الهلال الأحمر يحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
احتفلت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، بمقرها اليوم في أبوظبي، باليوم العالمي للعمل الإنساني بمشاركة عدد من منظمات الأمم المتحدة الإنسانية والجمعيات المحلية والمؤسسات الإعلامية.
وقال سعادة راشد مبارك المنصوري الأمين العام لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، إن التزامنا الإنساني والأخلاقي في الهلال الأحمر تجاه ضحايا الأزمات والكوارث نابع من الإرث الغني الذي تركه لنا نصير الإنسانية وملاذها الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” وتسير على هديه قيادة الدولة الرشيدة.
وأضاف المنصوري، أن هذا الالتزام يضع الهلال الأحمر الإماراتي في مواجهة مهام كبيرة ومسؤوليات عظيمة لتخفيف معاناة البشرية، مشيرا إلى تشهده الساحة الدولية من تحديات إنسانية عديدة نتيجة لشدة الأزمات والكوارث وحدة النزاعات والحروب، إضافة إلى كوارث الطبيعة المناخية وقضايا الفقر والجوع والهجرة واللجوء والنزوح علاوة على الأزمات الصحية المتلاحقة، وقال إن هذه الأحداث مجتمعة أدت إلى تفاقم المعاناة الإنسانية وبروز العديد من الظواهر والتحديات الإنسانية.
وقال المنصوري : نقف في هذا اليوم الذي يعد من أهم المناسبات الإنسانية العالمية وقفة إجلال وتقدير للجهود الكبيرة التي يبذلها العاملون والمتطوعون في المجال الإنساني رغم التحديات التي يواجهونها والمتاريس التي تعيق تحركاتهم الميدانية لكنهم رغم ذلك يؤدون واجباتهم بتفان وإخلاص كبيرين ويبذلون قصارى جهودهم للوصول إلى المستهدفين من خدماتهم في أكثر المناطق خطورة وأشدها سخونة غير آبهين بالمخاطر التي تحدق بهم وكانوا دائما في قلب الحدث.
وحول دور الإعلام في دعم العمل الإنساني، قال سعادة جمال ناصر الصويدر المدير التنفيذي لقطاع المحتوى الإخباري لوكالة أنباء الإمارات “وام”، إن وسائل الإعلام تلعب دورا حاسما في نقل المعلومات من وإلى المناطق المنكوبة في حالات الأزمات والكوارث، وتعتبر أداة رئيسية لتنسيق الجهود الإغاثية وإيصال المساعدات للمحتاجين، وشريكا حيويا في العمل الإنساني حيث تسهم في توعية الجمهور وحشد الدعم والموارد.
وأشار سعادته إلى أن الإعلام في دولة الإمارات يسهم بشكل كبير في إبراز المساعدات التي تقدمها الدولة إلى مختلف الشعوب الشقيقة والصديقة من أجل تخفيف معاناتهم ومؤازرتهم في المحن والأزمات، حيث تعد المساعدات الإنسانية الإماراتية نموذجا للعمل الإنساني العالمي الذي لا يقوم فقط على تقديم المساعدات العينية بل يهدف أيضا بناء الإنسان من خلال العديد من المشاريع التنموية الرامية إلى الارتقاء بالمجتمعات ومساعدتها على النهوض.
وأكد المدير التنفيذي لقطاع المحتوى الإخباري لوكالة أنباء الإمارات، أن جهود دولة الإمارات في العمل الإنساني رسالة خير وتسامح ومحط تقدير من كل شعوب العالم خاصة دورها في تعزيز القيم الإنسانية النبيلة التي قامت عليها الإمارات والتي أصبحت نهجا وجزأ لا يتجزأ من توجهات الدولة في ظل قيادتها الرشيدة التي تقدم أروع الأمثلة في التلاحم والتعاضد لما فيه خير الإنسانية جمعاء.
من جانبه أشار نادر النقيب مسؤول شراكات القطاع الخاص عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى نتائج التقرير الذي أصدرته المفوضية في يونيو الماضي حول الاتجاهات العالمية للنزوح القسري والذي استعرض أبرز التطورات والاحصائيات حول أوضاع النازحين قسراً حول العالم، منوها إلى أن عدد النازحين قسراً في العالم بلغ أكثر من 122 مليون شخص تحت ولاية مفوضية اللاجئين حتى نهاية عام 2023، إذ يشكل اللاجئون حوالي 31 مليون شخص من هذا الإجمالي إلى جانب النازحين الذين بلغ عددهم 63 مليون شخص.
وأوضح أن الدول منخفضة ومتوسطة الدخل تستضيف حوالي 75% من اللاجئين في الوقت الذي تواجه فيه الدول المضيفة في الأصل تحدياتها الخاصة لتوفير الخدمات الأساسية لمواطنيها فضلا عن اللاجئين.
وقالت الدكتورة سما الشاوي المستشار القانوني ببعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في دولة الإمارات، إن العالم اليوم يشهد 120 نزاعا مسلحا ما فاقم حجم المعاناة الإنسانية التي تشهدها الشعوب المتضررة من تلك النزاعات، بينما أكد ساجي توماس رئيس قسم حماية الطفولة بمنظمة “يونيسيف”، أن أكثر من 30 مليون طفل نزحوا بسبب الصراعات، مشيرا إلى تواصل الهجمات على الأطفال بلا هوادة في مناطق النزاعات في جميع أنحاء العالم، فيما يعد عدد البلدان التي تعاني من صراعات عنيفة هو الأعلى منذ 30 عاما.
وقال هاني الزبيدي الرئيس التنفيذي لمؤسسة تحقيق أمنية، إن المؤسسة تتخذ من مسيرة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” منهجاً تقوم عليه استراتيجيتنا الإنسانية حيث كان رحمه الله مثالاً حيّاً للإنسانية والعطاء اللامحدود قائداً بذل حياته لخدمة الإنسان والمجتمع ليس فقط في دولة الإمارات العربية المتحدة، بل امتدّ كرمه ليشمل العالم أجمع ووضع بصماته الإنسانية في كل بقعة وصلت إليها أياديه البيضاء فكان نموذجاً يُحتذى به في العمل الإنساني.
واستعرضت نفيسة محمد توفيق رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للأمراض النادرة، أهداف الجمعية ودورها في توعية وتثقيف أفراد المجتمع بالإضافة إلى المصابين بالأمراض النادرة وذويهم والمساهمة في تقديم الدعم النفسي والمعنوي والاجتماعي لهم والتركيز على برامج الدعم الأسري إلى جانب التوعية والتعريف بالأمراض النادرة بين الأخصائيين والباحثين في مجال الرعاية الصحية وجميع شرائح المجتمع بالإمارات والعمل على تشجيع ودعم البحث العلمي في تشخيص الأمراض النادرة وعلاجها.
كما تطرقت حورية المري رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لأمراض القلب الخلقية إلى دور الجمعية في رفع مستوى الوعي حول أمراض واعتلالات القلب الخلقية لتحسين جودة حياة الأطفال والمصابين بأمراض القلب الخلقية، وجهودها في العمل على الاكتشاف المبكر للمرض من خلال التشخيص والعلاج والأبحاث المتقدمة في هذا الصدد.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: العمل الإنسانی الهلال الأحمر دولة الإمارات فی العمل
إقرأ أيضاً:
التأطير العقدي للعمل.. ضمان التوافق بين الفكر والسلوك في الإسلام
العقيدة الإسلامية هي حقيقة ثابتة وشاملة تُحدد علاقة الإنسان بربه، وبنفسه، وبالآخرين، وبالكون من حوله. فعاليتها تكمن في تحويل الإيمان إلى قوة دافعة للإصلاح والتنمية، مما يجعلها الأساس المتين لبناء الفرد والمجتمع.
الكاتب والمفكر التونسي الدكتور عبد المجيد النجار وهو أحد المفكرين والباحثين في مجال الفقه والفكر الإسلامي المعاصر، الأمين العام المساعد للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يواصل في هذه السلسلة من المقالات التي تنشرها "عربي21" بالتزامن مع نشرها على صفحته على منصة "فيسبوك"، البحث في مدلول العقيدة الإسلامية ومفرداتها.
ب ـ التأطير العقدي للعمل
إذا كان الفكر هو أصل العمل فإن التأطير العقدي للفكر لا يُغني عن التأطير العقدي للعمل أيضا، ذلك أن العمل إذا لم يكن موجّهاً توجيها عقديا مباشراً فإنه قد يطرأ عليه انقطاع عن مفاهيم العقيدة حتى وإن كان الفكر الذي هو امتداد له مبنيا ً بناءً عقدياً، فما أيسر ما ينحرف السلوك العملي عن الصورة الذهنية الحاصلة بالفكر حتى وإن كانت صورة مؤطرة تأطيرا عقدياً. ولعلّ هذا هو أحد معاني الحديث النبوي الذي فيه تعوّذ من علم لا ينفع ، فهو تعوّذ من صورة ذهنية قد تكون صحيحة في ذاتها مبنية على مقتضيات عقدية، ولكن العمل التطبيقي عند حاملها لا يجري على حسبها، بل يجري منحرفا عنها، مقطوع الصلة بموجّهها العقدي فلا يكون له نفع.
دوران العمل على مقاصد الشريعة كرابط بينه وبين العقيدة يقتضي أن تُلحظ في الأعمال كلها مآلاتها من المصلحة أو المفسدة، فتبنى بحسب تلك المآلات، وتتعدّل وتتكيّف بحسبها أيضا..وربّما كان الخلل الأفدح الذي يصيب المسلمين منذ زمن هو انقطاع الأعمال عن موجهاتها العقدية، أكثر مما هو انقطاع أفكارهم عنها. ولو تأمّلت التقريرات الفكرية المحدّدة لنظام السياسة الشرعية على سبيل المثال لألفيتها جارية منذ بداية نشوئها قواعد علمية على أصل العقيدة: عدالة وشورى وتحكيما للشريعة، وتكافلا اجتماعيا، وهي تقريرات يقرّها الجميع حاكماً ومحكوماً، وتجري بها أفكارهم في إذعان، كما تنطق بها ألسنتهم وأقلامهم في تحمّل واعتراف، ولكن العمل الذي جرى عليه واقع الحكم بعد الخلافة الراشدة انقطع في الغالب عن الأصول العقدية، فخالف الصورة الفكرية المبنية على تلك الأحوال، فإذا هو الظلم والاستبداد على نحو ما هو معلوم. وتقاس على ذلك أوضاع كثيرة في حياة المسلمين.
ولا ينصلح هذا الخلل إلا بتعدية التوجيه العقدي إلى العمل أيضا بعد تعديته إلى الفكر. وإنما تكون هذه التعدية بحضور المعاني العقدية حضورا دائما في ضمير المسلم حال مباشرته العمل، سواء كان عملا تعبّديا بالمعنى الخاص، أو عملا تعميريا عاماً، وأن يجعل من ذلك الحضور مادّة في إنجاز حركاته العملية الجزئية، وفي ترتيب تلك الحركات أعمالاً متكاملة، فإذا المصلّي بذلك يصوغ حركات صلاته وهيئته العامّة فيها من استحضار ربّه خضوعا ومذلّة وخوفاً ورجاء، وإذا بالمزارع يصدر في فلحه وبذره عن استحضاره لعقيدة الخلافة في الأرض والتعمير فيها كمهمّة خلقه الله من أجلها.
ولو ارتفعنا بهذا الأمر في التأطير العقدي للعمل من حالة العمل الفردي إلى حال العمل الجماعي الذي تقوم به الأمّة بإشراف وترتيب من نوابها في مستوياتهم المختلفة لتحقيق المصالح العامّة، لو ارتفعنا بذلك ما وجدنا الأمر مختلفا، فالأعمال العامّة التي تقوم بها الأمّة هي أيضا ينبغي أن تصدر عن مبادئ العقيدة، وأن تتوجّه بوجهتها، بعد أن يكون الفكر الذي سبق تلك الأعمال قد صدر عن تلك المبادئ وتوجّه بوجهتها، وبعد أن يكون الفكر الذي سبق تلك الأعمال قد صدر عن تلك المبادئ وتوجّه بوجهتها.
من عناصر الرشاد في الاعتقاد إذن أن تصبح العقيدة التي يتحملها المسلمون خلفية مرجعية وحيدة وشاملة، منها يصدرون بدءاً ومعاداً في التفكير كله لتحصيل صور الرؤى والأفكار والحقائق، وفي التطبيق العلمي السلوكي لتلك الصور والرؤى، واعتقاد لا يكون له هذا الدور التوجيهي الشامل الملزم هو اعتقاد مختل لا يأتي بثمار ولا يحرّك إلى خير وإن كان في ذاته جاريا على وجه الحقّ في مدلوله وفي مفرداته على الصورة التي بيناها سابقا.وربما عبّر عن هذا المعنى من التأطير العقدي للعمل بتعبير جريان الأعمال على مقتضى مقاصد الشريعة، ذلك أن المقاصد وإن تفرعّت فروعا إلا أنها تعود في مجملها إلى المقصد الأعلى وهو تحقيق خير الإنسان وصلاحه بالتزام أوامر الله ونواهيه، وهو حقيقة عقدية كلية، فيكون جريان الأعمال على تحقيق مقاصد الشريعة تعبيرا عن الصلة بين العمل وبين العقيدة، ولذلك فإننا نعتبر علم مقاصد الشريعة علما واصلا بين علم العقيدة من جهة، وبين علم الفقه الذي يضبط الأعمال من جهة أخرى. ومن مظاهر الخلل المتمثل في ضعف الصلة بين العقيدة والعمل في واقع الأمة الإسلامية ما يلقاه هذا العلم الجليل من زهادة فيه، وتهميش له ضمن الثقافة العامة للمسلمين، وذلك ما يدعو في نفس الوقت إلى إحيائه والاهتمام به في نطاق الترشيد العقدي الذي نحن بصدد البحث فيه كعامل من عوامل الدفع إلى التحضّر.
ودوران العمل على مقاصد الشريعة كرابط بينه وبين العقيدة يقتضي أن تُلحظ في الأعمال كلها مآلاتها من المصلحة أو المفسدة، فتبنى بحسب تلك المآلات، وتتعدّل وتتكيّف بحسبها أيضا، ذلك أن العمل له صلة بالواقع الإنساني والبيئي الذي لا يضبطه منطق مطّرد صارم كصرامة المنطق الذي يحكم الأفكار، ولذلك فإن الأعمال ربما أجريت على صورة قُدّر أنها تحقّق مقصد الشريعة فتكون موصولة إذن بمقتضيات العقيدة، ولكن يتبيّن خلال الإنجاز أو بعده لملابسات واقعية لم يضبطها التقدير أنها آلت إلى مآل لم يتحقق فيه المقصد، فانقطعت صلتها إذن بالمعتقد، وحينئذ فإنها ينبغي أن تعدّل على ما فيه تحقيق مقصدها لترتبط من جديد بموجّهها العقدي، وذلك على نحو ما يكون في بناء مصنّع يُقدّر أنّه يوفر الخير للناس ويحقّق التعمير في الأرض، ولكن يتبين في أثناء العمل فيه أنه يسبّب من التلوّث البيئي ما فيه فساد كبير، فيعدّل إذن بحسب ما فيه حفظ للبيئة الكونية وخير للإنسان.
وهكذا يكون المقصد وهو معنى عقدي كما ذكرنا المؤثر الدائم الذي تتجه باتّجاهه الأعمال، وتتكيف بحسبه كل مناشط المسلم، وهذا ضرب من الترشيد بالغ الدقة، ولكن لا مناص من أن يأخذ اليوم طريقه كعنصر في الإصلاح يدفع إلى النهضة، وإلا بقيت أعمال المسلمين تسير على غير هدى من العقيدة فلا يكون لها أثر إيجابي في النهضة المنشودة.
إن من عناصر الرشاد في الاعتقاد إذن أن تصبح العقيدة التي يتحملها المسلمون خلفية مرجعية وحيدة وشاملة، منها يصدرون بدءاً ومعاداً في التفكير كله لتحصيل صور الرؤى والأفكار والحقائق، وفي التطبيق العلمي السلوكي لتلك الصور والرؤى، واعتقاد لا يكون له هذا الدور التوجيهي الشامل الملزم هو اعتقاد مختل لا يأتي بثمار ولا يحرّك إلى خير وإن كان في ذاته جاريا على وجه الحقّ في مدلوله وفي مفرداته على الصورة التي بيناها سابقا.