صبحنا فجر اليوم على نعى الشيخ الدكتور الفاتح علي حسنين .
رجل الدعوة الذي حمل همها شابا صغيرا وعاش لها حتى بلغ أجله .
ظل فاعلا نشطا قائدا مؤثرا منذ أيام دراسته الجامعيةفي يوغسلافيا وتخرجه فيها طبيبا .
عرف طريقه الى قلوب الناس فكان نقطة الجذب وموقع الثقة في أيما مجموعة كان فيها .
مبادرا لا يهاب الصعاب ولا يستصعب عظائم الإمور .


طموحا لا يرضى بالهين من الأهداف والمقاصد .
مخلصا لا تستهويه لعاعات الدنيا .

شجاعا غير هياب للمخاطر والأثمان الواجبة السداد في سبيل الغايات العظمى .
كريما ينفق دون أن يخشى فقرا .
عمل مستشارا للزعيم والمفكر البوسني علي عزت بيغوفيتش وهما في مرحلة الشباب ،ثم إبان حرب البوسنة وحتى صار الأخير رئيسا لبلاده ، كان دكتور الفاتح ساعده الأيمن ومستشاره القريب طوال حقب متتالية تبدلت فيها الأحوال بين العسر واليسر ، والاستضعاف ثم الانتصارات والفتوحات ، والفاتح هو هو وقفا لقضايا الأمة ونصرة المستضعفين ، لايلين ولا يستكين .
كان دوره في حرب البوسنة والهرسك والصرب معروفا مشهودا .

كان مستشارا مقربا للرئيس الطيب رجب أوردوغان منذ أن كان الأخير في بدايات طريقه في العمل العام ، تتلمذ على يد الدكتور الفاتح ، وظل اوردوغان يذكر أمام الملأ أستاذية الشيخ الفاتح وفضله عليه قبل وأثناء ترأسه لبلدية استانبول أول عهده بالعمل السياسي ، وللحق ظل أوردوغان وفيا لهذا الفضل ، حتى أنه مازار السودان إلا وكانت زيارة منزل الشيخ الفاتح حسنين على راس برنامجه مهما كانت الأحوال .

أسس الشيخ الدكتور الفاتح حسنين وكالة غوث العالم الثالث وظل فاعلا عبرها في تقديم خدمات انسانية جليلة لكثير من أهل الحاجة والبؤس من فقراء افريقيا وآسيا والعالم الثالث عموما ، وكانت الوكالة التي تنقلت مقراتها بين النمسا و البوسنة وتركيا مفخرة للعمل الانساني الناجح .

تدهورت حالة الراحل الصحية لسنوات طويلة ،لازمته فيها علل عديدة وظل يتردد على المستشفيات ويمكث فيها الشهور الطويلة حتى ضعف الجسد ، أما القلب فقد ظل نابضا بحب الناس ووطنه والأمة ، و الروح وثابة تتطلع لعزة المسلمين وتنحاز لقضاياهم .

توقف القلب الكبير وانتقل فجر اليوم الشيخ الفاتح حسنين ، وعينه لم تقر به بتحرير مدينته كركوج التي دنسها خوارج العصر مليشيا حميدتي ، ولعل أخبار كركوج المحزنة قد زادت وطأة العلة عليه وهو الذي أحبها وأحبه أهله الذين ظل حفيا بهم واصلا لهم بارا بهم وهو في سنوات الغربة الطويلة .

أنجز الراحل فيما أنجز دراسة توثيقية قيمة جامعة لأرحامه المغاربة سماها موسوعة الأسر المغاربية في السودان.

شملت الموسوعة المكونة من مجلدين أنساب المغاربة في السودان ومنهم جده الشيخ أحمد زروق المغربي .

رحم الله الشيخ الدكتور الفاتح حسنين وجزاه بخير ما يجازي به الصالحين وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة وتقبل منه أحسن الذي عمل وتجاوز عن كل ذنب .
وأحسن عزاء أسرته الصغيرة والكبيرة وأهل السودان وعارفي فضله .
إنا لله وإنا إليه راجعون

عثمان البشير الكباشي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الشیخ الفاتح

إقرأ أيضاً:

الدكتور منجي علي بدر يكتب: قمة مجموعة الـ«D8» بالقاهرة

اتجهت مصر وتركيا الفترة الأخيرة لتعزيز العلاقات الثنائية، وجاءت زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان للقاهرة فى فبراير 2024، وزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى أنقرة، فى الـ4 من سبتمبر 2024 تجسيداً للرغبة فى التعاون، ثم تأكيد مشاركة الرئيس التركى فى اجتماعات قمة منظمة الدول الثمانى الإسلامية للتعاون الاقتصادى (D8) فى نسختها الحادية عشرة بالقاهرة يوم الخميس 19 الجارى لمناقشة سبل مواجهة المتغيرات العالمية الاقتصادية والسياسية تحت شعار: الاستثمار فى الشباب ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.. «تشكيل اقتصاد الغد»، حيث تولت رئاسة المجموعة فى مايو 2024 وتستمر فى قيادة أعمالها حتى نهاية عام 2025.

وتأتى هذه الزيارات والمقابلات على المستوى الرئاسى استكمالاً للجهود الرامية لتطوير العلاقات الثنائية التى أخذت تتطور تدريجياً بين مصر وتركيا منذ عام 2021، حين نجح البلدان فى استئناف الاتصالات المشتركة على مستوى الوزراء وكبار المسئولين، وفى عام 2023 تم رفع التمثيل الدبلوماسى بين البلدين لمستوى السفراء.

ويرتبط تطور العلاقات المصرية التركية بالأوضاع الجيوسياسية فى منطقة الشرق الأوسط بالنظر إلى البعد الاستراتيجى للدولتين وثقلهما فى المنطقة، ويعكس الإرادة السياسية المشتركة لتعزيز العلاقات فى مختلف المجالات بما فى ذلك الاقتصاد والسياسة والتجارة والأمن والدفاع، والتنسيق المشترك فى القضايا والملفات المطروحة أمام البلدين، ومنها التوترات الإقليمية والسعى إلى وقف العدوان الإسرائيلى على الفلسطينيين الممتد منذ أكتوبر 2023 حتى الآن، وأيضاً التنسيق فى ملفات إقليمية أخرى، منها الأوضاع الجديدة فى سوريا ولبنان وليبيا والسودان واليمن والقرن الأفريقى وبالتحديد التطورات الأخيرة فى الصومال.

وتكشف أى متابعة للعلاقات بين البلدين أن الروابط بينهما لم تتوقف حتى فى سنوات الخلاف منذ منتصف عام 2013، حيث شهد مسار التعاون الاقتصادى والتجارى والاستثمارى تطورات إيجابية رغم التوترات السياسية التى استمرت حوالى 10 سنوات، بل وأخذ هذا الملف الاقتصادى محوراً استراتيجياً يقوم على إيجاد المساحات المشتركة بين البلدين لتعزيز دورهم فى منطقة الشرق الأوسط، ويعود ذلك فى الأساس إلى حكمة وصبر الرئيس عبدالفتاح السيسى على التجاوزات التركية المتعددة.

وشهدت الزيارة الأخيرة للرئيس عبدالفتاح السيسى إلى تركيا، عقد الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجى رفيع المستوى بين مصر وتركيا، وانتهى الاجتماع بتوقيع 17 اتفاقية بعدة مجالات مختلفة، منها الاستثمارات المشتركة فى الصناعة ومجالات الطاقة، واستهداف زيادة التبادل التجارى بينهما من حوالى 10 مليارات دولار إلى 15 مليار دولار على مدار خمس سنوات.

وتهدف الاتفاقات لتعزيز البيئة الاستثمارية ودعم التجارة الحرة ودعم تبادل الزيارات واللقاءات بين رجال الأعمال، وفيما يتعلق بمجالات الطاقة تسعى الدولتان انطلاقاً من مبدأ المنفعة المتبادلة إلى التركيز على مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة، ولا سيما الغاز الطبيعى والطاقة النووية.

ويحظى الجانب العسكرى والأمنى بزخم متزايد فى الفترة الحالية، ويُشير هذا التعاون إلى تقدم علاقات التعاون الدفاعية، ومن نتائج هذا التعاون ما ظهر واضحاً فى مشاركة أكثر من شركة تركية فى مجال الدفاع الجوى والأنظمة الإلكترونية الدفاعية فى معرض مصر الدولى للطيران والفضاء، لتسويق المنتجات الدفاعية التركية.

ويمكن القول إن العلاقة بين القاهرة وأنقرة ارتفعت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وهو ما يؤكده إنشاء مجلس التعاون الاستراتيجى الذى يترأسه رئيسا مصر وتركيا، وهناك دوافع ساعدت على ترسيخ هذه العلاقات من أجل مواجهة التحديات المشتركة فى منطقة الشرق الأوسط القلقة.

وعلى الصعيد السياسى، يستمر التنسيق فى الملفات الإقليمية مثل ليبيا وفلسطين وسوريا والصومال واليمن، مما يعزز دور البلدين فى استقرار المنطقة.

كما أن التقارب الجيوسياسى لمواجهة التحديات الإقليمية قد يؤدى إلى تعزيز دورهما كقوتين إقليميتين مؤثرتين فى النزاعات الإقليمية، وذلك بالتنسيق مع القوى الفاعلة فى المنطقة، مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وقطر، وكذا مع القوى الدولية الفاعلة بالمنطقة.

هذا، ونأمل أن تكون اجتماعات قمة الـ(D8) بالقاهرة فرصة لبداية تأسيس علاقات تشاركية تقوم على تحقيق المصالح المشتركة فى ظل إرهاصات نظام عالمى جديد بدأت تتشكل ملامحه، سواء عاند أو استوعب الرئيس الأمريكى المنتخب ترامب التحول فى النظام العالمى إلى نظام متعدد الأقطاب.

عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة

مقالات مشابهة

  • السودان واستغلال الفرص
  • الدكتور سلطان القاسمي يكتب: ميدان الرولة... شاهد على التاريخ
  • علي الفاتح يكتب: المشروع الأكثر نزاهة في سوريا
  • السيناريست باهر دويدار: مصر ثابتة أمام التحول الذي يشهده الشرق الأوسط
  • العناية الإلهية تنقذ 3 أشخاص من الموت أمام مركز شباب الشيخ زايد
  • اليوم نرفع راية استقلالنا (1)
  • استخدموا مواردكم لتخفيف معاناة السودان وليس تعميقها.. بلينكن يعلن هذا الإجراء الذي ستتخذه الولايات المتحدة حيال الأمر
  • والي الخرطوم : رغم الأحداث الجسام فالخرطوم ماضية في تنفيذ كل برامجها بما فيها التزاماتها تجاه الوطن وقضاياه الكبرى
  • الدكتور النابه الوليد مادبو
  • الدكتور منجي علي بدر يكتب: قمة مجموعة الـ«D8» بالقاهرة