هكذا يحاول الغرب تجنيد الجواسيس عبر منصة فيسبوك
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
حذر كاتب تركي من محاولات تجنيد عملاء من خلال منصة التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، موضحا أن عملية التجنيد لم تعد سرية كما في السابق بل باتت علنية بشكل كبير.
وقال الكاتب وهو لطيف بولات، في مقال نشره في صحيفة "أيدن ليك" التركية، إن المنظمات والجمعيات التي تتلقى المساعدات المالية من منصة "فيسبوك" أصبحت تعلن عن ذلك على نطاق واسع، بل حتى عن طرق استثمار هذه الأموال بأكثر الطرق فاعلية.
وأضاف أن هدفهم هو التأكد من أن الأموال التي يقدمونها يتم استخدامها بالطريقة الأكثر كفاءة.
وشرح الكاتب كيف كانت "القوة العسكرية الصلبة" في السابق هي الطريقة الرئيسية لبسط النفوذ عبر التاريخ، بدءا من الحضارات القديمة وحتى الإمبراطورية العثمانية. ولكن هذه الطريقة باتت شبه منعدمة في عصرنا الحالي.
واستشهد كاتب المقال بانهيار الاتحاد السوفيتي بسبب "القصور ذات حمامات السباحة" التي تصدرها هوليوود للعالم، كمثال على كيفية استخدام "القوة الناعمة" لإسقاط الأنظمة السياسية. وهذا ما تحاول الآن الجهات المانحة على منصة "فيسبوك" تطبيقه على نطاق واسع.
وأوضح أنه إدراكا لأهمية "القوة الناعمة" كأداة مثالية، أنشأت الإمبريالية الغربية، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، بكل مؤسساتها ومنظماتها الخاصة، آليات لتدفق الأموال إلى ما يقرب من 200 دولة في العالم.
وذكر بولات أنه في هذه البلدان، كان لديهم بالفعل بنك المعلومات الذي جمعوه على مدار المائتي عام الماضية جاهزا لجلب الأشخاص الذين يخدمونهم إلى السلطة وإبقائهم في السلطة.
وأشار إلى أنه من خلال ذلك، دعم الغرب الجمعيات والأحزاب والأفراد الذين يرى أنهم سيكونون مفيدين له في كل مجتمع؛ وقد تم وضعهم في الخدمة تحت اسم "الطابور الخامس".
ولم يكن هناك مانع من أن تحمل هذه الجمعيات أو الأفراد مسميات شيوعية أو اشتراكية أو إسلامية من أجل تقديم الدعم. طالما أنهم يدعمون نفوذ الغرب باعتباره "القوة الناعمة"، حسب الكاتب.
و"بدأت خزائن هذه الجمعات تمتلئ بقضايا لامعة ولكن فارغة مثل حقوق الإنسان والعالمية والحرية والديمقراطية. وبهذا المال، تم وضع الصحف والقنوات التلفزيونية ومباني الجمعيات وأنشطة الترويج مثل الظهور المستمر في الصحافة تحت تصرفهم من قبل الإمبرياليين"، وفقا للكاتب.
ورأى الكاتب أنه كجزء من هذه الجوائز والإغداق بالمال حصل البعض على جائزة "نوبل"، والبعض على جائزة "البوكر" رغم أنهم لا يستحقونها.
وتساءل "هل يمكننا أن نفهم بشكل أفضل لماذا تم منح جائزة نوبل منذ سنوات لشخص يدعى محمد يونس، الذي أصبح رئيسا لبنغلاديش، في مثل هذه الأيام الحرجة؟".
وتابع "لماذا لا يتم تعيين أورهان باموك (كاتب تركي حائز على جائزة نوبل) زعيما في تركيا في حين أنهم ذات يوم يتسببون في الفوضى في البلاد مثل بنغلاديش؟ قد تبدو فكرة سخيفة، ولكن ألا يبدو نموذج بنغلادش أمامنا؟. لماذا يمنح الناس جوائز نوبل بمئات الآلاف من الدولارات لهؤلاء الأشخاص عبثًا، إذا لم يتمكنوا من استخدامها في المستقبل؟".
في هذا السياق، لفت الكاتب إلى تحول الغرب إلى منصات التواصل الاجتماعي لتجنيد العملاء لصالحه عبر منح المال وتعليم كيفية المعارضة وخلق الجمعيات الموالية له في بلدان أخرى.
وبحسب الكاتب، فإن "هناك منظمة تدعى تقنيات الحركات الاجتماعية على فيسبوك، تدعي أنها تعمل على تعبئة المعارضة، وخاصة في الدول الآسيوية، وتعليم التقنيات الجديدة للتحريض على الثورات". و"هم يدعون علنا معارضي تلك الدول إلى الإطاحة بحكوماتهم بالمال".
وقال الكاتب إنهم يعملون عبر مبدأ "اطبخ وكُل بنفسك"، موضحا أن "الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في البلدان التي استغلتها وأفرغتها على مدى المائتي عام الماضية، تعمل على تحويل الحكومات التي تشعر أنها لم تعد قادرة على خدمتها".
وتساؤل "ما هي إعلانات عرض الأموال المرفقة إن لم تكن عرضا تجسسيا عاما جدا يستهدف أولئك الذين يعيشون في دول مثل تركيا وغير راضين عن الوضع؟".
وأشار إلى المنظمات التي تدعمها وكالة توظيف الوكلاء التي تسمى "Social Movements Technologies"، والتي تضم منظمات من قبيل "الخدمة العالمية اليهودية الأمريكية (AJWS)" و"مؤسسة الساعة الحادية عشرة"، ومؤسسة "نيو للأعمال الخيرية" و"صندوق الحريات الأربع"، بالإضافة إلى "مؤسسات المجتمع المفتوح".
ولفت الكاتب إلى أنه في بحث موجز حول هذه المؤسسات يظهر على الفور من أين تأتي هذه الأموال ولأي غرض، موضحا أنه يكفي الإشارة إلى أن المستثمر جورج سوروس أسس إحدى هذه المؤسسات، وهي "مؤسسة المجتمع المفتوح".
واختتم الكاتب، على أن "كل دولة ملزمة بكشف وتحييد أولئك الذين يستهدفون وجودها بمثل هذه الأساليب عبر استخدام القوة الناعمة. خلاف ذلك، لا ينبغي لنا أن نتفاجأ إذا كان النموذج البنغلاديشي سيقام أيضا في بلدنا في المستقبل".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد تركي منوعات تركية فيسبوك الغربية تركيا فيسبوك تركيا الغرب سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوة الناعمة
إقرأ أيضاً:
ما الذي يحاول ترامب تحقيقه من خلال فرض الرسوم الجمركية؟
ترجمة: بدر بن خميس الظفري -
لقد قضيت الساعات الأخيرة من يوم عيد «التحرر» مذهولة من جدول الرسوم الجمركية الجديد الذي أعلنته إدارة ترامب، محاوِلة فهم منطقه.
خذ مثلا الرسوم المفروضة على جزر هيرد وماكدونالد، التي لا يسكنها بشر، بل فقط طيور البطريق وبعض الكائنات الأخرى. لا بأس، فأنا سعيدة لأن هؤلاء «المنتهزين المتمايلين» لن يتمكنوا بعد الآن من إغراق السوق الأمريكية ببضائعهم الرديئة. لكن ما زال الأمر يحيّرني! ماذا تصدّر طيور البطريق؟ بخلاف أفلام الوثائقيات البيئية، أعني.
من الواضح أن أحد العاملين في البيت الأبيض، ربما متدرب على وشك المغادرة، استخرج قائمة بالأقاليم دون أن يتحقق مما إذا كانت مأهولة بالسكان، ثم طبّق هذا الشخص، أو آخر، صيغة جامدة، ربما أنشأها ذكاء اصطناعي. وكانت النتيجة: رسوم جمركية بنسبة 10% على البطاريق.
قد يبدو هذا مضحكًا، ولا يجب أن نولي هذه التفاصيل الطريفة اهتماما مبالغا فيه، فمعظم السياسات الكبرى لا تخلو من بعض الهفوات السخيفة. ما يثير حيرتي حقا هو الأجزاء التي تبدو متعمّدة. ما الذي تحاول الإدارة فعله بالضبط؟
الرئيس دونالد ترامب ومناصروه قدموا العديد من المبررات لفرض رسوم جمركية مرتفعة، يمكن تلخيصها في أربعة تفسيرات رئيسية.
الفكرة الأولى، أن هذه الرسوم وسيلة تفاوضية للضغط على الدول الأخرى لتقليل حواجزها التجارية.
والثانية، أنها ستعيد الحياة للقطاع الصناعي الأمريكي وتحول الولايات المتحدة إلى قوة تصديرية كبرى كما كانت في السابق. والثالثة، أنها تهدف إلى إيقاف صعود الصين كمنافس استراتيجي.
أما الحجة الأقوى، فهي أن علينا إعادة بناء قدراتنا التصنيعية في السلع الحيوية مثل أشباه الموصلات، تحسبا لوباء آخر أو حرب.
لكن الرسوم الجمركية الجديدة لا تخدم أيًا من هذه الأهداف. فلو كنت تحاول استخدام الرسوم للضغط على دول أخرى لتخفيف حواجزها التجارية، لفرضت تلك الرسوم بنسب تتناسب مع الرسوم التي تفرضها تلك الدول علينا. ومع ذلك، فإن إسرائيل، التي أعلنت مؤخرا عن إلغاء جميع الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية، واجهت رسومًا بنسبة 17%، لأن النظام الجديد يعتمد على تدفقات التجارة النسبية، وليس على مستوى الحواجز التجارية. ورغم أن حجم الحواجز يؤثر على حجم التجارة، إلا أن العلاقة ليست مباشرة، فمن السهل التوقف عن استيراد النبيذ، لكن من الصعب الاستغناء عن القهوة أو أشباه الموصلات.
نأتي الآن إلى النظرية الثانية، وهي التخلص من العجز التجاري وتحقيق التوازن في الاقتصاد عبر دعم الصناعة. حتى لو افترضنا أن هذا هدف منطقي، فإن الرسوم ينبغي أن تُفرض على نطاق عالمي، لا على أساس كل دولة على حدة، تماما كما أنك لا تنفق راتبك كاملا على منتجات الشركة التي تعمل بها، أو تطالب المتجر الذي تشتري منه الطعام أن يعينك بوظيفة توازي تكلفة مشترياتك. ليس من الضروري أن تشتري من شريكك التجاري بمقدار ما يشتري هو منك. ولهذا نستخدم النقود بدل المقايضة، ونترك للأسواق مهمة تحقيق التوازن.
ثم إن كثيرا مما نستورد من الخارج هو في الأساس مدخلات إنتاج لصناعتنا المحلية. ومن الصعب بناء قطاع صناعي عالمي قادر على المنافسة دون قطع غيار أو مواد خام.
هل الهدف إذا احتواء صعود الصين؟ لو كان الأمر كذلك، لحرصت الإدارة على تعزيز علاقتها بالحلفاء الإقليميين مثل اليابان التي فرضت عليها الإدارة رسوما بنسبة 24%. وكان من المفترض أيضا، تشجيع نمو الصناعات التصديرية في دول مثل فيتنام، التي تنافس الصين، لكنها تلقت رسومًا بنسبة 46%.
أما فيما يتعلق بإعادة توطين الصناعات الحيوية، فقد استُثنيت من الرسوم بعض السلع الأشد أهمية، مثل أشباه الموصلات والصلب والألمنيوم والأدوية (حتى الآن على الأقل، فقد تفرض الإدارة لاحقا رسومًا متخصصة على هذه القطاعات). وهذا القرار يبدو ذكيا من زاوية ما، إذ إن أي نقص مفاجئ في هذه المواد سيكون كارثيا. لكن من زاوية أخرى، ما الذي نحاول حمايته بالضبط؟ مخزون الوطن الاستراتيجي من المحامص؟
ولا واحدة من هذه النظريات تفسر ما يحدث، لأن ترامب لا يملك في الحقيقة نظرية متكاملة حول الرسوم الجمركية. ما لديه هو مجموعة من الحدسيات، منها أن التصدير يمنح القوة، والاستيراد يجلب الضعف والاعتماد على الغير، وأن أمريكا كانت أفضل حالًا عندما كان التصنيع في صميم اقتصادها، وأن القطاع الصناعي كان أقوى عندما كانت الرسوم الجمركية مرتفعة. أضف إلى ذلك ميله إلى العروض المسرحية ونهجًا إداريًا فوضويًا، وأخيرا ستحصل على هذه النتيجة، ولكي تتأكد من ذاك فقط اسأل البطاريق.
ميغان ماكاردل كاتبة في صحيفة «واشنطن بوست» ومؤلفة كتاب «الجانب المضيء من الفشل: لماذا يُعد الفشل الجيد مفتاحًا للنجاح».