كيف ارتبط اسم الكاتب محفوظ عبد الرحمن بـ«الست»؟.. كواليس مسلسل «أم كلثوم»
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
كانت رحلة الكاتب محفوظ عبد الرحمن ثرية بأعمال فنية خالدة، تعلقت في أذهان ملايين المشاهدين من العرب والمصريين، وتمر اليوم الذكرى الـ 9 للكاتب الراحل الذي رحل في مثل هذا اليوم 19 أغسطس، وارتبط اسمه بكوكب الشرق أم كلثوم، ولمّ لا وهو الذي ألف مسلسل باسمها، وكان قد كشف عن سر وحيد عرف من خلاله شخصية أم كلثوم بعمق حتى يخرج المسلسل بهذه الدقة، على الرغم من أنه لم يعاصرها.
قبل رحيله، حلّ الكاتب محفوظ عبد الرحمن ضيفًا على «صاحبة السعادة» الفنانة إسعاد يونس، وحكى كواليس كتابته مسلسل أم كلثوم قائلًا: «فكرة أم كلثوم قديمة كان في مشروع فيلم قبل كدا للكاتب سعد الدين وهبة والمخرج العالمي يوسف شاهين في أثناء حياتها، لكنها تدخلت كتير أوي في السيناريو لحد ما يأسوا، وأذكر إني كنت في التليفزيون في ممر كبير فا ممدوح الليثي رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون السابق الله يرحمه من بعيد قالي محفوظ تعمل أم كلثوم.. فقلت أعمله».
محفوظ عبد الرحمن: عرفت أم كلثوم من الجرايدوأضاف الراحل محفوظ عبد الرحمن، عن كواليس كتابة المسلسل قائلًا: «كتابتي كانت هتبقى مختلفة كنت عايز أركز عليها كشخصية، لكن أحيانًا العمل يقودك لشيء آخر، اقتنعتت إن أم كلثوم مع القراءة والبحث إنها صناعة مصرية، قابلت أهلها ومستفدتش كتير، وكلمت اللي عاصروها واشتغلوا معاها مستفدتش كتير لكن لما قرأت الجرايد والمجلات اللي اتكلمت عنها عرفتها وكنت واخد قرار مكتبش عنها غير لما أعرفها كويس، وبسهولة لأني قروي وهي قروية فهمت الشخصية، لدرجة بعض الأحداث زي الوسام اللي أخدته ورد الفعل عند بعض الناس أهلها اندهشوا من المشهد، لأني قربت أوي من الشخصية».
يذكر أن الراحل محفوظ عبد الرحمن له عدد من الأعمال المهمة مثل «بوابة الحلواني» و«أم كلثوم» و«ناصر 56» و«القادسية» وأعمال أخرى فى التليفزيون والسينما وأيضًا المسرح.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: محفوظ عبد الرحمن ذكرى محفوظ عبد الرحمن ام كلثوم كوكب الشرق أم کلثوم
إقرأ أيضاً:
الفن في حياة نجيب محفوظ
خلال تصفّحي لأحد الكتب التي تتضمن حوارات مع الأديب الكبير نجيب محفوظ، استوقفتني صفحات تحدث فيها عن الفن التشكيلي وعلاقته بالأدب، ولم يكن ذلك مفاجئًا. فالأديب الكبير لم يكن مجرد روائي غارق في عوالم الورق والحبر، بل كان رجلًا يرى الجمال في كل أشكاله، ويؤمن أن الإبداع لا يعرف الحدود بين الفنون.
بدأت حكايته مع الفن التشكيلي في أواخر العشرينيات، حين قرأ مقالًا للعقاد عن الرسام محمود سعيد. كان محفوظ آنذاك شابًا يافعًا، فتعجب كيف يُفرد العقاد مقالًا كاملًا عن فنان لم يكن اسمه متداولًا بين عامة الناس. قادته تلك الدهشة إلى فضول، والفضول قاده إلى الاكتشاف. زار معرض محمود سعيد، ووقف أمام لوحاته، فوجد نفسه أمام عالم آخر، حيث اللون لا يقل قوة عن الكلمة، والخطوط تروي قصة لا تقل تأثيرًا عن السرد. بقيت بعض تلك اللوحات محفورة في ذاكرته، مثل بنات بحري وبائع العرقسوس، وكأنها جزء من رواية لم تكتب بعد.
لم يكن الاكتشاف مجرد لحظة عابرة، بل تحول إلى شغف. اشترى كتاب Outline of Art وبدأ عادة لم تفارقه لسنوات: كل صباح، يفتح صفحة جديدة، يتأمل لوحة مختلفة، قبل أن يبدأ يومه في الكتابة. في يوم، كانت الصورة أمامه لوحة الطاحونة الحمراء لتولوز لوتريك، وفي يوم آخر كانت حاملات القرابين من معبد حتشبسوت، وفي ثالث زهور عباد الشمس لفان جوخ. لم يكن يتأمل فحسب، بل كان يدرس، يحاول فهم كيف تتحدث اللوحات كما تتحدث الكلمات، وكيف يستطيع الفنان التشكيلي، مثل الروائي، أن يلتقط لحظة عابرة ويحفظها للأبد.
علاقته بالفن لم تكن مجرد علاقة تذوق، بل توطدت من خلال صداقاته مع فنانين مثل رمسيس يونان وفؤاد كامل، حيث رأى كيف يفكر الرسام، وكيف تتحول الفكرة إلى لون، وكيف تخرج الأحلام من الفرشاة كما تخرج من القلم. وربما لهذا السبب، حين دخل عالم السينما، لم يجد نفسه غريبًا، فقد كان معتادًا على التفكير بالصورة، وكان يعرف كيف يحوّل الكلمات إلى مشهد مرئي.
كل ذلك جعلني أفكر: هل يمكن للأديب أن يكون معزولًا عن الفنون الأخرى؟ الأدب والفن التشكيلي ليسا عالمين منفصلين، بل هما وجهان لعملة واحدة. الأديب الذي لا يرى الفن بعين الفنان، يكتب بطريقة مسطحة، جافة، بلا حياة. الفن يمنح الأدب بعدًا آخر، يجعله مرئيًا، محسوسًا، قريبًا من الروح. وهذا ليس مجرد رأي شخصي، بل حقيقة نجدها في حياة كثير من الأدباء العظماء.
أوسكار وايلد، على سبيل المثال، لم يكن مجرد روائي، بل كان ناقدًا فنيًا بامتياز. في صورة دوريان جراي، لم تكن اللوحة مجرد تفصيل سردي، بل كانت قلب الرواية، محور القصة، والنافذة التي نرى من خلالها التحولات النفسية للبطل. لقد فهم وايلد أن الفن ليس مجرد انعكاس للواقع، بل هو واقع بذاته، قد يكون أجمل، وقد يكون أكثر رعبًا.
وجبران خليل جبران لم يكن مجرد كاتب ملهم، بل كان أيضًا رسامًا بارعًا، ترك لنا لوحات تحمل نفس الروحانية التي نجدها في كلماته. عندما تقرأ النبي، تشعر أنك لا تقرأ كتابًا، بل تتجول في معرض فني، حيث كل فصل لوحة، وكل فكرة مشهد بصري له ألوانه الخاصة.
أما فيكتور هوغو، فقد كان يرى الأدب كما يرى الرسام لوحته. كان يكتب كما يرسم، ويرسم كما يكتب. ترك خلفه مئات اللوحات، وكأن الكلمات لم تكن كافية للتعبير عن مخيلته. وربما لهذا السبب، عندما نقرأ أحدب نوتردام أو البؤساء، نجد أنفسنا وسط مشاهد مرسومة بحرفية بصرية نادرة.
كل هؤلاء لم يكونوا مجرد أدباء، بل كانوا فنانين بروحهم، يرون العالم بعدسة أوسع، ويدركون أن الإبداع لا يقتصر على الكلمات، بل يمتد إلى الألوان، والأشكال، والألحان.
عندما قرأت حديث نجيب محفوظ عن الفن التشكيلي، شعرت أنني وجدت تفسيرًا غير مباشر لسر عبقريته. لم يكن مجرد كاتب يسرد القصص، بل كان رسامًا بالكلمات، يرسم القاهرة في زمنها الجميل، ووجوه البشر في لحظاتهم الصعبة، والأحلام التي تولد وتموت. لم يكن يكتب فقط، بل كان يرى، ويسمع، ويتذوق. لهذا بقي أدبه حيًا، تمامًا كما تبقى اللوحة حية، تتغير بتغير من ينظر إليها. الأدب، مثل الفن، ليس مجرد حكاية تُروى، بل هو حياة تُرى