إحدى أقدم مدن روسيا، وهي عبارة عن هضبة متموجة تتخللها وديان واسعة وضحلة، تمتد على طول نهر سيم، وتبعد نحو 530 كيلومترا مربعا عن العاصمة موسكو.

يعود تاريخ نشأتها إلى عام 1032م، تعرضت للتدمير عام 1238م خلال الغزو المغولي، ثم أعيد بناؤها عام 1586.

خلال الحرب العالمية الثانية -على عهد الاتحاد السوفياتي– دارت حولها معارك عنيفة، وشهدت أراضيها هزيمة القوات الألمانية.

شنت أوكرانيا يوم 6 أغسطس/آب 2024 هجوما غير مسبوق على كورسك، وسيطرت خلاله على عشرات البلدات، ووُصف هذا الهجوم بأنه أكبر حملة ضد الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية.

الموقع

تقع مدينة كورسك في غربي روسيا في الجزء الأوروبي من البلاد، تحدها من الجنوب منطقة بيلغورود، ومن الجنوب الغربي والغرب أوكرانيا، ومن الشمال الغربي منطقة بريانسك، ومن الشمال أوريل، ومن الشمال الشرقي ليبيتسك، ومن الشرق منطقة فورونيج.

تمتاز بشبكة نهرية كثيفة نسبيا، منها نهر سيم وتوسكار وبسيل، كما تقع في الجزء الجنوبي من المرتفعات الروسية الوسطى.

الاقتصاد

يعتمد اقتصاد المدينة اعتمادا رئيسيا على الزراعة والصناعة، وتعد مركزا صناعيا مهما في المنطقة، حيث توجد العديد من المصانع التي تنتج مجموعة متنوعة من السلع. تشمل الصناعات الرئيسية في المدينة تصنيع الآلات والمواد الكيميائية ومواد البناء والطاقة.

أحدث إطلاق مصنع المنتجات التقنية المطاطية في عام 1948 صدى واسعا للصناعة في كورسك، وساعد على استعادة اقتصاد المدينة، وتحولت إلى مدينة صناعية كبيرة عام 1959.

إلى جانب الصناعة، لعبت الزراعة دورا بارزا في الاقتصاد المحلي لكورسك، إذ تحيط بها مناطق زراعية غنية تسهم في إنتاج الحبوب وكثير من المحاصيل المتنوعة.

ولقطاع التعدين دور بارز أيضا في اقتصاد المنطقة لوقوعها في منطقة غنية بخام الحديد المستخدم في الصناعات الثقيلة، مما عزز المركز الصناعي لكورسك.

التاريخ

يعود تاريخ تأسيس مدينة كورسك إلى عام 1032م، وهي إحدى أقدم مدن روسيا، وتعرضت للتدمير عام 1238م خلال الغزو المغولي، إذ غزاها الحاكم الليتواني ألغيرداس، وظلت جزءا من ليتوانيا الكبرى مدة قرن ونصف القرن تقريبا.

لم تنضم كورسك إلى روسيا حتى منتصف القرن الخامس عشر، ولكن في العام 1508 أصبحت جزءا من الدولة الروسية، إذ بدأ الأمراء الروس استعادة المنطقة باعتبارها مدينة محصنة، ولكن عملية الاستعادة كانت بطيئة بسبب التهديد المستمر من التتار في شبه جزيرة القرم.

ويعتبر عام 1586 تاريخ إعادة تأسيس مدينة كورسك، وبعد 10 أعوام بُني فيها حصن كبير. وفي بداية القرن السابع عشر، كانت المدينة عرضة بشكل متكرر لعدة هجمات من وحدات بولندية وليتوانية وتتار القرم، ومع ذلك فشلت كل محاولاتهم لاحتلال الحصن.

بدأت إعادة توطين كورسك من مدينة أوريول وعدة مدن روسية أخرى حتى أصبح فيها عام 1678 نحو ألفي مقيم، كما لعب موقعها الجغرافي المميز دورا بارزا في تطورها، إذ تعد أقصر طريق من موسكو إلى القرم، وأيضا إلى كييف.

في عام 1780 اعتُمد شعار خاص لمدينة كورسك، عبارة عن 3 من طيور السمان الطائرة.

شب حريق كبير في المدينة عام 1781، وبعد السيطرة عليه اعتُمدت خطة جديدة لتطوير المدينة، وبحلول عام 1785 كان يقيم فيها نحو 7500 نسمة.

تشكلت محافظة كورسك عام 1797، ثم أصبحت مركزا تجاريا كبيرا في القرن الثامن عشر. واستمرت المدينة بتطورها التجاري، كما أصبحت مركزا صناعيا بداية القرن التاسع عشر، وافتُتح فيها خط سكك حديد (موسكو-كورسك) عام 1868، وتنامى التعداد السكاني فيها ليصل نحو 40 ألف شخص، وأصبحت مركزا للصناعات الغذائية.

افتتحت كورسك متحفا للتاريخ المحلي عام 1903، وفي نهاية 1917 تأسست السلطة السوفياتية في المدينة.

غزت القوات الألمانية أراضي المحافظة في مارس/آذار 1918 وغادرتها في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، وفي عام 1919 احتلت القوات المسلحة لجنوب روسيا جزءا من المنطقة خلال الحرب الأهلية الروسية.

بعد الحرب الأهلية اكتُشفت في منطقة كورسك ظاهرة الشذوذ المغناطيسي في أثناء إعادة بناء الاقتصاد.

ويُعرف الشذوذ المغناطيسي بأنه ظاهرة جيولوجية تحدث عند انحراف أو تغيير غير طبيعي في الحقل المغناطيسي للأرض في منطقة معينة، وينتج هذا الانحراف عن وجود تركيزات كبيرة من المعادن المغناطيسية تحت سطح الأرض، منها خامات الحديد المؤثرة على الحقل المغناطيسي للأرض.

ألغيت محافظة كورسك عام 1928، وأصبحت أراضيها جزءا من الأرض السوداء المركزية (منطقة زراعية تحتوي التربة السوداء، التي تعتبر أكثر أنواع التربة خصوبة في العالم)، وعملت الحكومة السوفياتية على تعزيز الإنتاج الزراعي في المنطقة.

كان هذا جزءًا من السياسات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة لتسريع الإنتاج الزراعي والصناعي، وبحلول عام 1939 بلغ عدد سكان كورسك نحو 120 ألف شخص.

معركة كورسك

خلال الحرب العالمية الثانية كانت مدينة كورسك هدفا إستراتيجيا في حملة ألمانيا على الجبهة الشرقية. ومع ذلك لم تقع تحت الاحتلال الألماني بشكل مباشر خلال معركة كورسك، بل كانت مركزًا لهجوم كبير شنته القوات الألمانية في يوليو/تموز 1943 باعتباره جزءا من عملية "القلعة"، التي أطلقها الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر ردا على هزيمته الكبيرة في معركة ستالينغراد أمام الجيش الأحمر السوفياتي.

هدفت المعركة إلى محاصرة القوات السوفياتية قرب كورسك، لكنها انتهت بفشل ألمانيا في تحقيق أهدافها. فبدلا من احتلال المدينة، واجهت القوات الألمانية مقاومة شرسة من الجيش الأحمر، الذي كان قد عزز دفاعاته بشكل كبير حول كورسك، فلم تعد ألمانيا قادرة على شن هجمات واسعة النطاق على الجبهة الشرقية.

في عام 1998 افتتحت مجمعا تذكاريا لمعركة كورسك تكريما لذكراها الـ55، وفي عام 2007 منحت المدينة لقب "مدينة المجد العسكري".

التوغل الأوكراني

شنت أوكرانيا يوم 6 أغسطس/آب 2024 هجوما مباغتا غير مسبوق على الأراضي الروسية، سيطرت خلاله على عشرات البلدات في مقاطعة كورسك، وُصف هذا الهجوم بأنه أكبر حملة ضد الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية.

وفي 15 أغسطس/آب من العام ذاته أعلن قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي أن قواته أنشأت مكتب قائد عسكري في كورسك "للحفاظ على القانون والنظام وضمان الاحتياجات ذات الأولوية للسكان".

وتقدمت القوات الأوكرانية ما بين 500 متر و1.5 كيلومتر في مناطق غير محددة من المقاطعة، مما يرفع عمق تقدمها إلى 35 كيلومترا منذ بدء العملية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحرب العالمیة الثانیة القوات الألمانیة مدینة کورسک جزءا من فی عام

إقرأ أيضاً:

قوات الدفاع الشعبي تنظم زيارة لعدد من طلبة الجامعات ومدارس التأسيس العسكري لـ «57357»

استمرارًا للدور المجتمعي الذي تقوم به القوات المسلحة، نظمت قيادة قوات الدفاع الشعبي والعسكري زيارة لعدد من طلاب الجامعات الحكومية ومدارس التأسيس العسكري إلى مستشفى سرطان الأطفال «57357».

تضمنت الزيارة عرض تقديمي للتعريف بدور المستشفى وما تقوم به من جهود لدعم الأطفال، ونقل اللواء أ ح أسامة عبد الحميد داود قائد قوات الدفاع الشعبي والعسكري خلال الزيارة تحيات وتقدير الفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي والفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة إلى كافة القائمين على رعاية المرضى بالمستشفى لما تمثله من قيمة وطنية ودور إنساني.

قوات الدفاع الشعبي

أعقبها زيارة الطلبة لعدد من المرضى وتوزيع الهدايا العينية عليهم وتقديم الدعم المعنوي لهم، وعبر الأطفال والأطباء عن اعتزازهم وتقديرهم لجهود القوات المسلحة في تقديم الدعم للمستشفى لتواصل رسالتها السامية في التخفيف من آلام المرضى، مؤكدين أهمية الزيارة في إذكاء روح الإرادة والتحدي والأمل لدى الأطفال خلال رحلتهم العلاجية.

قوات الدفاع الشعبي

فيما وجه الطلبة الشكر والتقدير للقائمين على تقديم الخدمة الطبية المتميزة بالمستشفى متمنيين للأطفال الشفاء العاجل، كما أعربوا عن سعادتهم بتلك الزيارة للمشاركة في رسم البسمة على وجوه الأطفال.

اقرأ أيضاًوزير الدفاع والإنتاج الحربي يشارك مقاتلي الجيش الثاني الميداني تناول وجبة الإفطار

قبول دفعة جديدة من المتطوعين وقصاصي الأثر والمجندين للانضمام لصفوف القوات المسلحة

الرئيس السيسي يُهنئ قادة القوات المسلحة بذكرى انتصارات العاشر من رمضان

مقالات مشابهة

  • قوات الدفاع الشعبي تنظم زيارة لطلبة الجامعات ومدارس التأسيس العسكري لمستشفى 57357.. شاهد
  • قوات الدفاع الشعبي تنظم زيارة لعدد من طلبة الجامعات ومدارس التأسيس العسكري لـ «57357»
  • نائب رئيس جنوب السودان يندد بالوجود العسكري الأوغندي
  • المريض في روسيا والجراح في الصين يتحكم بروبوت عن بعد
  • روسيا: الجيش الأوكراني خسر أكثر من 190 جندياً في كورسك
  • روسيا تكشف عن خسائر للجيش الأوكراني في كورسك
  • عشية محادثات السعودية.. روسيا تشن موجة من الهجمات ليلا على أوكرانيا
  • أقدم وأفضل متحف للتاريخ العسكري في العالم.. متحف محمية “بورودينو” في روسيا (صور)
  • وزير البترول: إنتاج الغاز من آبار المرحلة العاشرة لغرب الدلتا خطوة مهمة في زيادة الإنتاج
  • أمير منطقة المدينة المنورة يُطلق مبادرة “كلنا أهل 2”