الجزيرة:
2024-09-15@23:28:34 GMT

هل بوتين في أذربيجان لمنع حدوث ثغرة دفرسوار جديدة؟

تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT

هل بوتين في أذربيجان لمنع حدوث ثغرة دفرسوار جديدة؟

وصلَ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى باكو، عاصمة أذربيجان، يوم الأحد 18 أغسطس/آب الجاري، في زيارة رسمية تستمر يومين. التقى بوتين خلالها رئيس البلاد إلهام علييف على ضفاف بحر قزوين، حيث بحثا قضايا تتعلق بتنمية علاقات الشراكة الإستراتيجية والتحالف الروسي الأذري، إضافة إلى مناقشة قضايا دولية وإقليمية راهنة، وفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء الأذرية الرسمية.

ثغرة الدفرسوار أو الثغرة، التي تُسمّى أيضًا عملية "أبيري- ليف"، هي العملية الإسرائيلية التي جرت في وسط قناة السويس في الفترة من 15 إلى 23 أكتوبر/تشرين الأول 1973 خلال حرب أكتوبر (حرب الغفران). أدّت هذه الحادثة إلى تعقيد مسار الأحداث؛ لأنها كانت في نهاية حرب أكتوبر/تشرين الأول، حينما تمكّن الجيش الإسرائيلي من تطويق الجيش المصري الثالث الميداني.

كشفت وكالة الاستخبارات الأميركية معلومات مهمة لتل أبيب تتعلق بما عُرف بـ"ثغرة الدفرسوار"، عندما اخترقت طائرة الاستطلاع الأميركية "إس آر-71" المجال الجوي المصري يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 1973، وغطت جبهة القتال كلها، مما أتاح لإسرائيل الحصول على صور جوية دقيقة، ومعلومات عن كامل المساحة بين الجيشين الثاني والثالث، مما مهّد لتنفيذ عملية ثغرة الدفرسوار.

أعطت هذه الثغرة انتصارًا، ولو معنويًا، لإسرائيل، وسمحت بتعزيز مكانتها بعد صورة الهزيمة التي لحقت بها في 6 أكتوبر/تشرين الأول لحظة الهجوم المشترك للجيشين: المصري والسوري؛ لاستعادة قناة السويس ومرتفعات الجولان، اللتين احتلتهما إسرائيل بعد حرب النكسة عام 1967.

يبدو أن الرئيس بوتين قارئ جيد للتاريخ، ومدرك أن أي خلل في حدائق روسيا الخلفية قد تجد فيه واشنطن "ثغرة الدفرسوار". فكيف إذا تعلّق الأمر بالمنطقة الواقعة على بحر قزوين، الحلم الأميركي الجميل لتكريس حضورها هناك. إذ تعتبر الولايات المتحدة أن المنطقة عائمة على مصادر الطاقة، لا سيما الغاز الطبيعي المسال، كما أن موقعها يُعتبر إستراتيجيًا لعرقلة طموح بوتين، وضرب مشروع "الطريق والحزام" الصيني، ومحاصرة إيران في أشد أعدائها، باكو.

الزيارة كادت أن تكون عادية، كأي لقاء بين بلدين متجاورين يعقدان الاتفاقيات ويبحثان عن مصالحهما. لكن هذه الزيارة بالذات، وبهذا التوقيت، لا يمكن وضعها ضمن خانة "الزيارة الروتينية". فهي تأتي بعد قطيعة روسية دامت حوالي ست سنوات، إذ كانت آخر زيارة لبوتين إلى باكو عام 2018، كما أن العلاقات بينهما شهدت المزيد من التوترات، لا سيما أن باكو لطالما اتهمت موسكو بالانحياز إلى جانب أرمينيا في صراعهما على إقليم قره باغ. الحرب التي استمرت لأكثر من مئة عام حسمتها أذربيجان في سبتمبر/أيلول 2023 لصالحها بـ "غطاء" روسي.

لا يتعلق الأمر بما وقع بين البلدين من شراكات أو تفاهمات، بل بالزيارة بحد ذاتها وقراءتها على المستويين: السياسي والإستراتيجي، خصوصًا أنها أتت بعدما شعرت روسيا أن يريفان تسير عكس التيار للدول التي تقع في نطاق الاتحاد السوفياتي سابقًا. فدول منطقة القوقاز تُعتبر بمثابة الحديقة الخلفية لروسيا، لهذا يحتاج بوتين إلى سد كافة الثغرات التي من الممكن أن تسبب "حرتقة" لها، وهي اليوم تخوض حربًا ضروسًا في أوكرانيا، لا سيما بعد التطور الميداني الحاصل من اختراق القوات الأوكرانية لأراضٍ روسية في منطقة كورسك والسيطرة على حوالي 1150 كيلومترًا.

تعتبر يريفان أن موسكو خذلتها أمام باكو، لذا اتخذت أرمينيا خيار التوجه غربًا، فقامت باستفزاز روسيا من خلال المناورات التي أجرتها في يوليو/تموز الماضي تحت اسم "إيغل يارتنير 2024" مع القوات الأميركية. ويعكس هذا التطور وتيرة جديدة ونوعية في تقارب يريفان مع المنظومة الغربية، مما قد يضر بشكل حاد بالعلاقات التاريخية مع روسيا.

تحتاج موسكو لهذه الزيارة من أجل الذهاب أبعد من توطيد علاقاتها مع باكو بعد الطلاق الحاصل مع يريفان، فهي تعتبر أن هذه الزيارة قد تقطع الطريق على أميركا من استغلال العدائية الحاصلة بين باكو وطهران، ولا تسمح لها باستغلال ثغرة دفْرسوار جديدة. إذ توطد الولايات المتحدة حضورها من خلال شريكتها إسرائيل التي تجمعها بأذربيجان علاقات تاريخية ممتازة، حيث تقع على أراضيها أضخم قاعدة عسكرية تجسسية إسرائيلية على الحدود الإيرانية، كما أن باكو تُعتبر من أكثر مستوردي السلاح الإسرائيلي.

هذه الثغرة التي يعمل بوتين على ردمها ترتبط أيضًا بنية موسكو في فتح مسار التلاقي بين إيران وأذربيجان. فتحسين العلاقة بين البلدين سيكون له مردود إيجابي على الحلف الثلاثي الذي نشأ مؤخرًا على حساب سوريا بين تركيا وإيران وروسيا. فالعلاقة الجيدة بين رجب طيب أردوغان وبوتين مهدت طريق بوتين إلى باكو، وقد تعبّد الطريق من باكو إلى طهران في مسعى جدّي للالتفاف على مصالح أميركا في المنطقة.

الالتفاف وردم الثغرات ليسا فقط من أهداف الزيارة، لكن الثغرة التي تزعج بوتين تتعلق بقرار باكو زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال خلال العام الجاري (2024) إلى ما يصل إلى حوالي 24 مليار متر مكعب إلى أوروبا. فهي بذلك تستفيد من زيادة الطلب الأوروبي في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، وبحث دول القارة العجوز عن إمدادات بديلة لغاز موسكو.

قد لا يستطيع بوتين مصارحة علييف في هذا الموضوع، لا سيما أنه يدخل ضمن مصالح البلاد العليا بغض النظر عما قد تحمله الزيارة من انطباعات جيدة يمكن البناء عليها في المستقبل. لكن قد يعتمد بوتين مع حليفه أردوغان على إقناع باكو بدعم مشروع البلدين المرتبط بإنشاء مركز لتصدير الغاز الطبيعي في تركيا. بهذه الطريقة، يسحب بوتين ورقة الغاز الأذري المصدر إلى أوروبا ويضعها في يد حليفه التركي لممارسة ضغوط أكبر على الغرب.

تعتبر منطقة القوقاز ودول بحر قزوين من المناطق السهلة أمام الغرب لفتح ثغرات دفْرسوار مجددًا والعمل على تطويق مشروع بوتين بإعادة الإمبراطورية الروسية إلى سابق عهدها. لهذا، قد تنجح تلك الزيارة في الشكل، ولكن في المضمون هناك الكثير من العقبات التي تواجه موسكو على أراضي أذربيجان، التي تشهد علاقات معقدة مع الدول الغربية، مما قد يصعب المهمة على بوتين، خاصةً أنه غارق اليوم في وحول أوكرانيا، حيث تشهد الحرب هناك تطورات ميدانية كل يوم.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أکتوبر تشرین الأول ثغرة الدفرسوار بوتین إلى لا سیما التی ت

إقرأ أيضاً:

الازدواجية تثير الغضب الفرنسي: باكو تسجن فنان غرافيتي فرنسي وتفرض غرامات على زملائه من جنسيات أخرى

حكمت محكمة في أذربيجان على فنان فرنسي بالسجن بتهمة الرسم على جدران مترو الأنفاق خلال رحلة فنية كان يقوم بها مع زملائه، بينما كان فنانون آخرون يجرون تجارب مشابهة في أماكن أخرى. وقد أثار هذا الحكم التوترات بين أذربيجان وفرنسا، مُبرزًا الصعوبات في العلاقات بين البلدين.

اعلان

أدانت وزارة الخارجية الفرنسية ما وصفته بالمعاملة التمييزية التي تعرض لها الفنان الفرنسي ثيو كليرك في أذربيجان.

فقد حكمت محكمة في باكو على كليرك بالسجن ثلاث سنوات في 10 سبتمبر، بسبب رسومات جرافيتي قام برسمها على جدران مترو الأنفاق في العاصمة باكو في 30 مارس. ويعتبر هذا النوع من الفن جزءًا من "فن الشوارع".

بالمقابل، حُكم على فنانين آخرين كانا يعملان معه، الأسترالي بول هان والنيوزيلندي إسماعيل دي سانت كوينتين، بدفع غرامات بسيطة قدرها 3500 يورو لكل منهما، رغم توجيه نفس التهم إليهما.

Relatedشاهد: افتتاح متحف لعرض فن الشارع الذي طبع "الثورة الاجتماعية" في تشيليبدون تعليق: جدارية بنين تنبض بالحياة مع فن الشارع المستوحى من تاريخ البلادشاهد: فرساي المدينة الفرنسية ذات التاريخ الملكي تغير حاضرها بفن الشارع

كما فرضت المحكمة على كليرك دفع غرامة لتغطية تكاليف إزالة الرسوم والأضرار الناتجة عن توقف القطار أثناء اعتقاله. بينما تم احتجاز كليرك من قبل السلطات، وتم إطلاق سراح زميليه ولكن تم منعهما من مغادرة أذربيجان حتى موعد المحكمة.

يشير المحامون إلى أن القانون الجنائي الأذري لا ينص على السجن في مثل هذه الحالات، مما يبرز مدى التباين في التعامل مع قضايا مماثلة.

وكتب المحامي إلشين ساديغوف على صفحته على فيسبوك: "لم يكن هناك اختلاف في ظروف المتهمين، إلا بجنسيتهم". وقال إنه سيستأنف قرار المحكمة.

ويقول المحامون، إن مادة القانون الجنائي التي أدين بموجبها كليرك لا تنص على السجن.

وأشارت وسائل الإعلام الفرنسية إلى أن الحكم المتحيز -حسب وصفها- ضد ثيو كليرك هو دليل آخر على تدهور العلاقات بين باريس وباكو.

وتتهم أذربيجان فرنسا بأنها أهم حليف لأرمينيا وتقف إلى جانبها في قضية ناغورني قره باغ.

وتتهم باريس باكو بالتدخل في شؤونها الداخلية، ولا سيما بدعم الانفصاليين في كاليدونيا الجديدة والمشاركة في الاضطرابات التي اندلعت هناك.

Relatedناغورنو كاراباخ : لا حرب ولا سلامناغورنو كاراباخ : الصراع الذي يهدد أمن القوقازالصناعات الإبداعية في باكو: الأفلام المصورة بالهواتف المحمولة ومسابقات الهاكاثون تحتل مركز الصدارة

وقبل أيام قليلة من صدور الحكم على كليرك، نشرت وزارة الخارجية الفرنسية رسالة على موقعها، تدعو المواطنين للامتناع عن السفر إلى أذربيجان دون سبب وجيه.

ووصف المكتب الصحفي لوزارة الخارجية الأذرية البيان بأنه "منحاز ولا أساس له من الصحة".

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بحضور نجوم كوريين.. عرض منحوتات الفنان فيليب كولبير الجديدة في سيول فنانون أوروبيون يحثون صربيا على عدم تسليم مخرج بيلاروسي إلى بلاده خوفًا من تعرضه للتعذيب فنانون يحتجون ضد تهديد الذكاء الاصطناعي في استوديوهات وارنر بروس حكم السجن فنان الشارع فرنسا الدبلوماسية رسوم جدارية - غرافيتي أذربيجان اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. حرب غزة: قتلى وجرحى نتيجة غارات إسرائيلية مستمرة بالقطاع والسنوار يوجه رسالة إلى نصر الله يعرض الآن Next روسيا تطرد 6 دبلوماسيين بريطانيين بتهمة التجسس والأنشطة التخريبية يعرض الآن Next فيتنام: ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار ياغي إلى 233 قتيلا بعد العثور على مزيد من الجثث يعرض الآن Next كوريا الشمالية تكشف عن منشأة سرية لتخصيب اليورانيوم وكيم يدعو لصنع المزيد من الأسلحة النووية يعرض الآن Next عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة يغلقون جسرا بتل أبيب ويتهمون نتنياهو وزوجته بممارسة الإرهاب النفسي اعلانالاكثر قراءة غوتيريش: غياب المحاسبة على قتل موظفي الأمم المتحدة في غزة "غير مقبول" في منطقة شنغن.. إليكم 8 دول شدّدت إجراءات الدخول عبر حدودها البرية عملية كوماندوز إسرائيلية في سوريا: الاستيلاء على ملفات إيرانية وأسر جنديين والحرس الثوري ينفي سير تاريخي في الفضاء: ملياردير يتجول خارج كبسولة سبيس إكس على ارتفاع مئات الأميال تباين الآراء في الاتحاد الأوروبي: سانشيز يدعو لإعادة النظر في الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليوم إيطاليا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا فلاديمير بوتين سعر الفائدة هولندا روسيا الاتحاد الأوروبي فرنسا قطاع غزة أسلحة نووية تضخم Themes My Europeالعالمالأعمالالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • وزير الرياضة يتفقد مركز التنمية الشبابية والرياضية الجزيرة "٢ "بمدينة ٦ أكتوبر
  • بتقديم أدلة جديدة.. جنوب إفريقيا تصر على إدانة “إسرائيل” في قضية “الإبادة الجماعية” التي رفعتها
  • أربيل تعلن إنجاز 80‎% من أعمال أكبر سد لمنع الفيضانات في مناطق داره تو ومحيطها
  • فرق الإنقاذ تبدأ محاولة جديدة لسحب ناقلة النفط "سونيون" التي فجّرها الحوثيون البحر الأحمر
  • راسل الأسرع بالتجارب الأخيرة في باكو
  • تفاصيل جديدة.. ثغرة "حواجز الرؤية" مهدت لعملية محاولة اغتيال ترامب
  • 4 نصائح من وزارة الصحة لمنع وتقليل انتشار قمل الشعر
  • الولايات المتحدة تستهدف متاجر صينية بقواعد جديدة للحد من “إساءة” استخدام ثغرة تجارية
  • الازدواجية تثير الغضب الفرنسي: باكو تسجن فنان غرافيتي فرنسي وتفرض غرامات على زملائه من جنسيات أخرى
  • جهة الدار البيضاء تستقبل شركة جديدة لتدبير الماء والكهرباء ابتداءً من أكتوبر (فيديو)