سؤال يواصل إثارة حيرة العلماء.. ما أول حيوان على الأرض؟
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
بعد أن أصبحت الأرض موطنًا لحيوانات من جميع الأشكال والأحجام، بدءًا من المخلوقات المجهرية تقريبًا مثل بطيئات الخطو إلى الحيتان الزرقاء التي يبلغ طولها 80 قدمًا (25 مترًا)، نشأت هذه الكائنات وتطورت على مدى ملايين السنين، ولكن بقي السؤال الذي حيَّر العلماء، ما هو أول حيوان على هذا الكوكب؟.
إن الإجابة على هذا السؤال محل جدال شديد بين العلماء، فقد توصلت عشرات الدراسات المختلفة التي استخدمت كل شيء من تطور الكروموسومات على مر الزمن إلى الحفريات القديمة إلى اثنين من المرشحين، وهما الإسفنج وقناديل البحر.
تأتي بعض أفضل المعلومات عن الحيوانات المبكرة من الحفريات التي يعود تاريخها إلى العصر الكامبري، والذي بدأ منذ حوالي 541 مليون سنة، بحسب موقع «live science».
خلال هذا الوقت، شهدت الأرض اندفاعًا من الأنواع الجديدة خلال الانفجار الكامبري، في غضون 10 ملايين سنة فقط، ظهرت مئات الآلاف من الأنواع الحيوانية فجأة، تطورت كل أنواع مخططات جسم الحيوان الموجودة اليوم تقريبًا خلال الانفجار الكامبري، بما في ذلك المفصليات المبكرة والرخويات وحتى الحبليات، والتي أدت لاحقًا إلى ظهور الفقاريات، بحسب التقرير.
تمكَّنت العينات المحفوظة بشكل رائع من تكوين صخري يُعرف باسم Burgess Shale في كولومبيا البريطانية نافذة على شكل هذه الحيوانات المبكرة.
ولكن كل هذه الأنواع لم تظهر من العدم، ففي خمسينيات القرن العشرين، تم التعرف على حفريات تم اكتشافها سابقاً على أنها بقايا حيوانية من العصر الإدياكاري، الذي امتد من حوالي 635 مليون سنة إلى فجر العصر الكمبري قبل 541 مليون سنة.
على عكس الهياكل الخارجية الصلبة الموجودة في العديد من حفريات العصر الكمبري، كانت الحيوانات التي عاشت خلال العصر الإدياكاري في الغالب حيوانات ذات أجسام رخوة على شكل كتل مثل اللاسعات، وهي مجموعة تضم حيوانات مثل قنديل البحر وشقائق النعمان البحرية، والديدان، وربما الإسفنج.
من الصعب للغاية الحفاظ على الأنسجة الرخوة لأنها تتحلل بسهولة أكبر من العظام أو الهياكل الخارجية، وهذا يعني أن بقايا حفريات حيوانات العصر الإدياكاري ليست نادرة فحسب، بل إنها أكثر صعوبة في التحليل، ولعل أشهرها حيوان يشبه الدودة يسمى ديكينسونيا، والذي يبدو وكأنه طبق عشاء كبير مع أجزاء مضلعة تنبثق من مركزه.
قبل ذلك، تبدأ الأمور في أن تصبح غامضة، تقول إليزابيث تيرنر ، عالمة الأحياء القديمة بجامعة لورينتيان في أونتاريو، لموقع «لايف ساينس»: «ما وراء العصر الإدياكاري، لا أحد يبحث حقًا، وأوضحت أن جزءًا من المشكلة هو أن العلماء لا يعرفون حقًا ما الذي يبحثون عنه، وتعتقد العالمة أن أقدم الحفريات الحيوانية ربما كانت بها القليل من الأنماط التي يمكن التعرف عليها أو لا تحتوي على أي نمط يمكن التعرف عليه.
قدمت تيرنر ما تقترحه باعتباره أقدم حيوان معروف على الأرض، عينة أحفورية لما تقول إنه إسفنجة عمرها 890 مليون عام، في ورقة بحثية عام 2021 في مجلة Nature، ومع ذلك، لا يتفق الجميع مع فرضيتها.
كل الأدلة المذكورة عن الحيوانات المبكرة حتى الآن تأتي من الحفريات الموجودة في الصخور والتي يمكن تحديد عمرها إشعاعيًا باستخدام نظائرها، والتي تتحلل بمعدل ثابت بمرور الوقت.
ولكن مؤخرًا، برزت طريقة جديدة تستخدم نموذجًا يسمى الساعة الجزيئية، بناءً على افتراض أن الجينات تتحور بمعدل ثابت بمرور الوقت، يمكن للعلماء تحليل جينومات الحيوانات الحديثة وتتبعها إلى الوقت الذي ظهرت فيه لأول مرة.
تزعم دراسة أجريت عام 2023 باستخدام بيانات الكروموسومات من المشطيات الحديثة - المعروفة أيضًا باسم قناديل المشط - أنها كانت أول الحيوانات المعروفة، حيث ظهرت منذ حوالي 600 مليون إلى 700 مليون سنة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حيوان الحيوانات الأرض على الأرض ملیون سنة
إقرأ أيضاً:
موت الأسرار.. الكشف عن الذات في العصر الرقمي
عن الأسرار حين تموت؛ كتاب في قراءة بعض السلوكيات البشرية الحداثية ونقدها وتحليلها ومكاشفات مع الذات ودعوات لمراجعتها ولفقه أسباب أفعالها.
يقع الكتاب في 495 صفحة من غير قائمة المصادر والمراجع، موزعة على 4 فصول، وقد صدر حديثا عن مركز مدارات للأبحاث والنشر.
والمؤلف عبد الله الوهيبي باحث سعودي، حائز على الإجازة في الشريعة وعلى درجة الماجستير في الثقافة الإسلامية من جامعة الملك محمد بن سعود، صاحب كتابي الاستشراق الجديد، ومعنى الحياة في العالم الحديث.
محتوى الكتاب وهيكلتهمادة الكتاب ثرية محكمة البناء متسلسلة الطرح، مكتوبة بلغة رصينة سلسلة، وعنون الكاتب الفصل الأول بـ"الأسرار في محيط الذات وسياق المجتمع"، وفيه حديث علمي عن مصطلح السر وتوابعه وما يقول العلم في منافع الكشف عن الذات ومساوئه ومتى يصلح ذلك ومتى لا يصلح مع حديث عن علاقة الخصوصية بالحداثة، وعنون الفصل الثاني بـ"الثقافة العلاجية والكشف عن الذات" وفيه حديث عن تاريخ التداوي بالبوح وتأطير تاريخي للحركات التي أحدثت تعديا على المساحات الخاصة، ووصف لتطورها عبر الزمن.
وعنون الفصل الثالث بـ"الكشف عن الذات في منصات التواصل الاجتماعي"، وفيه حديث تحليلي طويل عن بواعث التعري والتهرب من الخصوصية ودوافع المتلقي لاستهلاك يوميات الآخرين.
إعلانوعنون الفصل الرابع بـ"أسرار المؤمن"، وفي أبوابه حديث إيماني تزكوي عن النفس والخطايا الخفية والمباح وغير المباح وفضيلة الكتمان في ملامح وسوانح من الرؤية الدينية للأسرار والنفس وطرق التعامل معها.
يطرح الوهيبي أفكاره طرحا متسلسلا منطقيا ينتقل فيه من تمكين قارئه من الأصول المعرفية لمادة الكتاب في الفصل الأول لينتقل به بعد ذلك بيسر إلى النقد والتحليل في الفصلين الثاني والثالث، ثم إلى البناء والتزكية اعتمادا على مادته السابقة في الرابع.
يستشهد الكاتب في مسالك طروحاته بطائفة من الإحصاءات والدراسات الغربية في الموضوعات التي يتحدث عنها مع تبيين اختلاف الإطار الفكري والثقافي الذي صدرت عنه.
ويبدأ كل فصل بمقدمة ممهدة تلحب الطريق، وتمسك بيد القارئ لتساعده على المسير في مسالك الفصل بسلاسة ويسر، ويختتمه بتلخيص دقيق مختصر لأهم ما جاء في الفصل.
استفاض الكتاب في الحديث عن الخصوصية وإشكالاتها في الثقافة المعاصرة، واستعرض تاريخ تحولاتها عرضا دقيقا تفصيليا مع مقاربة مادة موضوعه وهي مادة تخص النفس ودواخلها من باب التحليل النفسي ومعالجته من خلالها مع النهل من مجالات معينة أخرى أحيانا لا سيما من علم الاجتماع وعلم الأنثروبولوجيا والإعلام التقليدي والرقمي.
في هذا الكتاب يرصد الوهيبي الجنوح الطارئ عند الإنسان المعاصر لهتك مجاله الخاص وتصديره للفضاء العام مع تسييل الحدود بين الخاص والعام محاولا تتبع التاريخ الثقافي لنشأة التداخل بين الخاص والعام في القرن الـ20 مرورا على المحطات الرئيسة لهذه النقلات منذ ظهور الحكايات الجنسية والاعترافات السرية في الصحافة الشعبية ما بين عامي (1930-1960)، ثم بروز برامج "الحوارات الاعترافية" في الإعلام الجماهيري ما بين عامي (1990-2000) ثم برامج تلفزيون الواقع ما بين عامي (1990-2010) ثم ثورة منصات التواصل الاجتماعي بعدها.
إعلانحيث كانت هذه المحطات التاريخية بارزة الأثر في تكسر شيء من حدود الخاص وتجلية تبدل الموقع الاجتماعي للأسرار غير أن ذلك التبدل كان فئويا لبعض الخارجين عن شروط الجماعة القيمية من المشاهير من أهل الفن ومن شاكلهم، وما بين تلك المحطات التاريخية والمحطة الأخيرة التي ما زلنا أسارى سطوتها كانت النقلات الأكبر واختلاط الخاص بالعام والاتساع المرعب في رقعة تهشيم الحدود بينهما.
النشر وظاهرة المؤثرينوينظر الكتاب في ميل الإنسان اليوم للـ"إفصاح الذاتي المفرط والتعري الطوعي وتسليع اليوميات وتطبيع التلصص" متتبعا النقلة القيمية الطارئة على النفس البشرية المختلفة عن المعهود عندها حين كان الإسدال على الحياة الخاصة بسدل سابغ من التحفظ والحياء هو الأصل النفسي والاجتماعي للناس مع استثناءات قليلة لتنقلب الحال مع مخرجات الثورة التكنولوجية وطغيان شبكات التواصل الاجتماعي، ويصير الشاذ طبيعيا ومتطبعا معه والغريب مألوفا والسعي محموما للحاق بمركب الحداثة مع التخلي عما يمكن وعما لا يمكن التخلي عنه.
وفي سنوات قليلة صار الملايين من أصحاب الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لا يجدون أدنى حرج وهم يكشفون أسرارهم الخاصة ويومياتهم الحميمة، بل إن عرض ذلك والتفنن والمبالغة فيه صار غاية ترجى وسلعة رائجة في سوق واعدة لـ"اقتصاد الانتباه" حيث صارت الخصوصيات معروضة في مزاد يفوز فيه الأكثر تعرية لنفسه والأكثر تخليا عن خاصه للعامة.
ويركز الكتاب على موضوع النشر والناشر، ويحدثنا في طياته عن ظاهرة النشر بسماتها المعروفة اليوم من غياب الانضباط والرغبة الجامحة في بلوغ أعلى درجات المشاهدة والتفاعل والتأثير مع تبيين أحوال الناشر وخفايا ذاته، ووصف أشكال النشر الرائجة، ومن ذلك سلوك من يسمون اليوم بالمؤثرين، مستكنها بواطن صدور هذه الطائفة وخفايا نفوسهم.
إعلانفهم -كما يصفهم الكتاب- أسارى رغباتهم التي لا تنطفئ بالشهرة والوصول والحاجة بأن يكونوا محط العيون ومهوى الأنظار من خلال ركوب الجديد ومحاولات التجديد الفارغة واستجداء الاهتمام وتطلب الإثارة والإمعان في الإسفاف للفوز في حلبة منافسة كل من فيها يرمي إلى الاستئثار بالمشاهدات وتسمر الأعين عليه، ولو كان ذلك من خلال التعري النفسي إرضاء الجماهير المتعطشة للتلصص، وإلى استهلاك يوميات الآخرين، وبوصلة هؤلاء للنجاح إذن كثرة الوصول، فيصير مع ذلك الانتشار واستقطاب العيون وحده دليل الإنجاز وتحقيق الهدف.
ويصف فئة أخرى من أنواع الناشرين، فئة تعرف عن نفسها في حساباتها باختصاصها الأكاديمي، وبما تنشره عن ذلك بين الحين والحين، لكنها فئة تقع قاصدة أو غير قاصدة في مزالق زيادة التبسط والمزاح ورفع الكلفة والكشف عن الخصوصيات حتى تصير أكثرها مع الوقت نسخا مكررة من المؤثرين الموسومين أعلاه، بل لا تكاد تميزهم عنهم، حتى إن ما يعرف عنهم من خارج اختصاصهم أو عملهم أكثر مما يعرف عنهم مما دخلوا منه ووصفوا أنفسهم به.
وكذلك فئات الناشرين من أصحاب الحسابات العامة والناشرين بأسماء وهمية لأغراض مختلفة كالتسلية والتنفيس والاستفزاز، فقد فصل الكتاب في هذه الأنواع الأربعة، وأتى الوهيبي على تحليل هذه الفئات وما يصاحبها من ظواهر تحليلا دقيقا تغوص معه في دقائق نفوس هذه الفئات وأسباب أفعالها.
المنهجية النقدية
جل الكتاب إذن نقد لهذه الظواهر الجديدة بأدوات العلم الحديث ومحاكماته لمشكلة الكتاب محاكمات تعتمد المنهج الوصفي التحليلي، غير أنه على ذلك نقد واضح المبادئ والمنطلقات والغايات، نقد يستضيء بمنارات الحق، ويجعل معايير الحق أو الباطل منطلقات فكرية دالة وهادية.
فهو ليس نقدا من أجل النقد يسير على غير هدى بلا عقد ينظمه بل نقد متسق مع فكر المؤلف ومبادئه وغاياته الكبرى حيث تكون هذه المادة جزءا منسجما مع المنظومة الفكرية الكلية الإيمانية للكاتب، وهذا الذي يظهر جليا في الفصل الرابع الذي كان أشبه ما يكون بالبنيان الذي أراد المؤلف تشييده بعد تفكيك إشكالية الخصوصية والحداثة وتعقب تاريخ تطور تداخل الخاص بالعام.
إعلانهذا الكتاب دعوة لمراقبة سلوكياتك الرقمية فاعلا ومنفعلا مؤثرا ومتأثرا ناشرا ومتابعا ولمعرفة دوافع الخرق الطوعي لسدل الخصوصية وتطبيع ثقافة الاعتراف والاقتيات على يوميات الآخرين في ضوء الأبحاث النفسية والسلوكية، ودلالات أحكام الستر والنصح والفضح والمجاهرة في نظام الشريعة؛ كتاب تراجع معه -بلا شك- نفسك وسلوكك الرقمي وعاداتك اليومية في التعامل مع الفضاء الافتراضي.