الصحافة النسائية في ظل حكم طالبان بين الحقيقة والدعاية
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
كابل- بالرسم، والمشاركة في الدورات عبر الإنترنت، وخدمة والديها، استعاضت يالدا جهنغيرا أفغان عن عملها مذيعة بعد أن ضاقت عليها سبل الحياة المهنية، كبعض الصحفيات، وحرمتها مهنة الصحافة التي عشقتها. غير أنها لم ترفع لواء الاستسلام وقررت الخوض في نشاط جمعياتي ضم 30 صحفية أفغانية أسمينه "جمعية الصحفيات الأفغانيات"، وترأسه هي حاليا.
فقدت أفغان وظيفتها مرتين، الأولى بعيد سيطرة حركة طالبان على الحكم قبل 3 سنوات حين غادر مالك قناة "أفغانستان" التي كانت تعمل فيها. وبما أنه لم يكن لدى المسؤول الذي كان يديرها بالنيابة، أجوبة عن كل الأسئلة التي طرحها مسؤولو الحركة، ولم يكن قادرا على تلبية جميع اشتراطاتهم، وفي ضوء ضغوط مالية، أُغلقت القناة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2سنوات الجفاف تهدد حق سكان قرى مغربية في الماءlist 2 of 2"ضغوط دبلوماسية" لمنع إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانتend of listولاحقا عصف بها إعلان تلفزيوني في قناتي "طلوع" "وشمشات" عن النظافة لصالح وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، لم تلتزم فيه بوضع القفازات على يديها، فوجدت نفسها في الشارع مرة أخرى، كما تقول.
وتلخص يالدا أفغان مشكلة الصحفيات -اليوم- في جملة من القضايا هي:
الضغوط التي تمارسها حركة طالبان، كما تقول. عدم توفير الحركة فرصا لعملهن. تقصير وسائل الإعلام نفسها وعدم مقاومتها الضغوط، والتي "كانت تصرف الصحفيات بذريعة أن طالبان غير راغبة فيهن"، فضلا عن وقفها إعلانات كثيرة مما حد من مداخيلها.ووفق تقرير منظمة العفو الدولية للعام الحالي، توقفت أكثر من 80% من الصحفيات عن العمل بين أغسطس/آب 2021 وأغسطس/آب 2023 بسبب قيود متعددة منها "عدم السماح بظهور النساء على شاشات التلفزيون من دون تغطية وجوههن".
غير أن البعض يقول إن هذه القضية لا تمثل مصدر ضغط في ظل مجتمع تقليدي متدين، وقد شوهدن يقدمن نشرات إخبارية وبرامج تلفزيونية وتغطيات ميدانية، وهن يضعن الكمامات الإلزامية.
وتقول عائشة شريفي، المذيعة في قناة "طلوع" -للجزيرة نت- إن التزام الكمامة طوال النشرة أو التغطية يشعرها بضيق في التنفس.
ووفق التقرير نفسه، أوقفت طالبان -مؤخرا- راديو وتلفزيون "هميشة بهار" في ولاية ننغرهار "بالقوة" لمدة 20 يوما بسبب "اختلاط" بين الصحفيين.
غير أن الجزيرة نت رصدت أثناء جولة في المقر الرئيسي لقناة "طلوع"، وهي واحدة من أكثر القنوات الخاصة الأفغانية مشاهدة وتأثيرا، أن الصحفيين -ذكورا وإناثا- يعملون جنبا إلى جنب. ولو أن غرفة التحرير لها جانبان؛ أحدهما مخصص للصحفيين الذكور والآخر للإناث، ولكنهما يطلان على بعضهما البعض ولا يفصل مكان جلوس الصحفيين عن الصحفيات إلا بضع أمتار.
وبحسب تقرير العفو الدولية، فإنه منذ تولي طالبان زمام السلطة في أغسطس/آب 2021، حتى أغسطس/آب 2023، تم إغلاق ما يزيد على نصف وسائل الإعلام المسجّلة، وغادر ثلثا الصحفيين وظائفهم.
غير أن ذبيح الله مجاهد، المتحدث الرسمي باسم حكومة طالبان يؤكد -في تصريحات صحفية- أن أسباب توقف بعض وسائل الإعلام الأفغانية عن العمل بعد انسحاب القوات الأميركية من البلاد، "لا تتعلق بأنشطة إمارة أفغانستان الإسلامية، وإنما بفقدان تمويلها من القوات الأجنبية والسفارات".
ويَعد بأن حكومته "ستبذل قصارى جهدها من أجل حل المشاكل المالية لهذه الوسائل الإعلامية".
بيد أنه لا يختلف اثنان على وجود ضغوط وتحديات تواجه العمل الصحفي النسوي في أفغانستان، وتشير شريفي إلى إلزام القوانين بوجود الضيف -في حال كان المقدم أنثى- في غرفة منفصلة أو إجراء اللقاء عبر تقنية الفيديو عن بعد. وتشكو من أن كثيرا من قادة ومسؤولي طالبان يرفضون الظهور ويخرجون من القناة بمجرد علمهم بأن المحاور سيدة. وتقول إن دوريات أمنية تأتي -أحيانا- فجأة للتأكد من تطبيق تلك القوانين واللوائح.
ويُعد الوصول إلى المعلومات "تحديا رئيسيا آخر" بالنسبة للصحفيات الأفغانيات، وفق تقرير لمنظمة دعم الإعلام الدولي (آي إم إس) المسجلة في كوبنهاغن بالدانمارك، في تقرير لها صدر بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس/آذار الماضي.
وحسب المصدر نفسه، "تمنع السلطات الأفغانية الصحفيات من المشاركة في المؤتمرات الصحفية والوصول إلى مسرح الأحداث، فضلا عن أن المتحدثين الرسميين لا يستجيبون -غالبا- لمكالماتهن الهاتفية، وفي كثير من الحالات، لا يمنحوهن المقابلات".
وفي تقرير حديث، تقول منظمة مراسلون بلا حدود إنه يتم -أحيانا- تعيين عضو من طالبان في الهيئة التحريرية للمؤسسة الصحفية "لمراقبة المحتوى".
غير أن شريفي، التي تعمل في قناة "طلوع" منذ سنتين وقبل ذلك في تلفزيون "النور" الإخباري، تنفي وجود أي مراقبة دائمة للمحتوى الإخباري. وتضيف: "نحن نعمل بحرية إلا ما يتعلق بالنقد ومعارضة السياسات". ورغم كونها المذيعة الوحيدة بالقناة، فإنها تشير إلى وجود 30 سيدة وفتاة يعملن في القناة محررات ومراسِلات ومصورات وفي المونتاج.
ويضع مؤشر مراسلون بلا حدود لعام 2024، أفغانستان في المركز 178 من أصل 180، ضمن أسوأ دول العالم في مجال الحريات الصحفية، متراجعة عن الموقع 152 من أصل 180 للعام الماضي.
وتنقل منظمة دعم الإعلام الدولي عن استطلاع للاتحاد الوطني للصحفيين الأفغان -العامل من الخارج، والذي يعتبره بعض المراقبين معارضا- "بعض الأرقام المفزعة"، لكنها تصل إلى خلاصة تبدو مختلفة عن فحواه.
ويقول الاستطلاع إن 87% من الصحفيات تعرضن للتمييز بين الجنسين من حكومة طالبان، و60% فقدن وظائفهن وحياتهن المهنية، و79% منهن قلن إنهن تعرضن "للإهانة والتهديد في ظل نظام طالبان، بما في ذلك التهديدات الجسدية والإساءة من قبل مسؤوليها والتهديدات الكتابية واللفظية"، و87% منهن غير متحمسات للعمل في الوضع الحالي بسبب "الخوف".
لكن المنظمة ذاتها، والعاملة في أفغانستان منذ أكثر من 20 عاما، تؤكد أن "الأبحاث المحلية التي أجريت أوائل عام 2024 وجدت أن هناك -حاليا- نحو 600 صحفية نشطة، مقابل 400 أخريات كن ينشطن في العام الماضي".
ومع أن أرقامها تشير إلى وجود 1400 صحفية حين سيطرة طالبان على الحكم قبل 3 سنوات، فإن البعض يشير إلى أن الكثير منهن فضلن الخروج من البلاد بعيد سقوط النظام السابق، وأنه ليس لانخفاض الأرقام علاقة مباشرة بـ"القمع والاضطهاد".
وتؤكد الصحفية يالدا أفغان هذه الخلاصة، وتقول إن الأرقام المنشورة عن تزايد عودة الصحفيات إلى عملهن "صحيحة"، وتشير إلى وجود إذاعة "مرسل" التي كل طاقمها نسائي.
ورغم شكوى المذيعة شريفي من التضييق وصعوبة الوضع، لكنها تقول إنها ترفض الخروج من أفغانستان، وإنها تعيش وتواكب "التحولات" التي تجري ببلدها.
أما يالدا جهنغيرا أفغان -ورغم إقرارها بوجود محاذير أمنية فيما يتعلق بأنشطة جمعيتها وحضور العضوات لاجتماعاتها النقابية- فإنها تبدي تفاؤلا بشأن مستقبل أفغانستان، "لأن هناك عدد لا بأس به من الزميلات عدن لمزاولة أعمالهن، والبنات يلبسن ما يشأن (ضمن وجوب الالتزام غير الصارم بالحجاب)، وعدد كبير من الأفغان بدؤوا يعودون إلى بلدهم ونحن نتكيف مع الوضع".
ورغم إقرارها بوجود قوانين "صارمة" فيما يتعلق بالعمل الصحفي النسوي، فإنها تعترف بأن القوانين لا تطبق بحرفية في أغلب الأحيان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حريات تقول إن غیر أن
إقرأ أيضاً:
منحة دولية لحركة طالبان من أجل مكافحة تغير المناخ
أعلنت حركة طالبان تلقي منحة بقيمة 10 ملايين دولار من مرفق البيئة العالمي لمكافحة تغير المناخ في أفغانستان، وتهدف هذه المنحة إلى تنفيذ مشروعات للتصدي لتحديات تغير المناخ في البلاد.
وقال روح الله أمين، رئيس قسم تغير المناخ في الإدارة الوطنية للبيئة التابعة لحركة طالبان، لوسائل الإعلام إنه سيتم تخصيص الأموال لمشروع يركز على مكافحة تغير المناخ، حسب وكالة خاما برس الأفغانية للأنباء.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4أفغانستان تستأصل الأفيون لصالح زراعات بديلةlist 2 of 4القلب النابض للنظام المناخي.. ماذا يحدث في المحيطات؟list 3 of 4الحيتان.. عمالقة المحيط وسلاحه ضد تغير المناخlist 4 of 4مؤتمر المناخ يذيب جليد العزلة عن طالبانend of listوأضاف روح الله أمين أنه من المتوقع أن يستمر المشروع لمدة 5 سنوات وسيتم تنفيذه في ولايتي كونار وبدخشان، وسيركز بشكل رئيسي على تحسين المجتمعات المحلية وضمان سبل عيش المواطنين في تلك المناطق، كما سيشمل جهودا مختلفة تهدف إلى تعزيز الاستدامة البيئية في أفغانستان.
وقبل شهرين من توليه مهام منصبه، سجلت حركة طالبان خطوة لافتة في مسعاها لكسر العزلة بمشاركتها في اجتماعات مؤتمر المناخ (مؤتمر الأطراف "كوب 29") الذي اختتم أعماله أول أمس في مدينة باكو عاصمة أذربيجان بعد أسبوعين متواصلين من المفاوضات.
ومرفق البيئة العالمي هو عبارة عن صندوق للتعاون الدولي، حيث تعمل 183 دولة جنبا إلى جنب المؤسسات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، لمعالجة ومواجهة فقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ والتدهور البيئي. ويدعم البلدان النامية لمعالجة الأولويات البيئية والالتزام بالاتفاقيات البيئية الدولية.
إعلانوكانت حركة طالبان قد حضرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 29) في باكو عاصمة أذربيجان، الذي خرج باتفاق دول العالم على تمويل سنوي لا يقل عن 300 مليار دولار للدول النامية لمكافحة التغير المناخي.
وكان الأهم من الحضور بالنسبة لحركة طالبان هو مشاركتها للمرة الأولى منذ توليها السلطة في هذا المحفل الدولي المتعدد الأطراف الذي حضره أكثر من 76 ألف مشارك ورؤساء 80 دولة وحكومة، والذي اعتبره الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف "انعطافا في الدبلوماسية المناخية".
ويتمثل التحدي الأكبر أمام حكومة حركة طالبان الحاكمة في أفغانستان بعد مرور أكثر من 3 سنوات في كسر العزلة المفروضة عليها من الدول الغربية. وتسمح لها مثل هذه التحركات -بما فيها حضور المؤتمر والمنحة المقدمة- بتعزيز موقفها على الساحة الدولية وإظهار قدرتها على التعامل مع المجتمع الدولي بشأن قضايا مهمة مثل المناخ.