شبح زلزال إسطنبول المحتمل يطارد الأتراك مجددا.. ما تبعاته المتوقعة؟
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
عاد شبح الزلزال المدمر المحتمل في مدينة إسطنبول التركية إلى واجهة المشهد السياسي الداخلي بالتزامن مع مرور البلاد في الذكرى السنوية الـ25 لزلزال مرمرة، الذي ضرب ولايات شمال غربي تركيا، في 17 آب /أغسطس عام 1999، وذلك وسط تحذيرات من كارثة إنسانية واقتصادية كبيرة قد تعصف في تركيا حال تعرضت إسطنبول إلى زلزال مدمر دون أخذ تدابير الوقاية من تداعياته.
ومنذ تعرض تركيا إلى الزلزال المدمر الذي ضرب ولايات الجنوب في شباط /فبراير 2023، تصاعدت تحذيرات السياسيين وعلماء الجيولوجيا من إمكانية وقوع زلزال مشابه في مدينة إسطنبول، التي تعد عصب الاقتصاد التركي وأكبر الولايات من حيث عدد السكان.
وفي 6 شباط/ فبراير 2023، وقع زلزالان مدمران طالا 11 ولاية تركية، نجم عنهما مصرع أكثر من 50 ألف مواطن وتشريد الملايين، وانهيار آلاف المباني، في مأساة وصفت بـ"كارثة القرن"، ونتج عنها إعلان الولايات الـ11 "منكوبة".
وتعد ولاية إسطنبول واحدة من المدن الأكثر عرضة للزلازل بسبب موقعها على خط صدع شمال الأناضول، وتصنف ضمن المجموعتين الثانية والثالثة من حيث مخاطر وقوع الزلازل.
ويتجاوز عدد سكان إسطنبول الـ16 مليون نسمة، ما ينذر بأن وقوع زلزال بقوة تفوق سبع درجات على مقياس ريختر سيخلف مأساة سيكون لها آثار كبيرة على البلاد، لاسيما إذا ما أضيف عدد السكان في الولايات المجاورة التي من الممكن أن يطالها أي زلزال محتمل يضرب المنطقة.
وفي حديث سابق، قال عالم الجيولوجيا التركي ناجي غورو، إن هناك 600 ألف مبنى في إسطنبول، وعلى افتراض أن أربعة أشخاص يقطنون في كل منزل، يعني أن 2.5 مليون شخص يواجهون خطر الموت. مشددا على أن الخسارة في الأرواح التي سيلحقها الزلزال ستكون غير قابلة للتصديق.
والأسبوع الماضي، حذر والي إسطنبول داود غول من وجود مئات آلاف المباني التي تحتاج إلى الدخول في مشاريع التحول الحضري لتعزيز قدراتها على مقاومة الزلازل.
وقال غول في كلمة له على هامش مؤتمر "التمرين الوطني الرابع للبحث والإنقاذ"، إن "لدينا مباني غير مستقرة في إسطنبول، تماما مثل أي مكان آخر في تركيا"، موضحا أن "أكثر من 500 ألف مبنى بحاجة إلى الخضوع للتحول الحضري"، حسب ما نقلته وكالة "DHA" التركية.
والسبت، تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بتعزيز أمن المدن التركية ضد الكوارث الطبيعية والزلازل، موضحا في تدوينة عبر حسابه في منصة "إكس" (تويتر سابقا) أنهم مدركون لحقيقة أن تركيا "بلد معرض لخطر الزلازل دوما".
موقع إسطنبول الاقتصادي
الكاتب التركي ناكي بكر، يرى أن الزلزال الكبير المتوقع حدوثه في إسطنبول يهدد اقتصاد البلاد بأكمله بسبب موقع المدينة "المركزي" في جميع القطاعات تقريبا، سيما أنها تساهم في توليد ما يقرب من نصف دخل الدولة.
ويوضح بكر مقال نشره في صحيفة "دنيا" التركية، أن إسطنبول المهددة بخطر زلزال مدمر محتمل تفوق قوته 7.5 درجة على مقياس ريختر، قدمت 44 ليرة من كل 100 ليرة تركية من الإيرادات التي حققتها الدولة ضمن نطاق ميزانية الحكومة المركزية خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، حسب تقديرات وكالة تخطيط إسطنبول (IPA).
ويشدد الكاتب التركي على أن زلزال إسطنبول المحتمل يهدد البلاد بأكمها، مشيرا إلى أن المدينة تحتضن 15 مليونا و655 ألفا و924 نسمة، أي 18.34 بالمئة من سكان تركيا.
ومع المقاطعات الثمانية المجاورة التي ستتأثر بأي زلزال تفوق قوته حاجز الـ7 درجات، فإن إجمالي السكان المعرضين للخطر يضاعف هذا العدد ويشكل حوالي ثلث إجمالي سكان البلاد.
بالإضافة إلى عدد سكانها، وقدرتها الاقتصادية، واستضافتها لأكبر المؤسسات الصناعية أو قربها منها، ومساهمتها الإجمالية في اقتصاد البلاد، تعد إسطنبول أيضا، بحسب الكاتب، مركزًا لجميع القطاعات المهمة الأخرى مثل الصناعة والتمويل والتجارة.
ولهذا السبب، فإن الزلزال الكبير الذي قد يضرب إسطنبول يشكل خطرا حيويا على اقتصاد البلاد وأمنها القومي بسبب احتمالية تعطيل العمليات الاقتصادية في المحافظات الأخرى.
وفي السياق ذاته، تجدر الإشارة إلى أن حصة إسطنبول من إجمالي الإيرادات الضريبية البالغة 3 تريليون 825.1 مليار ليرة في جميع أنحاء البلاد في الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، تبلغ ما يعادل 48.8 بالمئة.
كما جاء 55 بالمئة من تحصيل ضريبة الدخل، الذي وصل إلى 739.8 مليار ليرة في المدة بين كانون الثاني /يناير وتموز /يوليو من العام الجاري، من إسطنبول، بمبلغ 406.6 مليار ليرة.
وفي حين بلغ تحصيل الضرائب على التجارة الخارجية للأشهر السبعة ذاتها 873.4 مليار ليرة، تم الحصول على 31.7 بالمئة منها، أي 276.9 مليار ليرة، من إسطنبول.
وبلغت حصة إسطنبول من إيرادات الرسوم الجمركية 47.5 بالمئة، وحصتها في ضريبة القيمة المضافة على الواردات 29.2 بالمئة، حسب مقال بكور.
كل ذلك، يجعل من تعرض إسطنبول لأي كارثة طبيعية على غرار زلزال عام 2023 الذي نكب 11 ولاية تركية في جنوب البلاد، خطرا يهدد تركيا على كافة الصعد من أبرزها الاقتصادي، حسب الكاتب التركي.
يشار إلى أن السلطات التركية تعمل على تعزيز قدرات إسطنبول على مكافحة الزلزال عبر مشاريع التحول الحضري التي أصبحت محل تنازع بين الحكومة وأحزاب المعارضة، وسط تقارير وتصريحات رسمية تشير إلى وجود مئات آلاف المباني السكنية التي تحتاج إلى الخضوع للتحول الحضري.
وكان تقرير نشرته وكالة التخطيط في إسطنبول (IPA)، أوضح أن اثنين من كل ثلاثة مباني في إسطنبول جرى بناؤها قبل عام 2000، أي قبل زلزال مرمرة الذي ضرب شمال غربي تركيا في أواخر عام 1999.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد تركي منوعات تركية الزلزال تركيا أردوغان تركيا أردوغان اسطنبول زلزال سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی إسطنبول ملیار لیرة
إقرأ أيضاً:
البنك المركزي التركي يقرر مجددا إبقاء سعر الفائدة عند 50 بالمئة
قرر البنك المركزي التركي، الخميس، الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة عند 50 بالمئة مثلما كان متوقعا، وذلك في ظل اتباع الحكومة التركية سياسة التشديد النقدي من أجل مكافحة معدلات التضخم المرتفعة.
وشدد البنك المركزي، في بيان، بعد اجتماع لجنة السياسات النقدية، على أنه "سيظل في حالة يقظة شديدة لمخاطر التضخم قبل دورة التيسير النقدي المتوقعة في الشهور المقبلة".
وأضاف "سنحدد مستوى سعر الفائدة بطريقة تضمن التشديد النقدي الذي يتطلبه المسار المتوقع لخفض التضخم مع الأخذ في الاعتبار التضخم المحقق والمتوقع".
وارتفعت الليرة قليلا إلى 34.5250 مقابل الدولار بعد إعلان البنك، لكنها ظلت منخفضة خلال اليوم.
وبذلك، يكون البنك المركزي حافظ على سعر الفائدة دون تغيير عند 50 بالمئة للشهر الثامن على التوالي، وذلك بعدما قرر رفعه 500 نقطة أساس في آذار /مارس الماضي.
وفي أيلول /سبتمبر الماضي، كشفت الحكومة التركية، النقاب عن برنامج اقتصادي متوسط المدى من المقرر أن يجري تنفيذه خلال الفترة 2025- 2027، بهدف خفض نسب التضخم إلى فئة الآحاد وتعزيز النمو الاقتصادي وتقليل معدلات البطالة وزيادة الاستثمار القائم على الإنتاجية والتوظيف والإنتاج.
يأتي ذلك ضمن خطة اقتصادية يقودها بشكل أساسي فريق اقتصادي، مكون من وزير المالية محمد شيمشك، ونائب الرئيس جودت يلماز، ورئيس البنك المركزي فاتح قرة خان.
وتمثل برنامج الفريق الاقتصادي الجديد الذي شكله الرئيس رجب طيب أردوغان بعد إعادة انتخابه في أيار/ مايو 2023، في التخلي عن السياسة غير التقليدية بالإبقاء على الفائدة منخفضة لصالح إطلاق العنان لنهج تشديد السياسة النقدية، الأمر الذي تلاه على مدى الشهور اللاحقة رفع سعر الفائدة الرئيسي على دفعات متتالية من 8.5 بالمئة إلى 50 بالمئة.