرانية في منطقة كورسك بجنوب البلاد، حيث تتراجع قوات كييف منذ أسابيع.
وأكدت الدفاع الروسية، استعادة قرى فيكتوروفكا ونيكولاييفكا وستارايا سوروتشينا.
وأفادت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة 7 مارس، بأن قواتها شنت الليلة الماضية ضربة بأسلحة عالية الدقة استهدفت منشآت البنية التحتية للطاقة والغاز التي تدعم المجمع الصناعي العسكري في أوكرانيا.
وأكدت الدفاع الروسية في تقريرها الأسبوعي أن الضربة حققت هدفها وتمت إصابة كل المواقع المستهدفة، وفقًا لموقع «روسيا اليوم» الإخباري.
وذكر التقرير أنه فضلا عن هذه الضربة، نفذت القوات الروسية خلال الفترة من 1 إلى 7 مارس سبع ضربات جماعية أخرى باستخدام أسلحة عالية الدقة وطائرات مسيرة قتالية، استهدفت البنية التحتية لمطارات عسكرية، ومستودعات ذخيرة، وورش لإنتاج الطائرات المسيرة القتالية ومستودعات لتخزين ومراكز للتحكم، إضافة إلى مواقع إرساء زوارق، ونقاط انتشار مؤقتة للتشكيلات الأوكرانية والقوميين والمرتزقة الأجانب، بحسب موقع «روسيا اليوم».
وكشف التقرير أن خسائر القوات الأوكرانية بلغت ما مجموعه نحو 10375 عسكريا في كافة المحاور خلال الأسبوع الماضي، بينهم 1590 في منطقة مسؤولية مجموعة قوات "الشمال"، و1525 في منطقة مسؤولية قوات "الغرب"، و1665 في منطقة مسؤولية قوات "الجنوب"، و3810 في منطقة مسؤولية قوات "الوسط"، و1210 في منطقة مسؤولية قوات "الشرق"، إضافة إلى 575 في منطقة مسؤولية قوات "دنيبر"، وفقًا لوزارة الدفاع الروسية.
إسقاط 21 قنبلة جوية موجهة JDAM و5 صواريخ من نظام HIMARS إضافة إلى 637 طائرة مسيرة، واستسلام 35 عسكريا أوكرانيا على خط التماس القتالي.
ومجموع ما تم تدميره منذ بدء العملية العسكرية الخاصة: 656 طائرة و283 مروحية و45471 طائرة مسيرة و600 منظومة صواريخ دفاع جوي و22076 دبابة ومدرعة أخرى، و1523 راجمة صواريخ، و22333 قطعة من المدفعية الميدانية ومدافع الهاون و32573 مركبة عسكرية خاصة.