ملامح مواجهة شاملة: روسيا وإيران في صراع متصاعد مع الغرب
تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT
في خضم الأحداث التي يشهدها العالم، يوجد ملفان مرتبطان ببعضهما البعض سياسيا وعسكريا، وهو كيف سيكون الرد الروسي على أوكرانيا والغرب، وكذلك كيف سيكون الرد الإيراني على إسرائيل ومن ورائها الغرب؟
نحن في الواقع أمام مواجهة شاملة بين قطبين والدول التي تدور في فلكهما، وإن كانت النزاعات تبدو ذات طبيعة ثنائية.
من أخطر التطورات التي شهدها العالم، ليس فقط خلال الأسابيع الأخيرة أو هذه السنة، بل خلال السنوات الأخيرة، وربما ضمن الأحداث الرئيسية منذ بداية القرن الجاري إلى جانب أحداث 11 سبتمبر وحرب العراق وطوفان الأقصى هما: قيام إسرائيل نهاية الشهر الماضي باغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هينة في العاصمة طهران.
بينما تمثل الحدث الثاني في العملية الجريئة، التي قام بها الجيش الأوكراني يوم 6 أغسطس الجاري بغزو منطقة كورسك الروسية، واحتلال قرابة ألف كلم مربع. لا تعتبر هذه الأحداث عادية نهائيا رغم أنها تحدث في ظل الحرب الروسية-الأوكرانية ثم الصراع المباشر بين إيران وإسرائيل.
بالنسبة لإيران، عملية اغتيال إسماعيل هنية، وإن تمت من خلال كوماندوس من داخل إيران، وقد يكون المنفذون إيرانيون، كما جرى في حوادث اغتيال علماء المشروع النووي، إلا أن هذه المرة يبقى الاغتيال ضربا مباشرا لهيبة إيران وشرفها.
كما يعتبر إعلان حرب حقيقيا من قبل إسرائيل، ولا يمكن لطهران هذه المرة الاكتفاء بتوظيف الحركات، التي تدور في فلكها مثل الحوثيين وحزب الله لشن ضربات ضد الكيان الصهيوني، بل تجد نفسها مجبرة أمام مواطنيها وباقي شعوب المنطقة على الرد المباشر، وبطريقة أكبر وأعنف مقارنة مع ردها ليلة 13 وفجر 14 أبريل الماضي، على ضرب الكيان للتمثيلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، واغتيال أعضاء من الحرس الثوري. تعاملت طهران مع اغتيالات علماء الذرة على أنها عمليات تصفية محدودة، لاسيما وأن إيرانيين تورطوا في العمليات، لكن هذه المرة، الأمر يتعلق بعمليات حربية تتطلب ردا حربيا.
لدى موسكو حساسية تاريخيا من حدودها الغربية فهي مصدر كل التحديات الكبرى
وفي علاقة بالهجوم الأوكراني على كورسك، اعتقدت موسكو عدم جرأة أوكرانيا على مهاجمة الأراضي الروسية، وهذا فشل استخباراتي خطير في تقييم الحرب، لأن الجديد هو أن أراضي روسيا تعرضت للغزو لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، وهذا الهجوم جاء من دولة تعتبرها موسكو أداة في يد الغرب، ومن الحدود الغربية. ولدى موسكو حساسية تاريخيا من حدودها الغربية، فهي مصدر كل التحديات الكبرى من نابليون إلى هتلر والآن أوكرانيا.
الاعتقاد السائد أنه لا يمكن لإسرائيل اغتيال إسماعيل هنية، دون تنسيق مسبق مع الولايات المتحدة، وإن لم يكن على مستوى البيت الأبيض، فعلى مستوى الاستخبارات، سواء سي أي إيه أو العسكرية دي أي أيه. لأن عملية الاغتيال هذه تمت في وقت رفعت فيه الدول الغربية من تعزيزاتها العسكرية في شرق المتوسط والبحر الأحمر بشكل كبير، مدركة لتطورات مقبلة.
في الوقت ذاته، لا يمكن لأوكرانيا الإقدام على غزو منطقة كورسك الروسية دون تنسيق مسبق مع الحلف الأطلسي. ذلك أن روسيا اتهمت مباشرة البنتاغون والحلف الأطلسي بالتخطيط للعملية وتزويد الجيش الأوكراني بالأسلحة النوعية لتنفيذ هذه العملية.
هل سيحدث الرد الروسي والإيراني على كل من أوكرانيا وإسرائيل؟ نعم سيكون الرد، بل وسيكون ردا استراتيجيا وقويا، وقد يشكل مفاجأة نوعية، ولهذا تأخر حتى يتم التخطيط له بذكاء، ويكون له مفعول كبير.
في هذا الصدد، يبدو أن عملية اغتيال إسماعيل هنية وعملية غزو كورسك تدخلان في نطاق إذلال الغرب لما يسمى بالمحور الجديد المنافس للغرب، ذلك أن الغرب خبير جدا في توجيه الضربات ذات العمق الرمزي، في مواجهة العدو وإضعافه أمام مواطنيه والرأي العام الدولي.
وهنا يمكن استحضار كتاب «عودة التاريخ ونهاية الأحلام» للمفكر الأمريكي روبرت كاغان، الذي دعا في مؤلفه إلى ضرورة محاصرة دول مثل إيران وروسيا والصين وضرب صورتها أمام الرأي العام العالمي لتفقد مصداقيتها. وتتوافق العمليتان: اغتيال إسماعيل هنية وغزو كورسك مع هذا التصور. كما تذهب تحاليل المحافظين في قنوات مثل فوكس نيوز إلى دعم هذه الأطروحة.
قد يتم الرد الروسي والإيراني في توقيت قريب، ربما في اليوم نفسه أو بفارق أيام قليلة، لإرسال رسالة مفادها وحدة المحور المناهض للغرب.
يبقى المقلق هو رد روسيا وإيران على أوكرانيا وإسرائيل ومن ورائهما الغرب برمته
ويبقى المقلق هو رد روسيا وإيران على أوكرانيا وإسرائيل ومن ورائهما الغرب برمته قد يجر إلى ردود متتالية، وهنا قد تنزلق الأمور إلى حرب إقليمية لتصبح دولية، لاسيما وأن الأوضاع في بحر الصين متوترة، بسبب دعم البنتاغون لتايوان، وبدء الحصار العسكري الصامت لبكين للجزيرة، التي تعتبرها متمردة عليها.
وهناك مؤشرات على احتمال وقوع انزلاقات، إذ يكفي أن موسكو قد هددت بولندا إذا اعترضت أي صاروخ روسي سيستهدف أوكرانيا.
وقال وليغ تيابكين، مدير الإدارة الأوروبية الثالثة في وزارة الخارجية الروسية، إن موسكو سترد بشكل ملموس وملائم ومناسب إذا حاولت بولندا اعتراض الصواريخ، مؤكدا أنه «إذا ما استسلمت وارسو الرسمية لاندفاع المغامرة، وقررت القيام بمحاولات لاعتراض وسائل التدمير بعيدة المدى، التي تستخدمها قواتنا المسلحة بشكل قانوني، من أجل تحييد التهديدات العسكرية المنطلقة من أراضي أوكرانيا إلى روسيا، فإن الرد عليها سيكون مناسبا ومحددا تماما». وإذا أخذنا بعين الاعتبار عضوية بولندا في الحلف الأطلسي، هنا يتم استحضار الأسوأ.
عموما، مثل هذه الأحداث تعمل على تسريع تشكيل خريطة جيوسياسية من التحالفات، التي ستتحكم في مجريات عالم الغد، إن لم تكن قد بدأت الآن، لأنه يجب رؤية الرد الإيراني والروسي على أساس أنه رد على الغرب أكثر منه رد على إسرائيل وأوكرانيا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإيراني إسرائيل روسيا الولايات المتحدة إيران إسرائيل الولايات المتحدة روسيا اوكرانيا سياسة مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة صحافة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اغتیال إسماعیل هنیة
إقرأ أيضاً:
روسيا: القوات الأوكرانية تخسر أكثر من 200 عسكري في كورسك خلال 24 ساعة
الثورة نت/..
أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم الثلاثاء، أن قواتها كبدت الجيش الأوكراني خسائر بلغت أكثر من 200 عسكري، إضافةً إلى معدات عسكرية، في المناطق الحدودية لمقاطعة كورسك، خلال الـ 24 ساعة الماضية.
وجاء في تقرير الوزارة، بشأن التقدم المحرز في التصدي لمحاولات التوغل الأوكراني في مقاطعة كورسك: “بلغت خسائر القوات الأوكرانية خلال الـ 24 ساعة الماضية، أكثر من 200 عسكري…”.
وأوضحت الوزارة أن مجمل خسائر القوات الأوكرانية، منذ بدء العمليات القتالية على محور كورسك بلغت: (43510 عسكري – 253 دبابة – 194 مركبة مشاة قتالية – 136 ناقلة جند مدرعة – 1316 مركبة قتالية مصفحة – 1179 سيارة – 324 مدفعاً ميدانياً – 42 راجمة صواريخ من بينها 11 راجمة من طراز “هيمارس” و 6 من طراز “ملرز” أميركية الصنع – 13 قاذفة لمنظومات صواريخ مضادة للطائرات – 7 سيارات للنقل والتذخير – 80 محطة حرب إلكترونية – 13 راداراً مضاداً للبطاريات – 4 رادارات دفاع جوي – 28 قطعة من المعدات الهندسية من بينها 13 مركبة هندسية لإزالة الحواجز، ومركبة واحدة لإزالة الألغام من طراز “أو أر-77″، وكذلك 7 مركبات مدرعة للإصلاح والإخلاء).
كما أفادت وزارة الدفاع بأن الطيران والمدفعية الروسية استهدفا البنية التحتية لمطارات عسكرية، ومستودعات ذخيرة، وطائرات مسيرة، وتمركزات لأفراد، ومعدات تابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، في 146 منطقة، وأن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت 65 مسيرة.
وجاء في التقرير اليومي للوزارة حول سير العملية العسكرية الخاصة، أن “الطيران العملياتي التكتيكي والمسيرات الهجومية والقوات الصاروخية والمدفعية، التابعة لتجمع القوات المسلحة الروسية، ألحقت أضراراً بالبنية التحتية لمطارات عسكرية ومستودعات ذخيرة ومسيرات، فضلاً عن (استهدافها) لتجمعات أفراد ومعدات عسكرية للعدو، في 146 منطقة”.
وتواصل القوات المسلحة الروسية، منذ يوم 24 شباط/فبراير 2022، تنفيذ العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا بهدف تحقيق الشروط التي حددها الرئيس بوتين في مبادرة السلام، والتي تتلخص بسحب القوات الأوكرانية من أراضي الأقاليم الروسية الجديدة، وتخلي أوكرانيا عن نية الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وقبولها بوضع محايد وغير منحاز.