بعد خمسة أيام فقط من طوفان الأقصى كانت الزيارة الأولى لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للكيان، وأمس وبعد عشرة أشهر ونصف كانت زيارته التاسعة والملاحظ على هذه الزيارات ما يلي:
أولا: الزيارة الأولى سبقها إرسال حاملة الطائرات جيرالد فورد إلى البحر المتوسط مع تحذير حزب الله وإيران من توسيع دائرة الحرب، حيث كان المطلوب أن ينفرد الكيان مدعوما بالقوى الكبرى العالمية وأيضا الإقليمية في قطاع غزة، وسبق زيارته الأخيرة نذر التصعيد الإقليمي بعد الاعتداءات الصهيونية في طهران وبيروت مما اضطر أمريكا إلى إعادة إرسال حاملات الطائرات والمدمرات مرة ثانية.
ثانيا: أتى بلينكن كما قال في المرة الأولى بصفته اليهودية قبل منصبه الأمريكي، أتى وقد تم تدشين جسر جوي وبحري لإمداد الكيان بكل الأسلحة.
ثالثا: منذ اللحظة الأولى تبنت الإدارة الأمريكية كل أهداف الكيان من القضاء على فصائل المقاومة وتفكيك قدرتها العسكرية وتفكيك إدارتها السياسية للقطاع، بل وحتى ملف التهجير إلى سيناء والأردن كان حاضرا في زيارة بلينكن الأولى.
رابعا: في كل الزيارات كان بلينكن يزعم أنه أتى لتحقيق السلام وأنه يعمل على حماية المدنيين العزل في غزة وأنه يبحث إدخال المزيد من المساعدات الغذائية، ودائما كان يترافق مع زيارته ازدياد المجازر الوحشية بحق النساء والأطفال واستمرار سياسة التجويع. ومثلما تبنت إدارة بايدن أهداف الكيان تبنت كذلك كل الروايات المكذوبة للاحتلال، بداية من أكذوبة قطع وحرق رؤوس الأطفال مرورا بالتشكيك في عدد القتلى من المدنيين، وكانت المهزلة في اقتحام مستشفى الشفاء بادعاء وجود قيادة القسام والأسرى تحته، وهي الرواية التي تبناها بايدين شخصيا ثم تنصل منها.
خامسا: استقالات كثيرة من موظفين كبار في الخارجية الأمريكية بسبب الانحياز السافر للكيان ودعمه في كل المجازر، بل وحاصر النشطاء منزل بلينكن ولم يغير هذا من الأمر شيئا.
سادسا: وبعد عشرة أشهر ونصف وبعد أن ظهر أن الكيان ليس فقط عاجز عن تحقيق اهدافه وإنما عاجز عن إعادة مستوطنيه إلى غلاف غزة أو إلى شمال فلسطين المحتلة وأصبح عاجزا أمام المقاومة في حالة استنزاف لا يستطيعها، يأتي بلينكن وكأن شيئا لم يحدث، يأتي وكأن أكثر من 40 ألفا في غزة لم يستشهدوا، وكأن أكثر من 100 ألف لم يصابوا، وكأن المئات من الصحفيين وعائلاتهم لم يُستهدفوا، وكأن 90 في المئة من مباني القطاع لم تُدمر.. يأتي بلينكن حاملا نفس شروط الاحتلال: الإفراج عن الأسرى الأحياء وتحكم الكيان في عودة السكان إلى بيوتهم في الشمال، والاستمرار في احتلال محوري نتساريم وفيلادلفيا، وحتى الأسرى الفلسطينيون؛ الاحتلال هو من يحدد العدد والأسماء.. كل هذا مقابل فقط ستة أسابيع من الهدوء ثم تعود المجازر من جديد.
هذا نوع من الكذب الذي لم يعد غريبا بعد هذه الشهور، والهدف منه تجميل صورة الكيان ورفع اللوم عن نتنياهو ومحاولة منع أو تقليص الرد من حزب الله أو من إيران
ولكن إذا كانت أمريكا ما زالت تتبنى أهداف الاحتلال وما دامت المقاومة صامدة في الميدان وتحارب في كل مكان، فلماذا يبشر بلينكن وبايدن بقرب الوصول إلى اتفاق؟ الذي أراه ان هذا نوع من الكذب الذي لم يعد غريبا بعد هذه الشهور، والهدف منه تجميل صورة الكيان ورفع اللوم عن نتنياهو ومحاولة منع أو تقليص الرد من حزب الله أو من إيران.
وثمة شيء آخر وهو أن المؤتمر العام للحزب الديمقراطي يبدأ اليوم 19 آب/ أغسطس لتزكية ترشيح كامالا هاريس للانتخابات الرئاسية الأمريكية، والحزب الديمقراطي منقسم على نفسه بخصوص الحرب على غزة والجرائم الصهيونية التي تتم بأسلحة أمريكية، بدليل غياب أكثر من 50 في المئة من نوابه عن خطاب نتنياهو أمام الكونغرس الشهر الماضي، ولن تنجح هاريس ما لم يكن الحزب خلفها صفا واحدا.
وتستطيع أن تقول إنها محاولة كذب وخداع لأعضاء الحزب وللناخب الأمريكي، خاصة في فئة الشباب الذين تشير الاستطلاعات إلى أن ما يحدث في غزة من إجرام سيكون له تأثير كبير على تصويتهم في الانتخابات الأمريكية.
ربما لهذه الأسباب كانت المقاومة حريصة على بيان أنه لا جديد، نتنياهو يتعنت والإدارة الأمريكية تتبنى مواقفه ونحن لهما بالمرصاد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه بلينكن غزة المقاومة امريكا غزة المقاومة بلينكن مدونات مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة صحافة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
نتنياهو والعودة إلى الحرب
لا شك في أن نتنياهو يخطط، علناً، بأن يوقف مسار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ليعود إلى الحرب. فقد وقع على الاتفاق، مكرهاً، استجابة لرغبة ترامب الذي كان يريد تسلّم الرئاسة الأمريكية، وغزة في حالة وقف إطلاق النار.
وجاء الاتفاق بأغلبية بنوده استجابة لشروط المفاوض الفلسطيني. فكان أول يوم في تنفيذ الاتفاق، إعلاناً بانتصار المقاومة، بعد حربين، بريّة وإباديّة تدميرية، امتدّت لخمسة عشر شهراً، تقريباً. ويا للحالة النفسية والوضع السياسي، اللذين كان نتنياهو عليهما، ذليلاً مهزوماً يتفجّر حقداً وغضباً.
مع كل خطوة في تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق كان انتصار المقاومة والشعب، يتأكد. وكان نتنياهو، يحاول التعطيل والتأجيل. ويحاول أن يظهر، بصاحب السطوة أمام حملات داخلية ضدّه، ولا سيما تذكيره، بوعيده، أن يُحقق من خلال الحرب، نصراً مطلقاً.
التفسير الوحيد لفشل نتنياهو، في عرقلة تنفيذ المرحلة الأولى، بالرغم مما فعل من توتير وتعطيل، خصوصاً في تطبيق البروتوكولات الإنسانية في الاتفاقية، كان انقياده لترامب، وخوفه منه. لكن مع سعي مستمر، لاستمالته في السماح له بالعمل في المرحلة الثانية، باتجاه تعطيلها. بل العودة إلى الحرب ثانية.
إن موقف المقاومة (المفاوض الفلسطيني) هو الأقوى من الناحية السياسية، ومن ناحية صدقية الموقف، والحرص على تلبية الاتفاق، واحترام بنوده، والتزام الوسيطين المصري والقطري، فيما الموقف الأمريكي، في حرج من عدم احترام توقيعه، فضلاً من حرج نتنياهو، داخلياً، بسبب موضوع عدم إطلاق كل الأسرى، وما يواجه من ضغوط مختلفة.هذا ولعل طرح ترامب، لمشروع تهجير فلسطينيي قطاع غزة، وما لاقاه من معارضة فلسطينية وعربية وإسلامية ودولية، دفعا ترامب، لدعم نتنياهو، ليلعب دوره في المرحلة الثانية. ولكن من دون أن يوقف، مساعي مندوبه الخاص ويتكوف، المكلف بمواصلة تطبيق الاتفاق، من أجل تحرير كل الأسرى المحتجزين. الأمر الذي جعل الموقف الأمريكي، أمام مفترق طرق، أحدهما راح يشجع نتنياهو، كما يدعي نتنياهو، والآخر لم يأخذ من ويتكوف، صلاحية عدم المضيّ في المرحلة الثانية، من الاتفاق.
ولهذا دخل الوضع الآن، في مواجهة احتمالين: الأول، تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بكامل بنوده (شروط المقاومة)، بإتمام تبادل الأسرى كاملاً، وانسحاب الجيش الصهيوني، من كل قطاع غزة، وإعلان وقف الحرب، بضمانات دولية وعربية. والثاني، تعطيل المضيّ في تطبيق الاتفاق، والعودة إلى التأزيم، وصولاً إلى الحرب، كما يريد نتنياهو.
إن موقف المقاومة (المفاوض الفلسطيني) هو الأقوى من الناحية السياسية، ومن ناحية صدقية الموقف، والحرص على تلبية الاتفاق، واحترام بنوده، والتزام الوسيطين المصري والقطري، فيما الموقف الأمريكي، في حرج من عدم احترام توقيعه، فضلاً من حرج نتنياهو، داخلياً، بسبب موضوع عدم إطلاق كل الأسرى، وما يواجه من ضغوط مختلفة.
من هنا، فإن موقف نتنياهو ضعيف جداً، سياسياً في العودة إلى الحرب، مما يُضعف موقف ترامب، إذا ما أعطاه الضوء الأخضر، ليخرّب الاتفاق، ويعود إلى الحرب الخاسرة من جديد.
ومن هنا، فإن إصرار المقاومة، من خلال المفاوض الفلسطيني، على تنفيذ الاتفاق، بكل بنوده، كما وقع عليه، والرفض الحازم، لأيّ طرح يخرج على هذه البنود، لا سيما إقحام موضوع سلاح المقاومة، أو بقاء قوات احتلال. فالسلاح، موضوع يتعلق بحماية أمن الشعب، وحقه بالمقاومة، وعدم عودة نتنياهو، للحرب والعدوان متى شاء. وهو موضوع، لم يتطرق له اتفاق وقف إطلاق النار، والمُوَّقَع عليه.
ولهذا فالمتوقع تراجع ترامب، وإجبار نتنياهو على قبول التفاوض كما يريد ويتكوف، بعيدا من شن الحرب التي يسعى لها. وإن كان استبعاد الحرب من قِبَل نتنياهو يشكل ضرباً من المخاطرة في تقدير الموقف، حيث يتوجب أن يبقى الأصبع على الزناد.