جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-14@17:48:22 GMT

وصمة اسمها: عامل!! (2- 2)

تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT

وصمة اسمها: عامل!! (2- 2)

 

معاوية الرَّواحي

أوضاع العُمال في عُمان، ووضع العامل العُماني تُمثِّل معضلة فكرية وثقافية في المقام الأوّل، وما لم تحل هذه المعضلة، فلا حلول تشريعية حقيقية ستصنع لها حلًا مُنصِفًا.

ما تبدو وظيفةً في قاع الهرم الاجتماعي بالنسبة للبعض، تبدو وظيفة مناسبة للغاية لطالبٍ يريد أن يحسن وفرته المالية لنفسه أو لعائلته، وما تبدو وظيفة سيئة للغاية بالنسبة لمترف يوزع صكوك الاعتراف الاجتماعي على البشر، هي وظيفة مثالية وذهبية لإنسان لا يريد مغادرة ولايته، ولا يريد أن يقطع مشوار 100 كيلومتر وأكثر ليصل لمدينةٍ تزخر بالوظائف ذات الوجاهة، حقائق كلنا نرددها بحجة أن العمل ليس عيبًا، لكنه في حقيقته عيب، وبه وصمة، من الذي يجرؤ أن يعمل حلاقا! وحتى إن تجرأ أحدهم وقرر أن يعمل في هذه المهنة، سيمتثل اجتماعيا، وسيفتح حلاقا فخمًا للغاية تكلف الحلاقة فيه الشيء الفلاني، هذه هي المدرسة التعويضية التي تفنن البعض في استغلالها، والتي يتحول فيها العامل ذاته إلى رأسمالي يلعب على ثغرات الوصمة الاجتماعية، فينسخ المهنة العمالية ويقدم نسخة مترفةً منها.

عندما يتعلق الأمر بالترف، يستوي في ذلك العامل والخامل، والرأسمالي، ومن يعمل لديه! وكما يوجد الغني البخيل الاستغلالي، يوجد الفقير المختال، وهكذا دواليك، ضمن الظاهرة البشرية العامّة، تأتي ظاهرتنا العمانية بكل معضلاتها ومشاكلها.

ولأكون واضحًا أقصى درجات الوضوح- عزيزي القارئ- فإنَّ المنطق الذي أطرحه يختلف تمامًا عن الذين يقولون: العمل ليس عيبًا، ارم بنفسك في آتون الاستغلال، واعمل بأبخس الأثمان، واسمح لنفسك أن تعيش مُستغَلًا، مهضوم الحق الاجتماعي، تحاصرك الألسن بالانتقاص منك، وينتزع رأسماليٌ جشعٌ سنوات عمرك براتب بخس وبدون أمان وظيفي.

أيضًا المنطق الذي أطرحه يختلف عن الذين يُحدِّدون للآخرين خيارات، بناءً على معايير اجتماعية مُعينة، ما أقوله إن اختيارك لمهنة عُمّالية يفرض عليك أن تتعلم طريقة للدفاع عن حقوقك، وطريقة للدفاع عن حقوق زملائك، وسيُدخلك تلقائيًا في معارك ثقافية، ومعارك انطباعات، وحزازات.

الطريق لواقع عُمالي أفضل في عُمان حكايةٌ طويلة، تحتاج إلى تغييرات تشريعية، وثقافية، وتحتاج إلى رقابة على سوق العمل، وتحتاج إلى سياسة هجرة، وإلى تغيير أنظمة التوظيف، وكل هذا لن يحدث بين ليلة وضحاها. قصص النجاح تملأ عُمان، وهؤلاء الذين عاشوا عُمالا في بداية حياتهم، ونجحوا لاحقًا هُم الذين عليهم الواجب الأوّل في التصدي لهذه الوصمة. على من أقرأ زبوري!

بكل صدق لا أعرف لماذا كتبت هذا المقال، حتى على صعيد التعمين، ثمة مقاومة اجتماعية شديدة وشرسة لتعمين بعض المهن! لأن الحقيقة الضمنية عن توظيف الوافدين هي القاصمة للظهر، استغلال أعمار البشر مُباح، ومُتاح ما دام وافدًا، تعمين مهنة خطوة أولى لإعادة حقوق العمال إلى نصابها، وما المُحزن في المسألة! لا أحد يفكر في حقوق مهنة إلّا بعد تعمينها! يا إلهي! على من أقرأ زبوري!

حيثما فكرت فيها سترى طاعون الترف في العصر الحديث وهو يفتك بالمُسلَّمات، أن الذي يعمل يجد، وأنّ فكرة أن يعمل اثنين في اقتصاد واحد وهذا يجد ضِعْف ما يجده الثاني هي ليست أكثر من فكرة مُدمِّرة لأي نمو في أي اقتصاد! ولكن لا بأس، دعنا نعلك الترف، ودعنا نفترض كل الافتراضات اليوتوبيَّة، ودعنا نحاصر المكافحين والمجتهدين والمناضلين من أجل لقمة العيش باستعلائنا الاجتماعي. لا يبدو أن لهذه المشكلة حلًا على المدى القريب، ولا يبدو أن أحدًا من الأساس يُريد الانتباه إلى تلك الحقيقة الضمنية المخيفة، إنَّنا عندما نتكلم عن وصمة "العامل" فنحن نقبل ضمنيًا أن استغلاله مباح، ولا أحد يناقش هذه الحقيقة، لا أحد يتصدى لها، نعتبر استغلال العامل حقًا مُكتسبًا، ولذلك لا نريد أن يتم استغلال بني جلدتنا!

فعلًا أتساءل: لماذا قليل جدًا من يتكلم عن إصلاح واقع العمال، وتوسعة دائرة حقوقهم! لماذا القبول التلقائي بهذه الحقيقة وكأنه حكم قدري! ولماذا نستمر في دفع ثمن أزمنة النشأة النفطية وكأننا يجب أن نتقبل أخطاءها للأبد! بكل صدق لا أعرف! لا أعرف لماذا كتبت هذا المقال، الحقيقة تقلع العين، العمل ليس عيبًا، استغلال العمّال هو العيب الكبير، مع ذلك، نُفضِّل أن نُحاصر العامل في اختياراته، ولا نُفضِّل أن نفتح ربع باب للتساؤل عن الذين يستغلون العمال، وثغرات القانون، وثغرات التشريع، والتحيُّزات الاجتماعية لمواصلة النجاح بهذا القطاع الخاص الذي بُني على باطل عُمالي كبير، باطل لا يتحرك أحد لإصلاحه بقدر ما يتحرك لصناعة تنظيرات الترف الاجتماعي، والتحدث نيابة عن خيارات الآخرين!

سأدع عني جنوني الرومانسي وسأخرس وأقفل هذا المقال، وأنا أعلم جيدًا أنها قضية سيحين وقتها فقط، بعد أن تتفاقم الأزمات التي سوف تسببها، وربما سأكون في الستين من العُمر عندما سأقول: يا إلهي! الجميع كان يعلم بهذه المشكلة، والآن فقط يريدون حلًا لها!

فلا نامت أعين المُترَفين! فلا نامت أعين المُترَفين!!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

"كان لا بد من كشف الحقيقة"... أمريكي متهم بتسريب خطط إسرائيلية لضرب إيران

تهمة بتسريب معلومات سرية تتعلق بتقييم خطط إسرائيلية سابقة لضرب إيران، يواجهها رجل كان يعمل لصالح الحكومة الأمريكية، وفقاً لوثائق المحكمة المقدمة يوم الأربعاء.

اعلان

عاصف وليام رحمن، اعتقله مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في كمبوديا، ومن المقرر أن يمثل لأول مرة أمام امحكمة في جزيرة غوام.

وقد تم توجيه اتهامين له الأسبوع الماضي في محكمة أمريكية بولاية فيرجينيا بتهمة "نقل معلومات تتعلق بالدفاع الوطني" بشكل متعمد، وهي تهم تصل عقوبتها إلى أحكام بالسجن طويلة الأمد.

مبنى مقر مكتب التحقيقات الفيدرالي "جي. إدغار هوفر" يظهر في العاصمة واشنطن.Cliff Owen/Cliff Owen

ولم يتضح بعد ما إذا كان رحمن قد عين محامياً، أو الجهة الفيدرالية التي كان يعمل بها، لكن المسؤولين أكدوا أنه كان يتمتع بتصريح أمني سري للغاية.

تعود هذه التهم إلى وثائق نسبت إلى وكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية الوطنية ووكالة الأمن القومي، وهي تسريبات ظهرت في الشهر الماضي على قناة عبر تطبيق تلغرام، وأشارت الوثائق إلى أن إسرائيل كانت لا تزال تحرك قواتها تحسباً لشن ضربة عسكرية رداً على هجوم صاروخي باليستي إيراني في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

توجيه تهمة إفشاء وتسريب وثائق سرية للغاية حول خطة إسرائيل لضرب إيران.

وقد نفذت إسرائيل هجوماً وصفته بأنه انتقامي، استهدف مواقع متعددة في إيران في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

يذكر أن هذه الوثائق كانت متاحة للتداول ضمن الدول الخمس "فايف آيز" التي تشمل الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا ونيوزيلندا وأستراليا.

كما أن صحيفة نيويورك تايمز هي أول من أفاد بخبر اعتقال المتهم عاصف وليام رحمن.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية إيران تجدد رفض اتهامها بمؤامرة اغتيال ترامب..وتتساءل عما إذا كان ذلك استعراضا هزليا أم تصعيدا جديدا؟ سيناريو خارج المألوف.. إيران قد تهاجم إسرائيل برياً ثلاثة اتصالات جديدة بين ترامب ونتنياهو.. و"التهديد الإيراني" على الطاولة محاكمةخرق معلوماتيالولايات المتحدة الأمريكيةالسياسة الإسرائيليةطهراناعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. غارات على الضاحية الجنوبية بعد مقتل 7 جنود إسرائيليين.. وحزب الله يضرب قاعدة الكرياه وسط تل آبيب يعرض الآن Next الاتحاد الأوروبي بصدد إنهاء اتفاقية الصيد البحري مع السنغال وسط انتقادات محلية يعرض الآن Next روسيا تحذّر من اجتياح إسرائيلي لسوريا وتقول إن قواتها حاضرة مقابل مرتفعات الجولان يعرض الآن Next بوينغ تواجه صعوبة في الوفاء بموعد تسليم الطائرات لزبائنها.. وإضراب العمال يعقّد من المهمة يعرض الآن Next فرحة الزفاف تتحول إلى كارثة.. مصرع 18 شخصاً بسقوط حافلة في نهر السند بباكستان اعلانالاكثر قراءة لا مجال لكسب مزيد من الوقت.. النيابة العامة الإسرائيلية ترفض تأجيل شهادة نتنياهو بقضايا الفساد بين السماء والأرض: ألمانيان يحطمان الرقم القياسي في التزلج على الحبل المتحرك بارتفاع 2500 متر مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز تقرير: تحقيق إسرائيلي يشتبه في كون نتنياهو زوّر وثائق للتملص من تقصيره في 7 أكتوبر/تشرين الأول من بينها رئيس الوزراء.. أصوات إسرائيلية تقايض ترامب بوقف الحرب مقابل ضم الضفة الغربية اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29إسرائيلدونالد ترامبالصراع الإسرائيلي الفلسطيني لبنانغزةروسياالحرب في أوكرانيا معاداة الساميةحكم السجنمحكمةسورياالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • هاتف مجمد يحوّل حلبة تزلج إلى مزار سياحي
  • ترشيح منظمة صهيونية لتوزيع المساعدات في غزة.. ما اسمها؟
  • "كان لا بد من كشف الحقيقة"... أمريكي متهم بتسريب خطط إسرائيلية لضرب إيران
  • أنواع العمالة المنزلية
  • الهلالية وصمة عار في جبين الانسانية!!
  • أول روبوت غواص يعمل بالذكاء الاصطناعي
  • تعليق عارفة عبد الرسول على استخدام اسمها في فيلم «وداعا حمدي»
  • مركز مكافحة الأمراض يحصي عدد الأطفال الذين تلقوا تطعيماتهم
  • شاب يجيد اللغة الهندية يقوم بمقلب في عامل هندي .. فيديو
  • آخرهم ماركو روبيو للخارجية..أبرز الشخصيات الذين اختارهم ترامب لشغل مناصب رئيسية