في ظل أوضاع إنسانية "كارثية" في قطاع غزة، تجري الولايات المتحدة "جهودا مكثفة" من أجل التوصل لوقف إطلاق النار في القطاع، بينما "تتمسك" إسرائيل وحركة حماس بشروطهما بشأن "التسوية"، فهل تحدث تنازلات من الجانبين؟ وهل يمكن التوصل لـ"صفقة" خلال المفاوضات المرتقبة بالقاهرة؟

خطوط عريضة لـ"الفرصة الأخيرة"

الاثنين، وصف وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أحدث جهود دبلوماسية تبذلها واشنطن للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بأنها "قد تكون الفرصة الأفضل وربما الأخيرة"، وحث كل الأطراف على إنجار ذلك.

وسيكثف بلينكن الضغوط الدبلوماسية الأميركية لضمان تحقيق المفاوضين لانفراجة، بعد أن قدمت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي مقترحات تعتقد دول الوساطة أنها ستسد الثغرات بين الطرفين.

وتجري المفاوضات بين إسرائيل وحماس، على أساس طرح أعلنه الرئيس الأميركي، جو بايدن، في 31 مايو وينص على ثلاث مراحل تشمل وقفا لإطلاق النار وانسحابا للقوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في غزة وإدخال مساعدات وإطلاق سجناء فلسطينيين من السجون الإسرائيلية ورهائن إسرائيليين.

ويشير المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتِيرن، إلى أن "الخطوط العريضة" في المفاوضات بين إسرائيل وحماس "واضحة للغاية".

لكن "بعض التفاصيل الصغيرة تمثل نقاطا خلافية"، ويمكن "تجاوزها أو التفاوض عليها" من أجل التوصل لصفقة هي في صالح جميع الأطراف، وفق حديثه لموقع "الحرة".

وفي سياق متصل، يؤكد المحلل السياسي الفلسطيني ورئيس المجلس الأوروبي للعلاقات والاستشارات الدولية ومقره باريس، عادل الغول، أن الخطة التي طرحها بايدن لوقف إطلاق النار في غزة "كانت واضحة وحظيت بموافقة جميع الأطراف وكذلك مجلس الأمن وأصبحت قرارا أمميا".

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يعتقد الغول أن الخلافات بين حماس وإسرائيل "ليست عميقة وبدأت في الانحصار"، وتتمحور حول "نقطتين أو ثلاثة"، يمكن التفاوض عليها من أجل "الوصول لصفقة مرتقبة".

نقاط "خلافية"

تشمل "النقاط الخلافية" في المفاوضات بين الجانبين، موقف القوات الإسرائيلية من الوجود في قطاع غزة بعد انتهاء القتال، لا سيما على امتداد الحدود مع مصر، فضلا عن تفتيش الأشخاص المتجهين إلى شمال غزة من الجنوب، والذي تقول إسرائيل إنه ضروري لمنع المسلحين من الوصول إلى شمال القطاع.

اقتراح تسوية أزمة غزة يستبعد اثنين من "مطالب نتانياهو الرئيسية" كشفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن الاتفاق المقترح لوقف إطلاق النار في قطاع غزة "لا ينص" على وجود إسرائيلي مستمر على طول الحدود بين القطاع ومصر أو آلية في وسط غزة لمنع عودة قوات حماس المسلحة إلى شمال القطاع، كما طالب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.

وتريد حماس أن يشمل اتفاق وقف إطلاق النار إنهاء الحرب، بينما تريد إسرائيل تطبيق هدنة مؤقتة فقط.

ولذلك، يؤكد الباحث بمنتدى الشرق الأوسط في لندن، أحمد عطا، أن لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ورئيس حركة حماس، يحيى السنوار، "أهداف مختلفة من الصفقة"، ما يمثل "جوهر النقاط الخلافية".

ويرى السنوار أن المحادثات ستفضي لـ"تسوية قصيرة الأمد"، وبالتالي فهو يراهن على ضرورة "وجود بعض الأسرى الإسرائيليين لدى حماس" من أجل "ما هو قادم"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

وعلى جانب آخر، يرغب نتانياهو في التوصل لـ"صفقة غير مشروطة، وعدم قبول أي شروط قد تمثل هزيمة لإسرائيل خلال حربها في غزة"، حسبما يضيف عطا.

ومن جانبه، يوضح شتيرن، أن "النقاط الخلافية" ترتكز على 3 نقاط لكنها قد تكون "قابلة للحل".

والنقطة الخلافية الأولى تتعلق بـ"السيطرة على محور فيلادلفيا، ومعبر رفح"، حيث تطالب حماس بـ"انسحاب إسرائيلي كامل"، بينما تصر إسرائيل على "البقاء هناك لمنع الحركة من إعادة التسلح"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويؤكد شتيرن أن "السيطرة على محور نتساريم الذي أنشأه الجيش الإسرائيلي ليفصل بين شمال وجنوب القطاع"، يمثل النقطة الخلافية الثانية.

ويشير إلى أن النقطة الخلافية الثالثة تتعلق بـ"أسماء وعدد السجناء الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم".

ومن جهته، يشدد الغول على أن "نتانياهو وضع 5 شروط" تمثل غالبيتها "نقاط خلافية" بين إسرائيل وحماس.

وتتعلق تلك الشروط بـ"السيطرة على محوري فيلادلفيا ونتساريم"، ومعرفة أسماء الأسرى الإسرائيليين "الأحياء" مسبقا، وإبعاد الجزء الأكبر من السجناء الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم إلى الخارج.

ووضع نتانياهو شروطا تتعلق بـ"إمكانية إعادة إسرائيل الحرب على قطاع غزة، في حال عدم التزام حماس بما يتم التوافق عليه خلال المرحلة الأولى من الخطة"، وفق المحلل السياسي الفلسطيني.

ويرى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "وضع عراقيل" من أجل "منع التوصل لوقف إطلاق نار في قطاع غزة".

هل تحدث "تنازلات"؟

لم تنجح جهود دول الوساطة، وهي "الولايات المتحدة، وقطر ومصر"، حتى الآن في تضييق الخلافات بما يكفي للتوصل إلى اتفاق عبر "مفاوضات متقطعة"، على مدار أشهر، بينما لا تزال الحرب في قطاع غزة "مستمرة بلا هوادة".

وهذا الأسبوع، من المقرر أن تستأنف في القاهرة "محادثات ماراثونية" مستمرة منذ أشهر من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار بعد اجتماع استمر يومين في الدوحة، الأسبوع الماضي.

ويرى شتيرن أن "جميع النقاط الخلافية قابلة للحل" من خلال "تنازلات" يقدمها الطرفين خلال المفاوضات المرتقبة بالقاهرة.

وإسرائيل "سوف تتنازل عن التواجد المباشر في محور فيلادلفيا ومعبر رفح بهذه المرحلة، مقابل تفاهمات مع مصر، وفي ظل تدخل من الوسطاء"، وفق المحلل السياسي الإسرائيلي.

ومصر لديها "تأثير مباشر" على مجريات الأمور بمعبر رفح ومحور فيلادلفيا وقد تلعب "دورا إيجابيا في حلحلة الأمور" بين إسرائيل وحماس، حسبما يضيف شتيرن.

وفيما يتعلق بمحور نتساريم والإفراج عن السجناء الفلسطينيين، يشير المحلل السياسي الإسرائيلي إلى "إمكانية التوصل لحل وسط بين الجانبين من خلال تقديم تنازلات".

ويشدد على أن الولايات المتحدة وقطر يستطيعان "ممارسة الضغط على الطرفين"، من خلال علاقات واشنطن مع إسرائيل من جانب، وعلاقات الدوحة مع حماس من جانب آخر، للمساهمة في "الوصول لصفقة".

ومن جانبه، يؤكد الغول  أن "من مصلحة حماس" التوصل لوقف إطلاق نار" في ظل معاناة سكان قطاع غزة من "أوضاع إنسانية كارثية".

ويشير المحلل السياسي الفلسطيني إلى أن الأوضاع الداخلية بحماس تتطلب التوصل لوقف إطلاق نار أو هدنة لأسابيع من أجل "إعادة بناء وترتيب أوضاع الحركة داخليا".

وفيما يتعلق بمحور فيلادلفيا يمكن التوصل لـ"حل وسط"، بمغادرة الجيش الإسرائيلي للمنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة، ووضع "مجسات تكشف كل شيء تحت الأرض وفوقها" بتنسيق بين مصر وإسرائيل، وفق الغول.

وفيما يتعلق بمحور نتساريم وتفتيش العائدين من الجنوب إلى الشمال، فهذا "شرط تعجيزي واضح من قبل إسرائيل"، لكن بالإمكان "تجاوزه" بضغوط أميركية، حسبما يضيف.

ويشير إلى وجود أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني بجنوب قطاع غزة وسوف يعودون إلى الشمال وبالتالي "من المستحيل تفتيش جميع هؤلاء".

وتسبّبت الحرب بين إسرائيل وحماس بكارثة إنسانية وبدمار هائل في قطاع غزة وبنزوح غالبية السكان الـ2.4 مليون على الأقل مرة واحدة.

هل اقترب الجيش الإسرائيلي فعلا من تدمير حماس؟ "هل اقتربت إسرائيل من تحقيقها هدفها بالقضاء على حماس أم أنها تعيد بناء نفسها من جديد؟"، سؤال صاحب إعلان الجيش الإسرائيلي عن حصيلة "قتلي الحركة" خلال 10 أشهر من الحرب في قطاع غزة، رغم استمرار المعارك ببعض المناطق في القطاع.

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس المصنفة إرهابية في أميركا، إثر هجوم الحركة "غير المسبوق" على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

ويُعتقد أن 111 من أصل 251 رهينة اختطفتهم حماس خلال هجوم 7 أكتوبر لا يزالون في غزة، بما في ذلك جثث 39 قتيلا أكد الجيش الإسرائيلي مقتلهم.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف على قطاع غزة أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل 40139 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: لوقف إطلاق النار فی بین إسرائیل وحماس التوصل لوقف إطلاق الولایات المتحدة الجیش الإسرائیلی النقاط الخلافیة المحلل السیاسی فی قطاع غزة من أجل فی غزة

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي يعترف بمقتل 3 من أسراه بإحدى الغارات على غزة

اعترف الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد، 15 سبتمبر 2024، بمقتل ثلاثة من الأسرى الذين كانوا محتجزين في غزة ، خلال هجوم جوي نفذته أثناء عملية اغتيال قائد اللواء الشمالي لحركة حماس .

وبحسب قناة كان العبرية، فإن الغارة الإسرائيلية تسببت بمقتل الأسرى رون شيرمان، ونيك بايزر، وإيلياهو توليدانو، قبل أن يتم استعادة جثامينهم في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

وفي 14 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، انتشل الجيش الإسرائيلي من نفق في جباليا شمالي قطاع غزة، جثث الإسرائيليين الثلاثة الذين أسروا واقتيدوا إلى قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهم الجنديان رون شيرمان، وإيليا توليدانو، وبايز الذين كان يشارك في حفلة نوفا في كيبوتس ريعيم الذي يقع في محيط قطاع غزة المحاصر.

وبعد أكثر من تسعة أشهر على الواقعة، أبلغ الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد، عائلات الأسرى الثلاثة، بنتائج التحقيق الذي كان قد أعده منذ عدة أشهر، مما يشكل أول تأكيد رسمي على أن القتلى سقطوا بسبب قصف الجيش الإسرائيلي، وليس على يد آسريهم من عناصر المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.

وجاء في بيان صدر عن الجيش الإسرائيلي، في وقت لاحق اليوم، أنه تم الانتهاء من التحقيق في ظروف وفاة الأسرى بايزر وشيرمان وتوليدانو في الأيام "بعد استنفاد الجهود الاستخباراتية والعملياتية، واعتبارات تتعلق بأمان الأسرى".

وقال إن التحقيق أجري "بواسطة ضباط في قسم الاستخبارات وقادة عملياتيين في سلاح الجو وضباط من قيادة الأسرى والمفقودين في قسم الاستخبارات العسكرية، وتناول ظروف وفاة الأسرى الثلاثة والمعلومات الاستخباراتية المتاحة منذ اختطافهم".

وقال إن نتائج التحقيق "تشير إلى احتمال كبير بأن يكون الثلاثة قد قتلوا نتيجة ‘أثر جانبي‘ لغارة جوية إسرائيلية خلال استهداف قائد كتائب القسام في شمال قطاع غزة، أحمد الغندور، في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023. ورغم هذا التقدير القوي بناءً على جميع البيانات، لا يمكن الجزم بشكل قاطع بشأن ظروف وفاتهم"

وقال إن "هذا الاستنتاج يعتمد على موقع العثور على جثثهم مقارنة بموقع الضربة، وتحليل أداء الغارة، ونتائج الاستخبارات، وكذلك التقارير المرضية وتقارير معهد الطب الشرعي".

وأضاف أن "التحقيقات كشفت أن الأسرى الثلاثة كانوا محتجزين في شبكة الأنفاق التي كان يعمل منها الغندور. أثناء الهجوم، لم يكن لدى الجيش الإسرائيلي معلومات حول وجود أسرى في الموقع المستهدف، بل كانت هناك معلومات تشير إلى وجودهم في مكان آخر، وبالتالي لم يُحدد الموقع كمنطقة يشتبه في وجود أسرى بها".

وأضاف أنه "خلال الحرب، لم يهاجم الجيش الإسرائيلي مناطق كان لديه شكوك أو إشارات حول وجود أسرى فيها. كما يُدير الجيش آلية خاصة بقيادة الأسرى والمفقودين لضمان تقليل خطر إصابة الأسرى خلال الهجمات الهجومية، ويبذل جهودًا كبيرة للحصول على معلومات عنهم".

المصدر : عرب 48

مقالات مشابهة

  • السفير الأمريكي في إسرائيل يكشف تفاصيل الرسالة الأخيرة من حكومة نتنياهو
  • ‏وزير الدفاع الإسرائيلي: إمكانية التوصل إلى تسوية في الشمال تتلاشى وحزب الله يواصل ربط نفسه بحماس
  • خلال الساعات الأخيرة.. 3 فضائح استخباراتية تلاحق جيش الاحتلال الإسرائيلي
  • حماس: إسرائيل لن تنعم بالأمن ما لم يتوقف العدوان على قطاع غزة
  • هكذا علق أبو عبيدة وحماس على الهجوم الصاروخي للحوثيين على إسرائيل
  • الجيش الإسرائيلي يعترف بمقتل 3 من أسراه بإحدى الغارات على غزة
  • ما قصة الخلافات الحادة داخل إسرائيل حول توسيع الحرب مع حزب الله
  • خفايا تنسيق حزب الله وحماس.. تفاصيل عسكريّة!
  • لماذا لا تنسحب مصر وقطر من الوساطة بين إسرائيل وحماس
  • الكليات المتاحة لطلاب الدبلومات الفنية 2024 في المحافظات.. الفرصة الأخيرة