لجريدة عمان:
2024-12-23@06:08:21 GMT

بعد 75 عامًا ... اتفاقية جنيف: هل انتهت للأبد؟

تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT

نعيش هذه الأيام الذكرى الخامسة والسبعين لاعتماد اتفاقية جنيف التي تمت في 12 أغسطس عام 1949، ومن الناحية النظرية، فإن كل الدول تتفق على الاتفاقية وقواعدها على مستوى العالم. أما من الناحية العملية، فإنه يتم بشكل متواصل انتهاك هذه الاتفاقية بشكل روتيني، بل وفي كل مكان.

يوجد إلى اليوم ما يقدر بـ120 صراعًا مسلحًا في جميع أنحاء العالم، إلى جانب أكثر من 450 جماعة مسلحة يعيش تحت وطأتها حوالي 195 مليون إنسان في المناطق التي تسيطر عليها تلك الجماعات.

إن حماية الضعفاء تمثل أهمية كبيرة اليوم أكثر من أي وقت سابق.

وتذكرنا عناوين الأخبار بشكل يومي بالكثير من المآسي نتيجة الحروب والصراعات التي يروح ضحيتها الإنسان الضعيف، فأين تطبيق القانون الإنساني الدولي؟ قد يبدو تطبيقه أقل مما ينبغي بكثير، بل إن تطبيقه لا زال متأخرًا للغاية لصد المواجهات العسكرية و«اللامبالاة السياسية».

كما يمثل هذا العام مناسبة سنوية أخرى، لكنها لا تمثل أي تفاؤل، أولها مرور عشر سنوات على القتل الجماعي الذي ارتكبه تنظيم داعش في سوريا، وعشر سنوات من المناوشات في أوكرانيا التي وصلت إلى الحرب، كما لا تزال المناوشات والتوترات الجيوسياسية قائمة في الشرق الأوسط وبحر الصين الجنوبي.

وفي ضوء كل ذلك، وإلى جانب وسائل الحرب الجديدة المتمثلة في الفضاء الإلكتروني، وتواصل انتهاكات أبسط أشكال حماية الإنسان، هل هناك الكثير من المآسي لنحتفل بها تزامنًا مع احتفالنا بالذكرى الـ75 لاتفاقية جنيف؟ الاتفاقية التي أتساءل: هل ما زالت صالحة للاستخدام في الحروب التي نشهدها اليوم، وهل ستصلح لحروب الغد؟

لدى كل المجتمعات في العالم قواعد ثقافية أو دينية أو قوانين تتصل أخلاقيًا بمسائل الحروب، وهي قواعد خاصة. وبعد الأهوال التي شهدها العالم والمآسي التي خلفتها الحرب العالمية الثانية، جاء العالم ليتفق على مجموعة من القواعد المفصلة والمكتوبة لتكون قواعد عابرة للحدود وتشترك فيها عدد من الدول لتحكم مسألة الصراعات المسلحة.

وقد وافقت الكثير من الدول على تلك القواعد، وهي قواعد اتفاقية جنيف، وجاء الاتفاق رغم وجود اختلافات في وجهات النظر السياسية وتجارب الحرب في بعض الدول. ويرجع هذا الاتفاق إلى أن الاتفاقية تُوجد نوعًا من التوازن بين الاحتياجات العسكرية، وكذلك القيم الإنسانية، وأخلاقيات التعامل مع المدنيين والجنود والأسرى وجثامين القتلى.

لذلك، فمن الناحية النظرية، فإن اتفاقية جنيف، التي تكمل اليوم 75 عامًا، ما زالت تُشكل جوهر القانون الإنساني الدولي وقوانين النزاعات المسلحة. وخلال الأعوام الماضية زادت بنود الاتفاقية وتوسع نطاقها من خلال معاهدات جديدة وبروتوكولات وبنود ضمت الحروب الأهلية والأسلحة الكيميائية والألغام المخفية بالأرض، وكذلك مسألة التعذيب والاختفاء القسري. كل ذلك يهدف إلى الحد من فضائع الحروب التي ترتكبها بعض الدول أو بعض المنظمات أو الجماعات المسلحة. كما أن اتفاقية جنيف تحاول ضمان المنفعة المشتركة بين الأطراف المتحاربة. فهناك أشبه بقاعدة بين الأطراف المتقاتلة تقول: «عامل جنودنا بشكل جيد عندما تقوم بأسرهم، ونحن سنقوم بالشيء نفسه». إلى جانب ذلك، فإن الاتفاقية تطلب من الأطراف أن يتعاملوا بشكل إنساني مع الأشخاص المحاصرين في الحروب، حتى إن انتهك أحد الأطراف هذه القواعد تبقى مسألة الحماية هي الأولوية.

وتتضمن اتفاقيات جنيف أكثر من 400 مادة حول الحرب، وتحدد قواعد مفصلة بشأن معاملة الأسرى والمدنيين، وحماية المستشفيات والموظفين الطبيين، والسماح بالمساعدات الإنسانية لتصل إلى ضحايا الحروب، وحظر التعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي.

وفي الواقع، تم اعتماد أربع اتفاقيات في عام 1949، وبنيت أحكام الثلاثة الأولى على القوانين القائمة التي تحمي الجنود الجرحى في ساحة المعركة وفي البحر وعند احتجازهم كأسرى. وسعت الاتفاقية الرابعة الرئيسية إلى حماية المدنيين الذين يعيشون تحت سلطة العدو، مثل الأراضي المحتلة، وقدمت مادة واحدة قواعد أساسية بشأن المعاملة الإنسانية للناس خلال حرب أهلية، وهي المرة الأولى التي تجرأ فيها القانون الدولي على تنظيم العنف الذي يحدث داخل بلد ما بدلا من الحروب المعتادة بين دولتين أو أكثر.

في ستينيات القرن التاسع عشر، أثار البعض الكثير من الجدل حول القانون الإنساني الدولي، مشيرين إلى أن هذا القانون ارتكب خطأ فادحًا. فعندما تم اعتماد اتفاقية جنيف الأولى، كانت الفكرة الأبرز هي قبول «الحروب» بدلًا من الإصرار على إحلال السلام.

ومن بين من أثار الجدل الباحث «صموئيل موين» الذي أشار إلى أن الاتفاقية أجبرتهم على الاختيار بين فكرة معارضة الحرب نهائيًا، وفكرة معارضة الجرائم التي تحدث أثناء الحروب.

ومما أثار الجدل أن القانون يضع حدًا أدنى من الضرر الذي قد يمس المدنيين، باعتبار هذا الحد «ضررًا جانبيًا» لا بد من حدوثه أثناء الهجمات على الأهداف العسكرية. وبشكل آخر، تقول الاتفاقية ليس كل القتلى المدنيين أثناء الحروب يُقتلون جراء جرائم حرب.

كما يبدو واضحًا أن بنود الاتفاقية لا زالت قديمة، إذ تذكر الاتفاقية من ضمن الحاجات الأساسية التي يجب توفيرها للأسرى أثناء الحرب هي التبغ إلى جانب الطعام والماء، وذلك مثال واحد.

ومن خلال تجربتي الشخصية، إذ عملت مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لمست أثر القانون الدولي أثناء العمل. فإذا ما تم تطبيقه واحترامه فعلا، فإنه قادر على إنقاذ الأرواح وتحسين مستوى الحياة للناس.

لا تزال الأطراف المتحاربة في كل مكان تسمح لمنظمة الصليب الأحمر بزيارة الآلاف من المعتقلين والتفاوض بشأن تحسين معاملتهم، ويتفق المقاتلون على تبادل الأسرى وإطلاق سراح الرهائن وإعادة الجثث وتقديم الرعاية الطبية للجنود الأعداء الجرحى، وأحيانًا تحقق الدول في مزاعم جرائم الحرب، وتتيح الاتفاقيات للأطراف المتحاربة إمكانية عقد اتفاقيات أخرى للحصول على حماية أكبر.

وعلى الرغم من أن اتفاقيات جنيف والقانون الإنساني الدولي بشكل عام بعيد كل البعد عن الكمال، إلا أن هذه القواعد تسعى إلى وضع حد أدنى من أسوأ ما تقدمه الإنسانية، من خلال الإصرار على بعض الكرامة الإنسانية الأساسية.

ولضمان عدم خرقها على الأقل بشكل نشط، وبشكل مثالي توسيع نطاق حمايتها، فيجب على الدول القيام بثلاثة أمور رئيسية، أولها التركيز على المسؤولية الجماعية والامتثال للقانون بأنفسهم وضمان احترام الآخرين له، وثاني تلك الأمور التوقف عن استخدام الحجج القانونية التقنية لتبرير الدمار واسع النطاق بطرق تتجاهل الهدف الإنساني الأساسي للقواعد، وأخيرا مقاومة أي ادعاء من قبل دولة قومية بأن التهديدات الاستثنائية للأمن القومي، بما في ذلك الإرهاب أو التمرد أو التقنيات الجديدة، تبرر التخلي عن القواعد.

إنه في أشد المواقف خطورة، عندما تفشل السياسة والقوانين الأخرى في منع الحرب، تبرز الحاجة إلى هذه القواعد، وسيؤدي احترامها بشكل أكبر إلى إنقاذ العديد من الأرواح ومنع الفظائع التي نراها في حروب اليوم.

مارني لويد: محاضرة في القانون مديرة مشاركة في مركز نيوزيلندا للقانون العام.

نقلا عن آسيا تايمز

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القانون الإنسانی الدولی اتفاقیة جنیف إلى جانب

إقرأ أيضاً:

مجلس الأمن، والسودان

الناظر إلى العلاقات القائمة بين الدول في العصر الحديث يجد صوراً عديدة ومتنوعة وفقا لما يمليه الواقع العملي علي المستوي الدولي بكل تعقيداته، مما استدعي ذلك تأسيس هيئة عالمية تجتمع تحت مظلتها دول العالم ويتاح لجميع الدول الإنضمام الي عضويتها ، ففي البداية كانت عصبة الأمم وبعد فشلها جاءت الأمم المتحدة ، ثم توافقت الدول علي ميثاق عالمي ينظم العلاقات فيما بينها ويؤسس لعلاقات ودية هادئة ، ولكن ماذا لو حدثت نزاعات أو حروب ؟ كان لابد من تكوين آلية فاعلة لوقف الحرب وفض النزاعات.

بعد مؤتمر موسكو 1943م ومؤتمر طهران منتصف 1944م اجتمعت وفود روسيا والولايات المتحدة والصين والمملكة المتحدة في مؤتمر دومبارتون أوكس في واشنطن للتفاوض حول هيكل الأمم المتحدة وبالفعل جاء النقاش حول تكوين مجلس الأمن ليكون آلية دولية تعمل علي منع النزاعات ووقف الحروب واتخاذ إجراءات قانونية تجاة المعتدي ، وعقدت أولى جلساته في 17 يناير 1946م ، وهو أحد الأجهزة الرئيسية الستة للأمم المتحدة، وخصص له الفصل الخامس من ميثاق الأمم المتحدة لبيان طريقة تكوينه وإجراءات العمل الخاصة به.

ويتألف مجلس الأمن من خمسة عشر عضواً، خمسة دائمين هما الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وتنتخب الجمعية العامة للأمم المتحدة عشرة أعضاء آخرين ليكونوا أعضاء غير دائمين في المجلس يتم تغييرهم كل سنتين ويراعي في ذلك التوزيع الجغرافي.

لكل عضو صوت واحد وتصدر القرارات في المسائل الإجرائية بموافقة تسعة من الأعضاء ، أما في المسائل الموضوعية فتصدر القرارات بموافقة تسعة من اعضائه علي ان يكون من بينهم أصوات الأعضاء الدائمين متفقة.
تكون رئاسته بالتناوب بين الدول الاعضاء كل شهر وفقاً للترتيب الابجدي لأسماء الدول الأعضاء باللغة الإنجليزية.

نطاق عمل مجلس الأمن واسع ، وقراراته ملزمة لكل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ، ويتميز مجلس الأمن دون أجهزة الأمم المتحدة بحق التدخل لتسوية المنازعات الدولية التي تنشأ بين الدول سواء طلب منه التدخل من الدول أو تدخل من تلقاء نفسه، حفاظاً على الأمن والسلم الدوليين ، وله سلطة تحديد الطرف المعتدي .

جاءت تلك المهام نتيجة للمادة الرابعة والعشرين من ميثاق الأمم المتحدة التي أوضحت أن جميع الدول الأعضاء يعهدون إلى مجلس الأمن بالتبعات الرئيسة في حفظ السلم والأمن الدوليين وهو يعمل بالإنابة عنهم في هذة التبعات.

هذة المادة هي جوهر عمل مجلس الأمن، لأنها منحته الصلاحيات الواسعة بموافقة كافة الدول الأعضاء، والموافقة علي أن يعمل نيابة عنهم بموجب هذة الصلاحيات وفقا لمبادئ الأمم المتحدة.

و لمجلس الأمن، كما جاء في المادة الثالثة والثلاثين من الميثاق، أن يدعو أطراف أي نزاع إلى التفاوض أو التحقيق أو الوساطة أو التوفيق أو التحكيم أو التسوية القضائية لحل النزاع، وله إيفاد بعثة أو تعيين مبعوثين أو توجيه الأمين العام للأمم المتحدة ببذل مساعيه الحميدة لإخماد النزاعات والتوفيق بين أطرافها.

و إذا لم تنجح تلك المساعي السلمية، يكون لمجلس الأمن الحق في إرسال قوات لحفظ السلم والأمن الدوليين لمكان النزاع ، أو وقف العلاقات الاقتصادية، وله قطع المواصلات بجميع أنواعها براً وبحراً وجواً جزئياً أو كلياً ، وله قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدولة المعتدية و دول العالم .

لمجلس الأمن مهام كثيرة واختصاصات عديدة تمكنه من تطبيق أحكام القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة بما يحقق ضبط النزاعات بين الدول أو النزاعات التي تنشأ داخل إقليم الدولة لكنها تنعكس سلبا علي أمن وسلام المنطقة.

من جهة أخرى نجد أن ميثاق الأمم المتحدة لم يتضمن أي نص يجيز الطعن في قرارات مجلس الأمن ، وبذلك لا تستطيع أي جهة أن تحاسبه أو تطعن في قراراته مما يجعله المتحكم الفعلي في أعمال الأمم المتحدة.

بموجب حق الفيتو الممنوح للدول الخمس الدائمين في مجلس الأمن يتم التحكم في جميع القرارات الصادرة عنه أياً كان هدفها أو غايتها ، فإن كانت لاتخدم مصالح أي من الدول الخمس فالفيتو في انتظارها ، وهكذا يتعطل الدور الحقيقي والجوهري لمجلس الأمن في الحفاظ علي السلم والامن الدوليين بعدالة ويكون القرار مرتهنا بما تراه الدول الخمس محققا لمصالحها فقط.

*مجلس الأمن والحرب في السودان*
بين السودان ومجلس الأمن العديد من القرارات ، لكن في ملف الحرب التي اندلعت في منتصف أبريل 2023م وضع آخر ، حيث كان أول قرار لمجلس الأمن في 8 مارس 2023م وهو القرار رقم 2676 الذي يمدد نظام عقوبات علي السودان تتمثل في تجميد الأصول وحظر السفر وحظر الأسلحة، وهو قرار فني لتجديد التدابير التي تم تجديدها سابقاً.

في يونيو 2023م ، طالبت هيومن رايتس ووتش مجلس الأمن باتخاذ إجراءات حاسمة لإيقاف الحرب ، وركزت على الدول الأفريقية الثلاث الأعضاء وهي الغابون وغانا و موزمبيق و على جهود الإتحاد الأفريقي لتأمين وقف الحرب ، والتأكيد علي حماية المدنيين كركيزة أساسية، وذلك أثناء مناقشة مجلس الأمن لتجديد تفويض بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان (يونيتامس) .

في 11 أكتوبر 2023م صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأغلبية 19 صوتاً مقابل 16ضد وامتناع 12عن التصويت، لصالح اعتماد قرار بإنشاء لجنة لتقصي الحقائق في الجرائم والانتهاكات التي وقعت في السودان منذ بداية الحرب،
وأخطر مجلس الأمن بذلك.

في 8 مارس 2024م أصدر مجلس الأمن قراراً يدعو لوقف فوري للعنف في السودان وإزالة أي عراقيل لوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع ودون عوائق خلال شهر رمضان.

ثم ناقش مجلس الأمن مشروع قرار حول الحرب في السودان ووقف العدائيات، إلا أن الدول الأفريقية الثلاث رفضت مسودة مشروع قرار صاغته بريطانيا لمجلس الأمن منتصف أبريل 2024م .

و في 29 أبريل 2024م عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة لبحث التصعيد للعمليات العسكرية مع التركيز على الأوضاع في مدينة الفاشر، وقلق المجلس بشأن الوضع الإنساني للمدنيين ، وطالبت بعثة السودان الدائمة في الأمم المتحدة مجلس الأمن لوضع حد حاسم لدعم الإمارات لمليشيا الدعم السريع وإصدار قرار بذلك .

في 30 مايو 2024م عقدت جلسة لمجلس الأمن لعرض تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الوضع الإنساني في السودان وتداعيات الحرب .

في 13 يونيو 2024م ، طالب مجلس الأمن من المليشيا الإرهابية إنهاء حصارها لمدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور وأصدر القرار رقم 2736 ، حيث تحاصر المليشيا مئات الآلاف من المدنيين في أوضاع إنسانية متردية للغاية ، لكن المليشيا لم تستجب للقرار .

في منتصف أغسطس 2024م أعلن المبعوث الأمريكي الخاص بالسودان (المضي قدما) في حل الأزمة السودانية بحضور أمريكا ومصر والسعودية والإمارات والإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، في اجتماع جنيف، رغم عدم وجود ممثل للحكومة السودانية، وبعد انتهاء الاجتماع وفشلهم ذكر المبعوث الأمريكي الخاص أن المحادثات قد تستأنف في تاريخ غير محدد مستقبلا.

القراران الصادران في مارس ويونيو 2024م أيدتهما 14دولة مع امتناع روسيا عن التصويت، لكنه سمح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن والابقاء علي معبر أدري الحدودي مع تشاد مفتوحا لدخول المساعدات الإنسانية.

في11 سبتمبر 2024م قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً عن أوضاع الحرب في السودان والموقف الإنساني هناك ، وقدم ممثل بعثة السودان الدائمة كلمة السودان ، ثم جدد المجلس نظام العقوبات الخاص بالسودان (دارفور) حتى سبتمبر 2025م ، سعياً للحد من دخول الأسلحة لإقليم دارفور .

وفي أكتوبر 2024م ناقش مجلس الأمن إمكانية نشر بعثة مشتركة بقيادة الإتحاد الأفريقي للمساعدة في حماية المدنيين ، والاستماع لاحاطة مفتوحة من الأمين العام للأمم المتحدة .

18 نوفمبر 2024م ، ناقش مجلس الأمن مشروع قرار صاغته بريطانيا وسيراليون حيث كانت بريطانيا تتولى رئاسة مجلس الأمن لشهر نوفمبر 2024م ، ويدعو القرار إلى وقف الأعمال العدائية ووقف التصعيد العسكري، جاء مشروع القرار متخفياً وراء كلمات دبلوماسية يؤيد اتفاق جدة ويدعم دخول المساعدات الإنسانية، وهو في حد ذاته محاولة للسير بسرعة نحو تسوية مدنية تحافظ علي كيان المليشيا الهالكة، لذلك جاء مشروع القرار كأنه يستبق الزمن للوصول لحل سياسي دبلوماسي قبل أن تتورط المليشيا الإرهابية في المزيد من الجرائم ، مما يزيد سخط الشعب السوداني عليها وبالتالي يصعب للوصول إلى تسوية تنقذها من الهزيمة المحققة، غير أن مشروع القرار هذا حسم بفيتو روسي أعاد الامور إلى نصابها .

في نفس الوقت كانت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الانتربول) قد أصدرت نشرة زرقاء بأسماء قائدين بالمليشيا بناء على قرار مجلس الأمن الصادر للدول الأعضاء بهدف منع تحركاتهم عبر أراضيها وتجميد الأرصدة المالية التي تخصهم .

لكن إلى الآن لم يتطرق مجلس الأمن لتوجيه اتهام للمليشيا الإرهابية بأنها جماعة إرهابية، رغم كل جرائمها ، ولم يوجه اتهاماُ للإمارات لدعمها المليشيا للاستمرار في عملياتها الإرهابية تجاة المدنيين العزل الذين يخشى عليهم مجلس الامن ويقلق لاجلهم !!

رغم الانتهاكات الجسيمة والجرائم المروعة التي تصل لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والتي وثقت من قبل المليشيا نفسها ونشرت علي المنصات الاعلامية المختلفة ، وذكرتها ووثقتها تقارير المنظمات الدولية والإقليمية وتقرير لجنة الخبراء الدولية، إلا أن المجلس الموقر لم يصدر إدانة واحدة ضد المليشيا المغتصبة للآن !!

منذ بداية الحرب خصص مجلس الأمن جلسات كثيرة للسودان ولمناقشة الحرب والاوضاع الإنسانية للمدنيين ، جلسات منها المغلقة ومنها المفتوح ، منها جلسات إحاطة ومنها جلسات أصدر فيها مجلس الامن قرارات مباشرة ، وهناك حوالي خمس جلسات خصصت للنقاش حول اليونسفا (UNISFA) ، وست جلسات لمناقشة وضع يونيتامس (UNITAMS).

عدد كبيرمن الجلسات لكن للاسف أغلبه لايصب في مصلحة السودان وشعبه ، أغلبها محاولات ضغط من بريطانيا لكي ينصاع السودان للضغوط الأميركية و الإماراتية لوقف الحرب مع انحياز كامل من بريطانيا تجاة المليشيا، والتي ترفض أي إدانة للمليشيا الإرهابية عبر جلسات مجلس الأمن ، وهي نفسها التي سعت لإبعاد تقرير لجنة الخبراء التي كونها مجلس الأمن وقدمت تقريراً مفصلاً يتضمن وقائع وأحداث تدين المليشيا وتثبت علي الإمارات تهمة تمويل المليشيا الارهابية في السودان ، ثم عملت بريطانيا بالتعاون مع الولايات المتحدة علي تعليق شكوي السودان ضد الإمارات ، وعدم تقديمها لمجلس الأمن حتي لا يتخذ قرار فيها رغم أن هذه الشكوي تستند إلى العديد من الأدلة والبراهين منها تقرير بعثة الخبراء الأممية سالفة الذكر ، ورغم اتهام اليونسيف للمليشيا المتمردة أنها تجند الأطفال وتدفع بهم لنيران الحرب بما يمثل انتهاكا دوليا يضاف إلى سجل المليشيا الاجرامي ، إلا أن بريطانيا لا تزال منحازة للمليشيا بصورة سافرة .

علي كل فإن مجلس الأمن يعقد جلسات إحاطة اليوم الخميس بشأن السودان ويترأس وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكين الاجتماع ، والذي من المقرر أن يقدم فيه الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريش أو وكيله المعين ووكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية توماس فليتشر ، إحاطة حول مستجدات الأوضاع في السودان.

نأمل أن تكون هذة الجلسة مختلفة عن سابقاتها،وان يكون يوم *(19 من ديسمبر)* علامة فارقة في السجل الأممي تجاة السودان كما كان علامة فارقة في تاريخ السودان الحديث.

التهاني للشعب السوداني الأبي الحر بمناسبة ذكري اعلان الاستقلال المجيد من داخل البرلمان ، والتحية لقواتنا المسلحة الظافرة المنتصرة بإذن الله وحوله ، والتحية لقوات الشرطة والأمن والقوات المشتركة فرسان السودان ، والمستنفرين الأبطال ، سائلين الله عز وجل أن يتقبل شهداءنا برحمته الواسعة في الفردوس الأعلى.

د. إيناس محمد أحمد احمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مسؤل صيني : مصر من أوائل الدول التي دعمت مبادرة الحزام والطريق
  • الحروب وتغير المناخ خلال 2024| الأوزون تتضرر من حرب الإبادة في غزة.. الولايات المتحدة الأمريكية الملوث الأكبر على مدى التاريخ.. أمريكا الشمالية سبب الإشعاع الحرارى المؤخر على الكوكب
  • حوار مع صديقي ال ChatGPT الحلقة (71)
  • تعرف على الدول التي تضم أطول الرجال والنساء في العالم
  • اتفاقية التطبيع بين السعودية وكيان العدو الصهيوني جاهز للتنفيذ
  • الحرب والأدب – رائحة الدم وسلطة الحكي
  • مجلس الأمن، والسودان
  • محمد علي حسن: الحروب الحالية في المنطقة ستؤدي إلى تصعيد غير مسبوق
  • لجنة أمن ولاية الخرطوم توجه بتنفيذ حملة لازالة مخلفات الحرب في المناطق التي تم تطهيرها ببحري
  • كبسولات في عين العاصفة : رسالة رقم [ 125]