زنقة 20. الرباط

في قرار تاريخي يحمل في طياته رسائل تتجاوز حدود الرمز والتقليد، أصدر الملك محمد السادس عفواً ملكياً عن مجموعة من صغار المزارعين الذين كانوا موضوع متابعات قانونية بسبب زراعتهم لنبتة القنب الهندي. هذه الخطوة لم تأت من فراغ، بل هي جزء من استراتيجية شاملة يسعى من خلالها المغرب إلى تعزيز مناخ الثقة بين الدولة ومواطنيها، وتشجيعهم على المشاركة الفاعلة في بناء مستقبل أفضل.

ولم يكن العفو الملكي عن هؤلاء المزارعين مجرد إجراء يهدف إلى تخفيف العبء القانوني عنهم، بل هو تكريس لنهج إنساني واضح وجلي تبناه الملك محمد السادس على مدى ربع قرن من حكمه. فمنذ اعتلائه العرش، جعل العاهل المغربي من التسامح والعفو والعطف ركائز أساسية لسياسته الاجتماعية، واضعًا الإنسان في قلب كل مبادرة. وقد جاءت هذه الخطوة لتؤكد من جديد أن العفو ليس مجرد أداة قانونية، بل هو تعبير عن رأفة وعطف يميزان القيادة المغربية.

كما أن هذا النهج الإنساني الذي يقوده جلالة الملك، يتجاوز بكثير مجرد التسامح مع المخطئين، ليشمل العفو عن الذين دفعتهم ظروفهم المعيشية الصعبة للانخراط في أنشطة غير مشروعة. فالعفو عن صغار مزارعي القنب الهندي يندرج في هذا السياق، إذ يراعي جلالته الأبعاد الإنسانية والاجتماعية لهؤلاء المزارعين الذين لم يجدوا سبيلاً آخر لتأمين قوت يومهم سوى زراعة هذه النبتة التي كانت تشكل مصدر رزقهم الوحيد.

ويتماشى هذا القرار الملكي أيضا مع الأهداف المسطرة ضمن مشروع تقنين وتطوير الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، الذي يهدف إلى الرقي بالمستوى المعيشي للساكنة المحلية من خلال تحسين دخلهم بصفة قانونية ومستدامة. فقرار العفو لا يعني فقط السماح لهؤلاء المزارعين بالعودة إلى حياتهم الطبيعية، بل هو أيضاً إشارة إلى أن المغرب يسعى إلى دمجهم ضمن منظومة قانونية تحترم حقوقهم وتحافظ على كرامتهم.

وإذا كان مشروع تقنين القنب الهندي في المغرب، الذي يهدف إلى استخدام هذه النبتة في أغراض صناعية وطبية مشروعة، يمثل قفزة نوعية في سياسات التنمية المستدامة، فإن العفو الملكي عن صغار المزارعين يأتي كخطوة أولى نحو إدماجهم في هذا المشروع الطموح، حيث ستتاح لهم فرص جديدة للعمل والإنتاج في إطار قانوني مشروع ومدر للدخل.

وتعتبر خطوة العفو الملكي فرصة ثمينة لهؤلاء المزارعين للعودة إلى ممارسة الأنشطة الزراعية، ولكن هذه المرة ضمن إطار قانوني يتيح لهم استثمار المعرفة المتوارثة في زراعة القنب الهندي بشكل يضمن لهم الاستفادة من خبراتهم، مع الالتزام بالقوانين الجديدة التي تحكم هذه الزراعة. هذه العودة لن تكون فقط فرصة لتحسين دخلهم، بل ستشكل أيضاً دعماً للاستراتيجية الوطنية الهادفة إلى تطوير سلاسل القنب الهندي المشروع.

وتسهم هذه المبادرة الملكية في ترسيخ التزام الملك محمد السادس بتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وهو التزام يتجلى في حرص جلالته الدائم على تحسين ظروف عيش الفئات الهشة والمهمشة. فالعفو عن هؤلاء المزارعين يعكس رؤية شاملة تسعى إلى تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، من خلال تمكين المواطنين من الانخراط في أنشطة قانونية توفر لهم دخلاً مستداماً وتساهم في تنمية مجتمعاتهم.

كما يعكس العفو الملكي عن صغار مزارعي القنب الهندي رؤية ملكية ثاقبة تهدف إلى بناء مغرب المستقبل على أسس من الثقة والعدالة والتنمية المستدامة. فهو خطوة جديدة على طريق بناء وطن يسع جميع أبنائه، ويضمن لهم الحياة الكريمة والعيش بكرامة.

هذه الالتفاتة الملكية تعزز من مكانة المغرب كدولة رائدة في تبني سياسات إنسانية متقدمة. فهي تعكس رؤية ثاقبة لمستقبل المغرب، حيث يشكل الإنسان محور كل سياسات التنمية، وحيث يتم تبني حلول مبتكرة تتماشى مع التحديات الراهنة وتحقق العدالة للجميع.

ومما لا شك أن هذه المبادرة الملكية ستلاقي ترحاباً كبيراً على المستويين الوطني والدولي. فعلى الصعيد الداخلي، ستعزز هذه الخطوة الثقة بين الدولة والمواطنين، وستفتح آفاقاً جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق التي تعتمد على زراعة القنب الهندي. أما على الصعيد الدولي، فإن هذه الخطوة ستعزز من مكانة المغرب كدولة تتبنى سياسات متقدمة وإنسانية، مما سيزيد من تقدير المجتمع الدولي للمملكة وانجذابه بتجربتها الفريدة.

المصدر: زنقة 20

كلمات دلالية: العفو الملکی عن القنب الهندی هذه الخطوة عن صغار

إقرأ أيضاً:

«استشاري»: عدم التقدير من الآخرين يهز الثقة بالنفس.. ويسبب خوفا من المجهول

قالت الدكتور شيرين شوقي، استشاري الطب النفسي، إنّ هناك الكثير من الأشخاص لديهم شعور دائم بالخوف من المجهول، حتى يصل بهم الأمر إلى «الفوبيا» خاصة عند التقديم لوظيفة جديدة تجعلهم في توتر بالمجهول، والخوف من التعامل مع أشخاص جدد، موضحة أنّ الخوف الشديد من المجهول وغير المبرر، يكثر عند الأشخاص الذين يعانون من الهشاشة النفسية.

الشعور بالخوف من المجهول

أضافت «شوقي»، خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «DMC»، أنّ الإنسان يجب عليه مواجهة شعوره بالخوف الدائم من المجهول، وعليه أن يدرك مشاعره وسلوكياته جيدا، ومعرفة آثارها على مكان العمل أو الأسرة، مشيرة إلى أنّ هناك شعور بعدم الثقة في النفس ينتاب البعض، وهو ما يسمى بمتلازمة «المحتال»، وهي مجموعة من الأعراض لها علاقة بالثقة بالنفس.

الآثار الناتجة عن عدم التقدير

واصلت أنّ الخوف من تجربة الوظيفة الجديدة وعدم الثقة بنفس قد يكون ناتجا عن عمله في وظيفة سابقة دون الحصول على التقدير المناسب، أو من خلال التنشئة في المنزل على عدم التقدير، مما أدى إلى تنمية الشعور بعدم الثقة في النفس والاضطراب النفسي، لافتة إلى وجود أسباب أخرى لشعور الشخص بالخوف من وظيفة جديدة مثل حصوله عليها بالوساطة رغم معرفته أنّه لا يستحقها.

وتابعت، أنّ هناك أشخاص يعانون من نوبات الهلع التي تصاحبها رعشة الجسم أو عدم القدرة على التنفس عن طريق انخفاض نسبة الأكسجين وارتفاع الأدرينالين نتيجة الشعور بالخوف.

مقالات مشابهة

  • أستاذ إعلام: التيسيرات الضريبية خطوة جديدة لتعزيز الاقتصاد ومواجهة التحديات
  • «استشاري»: عدم التقدير من الآخرين يهز الثقة بالنفس.. ويسبب خوفا من المجهول
  • جامعة القاهرة تواصل فعاليات معسكر قادة المستقبل لتعزيز الهوية الوطنية
  • «المصريين الأحرار» يطلق حملة توعية شاملة لتعزيز الانتماء وبناء الإنسان
  • شرم الشيخ تحتضن اختتام فعاليات الأسبوع الثقافي الهندي
  • ختام فعاليات الأسبوع الثقافي الهندي في مدينة شرم الشيخ
  • وزير البيئة يثمن دور صغار المزارعين في تنمية المناطق الريفية
  • ضمن تصفيات بطولة أندية أبين بالتعادل الإيجابي حسان وبناء حبايب
  • المخدرات.. الثقة المطلقة تقود إلى الهاوية
  • النائب أيمن محسب يطالب بتضافر الجهود الدولية لتعزيز القانون الدولي دون تمييز