الثورة نت:
2024-12-26@04:55:04 GMT

الوعي والأمل والطموح في معنى التغييرات الجذرية

تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT

التغيير حين يحدث، يبدأ أولا تحت الجلد، أحيانا تبدو الأمور على السطح هادئة وطبيعية إلى أقصى درجة، وتظهر الشعوب خاملة وكأنها جثث تنتظر الجوارح كي تنهشها، إلا أنه في حقيقة الأمر لا شيء ثابت، الحركة الدائمة هي سيدة الحقائق، واكبر حقيقة اليوم هي الحركة الشعبية التي تحركها شعبنا اليمني العظيم في ثورته وصموده وتحديه ومواجهته لدول العدوان والحصار، والخروج الشعبي المليوني لدعم ومساندة غزة، أغلب الناس لا يلاحظون هذه الحركة رغم حدوثها، لكنهم سوف يتفاجأون بالتغيير الحر ويتعجبون كيف حدث، لأنه تغيير كان يعتمل في الداخل، رغم كل الكوابح والمعوقات الظاهرة، لهذا وعلى ضوء مفهومية ” التغييرات الجذرية” التي أطلقها السيد القائد، علينا أن ندرك أن هناك أناساً سوف تبدأ بإطلاق مشاعر الأمل في المستقبل، وأيضا هناك ناس سوف تبدأ بإطلاق الخوف من المستقبل، وهذه المشاعر وأن اختلفت سوف تسبب لجميع الناس القلق، والقلق يخلق الاستعداد لتقبل الإيحاءات، وخاصة تلك الإيحاءات المغلوطة والمضللة التي يرسلها ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي حول أن التغيير الجذري مهمته عزل فلان وتعيين علان، وهنا سوف يبدأ الناس بتصديق أي حاجة.

.
لذلك باعتقادي الشخصي، إن مفهوم التغييرات الجذرية التي تحدث عنها السيد القائد لا تعني بأي حال من الأحوال أن التغيير يعني تغيير الأشخاص أو الأفراد أو تعيين فلان بدل علان – وان كان ذلك مطلوب نوعا ما – ولكن التغييرات الجذرية التي فهمتها تعني أنه بعد بحوث ودراسات وتجارب ونقاشات وجهد جهيد تم الوصول – علميا وعمليا – إلى المستوى الأعلى والأرقى في فهم الأساليب ومعرفة الطرق والأدوات الانجع والأنجح والأفضل التي تحقق الجودة الأعلى في أداء وسلوك وعمل وخدمة القيادة والإدارة للوظيفة العامة في مؤسسات الدولة، وزيادة الإنتاج في كل شيء إيجابي، والابتعاد عن كل شيء سلبي، وتحسين الدخل العام، وتوفير الخدمات العامة، وإحقاق الحقوق، ودفع الناس لأداء واجباتهم، والإدراك والالتزام التام بمعايير السلوك والقيم العليا وعلى رأس ذلك النزاهة في العمل والكفاءة في التعيين، وتفعيل قيم المعرفة الدينية والأخلاقية والشعبية والقانونية في ممارسات وتصرفات موظفي الدولة التي تؤلف قلوب الناس لاحترام الدولة والقانون ومؤسساتهم وموظفيهم..
وحتى نفهم أكثر، علينا أن نعترف انه ربما قد يبدو للوهلة الأولى عند بعض اليائسين والخائفين من المستقبل، أن الحالمين في التغييرات الجذرية في ظل الظروف الصعبة الناتجة عن الحرب والعدوان والحصار مجرد مجانين، وفي أحسن الأحوال مجموعة من المنظرين الذين لا يفهمون ما يحدث على أرض الواقع، لكن في الحقيقة هذه نظرة عجلى وسطحية بالأساس، وإذا أردنا أن نعرف لماذا، فعلينا أن نأخذ رأي الجهة الأخرى، رأي اليائسين الذين يرون أنه لا فائدة مرجوة من التغييرات الجذرية، ولا يوجد أي أمل في حدوث أي تغيير مهما حاولنا، فماذا يقدم هؤلاء بهذه الواقعية الرثّة التي يتحدثون بها.. ؟ ماذا يفعلون برصدهم لواقع اليأس وإعلان صعوبته وعدم القدرة على تجاوزه ولو بعد ألف عام..؟ هؤلاء أشبه بتجلط الدم، يعيقون حركة المسيرة والدولة والمجتمع في الوقت الذي يعتقدون أنهم أكثر أبناءه وعيا، لأن تصورهم مجرد رصد للواقع، حتى وإن كان رصدا مصيبا، إلا أنه لن يغير من الأمر شيئا إذا توفرت الإرادة والعزيمة والتوكل على الله..
أما إذا انتقلنا إلى جهة الحالمين الممتلئين بالأمل في المستقبل، ولا أقصد بالحالمين المنظرين الذين ينفصلون عن الواقع تماما، ولكن أقصد بالحالمين هنا من يعرفون حقيقة الأمر على أرض الواقع لكنهم لا يستسلمون للوضع القائم، ويأملون في التغيير ويسعون نحوه دائما، وإذا ضربهم إحباط المحبطين ويأس اليائسين وخوف وقلق المنظرين يستحضرون الهمم والعقل والتوكل على الله ودروس التاريخ كي تشحن نفوسهم نحو المستقبل، يشاهدون كيف خرجت أمم وحضارات من قاع التخلف والجهل والاستبداد لتجلس على رأس الأمم، هؤلاء هم صانعو المستقبل، هؤلاء هم أصحاب رؤية ونظرية التغيير الجذري الذي نأمله ونحلم به، أما المنظرون ومن يدعون الواقعية والممتلئون بالإحباط والخوف والقلق فلن يفعلوا شيئا سوى تعطيل المسيرة والدولة والشعب في كل الأحوال..

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: التغییرات الجذریة

إقرأ أيضاً:

فن إدارة التغيير: النموذج السوري (1)

المقدمة:

المعنى تفرضه الكلمة، فإن التغيير هو بحكم طبيعته ضد للحياة الطبيعية حتى ولو كانت مكروهة، فكم من تغيير فشل رغما عن كونه كان اختيار الأغلبية ونتاجا لثورات بُذلت فيها أرواح تقيّة من أجل نصرة الحق وإزهاق الباطل، وكم من عروس تزينت والتحفت برداء الديمقراطية فاستيقظت على حلم قد مات وتحول إلى كابوس من رفات.

ولست اليوم هنا بصدد حديث سياسي أكثر منه علمي أو استراتيجي ولست هنا للرسم خريطة عقلية لتصور إدارة التغيير بعد الثورة السورية، فهذه التفاصيل ليس هذا مكانها ولا منزلها، ولكنني وبحكم تخصصي وخبرتي أردت من خلال هذه السلسلة أن أزيل الغطاء على بعض آليات إدارة التغيير واستراتيجياته ومسببات النجاح والفشل، وأن أرسم خطوطا عريضة لاستراتيجيات إدارة التغيير ومكوناته، عسى أن ينفع الله بها إخواننا في سوريا وكل من عاش تجربة فاشلة للتغيير كلفته الكثير والكثير وقد يتوق إلى مراجعتها من جديد.

حتمية الفشل وحتمية التغيير:

بادئ ذي بدء دعونا نؤكد أن الأبحاث الخاصة بعلم إدارة التغيير قد أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن أكثر من 70 في المئة من عمليات إدارة التغيير تنتهي بالفشل، وأن هذا الفشل يكون في المراحل الأولي للعملية بين 6 أشهر وعام واحد، وأن هذا الفشل تنبت جذوره مع عدم الإلمام بمكونات العملية وعدم القدرة على الانتقال الناجح من مرحلة تلو الأخرى، خاصة وأن كل مرحلة تبني على التي قبلها. ولذلك فالمتخصصون في هذا العلم هم قلة قليلة بسبب تعقيده وصعوبة تحقيق نتائج مرضية في وقت قصير.

إدارة عملية التغيير تعتمد على ذراعين رئيسيين، السرعة والحجم، وأن التركيز على حجم التغيير كما يفعل الغالبية (كونه يصنع عناوين الأخبار) يؤدي إلى الفشل فسرعة اتخاذ القرار قد تكون أهم من القرار نفسه، وكم من قرارات متميزة ماتت لأنها صدرت متأخرة
وأعتذر مرة أخرى عن عدم قدرتي على الخوض في التفاصيل نظرا لضيق المساحة وطبيعة المعلومات، ولكن التغيير حتمي فهو مرتبط بطبيعة الخلق والتكوين والموت والحياة، والأمم التي لا تستطيع التغيير تختفي وتتبخر مهما طال بها الزمن أو حكمها الفراعين.

فن إدارة التغيير: استراتيجيات وآليات:

أولا: خلق الحالة الطارئة المطلوبة لإحداث التغيير في المجتمع:

يجب الحفاظ على الحالة الطارئة (الثورية) المطلوبة وتغذيتها بآليات مختلفة تناسب كل مرحلة، وإعلاء رمزية الثورة في كل مكان وتولي لجنة مختصة هذا الأمر.

والحالة الطارئة هي تلك المحرك الذي يحرك الملايين في الميادين، إحساس الحرية بعد العبودية والديمقراطية بعد الديكتاتورية، فهذه الحالة الثورية هي أدرينالين الثورة الذي يحافظ على مرجعيتها ويؤكد دورها في بناء دولة حديثة.

ويجب الوقوف وبشدة ضد القوى المعادية للتغيير في الداخل والخارج، والتخلص من محترفي تجميد التغيير.

ويجب معرفة أن إدارة عملية التغيير تعتمد على ذراعين رئيسيين، السرعة والحجم، وأن التركيز على حجم التغيير كما يفعل الغالبية (كونه يصنع عناوين الأخبار) يؤدي إلى الفشل فسرعة اتخاذ القرار قد تكون أهم من القرار نفسه، وكم من قرارات متميزة ماتت لأنها صدرت متأخرة.

ثانيا: الانضمام للمجموعات الدولية المؤثرة وتكوين الأحلاف الاقتصادية والسياسية التي تحقق التوازن الدولي.

لا بد لنا أن نعلم بأن مقدرات التغيير مرتبطة بالقدرة على كونه مدعوم من قوى دولية بعينها، فبدون الوصول لصيغة تفاهمية مع القوى الدولية وخاصة في المرحلة الأولى لتأسيس الدولة سيكون من الصعب جدا دعم عملية التغيير وإنجاحها.

ولكن الأهم من تكوين التحالفات فهم التوازنات الخاصة بالمعسكرين الشرقي والغربي والسعي وراء الاستفادة من هذا التوازن، فمثلا بدلا عن الإنصات لشروط المعسكر الغربي يمكن الدخول في تحالفات قوية مع روسيا والصين، الهدف دائما هو صنع توازنات للصالح العام.

ولا يجب على قوى التغيير انتظار المبادرة من الطرف الآخر، بل عليها فورا تكوين فريق متخصص يبدأ في بناء تلك التحالفات أو الإعداد لها.

لا بد لقوى التغيير أن تكون قادرة على صناعة صورة ذهنية واضحة للمستقبل، تلك الصورة يجب مشاركتها مع كل المهتمين بعملية التغيير وعلى رأسهم الشعب والقوى الوطنية والأحزاب والقوى الدولية وغيرها، ويلعب الإعلام المحترف دورا رئيسيا في ذلك
وهنا يجب تأسيس ذلك الفريق الدبلوماسي بعد نجاح الثورة مباشرة، لأن الاعتماد على توظيف مؤسسات تم تكوينها بعيدا عن الثورة قد يعطي انطباعات مختلفة، ويجب أن يبقى قائد العمليات العسكرية (السيد أحمد الشرع) في الصدارة طوال الوقت لضمان عدم تحييد الحالة الثورية وضمان التأسيس لحالة تغييرية ناجحة. ويجب العلم أن العملية معقدة ولكنها أساسية، والفشل فيها يؤدي إلى حتمية فشل التغيير.

ثالثا: تخليق رؤية مرنة ذات اتجاه واضح:

في كل عملية تغيير ناجحة لا بد لقوى التغيير أن تكون قادرة على صناعة صورة ذهنية واضحة للمستقبل، تلك الصورة يجب مشاركتها مع كل المهتمين بعملية التغيير وعلى رأسهم الشعب والقوى الوطنية والأحزاب والقوى الدولية وغيرها، ويلعب الإعلام المحترف دورا رئيسيا في ذلك.

ويجب علينا أن نعي أن الرؤية ليست قرآنا ولا دستورا ولكنها توضح اتجاه الدفة نحو تأسيس دولة ديمقراطية حديثة، فهي صورة ذهنية مكوناتها واضحة ولكن يمكن تعديلها، والإضافة إليها مع الحفاظ على الاتجاه. يجب على الجميع أن يتحدث نفس اللغة، حتى وإن كانت الجُمل مختلفة (سوريا الجديدة، سوريا لكل السوريين).

وتمثل الرؤية روح العملية التغييرية، فهي تمثل الواقع والحلم وكيف يمكن تحقيقه، بجب أن تكون أمام أعين الجميع طوال الوقت، مع العلم بأن عدم وضوح الرؤية سيؤدي لحالة من التخبط ومحاولات ملء الفراغ وتغيير الاتجاه، وكلها من العوامل التي تساهم في إفشال عملية التغيير بلا عودة.

مقالات مشابهة

  • الرياضة النسائية في سلطنة عُمان .. بين التحديات والطموح !
  • ما معنى الاحتفال برأس السنة الميلادية وما حكمه؟.. دار الإفتاء توضح
  • خيانات المرتزقة البائسة
  • نائب شمالي: حلّت لحظة التغيير
  • أشرف صبحي: برنامج قومي لصناعة الهدف والأمل بمراكز الشباب لتنمية جيل واع ومؤهل
  • في معركة القيادة والطموح .. الغرب يتراجع والشرق يتقدم
  • وزير الشباب يناقش تنفيذ البرنامج القومي لصناعة الهدف والأمل
  • كارلا حداد تستعد لأستقبال 2025 بلون السعي والطموح
  • فن إدارة التغيير: النموذج السوري (1)
  • أصوات لا تعرفها تصدرها الإبل والخيول.. ما معنى الحَنِينَ؟