لكل العالم وقارب الشعوب !
تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT
بقلم : سمير السعد ..
عبارة “الحسين لكل العالم وقارب الشعوب” تشير إلى رسالة الإمام الحسين (ع) وأهمية ثورته في كربلاء كقضية إنسانية تتجاوز الحدود الجغرافية والدينية. كثير من الناس يرون في ثورة الإمام الحسين(ع) رمزًا للحرية والعدالة ومقاومة الظلم، ويعتبرونها مصدر إلهام لكل الشعوب بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية والدينية.
تاريخ الإمام الحسين( ع) وثورته في كربلاء يحمل معاني وقيم إنسانية عميقة تجاوزت الزمان والمكان. في مواجهة الظلم والاستبداد، اختار الإمام الحسين( ع) الوقوف بجانب الحق مهما كانت التضحيات، وأصبح بذلك رمزًا عالميًا للنضال من أجل العدالة والحرية.
عندما نقول “الحسين (ع) لكل العالم”، فإننا نعني أن قيمه ومبادئه ليست مقتصرة على مجتمع أو دين معين، بل تمتد لتشمل الإنسانية جمعاء. هذه القيم تشمل الوقوف ضد الظلم، الدفاع عن الكرامة الإنسانية، والتضحية من أجل المبادئ.
أما “قارب الشعوب”، فهو تعبير عن الطريقة التي يمكن بها أن تكون قضية الإمام الحسين(ع) جسرًا للتواصل بين مختلف الشعوب والثقافات. ففي كل عام، يحيي الملايين من الناس ذكرى عاشوراء، ويعبرون عن تعاطفهم وتقديرهم لهذه القيم السامية التي يمثلها الإمام الحسين ( ع) . هذه الذكرى تجمع الناس من مختلف الخلفيات، وتساهم في تعزيز الوحدة والانسجام بين الشعوب.
“قارب الشعوب” يعبر عن دور هذه الرسالة في توحيد البشرية حول قيم مشتركة. فعندما نتذكر الإمام الحسين(ع) ، نحن لا نحتفي بشخصيته فقط، بل نحتفي بالروح الإنسانية التي تجمعنا جميعًا. هذه الروح تتطلب منا أن نكون متعاطفين مع بعضنا البعض، وأن نعمل معًا لتحقيق العدالة والكرامة للجميع.
إن فهم الإمام الحسين(ع) كشخصية عالمية وقضيته كقضية إنسانية يشجع على التأمل في القيم التي نعيش بها يوميًا. عندما نقول إن “الحسين(ع) لكل العالم”، فإننا ندعو الناس إلى استلهام قيم الشجاعة، والوقوف في وجه الظلم، والتمسك بالحق، مهما كانت الصعوبات.
رسالة الإمام الحسين(ع) تتجاوز الديانات والطوائف، فهي تجسد نضال الإنسان ضد الاستبداد والفساد. على مر العصور، استخدم العديد من القادة والمفكرين ثورة الحسين كمصدر إلهام لتحفيز الشعوب على السعي نحو التغيير الإيجابي، والدفاع عن حقوقهم، والمطالبة بالحرية والعدالة.
باختصار، الحسين(ع) ليس مجرد شخصية تاريخية، بل هو رمز للإنسانية والأخلاق العالية، وقصته تعتبر درسًا يتعلم منه الجميع، بغض النظر عن دينهم أو ثقافتهم.
عاشوراء، كمناسبة، ليست فقط حدثًا تاريخيًا، بل هي فرصة للتفكر في كيفية تطبيق تلك القيم في حياتنا اليومية. من خلال ذلك، نرى كيف أن الإمام الحسين(ع) يمثل رمزًا خالدًا للتضحية من أجل الآخرين، وللتمسك بالحق في وجه الظلم.
في الختام إحياء ذكرى الحسين (ع) يعني أيضًا العمل على تجسيد هذه القيم في مجتمعاتنا، سواء من خلال الدفاع عن المظلومين، أو الوقوف ضد الظلم، أو تعزيز قيم العدالة والمساواة. إنها دعوة للتفكير العميق في دورنا كمواطنين عالميين، وكيف يمكننا استخدام دروس كربلاء لبناء عالم أكثر عدالة وإنسانية. سمير السعد
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الإمام الحسین ع لکل العالم
إقرأ أيضاً:
شعوب العصافير الملونة «الأخيرة»
أبدأ مقالى بجملة اعتراضية «اللهم ما لا شماتة فيما حدث فى أمريكا من عدل إلهى» وأكمل معكم ما بدأته حول حديث الطغاة، يعتقد الطغاة أنهم امتلكوا الحياة وما عليها، يعتقدون أنه لا نهاية لهم وأنهم مخلدون ولن يقدر عليهم أحد، يتجاهلون قراءة التاريخ الذى سجل نهايات مهولة لأمثالهم الظالمين، نهايات إلهية بها موعظة لا يغفلها أولو الألباب، لذا يعمهون فى طغيانهم خاصة حين لا يجدون من يتصدى لهم، من لا يحاول تصويب مساراتهم بالموعظة الحسنة أو بالقوة المتحدة، فيمتد بأس الطاغية ليتمدد ويتنطع، ولا يقتصر على المجتمع الواقع تحت سلطته، ولا الشعب الذى ابتلى بحكمه بل يطول الشعوب الأخرى، وإذا كان أغلبنا يعتنق ناموس الغابة بأن البقاء للأقوى لا الأصلح، الأقوى بالمعنى الوحشى من طغى وجبروت وظلم، ونستدل على ذلك بكل ما يدور حولنا فى العالم والمحيط القريب بنا، فعلينا ألا ننسى أبداً قدرة الله، القدرة الدائمة الوجود والتى تتجلى فى أوضح صورها عندما تأتى حلول السماء لقمع الطغاة وإبادتهم بعد أن فشلت حلول الأرض لإزاحته ومعاقبته.
يستمد الطغاة قوتهم من خنوع البشر حولهم، فهم يرون الشعوب التى يحكمونها أو التى يمكنهم التحكم بها حتى عن بعد بأنهم عصافيرهم الملونة، التى عليهم سجنها داخل أقفاص من حديد ليصادروا حرياتها وإرادتها وفكرها، تحت زعم أنه حامى حماهم، وأنه يكفيهم شكراً له أنه يوفر لهم الطعام لو فتاتاً، والشراب ولو قطرات مسمومة، وأقفاص يتناسلون بداخلها، فماذا يريدون أكثر من ذلك، فلا عليهم إلا الرضوخ والتسبيح بحمده وشكره، يتفنن الطاغية فى تجنيد أبواق المسئولين الخاضعين وفى مقدمتها أبواق الإعلام فى الترويج لمضمون فكرة شعوب العصافير الملونة، وهى أن الشعب لو خرج من أقفاصه للطيران بإرادة كاملة وفى حرية لماتت من الجوع والعطش ولالتهمتها الطيور الجارحة أو الوحوش الضارية التى تترقب خروجها من الأقفاص، يروج الطاغية وبطانته أنه الحامى لعصافيره ولمقدراتهم، وان الشعب بدون حكمه الحديدى سيضيع ويصبح مطمعاً ونهباً للأعداء، ينشر الطاغية فزاعات لشعبه، ويوجه أغلب أموال الدولة للتسليح وتشغيل مصانع السلاح، لأن أصحاب صناعة القتل والإبادة هم سنده ومصلحتهم معه، واستمرار وجودهم وتوحش ثرواتهم من اشتداد طغيانه.
هكذا يصنع الطاغية لشعبه أقفاصهم فلا يفرون منها، بل تتكدس أحلامهم السجينة داخل أقفاصهم أو زنازينهم حتى تموت، وتموت معها قلوبهم وأرواحهم، فيتحولون إلى أجساد بلا حياة وبلا قلوب، فلا يجدون أمامهم متنفساً سوى الاقتتال، فيتفنن بعضهم فى القضاء على الآخرين بقتلهم، بمحاربتهم فى رزقهم وطعامهم واستباحة محرماتهم، ليس أملا فى الخروج من الأقفاص، بل لتتوسع لهم مساحة فى الأقفاص، إنه الانتقام العاجز من العاجز، وهو أبشع أنواع الانتقام والتى نراها داخل الشعوب السجينة المكبوتة، حيث نرصد تزايد معدلات الجرائم البشعة بها، وتزايد جشع التجار لنهب أقوات الشعب واستلاب أموالهم.
إنها نتائج طبيعية لشعوب مغلوبة على أمرها لا تتمكن من إزاحة الحاكم وبطانته، ولا تجد العدالة أتية من قمة الهرم، فتمارس مع بعضها البعض أيضا إهدار الحقوق والعدالة فى القاع، وتوجه غضبها لإزاحة بعضها البعض عن الحياة، عسى أن يجدوا بعض المتنفس داخل زنازينهم التى باتت تطبق على أنفاسهم، وتكون النهاية دائماً مأساوية لمصائر تلك الشعوب، وهى تدمير مجتمعاتهم، ومن ثم تدمير ذاتهم، وهو ما يحدث بالإقبال على المخدرات بكل أنواعها القاتلة، الإقبال على ارتكاب الفواحش والجرائم البشعة، وعدم المبالاة بالنهايات لهم، لأنهم يرون أنفسهم أصلا فى عداد الموتى، فلا ضير أن يموت الجسد وقد ماتت القلوب والروح ومعها الضمائر كبتا وقهرا وفقدانا لكل الأمل وضياعا لكل الأحلام.
يأتى الطغاة ويرحلون ويسجلهم التاريخ بحروف سوداء ويبقى من بعدهم كهنتهم من عبدة معبدهم المنتفعين منه، الحاصدين للمصالح والأموال والمراكز، يبقى هؤلاء كالسوس الذى ينخر فى مفاصل الدولة الجديدة على أمل عودة الطاغية أو ظهور طاغية جديد، يرحل الطاغية وتبقى أثارة فى الشعب بكل فئاته من خوف من الحرية الحقيقية، ومن الديمقراطية، ومن إطلاق العقول للتفكير والإبداع، وتبقى الأخلاق والمبادئ مجرفة، وهى أثار لا تمتد لجيل واحد، بل تتوارثها أجيال، نعم واهم هو من يعتقد أن الشعب يتحرر بسرعة ويسترد عافيته برحيل الطاغية، لا، فأثار ما صنعه ورسخه من خوف وارتباك واقتتال من أجل فقط البقاء والطعام والحصول على أبسط متطلبات الحياة يبقى ويمتد من جيل لآخر بجانب وجود المنتفعين الكبار من تجار الموت والسلاح والمخدرات وغيرها، قد تتعافى الشعوب بعد سنوات طويلة إذا ما أهداها الله الحاكم العادل الذى يطبق الديمقراطية بمفهومها السليم ويبذل جهده للقضاء على موروث الفساد، أو قد لا تتعافى الشعوب مطلقاً، وتكون الطامة بظهور طاغية جديد يتولى السلطة، لتتكاثر سلالات المنتفعين والمجرمين ولصوص أقوات الشعب بجانب زبانية مصادرة وتعذيب الحريات.
الطاغية أخطبوط تمتد أذرعه المتوحشة فى الداخل والخارج لينتج وسائل عصرية تبيد الإنسان وتتحكم فى مصيره وتقوده إلى الهلاك، انظروا حولنا وسترون هؤلاء الطغاة ما أكثرهم فى تلك الدول التى تتاجر فى أرواح الشعوب، تصادر حرياتهم وتبيد الملايين منهم، هؤلاء يتوشحون زوراً بالديمقراطية أمام العالم رافعين رايات حماية الشعوب المستضعفة، ليخفوا وحشية استراتيجيتهم التى تعمد إلى الإبادة والقتل ومصادرة الحريات والأحلام، لأن العالم كله بالنسبة لهم فى بساطة مجرد عصافيرهم الملونة.
[email protected]