في ظل التغيرات الإقليمية والدولية الجارية، كشف تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي" الجدل الذي يثيره مستقبل جماعة الإخوان المسلمين في تركيا، والتحديات التي تواجهها الجماعة وجهودها للبقاء والازدهار. ‌

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان استضاف في منتصف حزيران/ يونيو الماضي، وليّ العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وأشاد بتلك الزيارة باعتبارها بداية "حقبة جديدة" في العلاقة بين البلدين.



ومثّل ذلك نهاية التوترات بين الجانبين التي وصلت ذروتها في سنة 2018 بعد أن نشرت وسائل الإعلام التركية معلومات مسربة حول جريمة القتل المروع التي استهدفت المعارض السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول. 


وفي نيسان/ أبريل 2022، نقلت تركيا قضية قتل خاشقجي إلى القضاء السعودي، الأمر الذي مهّد الطريق لأول رحلة لأردوغان منذ سنوات إلى الرياض في ذلك الشهر. فيما ذكرت المجلة أن علاقات أردوغان مع جماعة الإخوان المسلمين وفروعها هي التي أثرت على العلاقات الثنائية بين البلدين منذ أكثر من عقد في بداية الانتفاضات في العالم العربي. 

وبحسب المصدر نفسه: "تعتقد السعودية والإمارات ومصر أن الإخوان يمثّلون تحديًا لأنظمتها الاستبدادية، بينما كان أردوغان يأمل أن يؤدي النجاح الانتخابي للإخوان المسلمين في مصر بين 2011 و2012 إلى إزاحة المملكة العربية السعودية التي تعد الزعيم الفعلي للعالم الإسلامي السني. وبالتالي، أصبحت تركيا أحد الملاذات الآمنة في المنطقة لجماعة الإخوان المسلمين".

‌وأشارت المجلة إلى أن أهم بادرة حسن نية لتركيا تجاه السعودية ومصر والإمارات، ربما كانت تخليها عن دعم الجماعة الإسلامية وتقييد حركة الإخوان المسلمين ونشاطها. فقد طلبت تركيا من القنوات التلفزيونية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين تخفيف انتقاداتها لرئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي. والعام الماضية، تزامنت زيارة أردوغان إلى جدة مع إغلاق قناة "مكملين" الفضائية التابعة للإخوان المسلمين بعد ثماني سنوات من البث من إسطنبول.

وأضاف التقرير أنه "فضلا عن ذلك، رفضت تركيا تجديد الإقامة لأعضاء الجماعة أو المرتبطين بها في محاولة لتشجيعهم على مغادرة البلاد، وقيل إنها اعتقلت بعضهم وتفكّر في ترحيل كثيرين آخرين بطلب من السيسي إلى دولة ثالثة. وقد قررت إلغاء عضوية بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الأتراك في حزب العدالة والتنمية". 



وأوردت المجلة أن هذه التحرّكات ساعدت في التخفيف من حدة الخلاف بين أنقرة والرياض، لكنها أثارت أيضًا أسئلة كبيرة حول مستقبل جماعة الإخوان المسلمين. ولكن إذا أدارت تركيا ظهرها للجماعة، ما الذي سيحدث للمعارضين في المشهد السياسي الإسلامي؟ وما هو المصير الذي ينتظرهم في المنطقة بأسرها؟

تجدر الإشارة، إلى أنه ‌منذ أن قدّم الربيع العربي للجماعة أول فرصة حقيقية لها لدخول الساحة السياسية قبل عقد، انقسمت الجماعة إلى فصائل مختلفة وتواجه صعوبة في اكتساب الشرعية بين المسلمين الأصغر سنًا. وبينما تكافح من أجل بقائها، هناك قلق واضح من أن الميدان الذي تنازلت عنه قد تستغله بعض الجهات الإقليمية المستبدة؛ لاسيما بوجود أمل ضئيل في ظهور معارضة أقل تشددا وأكثر ديمقراطية في المنطقة في نهاية المطاف.

وتشكّلت جماعة الإخوان المسلمين سنة 1928 لمواجهة الإمبريالية البريطانية وأسلمة المجتمع من خلال الشريعة، وأصبحت في النهاية أكثر المنظمات الإسلامية العربية نفوذًا، ورغم تعرضها لحملات من القمع ظلت بارزة في جميع أنحاء المنطقة. وقد ولّدت الكثير من الحركات السياسية السلمية.

وفي سنة 2011، برزت جماعة الإخوان المسلمين في مصر كقوة معارضة أقوى وأكثر تنظيمًا في الاحتجاجات، ونجحت للمرة الأولى في تنصيب أحد أعضائها رئيسا للبلاد. وفي تونس، كانت حركة النهضة المستوحاة من جماعة الإخوان المسلمين جزءًا من حكومة ائتلافية. ولكن لأسباب مختلفة، بما في ذلك الانقسامات العميقة وانعدام الخبرة في الحكم الفعلي، فشل كلاهما في تحقيق النتائج المرجوة.
 
‌وقال نائب مدير معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، تيموثي كالداس،  إنه "نظرا لافتقار جماعة الإخوان المسلمين للخبرة والتجربة عندما تولوا سدة الحكم في مصر وتونس، لم يحققوا النتائج التي كان ينتظرها الناس".

‌وأشارت المجلة إلى أن صعود الجماعة السياسية في مصر لم يدم طويلاً؛ فقد أطاح السيسي، الذي كان وقتها وزير دفاع مصر، بالرئيس آنذاك محمد مرسي في انقلاب 3 تموز/يوليو 2013 وشن أكثر حملة قمع وحشية ضد أعضائها منذ تأسيس الجماعة. قُتل أكثر من 800 متظاهر مؤيد للإخوان في مذبحة رابعة في 14 آب/أغسطس من تلك السنة، وذلك وفقًا لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، التي شبهتها بعمليات القتل في ميدان تيانانمين. وعلى خلفية ذلك، تعرّض الآلاف من أعضاء الجماعة وقادتها للسجن أو أجبروا على الهجرة وهرب معظمهم إلى تركيا وقطر والمملكة المتحدة.

وأوردت المجلة أن عيّاش عبد الرحمن، المعارض المصري والعضو السابق في جماعة الإخوان المسلمين، الذي ترك الجماعة بسبب خلافات سياسيّة في عام 2011 إلى تركيا، أقام في إسطنبول لمدة ست سنوات حتى تشرين الأول/ أكتوبر من السنة الماضية، عندما رفضت السلطات التركية تجديد إقامته مما أجبره على الانتقال إلى المملكة المتحدة. 


وحسب عبد الرحمن، فهو "لم يُمنح سوى 10 أيام لحزم حقائبه" مضيفا أنه "لم يتمكن من تجديد تصريح إقامته بسبب هذا التقارب الجديد بين الحكومة التركية ومصر، وأن يكون ذلك أيضًا بسبب تزايد كراهية الأجانب ولاسيما العرب". 

وأشارت المجلة إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تمر بأزمة وجودية يعتقد البعض فقط أنها يمكن أن تنجو منها. لكنها لازالت تتمتع ببعض النفوذ. ففي ليبيا، تحظى حكومة الوفاق الوطني بدعم جماعة الإخوان المسلمين، ويعيش أعضاؤها من المعارضة السوريّة في المنفى. 

‌ونقلت المجلة عن سيف الدين فرجاني، وهو تونسي عاش في المنفى في لندن منذ أن كان في العاشرة من عمره بعد أن أُجبر والده على مغادرة البلاد لصلاته بزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، أن "المشكلة الحقيقية للعالم الإسلامي ليست إضعاف الإخوان المسلمين بل تقلص مساحة نفوذ الجماعات المعارضة؛ مؤكدا أن هناك حاجة للمعارضة للتعبير عن الاستياء الشعبي".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات تركيا مصر لندن مصر تركيا لندن الاخوان المسلمين سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى أن فی مصر

إقرأ أيضاً:

أحمد العامري: شبكة المعهد الثقافي العربي صوت الثقافة العربية وصورتها خارج حدود الوطن العربي

الشارقة - الوكالات
حاورت مجلة "الناشر الأسبوعي" المستعرب التركي الفائز بجائزة الشارقة للترجمة "ترجمان"، الدكتور محمد حقي صوتشين، عن ترجمته كتاب ابن حزم "طوق الحمامة" من العربية إلى التركية.

وقال صوتشين في حوار نشرته المجلة في عددها الـ 74، إنّ "هذه الجائزة ليست تكريماً شخصياً فحسب، بل هي أيضاً اعتراف بأهمية التواصل الثقافي عبر الترجمة، وتقدير عميق للأدب العربي وتاريخه الغنيّ"، مؤكداً أنّ "النصوص الجيّدة لا تشيخ ولا تنسى على مر الأزمان؛ سواء أكانت حديثة أم قديمة".

وتضمن عدد ديسمبر/ كانون الأول من المجلة التي تصدر عن هيئة الشارقة للكتاب، موضوعات تتعلق بالتأليف وصناعة النشر والقراءة، من بينها حوار مع الشاعر والروائي الكاميروني تيمبا بيما، الذي تحدث عن علاقته بالأدب العربي، واصفاً كتاب "ألف ليلة وليلة" بأنه "أعظم عمل خيالي أبدعه العقل البشري على الإطلاق". 

وفي باب "حديث الوراقين"، أشادت الرئيسة الجديدة للاتحاد الدولي للناشرين، الجورجية جفانتسا جوبافا، بالجهود الكبيرة والرائدة التي بذلتها الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، الرئيسة السابقة للاتحاد الدولي للناشرين، قائلة: إنّ الشيخة بدور القاسمي "مثال رائع وقائدة ملهمة؛ فقد حملت لواء الدفاع عن فكرة المساواة وساهمت في تمكين النساء الناشرات، وسأعمل جاهدةً على مواصلة هذا النهج وزيادة تمثيل النساء في لجان الاتحاد".

 

صوت الثقافة العربي وصورتها

وسلّطت المجلة الضوء على الندوة الدولية "هجرة اللغات.. قراءة في نموذج العلاقة بين العربية والإسبانية"، ونشرت كلمة كتاب الندوة، في افتتاحية العدد، التي قال فيها الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، رئيس التحرير، سعادة أحمد بن ركاض العامري، إن الندوة التي نظمتها الهيئة جاءت "ضمن برنامج معرض الشارقة للكتاب الذي يواصل إشراقه في إطار مشروع الشارقة الثقافيّ التنويريّ الذي يرعاه ويدعمه الحاكم الحكيم، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، منذ خمسة عقود"، مضيفاً: "تتناغم هذه الندوة مع مشروع الأمّة العربية الجديد الذي أطلقه سموه عبر مبادرة إنشاء شبكة المعهد الثقافي العربي في كبرى المدن والعواصم الثقافية في مختلف القارات، والتي تمثّل صوت الثقافة العربية وصورتها خارج حدود الوطن العربي، من خلال الذهاب إلى أرض الآخر".

وأكد العامري أنّ الندوة جاءت "تجسيداً لتوجيهات الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، التي تؤكد وتعمل دائماً على بناء جسور الشراكة الثقافية، وتحرص على تجديد الطاقة الخلّاقة للحوار بين الثقافات، وقراءة الدّرس الأندلسي من جديد".

وتضمن عدد المجلة مراجعات لكتب صادرة بالعربية والفرنسية والإنجليزية، لكتّاب من هولندا والصين والمغرب والبحرين وأذربيجان وفلسطين والعراق وكوريا الجنوبية والجزائر.

ونشرت المجلة جزءاً من مقدمة كتاب "هجرة اللغات"، في زاوية "رقيم" التي قال فيها مدير تحرير مجلة "الناشر الأسبوعي"، علي العامري: "يقول باحثون: إنّ أربعة آلاف كلمة في القاموس الإسباني هي من أصل عربي، بينما يرى آخرون صعوبة إحصاء كلّ الكلمات العربية التي أصبحت جزءاً من اللغة الإسبانية، ويشيرون إلى أكثر من هذا العدد المسجّل".

مقالات مشابهة

  • مصدر أمني ينفي ماتداولته جماعة الإخوان الإرهابية يدعى خطف الأطفال لصالح شخص آخر
  • الداخلية تنفي شائعات جماعة الإخوان الإرهابية عن خطف الأطفال والاتجار بأعضائهم بالجيزة
  • محافظ الإسكندرية يوجه بسرعة رصف الطرق التي يشتكي منها المواطنون.. صور
  • الكشف عن أكبر المشاكل التي يعاني منها سكان إسطنبول
  • ما هي السيارات التي يفضلها العرب في تركيا؟ نظرة على أكثر الموديلات مبيعًا
  • دفن جثة شخص لقي مصرعه بأزمة قلبية على متن طائرة بمطار القاهرة
  • بلدية دبي تحصل على 3 شهادات مواصفات دولية جديدة منها شهادة معالجة الحمأة التي تمنح لأول مرة على مستوى العالم في 2024
  • أدنى الأجور في أوروبا: تعرف على الدول التي تتصدر القائمة والتفاصيل اللافتة حول تركيا
  • أسوأ الأفرع الأمنية التي قهرت وعذبت السوريين (إنفوغراف)
  • أحمد العامري: شبكة المعهد الثقافي العربي صوت الثقافة العربية وصورتها خارج حدود الوطن العربي