خطط البيع تصل إلى الدلتا وصعيد مصر.. طرح أصول بـ27 محافظة على المستثمرين
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
خلال السنوات الماضية، اعتمدت حكومة رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، خطة طرح الأصول العامة والحكومية من شركات ومصانع وأراضي وموانئ استراتيجية بأماكن حيوية، في العاصمة القاهرة، وغيرها من المدن، أمام المستثمرين الأجانب والمصريين وفي البورصة المحلية، في توجّه يلاقي رفض المعارضة وكثير من الاقتصاديين.
لكن يبدو أن حكومة القاهرة التي تواجه أزمات اقتصادية خطيرة، وعلى طريقة "التاجر المفلس" قرّرت البحث في دفاتر محافظات مصر الـ27 عن أصول ومقرات ذات قيمة تاريخية وتراثية وتقع في مواقع استراتيجية، بعواصم المحافظات ومدنها الهامة، ويمكن عرضها للبيع على المستثمرين العرب والأجانب، والمصريين.
وفي تصريح، لموقع "المال" الاقتصادي، كشفت وزيرة التنمية المحلية الجديدة، منال عوض، التي جرى تعيينها في 3 تموز/ يوليو الماضي؛ عن الانتهاء من برنامج شامل لحصر جميع الأصول غير المستغلة داخل 27 محافظة، لبدء الترويج لها عبر خريطة مصر الاستثمارية واستقطاب مستثمرين جدد محليين وأجانب، بالتنسيق مع هيئة الاستثمار، وصندوق مصر السيادي.
ومن المثير أيضا في تصريحات الوزيرة، إعلانها عن تحويل موظفين في وزارة التنمية المحلية، إلى شبه سماسرة للبحث عن المناطق التي يمكن بيعها والتواصل مع المستثمرين لبيعها، وذلك بحسب قولها إن وزارتها "سوف تنفذ برنامجا مع هيئة الاستثمار لتدريب العاملين بالمحليات على قانون الاستثمار وآليات التواصل مع المستثمرين".
ذلك الحديث يطرح التساؤل حول دلالات وخطورة توجه حكومة السيسي، نحو تفريغ محافظات مصر من أصولها الاستراتيجية والتراثية والهامّة والحيوية، بدعوى عدم استغلالها؟
"حصيلة 9 سنوات"
لكن الإجابة على السؤال السابق، تستوجب أولا، البحث في ملف حصر الأصول بمحافظات مصر، هو التوجّه الذي بدأه السيسي، مبكرا، وبعد نحو عامين من انقلابه على أول تجربة ديمقراطية، وبعد عام من توليه حكم البلاد رسميا، ما يشير إلى أن توجهه نحو بيع الأصول فكرة سابقة على توجيهات صندوق النقد الدولي في هذا الإطار، بحسب مراقبين.
كان القرار الأول في تشرين الأول/ أكتوبر 2015، حينما قررت حكومة شريف إسماعيل (2015- 2018)، تشكيل لجنة وزارية لحصر أصول الدولة غير المستغلة في الوزارات والمحافظات والهيئات والجهات التابعة لها، تلك اللجنة من وزارات التخطيط، والمالية، والاستثمار، والتنمية المحلية، وتقدم تقريرا شهريا حول رصدها لأهم الأصول.
لكنه يبدو أن تلك اللجنة لم تقدم نتاجا يرضي رئيس النظام، فقرر في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، تشكيل لجنة موسعة من أجل حصر أصول الدولة غير المستغلة، وحددها في (أراضي ومخازن ومستودعات الدولة)، المملوكة للوزارات والمحافظات والهيئات والجهات التابعة لها، وشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام، مع إضافة اختصاص جديد بوضع تصور للاستفادة من تلك الأصول.
القرار الجديد ضمّ إلى جانب الوزارات الأربعة السابقة، 9 وزارات جديدة هي: الأوقاف، والموارد المائية، وقطاع الأعمال، والسياحة، والزراعة، والإسكان، والنقل، ووزارة الدفاع، والدولة للإنتاج الحربي، ما يعني توسيع قاعدة عمل حصر الأصول لتشمل 13 وزارة، إلى جانب هيئات مثل الرقابة الإدارية والاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء.
حكومة مصطفى مدبولي (7 حزيران/ يونيو 2018-حتى الآن)، أولت هذا الملف اهتماما كبيرا، خاصة مع تدشين صندوق مصر السيادي، رسميا، في شباط/ فبراير 2019، وتولّي وزير التخطيط هالة السعيد، رئاسة مجلس إدارة الصندوق.
وقبل ذلك، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، أعلنت السعيد، حصر 2000 أصل غير مستغل فى 15 محافظة، منها: جنوب سيناء، والقاهرة، وقنا، ودمياط، والإسكندرية، والسويس، والشرقية، والغربية، وكفر الشيخ، وأسوان، والمنيا، والوادي الجديد، والبحيرة، والأقصر.
الاهتمام الحكومي بملف حصر الأصول ظل لافتا، حيث إنه في 25 أيلول/ سبتمبر 2020، أعلن رئيس الوزراء، حصر 3700 من الأصول غير المستغلة للدولة في 27 محافظة و30 وزارة.
"لهذا اقترب البيع"
ويرى مراقبون ومتحدثون لـ"عربي21"، أن الحديث الحكومي عن الانتهاء من حصر الأصول غير المستغلة ووضع خطط لترويجها وطرحها على المستثمرين المحليين والأجانب الآن، له وجاهة خاصة في ظل العديد من الأوضاع التي تمر بها البلاد، وهو ما يتمثل في عدة نقاط تشير لانتقال الملف إلى حيز التنفيذ بعد سنوات من الحصر.
أولا: انتقال أكثر من 107 وزارات وهيئة رسمية وحكومية إلى مقراتها الجديدة في العاصمة الإدارية الجديدة -50 كيلومترا شرقي القاهرة- والتزام الوزارات بدفع قيم إيجارية عالية لشركة العاصمة الإدارية الجديدة، تصل إلى 4 مليارات جنيه سنويا، وفق تصريح للسيسي، منتصف 2022.
ثانيا: تسجيل أغلب الأصول غير المستغلة عبر أعمالة لجنة الحصر طوال السنوات الماضية من العام 2015، وحتى العام الجاري، وذلك إلى جانب عملية التنقية والتقييم لهذه الأصول، بحسب تصريحات رسمية متتابعة، أكدت على الأقل ضم مقرات الوزارات والهيئات القديمة إلى وزارة المالية وصندوق مصر السيادي، وهو ما يجري بحق باقي الأصول التي تم حصرها.
ثالثا: الحاجة الماسة للحكومة المصرية إلى الأموال لخفض الدين العام، وزيادة التدفقات الدولارية، ولسد عجز الموازنة العامة للدولة الذي يفوق بالسنة المالية (2024/2025)، 26 مليار دولار، فيما تلتهم خدمة دين خارجي يبلغ 153.86 مليار دولار في أيار/ مايو الماضي، إلى جانب الدين الداخلي، نحو 101 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بعد إضافة ديون الهيئات الاقتصادية.
رابعا: إثر مراجعة صندوق النقد الدولي الأخيرة للاقتصاد المصري، الشهر الماضي، في إطار الحصول على تمويل بقيمة 8 مليارات دولار، طالبت المؤسسة الدولية، حكومة القاهرة، بتسريع خطة بيع الأصول، فيما تحرص مصر على تنفيذ اشتراطات الصندوق لتمرير المراجعة الرابعة الشهر المقبل إلى جانب 4 مراجعات في 2025 و2026، للحصول على 1.2 مليار دولار كل مرة.
خامسا: الرغبة الخليجية الجامحة من الشركات والصناديق السيادية بالإمارات والسعودية، للحصول على الأصول المصرية، واستغلالها، إما كاستثمار أجنبي جديد، وإما وفاء لديون البلدين لدى حكومة السيسي، والبالغة 21 مليار دولار بنهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي، لأبوظبي، ونحو 12.9 مليار دولار للسعودية.
سادسا: إخلاء عدد كبير من المباني والمنشآت الهامة في عواصم المحافظات ونقلها إلى أماكن جديدة وخاصة السجون المركزية وأماكن الاحتجاز ومقرات الأمن وغيرها من المؤسسات التي تقع في مناطق حيوية بالمدن الكبرى وبمساحات واسعة، وتمثل بعضها قيمة مالية أو تراثية ويمكن استغلالها سياحيا.
"أهم الأصول المحتمل طرحها"
وتعد مقرات الوزارات القديمة في القاهرة مثل الخارجية، والتجارة والصناعة، والنقل، والتنمية المحلية، والسياحة والآثار، وغيرها والتي يعد أغلبها تاريخية وتراثية وجرى نقلها على مراحل إلى صندوق مصر السيادي منذ كانون الأول/ ديسمبر 2020، من أهم الأصول المحتمل طرحها للبيع في العاصمة القديمة.
وذلك إلى جانب وزارات العدل، والمالية، والتربية والتعليم (قصر)، والصحة، الإنتاج الحربي (قصر)، والتموين، والتضامن، والإسكان، والتي جرى نقلها في كانون الثاني/ يناير الماضي، بقرار جمهوري يقضي بنقل أراضي ومباني 13 وزارة بوسط القاهرة تمثل ثروة عقارية هائلة إلى صندوق مصر السيادي.
ويظل لافتا وينال أهمية خاصة من حكومة السيسي، ما لدى وزارة الأوقاف من أملاك ومقرات وأراض ومبان ذات قيمة عالية جميعها تابع لهيئة الأوقاف بجميع محافظات مصر ومدنها وقراها والتى تضم ممتلكات تتجاوز التريليون و50 مليار جنيه، وفق رقم جاء في سؤال موجه من عضو مجلس النواب أيمن محسب، لرئيس الوزراء، حول حصر الأصول وكيفية استغلالها.
بل إن السيسي، ومنذ سنوات ويقوم بإزالة صفة النفع العام عن الكثير من المباني والمنشآت الهامة في القاهرة والمحافظات لغرض بيعها. وقام في آب/ أغسطس 2020، بتخصيص "أرض المعارض" بمدينة نصر، وأرض "مكتبة الإسكندرية" لبنك الاستثمار القومي، ومن ثم ضمها إلى صندوق مصر السيادي، تمهيدا لبيعهما.
وفي تموز/ يوليو 2022، وضع السيسي أراضي ومباني 12 هيئة وإدارة تابعة لوزارة الداخلية بأهم مواقع القاهرة والجيزة والبحيرة والمنيا، تحت تصرف وزارة المالية بعد إزالة صفة النفع العام عنها.
وهي: أراضي ومباني إدارات: العمليات الخاصة، والمرور، والعلاقات الإنسانية، وتصاريح العمل، والأندية وفنادق الشرطة، ومجمع خدمات الشرطة، وقطاع التدريب، والتأمين والمعاشات، والموانئ، ومديرية أمن القاهرة، ومرور الجيزة، وسجن الاستئناف بالقاهرة، وسجن دمنهور بالبحيرة، وسجن المنيا العمومي.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2022، نقل السيسي، إلى وزارة المالية، أراضي ومباني، سجن بنها بالقليوبية 14 ألف متر مربع، وسجن طنطا بالغربية 26 ألف متر مربع، ومبنى الأمن المركزي بالإسكندرية 45 ألف متر مربع.، وسجن الإسكندرية، وسجن الحضرة بالإسـكندرية بمـساحة 22 ألف متر مربع، وســجن بالبحيرة 28 ألف متر مربع، وسجن الزقازيق بالـشرقية 8 آلاف متر مربع، وقطاع الأمن المركزي بالقاهرة 16 ألف متر مربع..
وأراضي ومباني: وكالة النشاط الرياضي بالقاهرة 15 ألف متر مربع، وقطاع الشهيد عمرو مسعد بالقاهرة 82 ألف متر مربع، وقطاع الشهيد عمرو عبدالمنعم بالقـاهرة 41 ألف متر مربع، وإدارة قوات أمن القاهرة بالدراسة 23 ألف متر مربع.
وفي تموز/ يوليو 2024، نقل السيسى مقرات ومباني 9 سجون ومقرات أمنية لصالح وزارة المالية، وهي: أراضي ومباني قوات الأمن بالبحر الأحمر 63 ألف متر مربع، ومديرية أمن أسيوط 51 ألف متر مربع، ومديرية أمن الأقصر 60 ألف متر مربع، ومديرية أمن بني سويف 4400 متر مربع، ومديرية أمن أسوان 1200 متر مربع، وسجن قنا 21 ألف متر مربع، وسجن أسيوط 45 ألف متر مربع، وسجن المرج بالقليوبية 283 ألف متر مربع.
"هراء ما قبل الإفلاس"
وفي قراءته لدلالات وخطورة توجه حكومة السيسي، نحو تفريغ محافظات مصر من أصولها الاستراتيجية والتراثية والهامة والحيوية، بدعوى عدم استغلالها، تحدث المستشار السياسي والاقتصادي الدكتور حسام الشاذلي، لـ"عربي21".
الأكاديمي المصري الذي يرأس جامعة كامبردج المؤسسية بسويسرا، قال: "بات الأمر جد خطير ، فإن الدول لا تبيع أصولها بدوافع الاستثمار أو بحجة كونها غير مستغلة، كون هذا الأمر يمس الأمن القومي لمصر ويعطي لمؤسسات أجنبية حقوق في التواجد والسيطرة على معلومات حساسة ويضع مقدرات الشعب المصري في منطقة الخطر".
وفي المقابل، أكد أنه "يجب وضع خطة لتحديد المناطق الآمنة استثماريا بدون المساس بالأصول الحرجة؛ وتفعيل خطط لتوظيف غير المستغل منها"، وقال: "أرى أن تصريحات وزيرة التنمية المحلية، هي بداية لمرحلة غاية في الخطورة وهي مرحلة خصخصة مصر وبيعها في المزاد".
ولفت إلى أنه "من المتعارف عليه نظرا لأن بيع الأصول يمس الأمن القومي؛ ففي حالة الاستثمار الأجنبي المقيد بشروط، وفي حالة وجود نموذج معتمد يضمن استقلالية القرار، والحفاظ على المعلومات، وحق الدولة في إنهاء التعاقد بلا شروط ، فإنه يجب الآتي:
تشكيل لجان على أعلى مستوي من الخبرة والقدرة لدراسة كل حالة على حدة، وفي أضيق الحدود، وعرض الحالات على البرلمان للبت فيها في جلسات علنية".
ويعتقد الشاذلي، أن "تدريب موظفي الوزارة على جذب المستثمرين وعقد الاتفاقيات هو محض هراء اقتصادي، يصلح لمجموعة تدير صالة مزادات، وليس أصولا لدولة في حجم مصر في 27 محافظة".
وفي نهاية حديثه، أكد أن أكثر ما يخشاه أن "يكون هذا الهراء متعمدا، وذلك لتسييل الأصول في تكتيك استباقي قبل تعرض الدولة للإفلاس، مع استمرار عدم القدرة على تسديد القروض وفوائدها لمدة طويلة، وزيادة حجم الدين الخارجي لأرقام فلكية، وإن غدا لناظره قريب".
"حل مالي حالي وعبء مستقبلي"
وفي تقديره لحجم الأزمة التي دفعت الحكومة لهذا البيع، وتلك الأزمة التي يصنعها لاحقا التفريط في أصول 27 محافظة مصرية، قال السياسي المصري، سمير عليش، إن "مصر تعاني من مشكلتين رئيستين، مشكلة مالية ومشكلة اقتصادية".
عضو مجلس أمناء الحركة المدنية الديمقراطية المصرية، أضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن "بيع الحكومة المصرية للأصول فقط دون اجتذابها لاستثمارات خارجية التي تعمل على تقليل الفجوة الاستيرادية، وزيادة الإنتاجية وتشغيل العمالة؛ ستكون فقط خطوة لحل المشكلة المالية".
وأضاف: "قد يكون العبء الأكبر على الميزان التجاري إذا تم بيع أصول رابحة كالفنادق مثلا، أو شركات الأسمدة، فيزيد العبء المستقبلي على ميزان المدفوعات عندما يطالب المستثمر بتحويل نتائج أرباح وأعمال استثماراته للخارج".
المتحدث الرسمي السابق باسم "الجبهة الوطنية للتغيير"، لفت أيضا، إلى وجود "تخوف آخر، من تسلل رجال أعمال مرتبطين بالكيان الإسرائيلي المحتل لفلسطين، إلى كافة مفاصل الدولة المصرية، والمجتمع المصري، عبر وصوله إلى إدارة تلك الأصول كأن يكونوا على الأقل موظفين تابعين للمستثمر الأجنبي/ العربي، إن لم يكونوا شركاءه".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية دلتا صعيد مصر السيسي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأصول غیر المستغلة صندوق مصر السیادی وزارة المالیة أراضی ومبانی حکومة السیسی ألف متر مربع ملیار دولار ومدیریة أمن محافظات مصر حصر الأصول إلى جانب
إقرأ أيضاً:
القطاع المصرفي الإماراتي الأكبر في الشرق الأوسط بإجمالي أصول 4.457 تريليون درهم
أبوظبي (الاتحاد)
أكد مصرف الإمارات المركزي أن القطاع المالي والمصرفي والتأميني في الإمارات شهد نمواً كبيراً خلال عام 2024، حيث يعد القطاع المصرفي لدولة الإمارات الأكبر في الشرق الأوسط، بإجمالي أصول بلغت 4.457 تريليون درهم في نهاية شهر نوفمبر عام 2024، مقارنة بـ 4.075 تريليون درهم في عام 2023.
وأوضح أن الاقتصاد الوطني واصل أداءه الاستثنائي في ظل رؤية القيادة الرشيدة، مدفوعاً بالنمو الإيجابي في جميع القطاعات الاقتصادية، إذ يُقدَّر نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للدولة بنسبة 4%، فيما يُقدر حجم الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بحوالي 2 تريليون درهم في عام 2024، مقارنة بـ 1.9 تريليون درهم في عام 2023.
وانخفضت نسبة صافي القروض المتعثرة إلى 2.1% في عام 2024، مقارنة بـ 2.4% في عام 2023، ما يبرز تحسن جودة الأصول في القطاع المصرفي، كما نما قطاع التأمين بشكل ملحوظ خلال عام 2024، وبلغ إجمالي الأقساط المكتتبة 64.5 مليار درهم، مقارنة بـ 53.3 مليار درهم في عام 2023.
وبحسب بيان صحفي صادر عن المصرف: شهدت مسيرة مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي في عام 2024 إنجازات حافلة شملت جميع ميادين القطاع المالي والمصرفي والتأميني، ما يبشر بمستقبل مشرق للقطاع المالي في دولة الإمارات، ويؤكد أهمية دور «المصرف» في تعزيز الاستقرار النقدي والمالي، وإدارة الاحتياطيات، وتطوير البنية التحتية المالية الآمنة، باستخدام أحدث الابتكارات والتقنيات الرقمية، وتحفيز النمو الاقتصادي المستدام، وترسيخ تنافسية الدولة ودورها الريادي عالمياً.
المدفوعات
وفي مجال المدفوعات، تم في عام 2024، إطلاق المنظومة المحلية لبطاقات الدفع «جيون»، التي تتضمن مواصفات مميزة وفريدة، وذلك خلال حفل اليوبيل الذهبي للمصرف المركزي 1973-2023، وإجراء أول عملية دفع عبر الحدود للعملة الرقمية للمصرف المركزي «الدرهم الرقمي» مباشرة من خلال منصة «mBridge».
وشملت الإنجازات في مجال المدفوعات أيضاً إطلاق منصة الدفع الفوري «آني»، ونظام التسوية الإجمالية الآنية، بينما يعمل المصرف في مجال مشاركة البيانات، على إنشاء منصة التمويل المفتوح.
ويتعاون المصرف المركزي مع مركز الابتكار التابع لبنك التسويات الدولية وبنوك مركزية ومؤسسات مالية عالمية في مشروع «أبيرتا»، الذي يهدف إلى ربط البنى التحتية المالية للعديد من السلطات الرقابية، كما تم إطلاق منصة «اعرف عمليك» الرقمية.
وشملت برامج تحّول البنية التحتية المالية أيضاً مجالات أخرى من خلال إطلاق منصة سوق الدين، بالإضافة إلى إصدار خمسة تشريعات تنظيمية بشأن قطاع التكنولوجيا المالية.
وتستهدف مشاريع التحول الرقمي في القطاع المالي للدولة استقطاب 260 شركة عالمية في مجال التكنولوجيا المالية.
وفي نطاق التعاون الدولي في مشاريع التحول الرقمي، أطلق المصرف المركزي، بالشراكة مع جهات إقليمية ودولية، العديد من المشاريع في مجال العملات الرقمية المتعددة للبنوك المركزية.
التوطين
ويتصدر ملف التوطين في القطاع المصرفي والتأميني الأولويات الإستراتيجية لمصرف الإمارات المركزي، حيث تم إطلاق العديد من المبادرات، منها برنامج «إثراء» للتوطين في القطاع المالي، لتعزيز الجهود لتأهيل كوادر إماراتية منتجة في القطاع، بما يدعم اقتصاد دولة الإمارات وخططها المستقبلية الطموحة.
وحقق برنامج «إثراء» نجاحاً استثنائياً، حيث تجاوزت نسبة توظيف المواطنين والمواطنات في القطاعات المصرفية والتأمينية والمالية 152.85% مقارنة بالمستهدف لعام 2024، من خلال تأهيل وتوظيف 2866 مواطناً ومواطنة، مقابل المستهدف البالغ 1875.
ووقّع المصرف المركزي، خلال العام الماضي، اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع 71 جهة محلية، و63 جهة دولية، وشارك في 9 اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة واتفاقيات تجارة حرة وقعتها دولة الإمارات مع الشركاء العالميين، بالإضافة إلى شراكات واتفاقيات دولية متعددة مع دول مجموعة البريكس، وصندوق النقد الدولي، ومجموعة العشرين.
أخبار ذات صلة %57 زيادة باستثمارات البنوك في الأسهم خلال 12 شهراً
مؤشرات مالية
وحقق المصرف المركزي في عام 2024 نمواً تاريخياً وغير مسبوق في جميع المؤشرات المالية، ومن المتوقع أن يصل إجمالي أصوله إلى حوالي 896 مليار درهم، مدعوماً بارتفاع صافي التدفقات للاقتصاد الوطني، مقارنة بـ 721 مليار درهم في عام 2023.
واعتمد المصرف المركزي مبادرات لدعم برامج إسكان المواطنين من خلال منح المرونة في تطبيق بعض متطلبات نظام قروض الرهن العقاري، حيث بلغت قيمة دعم «التسهيلات المقدمة من صناديق إسكان المواطنين» 6.1 مليار درهم عام 2024.
وفي إطار تطوير سوق رأس المالي المحلي في الدولة، والتنفيذ الفعّال لإطار العمل النقدي للدرهم، بلغ الرصيد القائم للأذونات النقدية 209 مليارات درهم في عام 2024، مقارنة بـ 169 مليار درهم في عام 2023، ما يعكس مستوى سيولة عالية في السوق.
كما يعد المصرف المركزي من أوائل البنوك المركزية عالمياً التي تصدر شهادات الإيداع الإسلامية، حيث بلغ حجم الرصيد القائم لهذه الشهادات 42 مليار درهم عام 2024، مقارنة بـ 45 مليار درهم عام 2023.
وضمن برنامج سندات الخزينة، الذي تم إطلاقه في عام 2022 بالتعاون بين المصرف المركزي بصفته وكيل الإصدار والدفع، ووزارة المالية بصفتها الجهة المصدرة، تم إصدار سندات الخزينة وصكوك الخزينة الإسلامية، مقومة بالدرهم الإماراتي بقيمة 28.3 مليار درهم في عام 2024، مقارنة بـ 16.7 مليار درهم في عام 2023.
أطر تشريعية
وأصدر المصرف المركزي العديد من الأطر التشريعية والقانونية شملت المرسوم بقانون اتحادي رقم 13 لسنة 2023 في شأن إنشاء وتنظيم مجلس الاستقرار المالي، بحيث يتولى رئاسة المجلس، رئيس مجلس إدارة مصرف الإمارات المركزي، وأكثر من 139 نظاماً ومعياراً وإرشادات جديدة، وإلغاء 307 نظم وإشعارات خلال الفترة 2018-2024، وذلك في إطار الحرص على تحديث الأنظمة المالية والمصرفية والتأمينية، وتصفير البيروقراطية في الخدمات المالية للأفراد والمؤسسات المالية المرخصة وقطاع الأعمال.
وتضمنت قائمة أهم الأنظمة الصادرة في عام 2024، نظام التمويل المفتوح الأول من نوعه على مستوى العالم، الذي يهدف إلى ضمان سلامة وكفاءة خدمات التمويل المفتوح.
كما أصدر المصرف المركزي نظام الترخيص والإشراف على العملات الافتراضية المستقرة، الأول من نوعه في الشرق الأوسط، ونظام البنوك المتخصصة منخفضة المخاطر، الأول من نوعه على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، وأقر إنشاء إطار رقابي للمؤسسات المالية المرخصة وشركات التأمين، يتماشى مع المعايير الدولية، ويدعم تطوير القطاع المالي واقتصاد الدولة، بالإضافة إلى تطوير أنظمة مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب.
وأسهمت جهود المصرف المركزي، بالتعاون والتنسيق مع الجهات الاتحادية والمحلية، في رفع اسم الإمارات من «القائمة الرمادية» لمجموعة العمل المالي «فاتف» في غضون 23 شهراً فقط، وهو زمن قياسي مقارنة بالمتوسط البالغ 33 شهراً، الذي تستغرقه الدول الأخرى
حماية المستهلك
وفي مجال حماية المستهلك وسلوك السوق، أدت جهود المصرف المركزي إلى زيادة كبيرة في نسبة رضا العملاء في القطاع المصرفي، كما أنشأ المصرف المركزي وحدة «سندك» لتسوية المنازعات المصرفية والتأمينية.
وأصدر مصرف الإمارات المركزي في عام 2024 مسكوكات تذكارية من الذهب والفضة بمناسبة مرور 50 عاماً على تأسيسه.
وحصد المصرف المركزي العديد من الجوائز المميزة محلياً وإقليمياً ودولياً، وكان أحدث هذه الجوائز، فوزه بجائزة الجهة الاتحادية الرائدة «هيئات أكثر من 500 موظف» في الدورة السابعة لجائزة محمد بن راشد للأداء الحكومي المتميز 2024.
وحصل معالي خالد محمد بالعمى، محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، على جائزة أفضل محافظ بنك مركزي في الشرق الأوسط لعام 2024 من مجلة «ذا بانكر».
كما حصد المصرف جائزة أفضل إصدار لورقة نقدية تتميز بتصاميم فريدة وخصائص تقنية وعلامات أمنية مبتكرة على المستوى الإقليمي، وذلك للورقة النقدية جديدة الإصدار من فئة 1000 درهم.
ويعمل مصرف الإمارات المركزي على تنفيذ مشروع برنامج التحول الطموح للبنية التحتية المالية للإمارات، والذي يشمل عدة مجالات تم توزيعها على تسع مبادرات ومشاريع رئيسة، ترمي إلى تعزيز بيئة مالية أكثر كفاءة وأماناً، حيث وصلت نسبة الإنجاز في هذه المشاريع إلى 85%.