لجريدة عمان:
2025-04-30@16:14:02 GMT

الكاتب المناضل محمد المختار العرباوي.. وداعا

تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT

لا نملك إلا الكتابة أمام رحيل الأصدقاء والكتاب والباحثين، نعزي أنفسنا والكلمة الحرة الصادقة ومواقف النضال الوطني الشريف، فمنذ يومين تداولت وسائل التواصل الاجتماعي في تونس رحيل الباحث والكاتب محمد المختار العرباوي (1937-2024) أصيل مدينة تالة الواقعة غرب تونس، تلقى دروسه الأولى في تونس ثم واصل دراسته في جامعة القاهرة ونال شهادة الإجازة في اللغة العربية.

وفي مصر برز الشاب التونسي ككاتب وناشط عروبي في صفوف الطلبة العرب، مصر التي كانت قِبلة للمثقفين ولحركات التحرر الوطنية. وفي القاهرة بدأ نشاطه الكتابي إذ نشر في مجلة الثقافة، التي يرأس تحريرها محمد فريد أبوحديد، مقالا في عدد يوليو 1965 بعنوان «ظاهرة التفكك في قواعد اللغة ودواعيها». عاد إلى تونس أستاذا للغة العربية في معهد رادس، وبقي في المعهد إلى تقاعده في نهاية التسعينيات، وخلال مزاولته لمهنة التدريس ناضل ضمن صفوف الاتحاد التونسي للشغل. عُرف نقابيا عنيدا في سبيل المطالبة بحقوق العمال وتحسين ظروف العاملين في المجال التعليمي، كما خاض نضالات ثقافية وسياسية أبرزها دفاعه عن عروبة تونس ودول المغرب العربي، ولذلك كان من الطبيعي أن يتم تصنيفه ضمن الحركة اليوسفية؛ نسبة إلى المناضل والقيادي التونسي صالح بن يوسف (1907-1961) أحد أبرز رجالات الحركة الوطنية التونسية، وأحد جناحي الحزب الدستوري، وأشد خصوم الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة ( 1903- 2000). تعرض العرباوي أثناء مسيرته الحياتية إلى الاعتقال والسجن والإقامة الجبرية. دافع عن القضايا العربية ليس ابتداء من القضية الفلسطينية وليس انتهاء بالتضامن مع الشعب العراقي لرفع الحصار الجائر، وجمع المساعدات الطبية وإرسالها إلى العراق.

لم تثنِ المضايقات الأمنية التي تعرض لها العرباوي عن الكتابة والنشر والتدوين، والدفاع بالموقف والكلمة عن اللغة والثقافة، حين وجد أن الحركات المتربصة بالأوطان تستهدف المجتمعات وتسعى لزعزعة الاستقرار الاجتماعي واختلاق إشكاليات وأزمات بين أبناء المجتمع المغاربي، وفي سبيل ذلك أصدر العديد من الكتب والدراسات والمقالات في الدفاع عن عروبة شمال إفريقيا منها كتاب «في مواجهة النزعة البربرية وأخطارها الانقسامية»، صدر سنة 2002م، وكتاب «البربر عرب قدامى»، صدر سنة 1993م، و«الكتابة البربرية: اللوبية ــ التيفيناق ما حقيقتها؟» الصادر سنة 1999م، ثم كتاب «اللغة البربرية: لغة عربية قديمة» الصادر سنة 2012م.

كان أول لقاء لي بالأستاذ العرباوي في نوفمبر 2005م، إذ أرسل له الصديق الكاتب سعيد الدارودي بعض المؤلفات، وبعدها أصبحنا نلتقي بين الفينة والأخرى في العديد من المناسبات الثقافية أو في الجلسات في مقاهي شارع الحبيب بورقيبة، لقاءات جمعتنا بالكتاب والمناضلين النقابيين. في كل لقاء يصر العرباوي على الفطور في أحد المطاعم في نهج القاهرة بالعاصمة تونس، معتذرا عن استضافتنا في بيته في رادس. وكان آخر لقاء بيننا في طرابلس الغرب في صيف 2010م، أثناء انعقاد ملتقى ثقافي من تنظيم أكاديمية الدراسات الليبية، ولحسن الحظ فقد التقيت بالدبلوماسي والباحث الجزائري عثمان سعدي (1930-2022) صاحب كتاب «الأمازيغ عرب عاربة» صدر الكتاب سنة 1996م، وجرّ عليه الكثير من القضايا والمحاكمات، وخرج منها بالبراءة من التهم التي رفعت ضده. كما تعرفت في الملتقى بالأكاديمي والباحث الجزائري أحمد بن نعمان المنضوي تحت مشروع الدفاع عن الثقافة العربية في الدول المغاربية.

رحل الكاتب والمناضل محمد المختار العرباوي في صمت، بعد حياة حافلة بالنضالات في عدة مجالات وميادين، عاش في نكران للذات رغم التجارب القاسية التي مارستها بحقه الأنظمة السياسية في تونس قبل سنة 2011م. لذلك نأمل من رفاقه في الاتحاد العام التونسي للشغل إطلاق اسم العرباوي على أحد مقار الاتحاد، أو تسمية إحدى المكتبات العامة في تونس باسمه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی تونس

إقرأ أيضاً:

مجمع الملك سلمان العالمي" يختتم مؤتمر "اللغة العربية وتعزيز الهوية الوطنية السعودية"

 

اختتم مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية بالشراكة مع جامعة القصيم، فعاليات مؤتمر (اللغة العربية وتعزيز الهوية الوطنية السعودية)، الذي أُقيم برعاية صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم، في مركز المؤتمرات بجامعة القصيم، وسط حضور نوعي من المسؤولين والأكاديميين والمختصين والمهتمين باللغة والثقافة الوطنية، ومشاركة أكثر من 20 جهة.
وثمَّن الأمين العام للمجمع الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي الدعم الذي يحظى به المجمع من صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس أمناء المجمع، مؤكدًا أن هذا المؤتمر يمثل إحدى المبادرات الحيوية لتعزيز حضور اللغة العربية في المؤسسات والمجتمع، وربطها بمسارات التنمية والهوية الوطنية وفق مستهدفات رؤية 2030.
وفي كلمته الافتتاحية قدم الوشمي شكره وتقديره لسمو أمير منطقة القصيم على رعايته لأعمال المؤتمر، ولجامعة القصيم دعمها المتواصل لقضايا اللغة العربية.
وأكَّد أن المجمع يعمل على مدّ الجسور مع جميع الجهات المعنية؛ لدعم اللغة العربية، وحمايتها، وترسيخ مكانتها عالميًّا؛ انطلاقًا من الدور المحوري الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية في تعزيزها.
وهدف المؤتمر إلى إبراز دور اللغة العربية في تعزيز الهوية الوطنية السعودية، ومناقشة التحديات التي تواجه هذا الدور الحيوي، واستعراض التجارب العالمية في تعزيز اللغات الوطنية، إضافةً إلى طرح المبادرات والمشروعات التي تدعم اللغة العربية، وتربطها بمسارات التنمية والهوية في المملكة العربية السعودية.
وتناول المؤتمر أربعة محاور علمية رئيسة؛ حيث ناقش المحور الأول دور الجهات الحكومية وغير الحكومية في تعزيز الهوية اللغوية، مع عرض جهود مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، ومبادرات دعم العربية. وناقش المحور الثاني السياسات اللغوية وأثرها في الهوية الوطنية، مستعرضًا مشروع (منظومة بيانات السياسات اللغوية العربية)، وأثر التشريعات والسياسات السعودية، مع تسليط الضوء على دور الإعلام في تمكين اللغة ضمن رؤية المملكة 2030.
في حين بحث المحور الثالث قضايا الأمن اللغوي ومهددات تمكين اللغة العربية، متضمنًا الحديث عن دور الأسرة، والتحديات المرتبطة باللغة الهجينة، ومزاحمة اللغات الأجنبية، واستعرض المحور الرابع تجارب دولية في تعزيز الهوية الوطنية، مع عرض نماذج من التجارب الإنجليزية والفرنسية والعربية عامة والسعودية خاصة، إضافةً إلى الإسبانية والصينية.
وصاحب المؤتمر معرض تعريفي بأبرز جهود المجمع والجهات المشاركة في دعم اللغة العربية، وربطها بالهوية الوطنية، استمر مدة يومين، وسط تفاعل واسع من المشاركين والزوار.
ويؤكد تنظيم المؤتمر التزام المجمع بدوره الإستراتيجي في قضايا اللغة والهوية، والحفاظ على اللغة العربية، وتعزيز حضورها في شتى مجالات التنمية والثقافة، ويبرز أيضًا الدور المحوري لجامعة القصيم في خدمة اللغة العربية تدريسًا وبحثًا؛ بواسطة برامج أكاديمية متخصصة، ومبادرات علمية تسهم في تطوير الدراسات اللغوية، وترسيخ الهوية الوطنية

مقالات مشابهة

  • مجمع الملك سلمان العالمي" يختتم مؤتمر "اللغة العربية وتعزيز الهوية الوطنية السعودية"
  • أصول القبائل السودانية في الوسط والشمال: نقد فرضية الهجرة العربية وإعادة قراءة الهوية الكوشية
  • «الثقافة البصرية» تناقش كتاب «التثقيف زمن التأفيف»
  • الرئيس التونسي يندد بـ"تدخل سافر في الشأن الداخلي" بعد انتقادات خارجية  
  • رابط تحميل النماذج الاسترشادية للثانوية العامة 2025 لمادة اللغة العربية
  • تدخل سافر في الشأن الداخلي.. أول رد من الرئيس التونسي علي انتقاد محاكمة سياسيين
  • 7مايو توزيع جوائز الإبداع في خدمة العربية بالبرلمان العربي
  • كتاب وتربويون: الشعر الغنائي ينمي خيال وقاموس الطفل اللغوي
  • تضامن متصاعد مع القاضي التونسي أحمد صواب
  • العوامل التي قادت تونس إلى تراجع استثنائي