ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ القصيدة الأولى ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في حضرة البحر
طفلين ننفض عن هدبنا نجمتين
طاحن على أهدابنا حلم ومطر
حين تتحدث قصائد الشاعر محفوظ الفارسي يصمت الشعر، شاعر يتفوق في كل مراحل سفره الدائم في تخوم القصيدة، يرتفع بشعره، ويرتقي بخيالٍ مبدع، يجد له فيه متسعا من البوح، يرسم معه خرائط العالم، ويسافر عبر نورس من الجمال، في كل نص تجد روحا مختلفة، مغايرة، مغامرة، تكشف عن عبقرية شعرية فذة لشاعر لا يتنفس إلا الشعر، ولا يرضى بغير الشعر، تجد في نصوصه إبداعا غير عادي، يربك المشهد، وينحت الصورة الشعرية بشكل مغاير، ويكتشف في كل مرة مساحة من الخيال الجامح.
القصيدة التالية إحدى دلالات ما سبق، نص فاز بالمركز الأول (البلبل الذهبي) في مسابقة الأغنية العمانية الأخير الذي فض سامره في مدينة صلالة قبل أيام، من غناء الفنان عمر الحسني، وألحان عبدالله الجعفري..فلنستمتع برذاذ القصيدة القادمة، ونبارك للشاعر محفوظ الفارسي تألقه الدائم.
حضرة البحر أغنيات المتعبين
ما وشوش المحّار لأصداف البحر
ما تكنس الريح لطريق العابرين
ما غصّ في حلق الصباحات وعبر
البارحة والصبح يحلب غيمتين
من صدر غفران السماء عند الفجر
كنتي هناك.. وكان لك حلم السنين
ألعابنا وبعض الحكايا والصور
طفلين ننفض عن هدبنا نجمتين
طاحن على أهدابنا حلم ومطر
ندفن بيوت الرمل من ملحِ وطين
وأعمارنا يا بنت في عمر الزهر
عمر المدينة والصباح المستبين
عمر الصبابة والكتابة والصغر
من وين ما تضحك شفاتك..تزهرين
ومن هين ما كنتِ أسافر بك.. قمر
محفوظ الفارسي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ القصيدة الثانية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تلويحة أحبابي
قلبي لماضـــي الوصـــــــال يتوق
وينبت حـــــــــنيني علــــى ترابـي!!
نص راقي، يلعب على وتر الجمال، ويسعى لزرع الورد في حدائق الشعر، يجري كماء نبع يسيل من جبال "فزح"، ويخترق جدار المكان، ويثمر في تربة القصيدة، يترامى كغياب، ويسوق أمامه قطيعا من الغيم، ويتصاعد في مشهد درامي قادر على صناعة الدهشة، وإبراز مفاتن القصيدة، شارك به الشاعر سيف المذروب في مهرجان الأغنية العمانية الأخير والذي أقيم في ولاية صلالة، وفاز به بالمركز الثالث (البلبل البرونزي) مع الفنان حامد الشامسي، وألحان خالد البلوشي، وفيه الكثير من الالتقاطات المدهشة التي تثير رائحة الجمال، وتستثير ذاكرة القصيدة.
نص يستحق أكثر من قراءة..لنستمتع بالقصيدة التالية، نبارك للشاعر سيف الريسي وطاقم العمل فوزه في مهرجان الأغنية..
مــع مفرق الـــدرب قلب وشوق
صــــــــابيت قلــبي ومتصابي
يا عل صـــوتٍ يجي مــن فوق
وآشـــــــــــوف تلويحـة أحبابي
أنا شعوري بحاجــــــــــة طوق
عشان أنجى مـــــن غيابي!!
أحــــــتاج وايـــد عشان أروق
كلما تذكــــــــرت غــــــــــيّابي
هــــم يسمعوا صوتـــي المخنوق
يــــا ليتهم سمـــــــــــعوا عتابي
لـــو يرجــعوا لي بتحيا عروق
وبتظلهم ظلة سحابي
مـــــا كــــان ثـــوب الغلا مشقوق
وأنا أخيطــــــه مـــن إعجابي
قلبي لماضـــي الوصـــــــال يتوق
وينبت حـــــــــنيني علــــى ترابـي!!
عـــــندي أمــــــــل للوصال بروق
تبرق علــــــى صفـــــــــحة كتابي
ويلــــــم شـــــــــمل وترد حقوق
وعـــــــــيون قلـبي علـــــــى بابي
سيف المذروب الريسي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ القصيدة الثالثة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نهر التصافي
صاحب معي ما شفت فيك العذاريب
إلا الوفاء دايم على النفس ضافي
يبقى الخليل عون خليله، سنده في الرحلة، وعكازه في دروب الحياة، يشاهد معه سنوات عمره وهي تمضي بهدوء، يرى فيه طفولته، ورحلة كفاحه، وعنفوان شبابه، يسافر معه عبر بحار الحب، ويرسل معه باقة من الورد تعبّر عن امتنانه، فليس هناك ما هو أبهى وأغلى من خليل وفيّ، ترى من خلاله الوجود كله، وتبعث معه روحا جديدة في كل مرة يعبث بها الزمن.
الشاعر خالد العريمي يغمرنا بماء القصيجة القادمة، يعبر فيها عن امتنانه للوفاء، والصداقة الأثيرة..لنقرأ.
يا صاحبي بيّن معي مفرق الشيب
وأنت الصديق اللي يعرف الخوافي
صاحب معي ما شفت فيك العذاريب
إلا الوفاء دايم على النفس ضافي
خضنا معارك في دروب التجاريب
وفاضت مشاربها فِـ نهر التصافي
لا شفتني هلّت دموع التراحيب
"يا مرحبا فوق الشعر والقوافي"
بيني وبينك كل موقف على الطيب
الشوق مكة، والشعور الطوافي
ودروب عزٍ فوق روس المراقيب
تمشي على درب النواميس حافي
ما غيّرك طبع المدن للمواجيب
لو أنْ ظروفك ممحلات وجفافي
شامخ على هامة جبل والسحاحيب..
تمطر على دروب المودة خفافي
في حضرتك كل المشاعر مكاتيب
وعند غيبتك شفنا البسيطة تلافي
يا رب تجمعنا عَـ دربك أصاحيب
في درب هدْيَك للعلا والعفافي
ويا رب وأنا عبدك على مفرقي شيب
تستر ذنوبي يا عليم الخوافي
خالد بن سعيد مهوّس العريمي
ــــــــــــــــــــــــــــــــ القصيدة الرابعة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جيتك سخا
جال الخيال وطاح عوقي فوق عوق المستهام
وأنبت زهر ما هو من أيامي ولا ني موسمه!!
أحيانا يكون العطاء دون حدود، ودون انتظار للمقابل، فمن خلاله يكون للحياة معنى، وللحب مغزى، ولهذا الكون اتساعا من القلب، يكبر معه ذلك الشعور، ويتماهى معه، ويعيد إليه رونقه، ويجعل من الأشياء الصغيرة عالما من الحنان، والحنين، وفيه تبدو الصورة أجمل، وأكثر روعة رغم كل متاهات الحياة، وكسور الأيام.
الشاعرة "ظمأ الوجدان" من مملكة البحرين تشاركنا بالنص التالي الذي يظهر مدى نهر العطاء الي لا ينضب، وعطر الحنان الذي لا يزول.
قلبك ذبحني شوق وأحياني وصل بأجمل غرام
بيّح بشيٍ من تفاصيلك.. وشيءٍ يكتمه
جيتك وأنا كلّي شغف مهرة بلا سرج ولجام
كنت الجموح وصرت في عالم هواك ملجّمة
طاعت وفي طوع الجموح أحلام وأسرار ومقام
أكبر من اللي تعلمه ، وأبعد من اللي تحلمه
يا ملهمي جيتك على استحياء بثوب الاحتشام
وصَّل شعوري فيك ما تعلم .. وما لا تعلمه
وشلون طهري ما يصلّي وأنت في قلبي إمام؟
والروح في محراب شوقك هايمة مستنعمة
لي قلب عاف الحب ، وإحساسه عن الأحلام صام
أفطر بشوفك شي من بعضه.. وجا لك معظمه
هيمان ضايع في الخلا ، غرقان في بحر الهيام
كابر على غرقة هواه وما لقى اللي يعصمه
عانيت من صمت الهوى يوم انخرس فيني الكلام
صمت الهوى كافر وسجّات الهواوي مسلمة
وجّهت وجهي للكريم وساقني لابن الكرام
يرفق على قلبٍ رضع الأحزان والحب افطمه
جال الخيال وطاح عوقي فوق عوق المستهام
وأنبت زهر ما هو من أيامي ولا ني موسمه!!
قلبي رعد واتوسّمت صحراي في بيض الغمام
كلّك مطر يا حي منطوقك ويا حي مقدمه
جيتك سخا وأصدق من الحاجة على وجه الكرام
جيتك وفا يصعب على الإيثار يومٍ يفهمه
خذ ما تبقّى من عمر .. قلبي على غيرك حرام
دامك ملاك بجنّتي ما هي عليك محرّمة
موزة المنصوري (ظما الوجدان) ـ مملكة البحرين
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً: