هل بوتين في أذربيجان لمنع حدوث ثغرة دفرسوار جديدة؟
تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT
وصلَ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى باكو، عاصمة أذربيجان، يوم الأحد 18 أغسطس/آب الجاري، في زيارة رسمية تستمر يومين. التقى بوتين خلالها رئيس البلاد إلهام علييف على ضفاف بحر قزوين، حيث بحثا قضايا تتعلق بتنمية علاقات الشراكة الإستراتيجية والتحالف الروسي الأذري، إضافة إلى مناقشة قضايا دولية وإقليمية راهنة، وفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء الأذرية الرسمية.
ثغرة الدفرسوار أو الثغرة، التي تُسمّى أيضًا عملية "أبيري- ليف"، هي العملية الإسرائيلية التي جرت في وسط قناة السويس في الفترة من 15 إلى 23 أكتوبر/تشرين الأول 1973 خلال حرب أكتوبر (حرب الغفران). أدّت هذه الحادثة إلى تعقيد مسار الأحداث؛ لأنها كانت في نهاية حرب أكتوبر/تشرين الأول، حينما تمكّن الجيش الإسرائيلي من تطويق الجيش المصري الثالث الميداني.
كشفت وكالة الاستخبارات الأميركية معلومات مهمة لتل أبيب تتعلق بما عُرف بـ"ثغرة الدفرسوار"، عندما اخترقت طائرة الاستطلاع الأميركية "إس آر-71" المجال الجوي المصري يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 1973، وغطت جبهة القتال كلها، مما أتاح لإسرائيل الحصول على صور جوية دقيقة، ومعلومات عن كامل المساحة بين الجيشين الثاني والثالث، مما مهّد لتنفيذ عملية ثغرة الدفرسوار.
أعطت هذه الثغرة انتصارًا، ولو معنويًا، لإسرائيل، وسمحت بتعزيز مكانتها بعد صورة الهزيمة التي لحقت بها في 6 أكتوبر/تشرين الأول لحظة الهجوم المشترك للجيشين: المصري والسوري؛ لاستعادة قناة السويس ومرتفعات الجولان، اللتين احتلتهما إسرائيل بعد حرب النكسة عام 1967.
يبدو أن الرئيس بوتين قارئ جيد للتاريخ، ومدرك أن أي خلل في حدائق روسيا الخلفية قد تجد فيه واشنطن "ثغرة الدفرسوار". فكيف إذا تعلّق الأمر بالمنطقة الواقعة على بحر قزوين، الحلم الأميركي الجميل لتكريس حضورها هناك. إذ تعتبر الولايات المتحدة أن المنطقة عائمة على مصادر الطاقة، لا سيما الغاز الطبيعي المسال، كما أن موقعها يُعتبر إستراتيجيًا لعرقلة طموح بوتين، وضرب مشروع "الطريق والحزام" الصيني، ومحاصرة إيران في أشد أعدائها، باكو.
الزيارة كادت أن تكون عادية، كأي لقاء بين بلدين متجاورين يعقدان الاتفاقيات ويبحثان عن مصالحهما. لكن هذه الزيارة بالذات، وبهذا التوقيت، لا يمكن وضعها ضمن خانة "الزيارة الروتينية". فهي تأتي بعد قطيعة روسية دامت حوالي ست سنوات، إذ كانت آخر زيارة لبوتين إلى باكو عام 2018، كما أن العلاقات بينهما شهدت المزيد من التوترات، لا سيما أن باكو لطالما اتهمت موسكو بالانحياز إلى جانب أرمينيا في صراعهما على إقليم قره باغ. الحرب التي استمرت لأكثر من مئة عام حسمتها أذربيجان في سبتمبر/أيلول 2023 لصالحها بـ "غطاء" روسي.
لا يتعلق الأمر بما وقع بين البلدين من شراكات أو تفاهمات، بل بالزيارة بحد ذاتها وقراءتها على المستويين: السياسي والإستراتيجي، خصوصًا أنها أتت بعدما شعرت روسيا أن يريفان تسير عكس التيار للدول التي تقع في نطاق الاتحاد السوفياتي سابقًا. فدول منطقة القوقاز تُعتبر بمثابة الحديقة الخلفية لروسيا، لهذا يحتاج بوتين إلى سد كافة الثغرات التي من الممكن أن تسبب "حرتقة" لها، وهي اليوم تخوض حربًا ضروسًا في أوكرانيا، لا سيما بعد التطور الميداني الحاصل من اختراق القوات الأوكرانية لأراضٍ روسية في منطقة كورسك والسيطرة على حوالي 1150 كيلومترًا.
تعتبر يريفان أن موسكو خذلتها أمام باكو، لذا اتخذت أرمينيا خيار التوجه غربًا، فقامت باستفزاز روسيا من خلال المناورات التي أجرتها في يوليو/تموز الماضي تحت اسم "إيغل يارتنير 2024" مع القوات الأميركية. ويعكس هذا التطور وتيرة جديدة ونوعية في تقارب يريفان مع المنظومة الغربية، مما قد يضر بشكل حاد بالعلاقات التاريخية مع روسيا.
تحتاج موسكو لهذه الزيارة من أجل الذهاب أبعد من توطيد علاقاتها مع باكو بعد الطلاق الحاصل مع يريفان، فهي تعتبر أن هذه الزيارة قد تقطع الطريق على أميركا من استغلال العدائية الحاصلة بين باكو وطهران، ولا تسمح لها باستغلال ثغرة دفْرسوار جديدة. إذ توطد الولايات المتحدة حضورها من خلال شريكتها إسرائيل التي تجمعها بأذربيجان علاقات تاريخية ممتازة، حيث تقع على أراضيها أضخم قاعدة عسكرية تجسسية إسرائيلية على الحدود الإيرانية، كما أن باكو تُعتبر من أكثر مستوردي السلاح الإسرائيلي.
هذه الثغرة التي يعمل بوتين على ردمها ترتبط أيضًا بنية موسكو في فتح مسار التلاقي بين إيران وأذربيجان. فتحسين العلاقة بين البلدين سيكون له مردود إيجابي على الحلف الثلاثي الذي نشأ مؤخرًا على حساب سوريا بين تركيا وإيران وروسيا. فالعلاقة الجيدة بين رجب طيب أردوغان وبوتين مهدت طريق بوتين إلى باكو، وقد تعبّد الطريق من باكو إلى طهران في مسعى جدّي للالتفاف على مصالح أميركا في المنطقة.
الالتفاف وردم الثغرات ليسا فقط من أهداف الزيارة، لكن الثغرة التي تزعج بوتين تتعلق بقرار باكو زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال خلال العام الجاري (2024) إلى ما يصل إلى حوالي 24 مليار متر مكعب إلى أوروبا. فهي بذلك تستفيد من زيادة الطلب الأوروبي في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، وبحث دول القارة العجوز عن إمدادات بديلة لغاز موسكو.
قد لا يستطيع بوتين مصارحة علييف في هذا الموضوع، لا سيما أنه يدخل ضمن مصالح البلاد العليا بغض النظر عما قد تحمله الزيارة من انطباعات جيدة يمكن البناء عليها في المستقبل. لكن قد يعتمد بوتين مع حليفه أردوغان على إقناع باكو بدعم مشروع البلدين المرتبط بإنشاء مركز لتصدير الغاز الطبيعي في تركيا. بهذه الطريقة، يسحب بوتين ورقة الغاز الأذري المصدر إلى أوروبا ويضعها في يد حليفه التركي لممارسة ضغوط أكبر على الغرب.
تعتبر منطقة القوقاز ودول بحر قزوين من المناطق السهلة أمام الغرب لفتح ثغرات دفْرسوار مجددًا والعمل على تطويق مشروع بوتين بإعادة الإمبراطورية الروسية إلى سابق عهدها. لهذا، قد تنجح تلك الزيارة في الشكل، ولكن في المضمون هناك الكثير من العقبات التي تواجه موسكو على أراضي أذربيجان، التي تشهد علاقات معقدة مع الدول الغربية، مما قد يصعب المهمة على بوتين، خاصةً أنه غارق اليوم في وحول أوكرانيا، حيث تشهد الحرب هناك تطورات ميدانية كل يوم.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أکتوبر تشرین الأول ثغرة الدفرسوار بوتین إلى لا سیما التی ت
إقرأ أيضاً:
بعد قرنين من الهدوء.. هل تنذر زلازل إثيوبيا بانفجار بركاني قريب؟
في المدارس يتعلم الأطفال عن البراكين من خلال تجربة بسيطة، تتضمن اهتزاز زجاجة المياه الغازية ثم خروج محتواها بسرعة يصعب السيطرة عليها نتيجة حدوث ضغط كبير داخل الزجاجة يحرك الغازات المضغوطة.
هذا السيناريو يتكرر على مستوى أكبر في باطن الأرض عند حدوث الزلازل في المناطق النشطة البركانية، حيث تكون الهزات الأرضية التي تحدثها الزلازل أشبه بعملية اهتزاز الزجاجة، التي تؤدي إلى تحريك الصهارة تحت البركان، مما قد يسفر عنه حدوث الثوران البركاني.
ووقعت أحداث هذا السيناريو في كثير من المناطق حول العالم، حيث كان حدوث الزلازل في تلك المناطق مقدمة لثوران بركاني، وهو ما دفع خبراء -تحدث بعضهم لـ"الجزيرة نت"- إلى مناقشة احتمالية تكرار ذلك في إثيوبيا، التي شهدت مؤخرا سلسلة من الزلازل في مناطق نشطة بركانيا، وكان المبرر المنطقي لهذا الطرح ليس فقط تلك الأحداث، ولكن لأن إثيوبيا نفسها كانت مسرحا لتلك الأحداث قبل أكثر من قرنين من الزمان.
وتعرضت منطقتا "عفر" و"أوروميا" في إثيوبيا للعديد من الزلازل والهزات الأرضية منذ بداية عام 2025، كان أقواها في الرابع من يناير/كانون الثاني بقوة 5.7 درجات، وأفاد كل من هيئة المسح الجيولوجي الأميركية والمركز الألماني لأبحاث علوم الأرض أن مركز الزلزال كان على بعد 142 كيلومترا شرق العاصمة أديس أبابا، في منطقة أوروميا.
إعلانوجاء هذا الزلزال بعد يوم واحد فقط من وقوع زلزال آخر بقوة 5.5 درجات في المنطقة نفسها، كما تم تسجيل زلزالين آخرين يوم 11 يناير/كانون الثاني، وهو ما آثار المخاوف من حدوث ثوران بركاني، لاقتراب مركز هذه السلسلة الزلزالية من بركانين نشطين، هما "فنتالي" و"دوفين".
إثيوبيا مثالاوأشهر الأمثلة على الثورات البركانية التي تأتي في أعقاب سلسلة الزلازل كانت في أميركا عام 1980، عندما حدث ثوران لبركان جبل سانت هيلينز في ولاية واشنطن، بعد سلسلة من الزلازل الكبيرة، وبعده كانت الفلبين عام 1991 على موعد مع ثوران بركان بيناتوبو، بعد سلسلة زلازل متعددة خلال أشهر سبقت الانفجار.
وفي التاريخ الأقدم، حدث ثوران بركاني قبل نحو أكثر من قرنين في منطقة "فنتالي" بإثيوبيا عام 1820 بعد سلسلة من الزلازل، ورغم ندرة هذه الأحداث، أصبحت الزلازل تحذيرا طبيعيا من ارتفاع الصهارة إلى سطح الأرض، مما يؤدي إلى انفجار بركاني محتمل.
وقبل الحديث عن احتمالية تكرار سيناريو 1820 في إثيوبيا، يجب بداية معرفة أسباب حدوث الزلازل والبراكين في هذه البقعة من العالم، التي تعتبر من أكثر المناطق نشاطا بركانيا وتكتونيا في العالم.
ولمعرفة الأسباب، يعود جمشو بيداسا تيفيري، المحاضر في قسم الجيولوجيا بجامعة أديس أبابا للعلوم والتكنولوجيا، في مقال نشره بموقع "ذا كونفرزيشن" بالتاريخ إلى قبل 18 مليون عام، عندما بدأت القارات بالتباعد في عملية تسمى "التصدع القاري"، وهو ما أدى إلى تشكيل البحر الأحمر وخليج عدن، وفي هذه المرحلة، بدأت الصفائح التكتونية التحرك، ونتج عن ذلك انقسام الأرض وتشكيل المسطحات المائية بين قارة أفريقيا وشبه الجزيرة العربية.
وتطور هذا الصدع قبل حوالي 11 مليون عام بشكل أعمق في المنطقة، ونتج عنه تشكل صدع عميق تحت منخفض"عفر" في شمال شرق إثيوبيا، وأصبح هذا الصدع الذي كان جزءا من عملية التباعد التي بدأت منذ ملايين السنين، يمثل مرحلة أكثر تطورا من الحركات التكتونية التي أثرت بشكل كبير على تضاريس المنطقة، وهو الآن يعتبر جزءا من نظام الصدوع الكبير الذي يعرف بـ"الصدع الأفريقي الشرقي".
وينطلق تيفيري من هذا السياق التاريخي إلى ما يحدث تحت سطح الأرض، موضحا أن هذه المنطقة تقع على طبقة ساخنة شبه صلبة تسمى الوشاح، وهذه الطبقة تتحرك باستمرار بسبب الحرارة القادمة من أعماق الأرض، والنتيجة هي أن الصخور شبه الصلبة المسخنة (الصهارة) يمكن أن تدفع إلى الأعلى من الوشاح وتثور عبر النقاط الضعيفة في قشرة الأرض، ويُعرف هذا بالثوران البركاني.
إعلانوفي أعماق السطح، تسمح الصهارة بعملية موازية تتمثل في تحرك الأرض بشكل متباعد، ويؤدي هذا إلى تشكل فجوة، تُعرف بالصدع، التي تمتلئ بالصهارة في النهاية، وينتج عن الاحتكاك تكسر الصخور بشكل مفاجئ وإطلاق كميات هائلة من الطاقة، وتنتشر هذه الطاقة نحو الخارج على شكل موجات زلزالية مثل تموجات الماء، مما يؤدي إلى اهتزاز الأرض، وهذا ما يُعرف بالزلزال.
ويبدو من الشرح الذي قدمه تيفيري أن تلك المنطقة نشطة جيولوجيا، لذلك فإن الزلازل التي تحدث بها لن يكون تأثيرها قاصرا على الهزات الأرضية، بل يمكن أن تكون علامة على وجود نشاط بركاني تحت الأرض.
ويوضح أمدميشيل تاديسي، زميل ما بعد الدكتوراه بقسم علوم الأرض بجامعة أكسفورد في مقال آخر نشره على موقع "ذا كونفرزيشن" هذه العلاقة قائلا إن: "الزلازل غالبا ما تكون نتيجة لحركة الصخور المنصهرة (الحمم) في باطن الأرض، وعندما ترتفع الحمم نحو السطح، يمكن أن تتسبب في حدوث زلازل، وفي كثير من الأحيان، تعتبر الزلازل مؤشرا على اقتراب ثوران بركاني، لأنها تشير إلى أن الحمم قد تحاول شق طريقها إلى الأعلى".
سيناريوهات حدوث نشاط بركانيوبناء على التوضيح الذي قدمه تاديسي، فإن سلسلة الزلازل الأخيرة في المنطقة أثارت المخاوف من احتمال حدوث ثوران بركاني، خصوصا مع وجود تاريخ من النشاط البركاني في المنطقة، لكن هناك العديد من العوامل التي تحكم حدوث ذلك، كما يقول عبد العزيز محمد عبد العزيز، أستاذ هندسة الاستكشاف وتقييم الطبقات في كلية الهندسة جامعة القاهرة.
ويوضح أن "حركة الصهارة (الصخور المنصهرة) التي ترتفع من عمق حوالي 10 كيلومترات تحت الأرض، مسببة الزلازل، قد تؤدي إلى مجموعة من الأحداث، وأول هذه الأحداث هي تحرك الصهارة بسرعة نحو السطح، وذلك عندما تكون أكثر سخونة، حيث تكون في هذا الحالة أكثر سيولة وتتدفق بشكل أسرع، وهو السيناريو الذي حدث في ثوران بركان "كيلاويا" في هاواي عام 2018، حيث كان مرتبطا بصهارة شديدة السخونة، تدفقت بسهولة إلى السطح مما أدى إلى انبعاث الحمم البركانية بشكل متواصل لفترة طويلة".
إعلانوإلى جانب السخونة، هناك أيضا عامل اللزوجة، التي تشير إلى كثافة الصهارة ومدى سهولة تدفقها، فإذا كانت كثيفة وسميكة فإنها ستتحرك ببطء، مما قد يؤدي إلى تراكم ضغط أكبر تحت سطح الأرض، وعلى سبيل المثال، في ثوران بركان "بيناتوبو" في الفلبين عام 1991، كانت الصهارة لزجة وكثيفة، مما أدى إلى تراكم الضغط بشكل كبير قبل الثوران الضخم، وهذا الضغط المتزايد تسبب في انفجار قوي وانتشار رماد بركاني على مسافات شاسعة.
وأخيرا، يأتي عامل "قوة الصخور المحيطة بالصهارة"، التي تلعب دورا مهما في التحكم بحركتها، فإذا كانت هذه الصخور قوية ومقاومة، فقد تعيق الصهارة من الوصول إلى السطح، فعلى سبيل المثال، في بركان "مونا لوا" في هاواي، كانت الصخور المحيطة قوية بما يكفي لمنع الثوران لفترة طويلة، رغم وجود نشاط زلزالي واضح، لكن مع استمرار تراكم الضغط، حدث الثوران بعد سنوات.
وبناء على هذه العوامل، يوضح عبد العزيز أن "النشاط الزلزالي في إثيوبيا قد ينتهي بعدة طرق، وهو تبريد الصهارة، ففي حالة تباطؤ حركة الصهارة وتعرضها للتبريد، يمكن أن تتصلب الصهارة وتشكل صخورا صلبة تحت الأرض، وهذا يحدث عندما تفقد الصهارة الحرارة تدريجيا دون أن تصل إلى السطح، وحدث ذلك في ثوران بركان "نيفادو ديل رويز" في كولومبيا، حيث بردت بعض أجزاء الصهارة تحت الأرض وشكلت قبابا صخرية".
ويشير إلى سيناريو آخر، وهو أنه "إذا استمرت الصهارة في الارتفاع ووجدت طريقا إلى السطح، يمكن أن تحدث ثورة بركانية، وهو ما حدث في ثوران بركان سانت هيلينز في الولايات المتحدة عام 1980، حيث دفعت الصهارة طريقها إلى السطح وأدت إلى ثوران مدمر".
ويختم بسيناريو "تحرك الصهارة بشكل أفقي تحت الأرض، وتصادمها مع صهارة أخرى تحت السطح، مما قد يؤدي إلى تبريد أو ثوران بركاني كبير، ومثال على ذلك هو بركان لارداربانجا في آيسلندا، حيث تحركت الصهارة أفقيا عبر الشقوق لفترة طويلة قبل أن تصل إلى السطح وتؤدي إلى ثوران".
تخفيف لا منعوليس معلوما أي هذه السيناريوهات يحدث في الحالة الإثيوبية، ومتى ستحدث، وهل سيكون ذلك قريبا أم بعد وقت طويل، وليس هناك أي فرصة لمنع مثل هذا الأحداث، لكن يمكن التخفيف من آثارها من خلال التخطيط والتصرف مسبقا.
إعلانويقول عبد العزيز إن الرصد وأنظمة الإنذار المبكر هي عوامل حاسمة في التخطيط، حيث يتم تتبع التوغل الصهاري الحالي من خلال ملاحظات الاستشعار عن بُعد عبر الأقمار الاصطناعية والبيانات الزلزالية من الشبكات الزلزالية الوطنية والدولية، وتساعد الأدوات المستخدمة في الكشف عن التغيرات في النشاط الزلزالي، وتشوه الأرض، التي غالبا ما تسبق الثورات البركانية".
ويضيف: "هذه البيانات، جنبا إلى جنب مع الأدلة التي تم جمعها من دراسة الزلازل والأحداث البركانية السابقة (إما من السجلات التاريخية أو السجلات الجيولوجية)، يمكن أن تساعد العلماء في فهم مدى تكرار هذه الأحداث وأنواع أحجامها".
ويشير أيضا إلى أهمية إعداد الخرائط التفصيلية التي تحدد المناطق المعرضة للخطر، موضحا أنها "ضرورية في المساعدة على توجيه التخطيط الحضري، وتطوير البنية التحتية، وإستراتيجيات الإخلاء".