العفو الملكي عن صغار مزارعي القنب الهندي…خطوة إنسانية لتعزيز الثقة وبناء مغرب المستقبل
تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT
زنقة 20. الرباط
في قرار تاريخي يحمل في طياته رسائل تتجاوز حدود الرمز والتقليد، أصدر الملك محمد السادس عفواً ملكياً عن مجموعة من صغار المزارعين الذين كانوا موضوع متابعات قانونية بسبب زراعتهم لنبتة القنب الهندي. هذه الخطوة لم تأت من فراغ، بل هي جزء من استراتيجية شاملة يسعى من خلالها المغرب إلى تعزيز مناخ الثقة بين الدولة ومواطنيها، وتشجيعهم على المشاركة الفاعلة في بناء مستقبل أفضل.
ولم يكن العفو الملكي عن هؤلاء المزارعين مجرد إجراء يهدف إلى تخفيف العبء القانوني عنهم، بل هو تكريس لنهج إنساني واضح وجلي تبناه الملك محمد السادس على مدى ربع قرن من حكمه. فمنذ اعتلائه العرش، جعل العاهل المغربي من التسامح والعفو والعطف ركائز أساسية لسياسته الاجتماعية، واضعًا الإنسان في قلب كل مبادرة. وقد جاءت هذه الخطوة لتؤكد من جديد أن العفو ليس مجرد أداة قانونية، بل هو تعبير عن رأفة وعطف يميزان القيادة المغربية.
كما أن هذا النهج الإنساني الذي يقوده جلالة الملك، يتجاوز بكثير مجرد التسامح مع المخطئين، ليشمل العفو عن الذين دفعتهم ظروفهم المعيشية الصعبة للانخراط في أنشطة غير مشروعة. فالعفو عن صغار مزارعي القنب الهندي يندرج في هذا السياق، إذ يراعي جلالته الأبعاد الإنسانية والاجتماعية لهؤلاء المزارعين الذين لم يجدوا سبيلاً آخر لتأمين قوت يومهم سوى زراعة هذه النبتة التي كانت تشكل مصدر رزقهم الوحيد.
ويتماشى هذا القرار الملكي أيضا مع الأهداف المسطرة ضمن مشروع تقنين وتطوير الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، الذي يهدف إلى الرقي بالمستوى المعيشي للساكنة المحلية من خلال تحسين دخلهم بصفة قانونية ومستدامة. فقرار العفو لا يعني فقط السماح لهؤلاء المزارعين بالعودة إلى حياتهم الطبيعية، بل هو أيضاً إشارة إلى أن المغرب يسعى إلى دمجهم ضمن منظومة قانونية تحترم حقوقهم وتحافظ على كرامتهم.
وإذا كان مشروع تقنين القنب الهندي في المغرب، الذي يهدف إلى استخدام هذه النبتة في أغراض صناعية وطبية مشروعة، يمثل قفزة نوعية في سياسات التنمية المستدامة، فإن العفو الملكي عن صغار المزارعين يأتي كخطوة أولى نحو إدماجهم في هذا المشروع الطموح، حيث ستتاح لهم فرص جديدة للعمل والإنتاج في إطار قانوني مشروع ومدر للدخل.
وتعتبر خطوة العفو الملكي فرصة ثمينة لهؤلاء المزارعين للعودة إلى ممارسة الأنشطة الزراعية، ولكن هذه المرة ضمن إطار قانوني يتيح لهم استثمار المعرفة المتوارثة في زراعة القنب الهندي بشكل يضمن لهم الاستفادة من خبراتهم، مع الالتزام بالقوانين الجديدة التي تحكم هذه الزراعة. هذه العودة لن تكون فقط فرصة لتحسين دخلهم، بل ستشكل أيضاً دعماً للاستراتيجية الوطنية الهادفة إلى تطوير سلاسل القنب الهندي المشروع.
وتسهم هذه المبادرة الملكية في ترسيخ التزام الملك محمد السادس بتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وهو التزام يتجلى في حرص جلالته الدائم على تحسين ظروف عيش الفئات الهشة والمهمشة. فالعفو عن هؤلاء المزارعين يعكس رؤية شاملة تسعى إلى تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، من خلال تمكين المواطنين من الانخراط في أنشطة قانونية توفر لهم دخلاً مستداماً وتساهم في تنمية مجتمعاتهم.
كما يعكس العفو الملكي عن صغار مزارعي القنب الهندي رؤية ملكية ثاقبة تهدف إلى بناء مغرب المستقبل على أسس من الثقة والعدالة والتنمية المستدامة. فهو خطوة جديدة على طريق بناء وطن يسع جميع أبنائه، ويضمن لهم الحياة الكريمة والعيش بكرامة.
هذه الالتفاتة الملكية تعزز من مكانة المغرب كدولة رائدة في تبني سياسات إنسانية متقدمة. فهي تعكس رؤية ثاقبة لمستقبل المغرب، حيث يشكل الإنسان محور كل سياسات التنمية، وحيث يتم تبني حلول مبتكرة تتماشى مع التحديات الراهنة وتحقق العدالة للجميع.
ومما لا شك أن هذه المبادرة الملكية ستلاقي ترحاباً كبيراً على المستويين الوطني والدولي. فعلى الصعيد الداخلي، ستعزز هذه الخطوة الثقة بين الدولة والمواطنين، وستفتح آفاقاً جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق التي تعتمد على زراعة القنب الهندي. أما على الصعيد الدولي، فإن هذه الخطوة ستعزز من مكانة المغرب كدولة تتبنى سياسات متقدمة وإنسانية، مما سيزيد من تقدير المجتمع الدولي للمملكة وانجذابه بتجربتها الفريدة.
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: العفو الملکی عن القنب الهندی هذه الخطوة عن صغار
إقرأ أيضاً:
12.5 مليار درهم لتعزيز شبكة الطرق السيارة في المغرب استعدادًا لكأس العالم 2030
تم يوم الخميس الماضي توقيع بروتوكولي اتفاق في مجال تعزيز وتطوير البنية التحتية للطرق السيارة في البلاد، بحضور نزار بركة، وزير التجهيز والماء.
الاتفاق الأول يتضمن برنامجًا استثماريًا لإنجاز مشاريع طرق سيارة استراتيجية، في حين يخص البروتوكول الثاني تمويل نزع ملكية أراضي الطريق السيار القاري الرباط – الدار البيضاء.
وتبلغ قيمة المشاريع المرتبطة بالبروتوكولات الموقعة 12.5 مليار درهم، تمتد على مدى السنوات القادمة حتى عام 2032. هذه المشاريع تندرج في إطار استراتيجية وطنية تهدف إلى تحسين الشبكة الوطنية للطرق السيارة في المغرب وتعزيز الربط بين مختلف المدن الكبرى.
وخلال كلمة له بالمناسبة، أكد نزار بركة أن هذه المشاريع تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الرؤية الملكية السامية التي تهدف إلى تحسين وتطوير البنية التحتية للنقل في المملكة.
وأوضح بركة أن هذه المشاريع تسهم في تعزيز الربط بين العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء وبقية المدن الكبرى، وهو ما سيكون له تأثير إيجابي على تدفق الحركة المرورية ويُسهم في تقليص الازدحام الخانق في المناطق الحيوية.
وأشار الوزير إلى أن الطريق السيار الرباط – الدار البيضاء يعد واحدًا من المحاور الرئيسية التي تشهد ضغطًا مروريًا كبيرًا، ومن خلال هذه المشاريع سيتم تحسين انسيابية الحركة بين المدينتين، مما يساهم في رفع كفاءة النقل في هذه المنطقة الحيوية.
من جهة أخرى، أكد نزار بركة أن هذه المشاريع تأتي أيضًا في سياق التحضيرات للمشاركة في تنظيم كأس العالم 2030، حيث سيُسهم تحسين شبكة الطرق السيارة في تسهيل الوصول إلى الملعب الكبير في الدار البيضاء. كما أضاف أن تطوير شبكة النقل سيكون له تأثير إيجابي على تنقل الفرق الرياضية والمشجعين، ويسهم في إنجاح هذا الحدث الرياضي العالمي.
إضافة إلى ذلك، تهدف المشاريع إلى تعزيز شبكات النقل في جهة الدار البيضاء – سطات، وهي إحدى أهم المناطق الاقتصادية في المملكة. ويُنتظر أن يسهم تحسين هذه الشبكات في تيسير التنقل اليومي للمواطنين وتعزيز الأنشطة الاقتصادية في المنطقة، بالإضافة إلى المساهمة في تحسين السلامة الطرقية وتقليل الحوادث.