هل يخفق الغرب في بسط نفوذه على أفريقيا بعد الآن عبر الانقلابات الملونة؟
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
شدد كاتب تركي على أن "محاولات الانقلاب الملونة" التي قامت بها الإمبريالية الأمريكية والمدعومة من الغرب ضد الدول الأفريقية التي تتمتع بعلاقات جيدة مع روسيا والصين "لن تنجح بعد الآن"، معتبرا أن الولايات المتحدة وفرنسا "لن يتمكنا من غزو أفريقيا بسهولة وتنظيم انقلابات من الآن فصاعدا".
وقال الكاتب في صحيفة "أيدن ليك" التركية، علي رضا تاشديلين، إن "حقبة جديدة بدأت في أفريقيا"، معتبرا أن "الدول الأفريقية بدأت حرب الاستقلال ضد الإمبريالية بجيوشها ودولها".
وأضاف خلال مشاركة تلفزيونية مع قناة "أولوسال" التركية، لخصتها صحيفة "أيدن ليك" بنقاط مجملة في تقرير لها، أن "الأجواء في أفريقيا تغيرت بعد عام 2020"، مشيرا إلى أن "الوقت حان لنهاية الاستعمار الجديد في القارة السمراء".
وفي معرض حديثه عن "التدخلات المسلحة والانتفاضات التي خططت لها الولايات المتحدة في أفريقيا" والتي وصفها بـ"الانقلابات الملونة" التي تدار عبر أجهزة الاستخبارات الغربية، أوضح الكاتب التركي أن القارة الأفريقية "دخلت في عصر جديد".
وقال تاشديلين، إن "العقد الأول من القرن الحادي والعشرين هو الأعوام التي نهضت فيها الصين وروسيا في أفريقيا. بمعنى آخر، السنوات التي فقدت فيها فرنسا السلطة وحاولت الولايات المتحدة الاستيلاء على القوة التي فقدتها فرنسا".
وأضاف أن "مرت سنوات استخدمت فيها أمريكا وفرنسا أساليب مثل خلق الاضطرابات والفوضى الداخلية، أو إذا فشلا في ذلك، قتل رؤساء الحكومات والغزو، من أجل تغيير الحكومات في البلدان الموجهة نحو آسيا".
وأشار إلى أنه "من الممكن أن ننظر إلى عودة فرنسا إلى حلف شمال الأطلسي مع الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في عام 2007، وتأسيس الرئيس الأمريكي الأسبق بوش لقيادة أفريكوم (القيادة العسكرية الأمريكية الموحدة في أفريقيا) في عام 2008، باعتباره ميلادا لنظام جيوسياسي جديد في أفريقيا"، موضحا أنه "قبل عام 2010، كانت الولايات المتحدة في منافسة مع فرنسا على أفريقيا".
ولفت إلى أنه "عندما بدأت الصين في الصعود وتركت فرنسا والولايات المتحدة وراءها، رأينا أن الولايات المتحدة وفرنسا بدأتا العمل معا. وبشكل أكثر دقة، فقد اتبع ساركوزي خطى الولايات المتحدة".
"الغرب يحرك المنظمات الإرهابية"
وشدد الكاتب على، أن "الولايات المتحدة وفرنسا تقومان بإسقاط الدول الأفريقية ذات التوجه الصيني من خلال خلق الفوضى من خلال أساليب تسمى الثورات الملونة، بالإضافة إلى قيامهما بتنشيط المنظمات الإرهابية المدعومة من الغرب. وهذا أمر مهم للغاية لأن أفريقيا تعاني بالفعل من الإرهاب حتى اليوم".
وذكر أنه "في حال لم يتمكنوا (واشنطن وباريس) من تحقيق ذلك، فإنهم يقومون بتدخلات عسكرية، أو انقلابات، أو حتى يحاولون قتل قادة ذلك البلد"، مشيرا إلى أن "العذر وراء هذه الثورات المضادة الملونة هو أنها في أفريقيا، كما هو الحال في مناطق أخرى، تتزامن عادة مع فترة الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية".
انقلابات في أفريقيا
على سبيل المثال، لفت الكاتب التركي إلى أن "لوران غباغبو، فاز في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في ساحل العاج عام 2010، وكان يعرف عنه رغبته في التعاون مع الصين ومنظمة بريكس"، و"لكن الولايات المتحدة وفرنسا زعمتا أن المرشح المنافس له، الحسن واتارا، قد فاز، ما خلق اضطرابا في البلاد وتدخلا عسكريا".
وقامت واشنطن وباريس "باعتقال غباغبو وإحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية"، حسب الكاتب الذي أشار إلى أن "واتارا هو شخص درس الاقتصاد في الولايات المتحدة الأمريكية وشغل مناصب مختلفة في صندوق النقد الدولي. واليوم، لا يزال واتارا رئيسا لساحل العاج".
وعبر "أساليب التدخل وتسليح الإرهابيين"، أشار تاشديلين إلى أن واشنطن وفرنسا "قامتا باستفزاز التنظيمات الإرهابية الانفصالية في مالي عام 2013 وقاما بتدخل عسكري"، مشيرا إلى أن البلدين المشار إليهما "في البداية يقومون بإشعال النار، ثم يقومون بدور رجال الإطفاء ويتدخلون عسكريا".
وفي العام نفسه، "حشدوا منظمة سيليكا الإرهابية على أسس عرقية ودينية ضد الرئيس فرانسوا بوزيزيه في جمهورية أفريقيا الوسطى وقادوا البلاد إلى حرب أهلية"، وفقا للكاتب التركي.
وفي عام 2013 أيضا، أشار الكاتب إلى أن البلدين الغربيين "قاما بتعيين مرشح المعارضة رئيسا للوزراء للإطاحة بروبرت موغابي في زيمبابوي. وفي كل هذه الأمور، قام الناس بأعمال شغب، ونزلوا إلى الشوارع وجعلوا الناس يتقاتلون مع بعضهم البعض. لقد شهدنا صورا ترقى إلى مستوى الحرب الأهلية".
و"مرة أخرى، كما هو الحال في زيمبابوي، تم تعبئة الشوارع ضد نتائج الانتخابات الرئاسية في كينيا"، وفقا للكاتب التركي.
بحسب ما أورده الكاتب في تقرير صحيفة "أيدن ليك التركية"، فإن الغابون شهدت أولى الثورات الملونة التي عرفت باسم الربيع الأفريقي في الفترة بين عامي 2014 و2016، موضحا أن "المحاولة في ذلك الوقت فشلت، لكن في عام 2023، تمت الإطاحة بالرئيس علي بونغو أونديمبا في انقلاب قام به معاونه الفرنسي الجنرال نغويما".
في السنوات ذاتها، وفقا للكاتب، جرى التدخل في الانتخابات "ضد جوزيف كابيلا في جمهورية الكونغو الديمقراطية وضد بول بيا في الكاميرون، وتم استفزاز الجمهور وتعبئة المنظمات الإرهابية".
وفي نيسان /أبريل 2021 أيضا، تعرض الرئيس التشادي إدريس ديبي للاغتيال بينما كان في طريقه إلى خط المواجهة ضد التمرد المسلح.
أفريقيا على جدول الأعمال في عهد بايدن
أشار الكاتب التركي، إلى أنه "في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لم يتم عقد قمة أمريكية-أفريقية، ولم يكن ذلك من ضمن أولوياته".
لكن بعد وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن عام 2021، "طُرحت قضية أفريقيا على جدول الأعمال مرة أخرى، حيث عارض جزء كبير من الدول الأفريقية قرار الإدانة ضد روسيا في الأمم المتحدة، بسبب حرب أوكرانيا".
ودعا بايدن إلى قمة أمريكية-أفريقية في كانون الأول /ديسمبر 2022، حضرها 49 زعيما". وأشار الكاتب التركي إلى أن بايدن "غيّر بايدن استراتيجيته لمواجهة النفوذ المتزايد للصين وروسيا".
وعلى هذا فإن النهج الجديد أنتج استراتيجية أمريكية جديدة لمنطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، تحدد الخطوط العريضة لسياسة أفريقية أكثر واقعية ومشاركة أكبر في القضايا الأمنية والاقتصادية، وفقا للكاتب
تغير الطقس في أفريقيا بعد عام 2020
بعد عام 2020، تغير الجو في أفريقيا، حسب الكاتب التركي. وأوضح تاشديلين أن "الوقت حان الآن لنهاية الاستعمار الجديد في أفريقيا، حيث لن تتمكن الولايات المتحدة ولا فرنسا من غزو أفريقيا بسهولة وتنظيم الانقلابات من الآن فصاعدا".
واعتبر الكاتب، أن "الغرب خسر أفريقيا، التي نهبها من أجل ثرواته وازدهاره. وحتى لو حققت الثورات الملونة نجاحا مؤقتا، كما حدث في الغابون والسنغال، فإن الثورات الملونة لن تكون ذات فائدة على الإطلاق".
وأشارت إلى أن "حرب الاستقلال الثانية في أفريقيا ضد الاستعمار الجديد المستمر بدأت منذ ستينيات القرن الماضي"، موضحا أن "هجمات العولمة والليبرالية الجديدة التي تهدف إلى تفكيك وتدمير الدول الوطنية اصطدمت بجدار الأمة والجيش، كما حدث في مالي وبوركينا فاسو والنيجر".
وشدد الكاتب في ختام حديثه، على أن "الجيش الذي يتحد مع شعبه في الدول الأفريقية، أصبح الآن هو المفتاح الرئيسي للدفاع عن استقلال بلدانهم وأوطانهم ضد الإمبريالية في أفريقيا"، حسب تعبيره.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الولايات المتحدة أفريقيا فرنسا بايدن فرنسا الولايات المتحدة أفريقيا بايدن صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة وفرنسا الدول الأفریقیة الکاتب الترکی فی أفریقیا فی عام إلى أن
إقرأ أيضاً:
الغارديان: مذكرة اعتقال نتنياهو عار لن يتخلص منه وزلزال لحلفائه في الغرب
قالت صحيفة الغارديان، إن مذكرة الاعتقال التي صدرت بحق رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يوم الخميس، بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وصفة عار لن يتمكن من تجاهلها.
وقالت في تقرير ترجمته "عربي21" الجنائية التي طلبت اعتقال وزير الحرب السابق يواف غالانت والقيادي العسكري لحماس، محمد الضيف هي "زالزال" سيثقل كاهل نتنياهو ووزيره السابق مع مرور الوقت.
ولفتت إلى أن القرار زلزال في المشهد العالمي، حيث يتم فيه ولأول مرة توجيه اتهامات لحليف غربي بارتكاب جرائم حرب ومن مؤسسة قضائية دولية.
وقالت إن "القرار سيترك أثر، وعلى المدى القريب، في إسرائيل حيث سيحاول نتنياهو ويواف غالانت حشد الدعم من الرأي العام الإسرائيلي المتحدي. ولكن على المدى البعيد، فضخامة الإتهامات ضد نتنياهو وغالانت سيزداد ثقلها، وتقلص المساحة الدولية المفتوحة لهما. فوصمة العار بأنك أصبحت متهما بارتكاب جرائم حرب، من الصعب محوها".
وأشارت إلى أن غرفة المحكمة أزالت اسم يحيى السنوار، زعيم حماس الذي استشهد الشهر الماضي، ولكنها أبقت على اسم الضيف لأن مقتله لم يتأكد بعد، ويظل هذا مجرد رسميات، فمن المؤكد ألا يقف أيا من قادة حماس المسؤولين عن هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 أمام المحكمة.
وفي العالم كما يرى من لاهاي، فإن موافقة قضاة المحكمة الجنائية الدولية على أوامر الاعتقال ستغير إلى الأبد مكانتها. وقد رفضت الولايات المتحدة، وهي ليست من الدول الموقعة على ميثاق روما الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية، أوامر الاعتقال، وقالت إنها ستنسق مع شركائها، بمن فيها إسرائيل بشأن "الخطوات التالية".
كما وسيبتعد حلفاء آخرون للاحتلال، مثل ألمانيا، لكنها ستكون لحظة صعبة لحكومة بريطانيا برئاسة كير ستارمر، الذي يتمتع بخلفية في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي بحسب الصحيفة.
ومن المرجح أن تضغط الولايات المتحدة على بريطانيا لرفض المصادقة على مذكرات الاعتقال، لكن هذا من شأنه أن يلحق ضررا خطيرا بمصداقية بريطانيا في أماكن أخرى من العالم. وذكرت منظمة أمنستي انترناشونال انترناشونال، ستارمر بأن "موقف بريطانيا كداعم حقيقي لحكم القانون يتطلب الإتساق والإنصاف".
وفي حين لم يفعل مجلس الأمن في الأمم المتحدة إلا القليل لتخفيف حدة الحرب في غزة ومعاناة المدنيين هناك، فسينظر إلى المحكمة الجنائية وبشكل واسع، وبخاصة في عالم الجنوب باعتبارها مدافعا أكثر فعالية عن ميثاق الأمم المتحدة. والسؤال المطروح على أوروبا على وجه الخصوص، هو ما إذا كان ينبغي لها أن تتعامل مع نتنياهو بناء على شروطه.
وقد أشار المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إلى سابقة، ففي الوقت الذي كان فيه الرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا موضوع مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، تبنى المسؤولون الأوروبيون سياسة تجنب الاتصال غير الضروري به.
وتعلق إيفا فوكوشيتش، الأستاذة المساعدة في التاريخ الدولي بجامعة أوتريخت: "أن هذه المجموعة من أوامر الاعتقال رائدة لأنها، وللمرة الأولى في حالة إسرائيل، تطال حليفا قريبا للدول الغربية الدائمة العضوية في مجلس الأمن، والتي كانت حتى الآن معفاة تقريبا من التدقيق القضائي الدولي". مضيفة أن "الكثيرين يعتبرون إسرائيل ديمقراطية فعالة بنظام قضائي قوي وحليفة قوية للغرب و "لم نشهد أي مذكرة اعتقال كهذه".
ولفتت الصحيفة إلى أن الأمر الوحيد الذي ستتركه المذكرة لاعتقال نتنياهو أنها لن تطيح به أو تضعفه. وهذا أمر حيوي، ذلك أن المراقبين يعتقدون أن الحرب في غزة ستظل مستمرة طالما بقي في السلطة.
وقالت داليا شيندلين، الخبيرة الإسرائيلية في الرأي العام الدولي قولها إن المذكرة "ستقوي نتنياهو"، مضيفة "أن الإسرائيليين مقتنعون تماما بأن النظام الدولي بشكل عام موجود في الأساس لاستهداف إسرائيل وعزلها بشكل غير عادل. وهذا النوع من المشاعر يتسرب في كل مجالات في المجتمع اليهودي".
مما يعني أن قلة منهم ترى في مذكرات الإعتقال دليلا على أن نتنياهو يعمل على إضعاف إسرائيل ويحولها لدولة منبوذة، بل ويتوقف نقاده ومعارضوه عن انتقاداتهم لهم ويرفضون محكمة أجنبيه واختصاصها في النظر بشؤونهم.
وعلى المدى القريب، وعندما تحل الإنتخابات الإسرائيلية المقررة في تشرين الأول/أكتوبر 2026، فلن يتغير أي شيء على مواقف الناخبين، إلا أن الوصمة سيظهر أثرها في السنوات والعقود المقبلة. فهناك قائمة طويلة من الدول التي لن يتمكن لا نتنياهو أوغالانت من زيارتها.
ومع أن روسيا والصين والولايات المتحدة هي دول لم توقع على ميثاق الجنائية الدولية، فإن أي زيارة لنتنياهو إلى واشنطن ستكون محرجة في الوقت الحالي. وربما لن تحدث فرقا لدى الإدارة المقبلة لدونالد ترامب.
وقالت فوكوشيتش: "تلعب المحكمة الجنائية الدولية لعبة طويلة الأمد. بمجرد إصدار مذكرات الاعتقال فهي تتبعك إلى حد كبير حتى تموت. مثلا، إذا ذهب نتنياهو مرة أخرى إلى الولايات المتحدة للتحدث إلى الكونغرس بعد إصدار مذكرات الاعتقال، فإن هذا على الأقل يحرج الولايات المتحدة بشكل كبير ويجعل نفاقها واضحا جدا".