قال عدد من السياسيين والكتاب الليبيين إن "حقيقة ما يحدث في ليبيا هو خلاف سياسي بين أطراف بعضها تغيرت بوصلة مصالحها ومن ثم تحالفاتها"، وذلك على الرّغم من أن ظاهرها تفسيرات متباينة لنصوص قانونية تتعلق بصلاحيات تشريعية.

وتابعوا بأن التّصاعد الراهن للخلاف، من خلال اتّخاذ أطراف فاعلة لقرارات بررتها بتفسيرها الخاص لنصوص قانونية، مقابل تفسير مغاير لأطراف أخرى.



وكان مجلس النواب، قد أعلن في تاريخ 13 آب/ أغسطس الجاري، تصويت أعضائه لصالح سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة. فيما صوّتوا كذلك لصالح إعادة صلاحيات القائد الأعلى للجيش إلى رئيس مجلس النواب (الشرق) عقيلة صالح، بدلا من المجلس الرئاسي، وهو ما رفضه الأخير.

ومنذ مارس/ آذار 2022 توجد حكومتان، إحداهما تحظى باعتراف دولي وأممي وهي حكومة الوحدة، ومقرها العاصمة طرابلس، وتدير منها غرب البلاد بالكامل. والحكومة الثانية قد كلّفها مجلس النواب، وهي حكومة أسامة حماد، ومقرها في مدينة بنغازي، وتدير شرق البلاد بالكامل ومدنا في الجنوب.

وبرّر مجلس النواب سحب الثقة من الحكومة بـ"انتهاء ولايتها كسلطة تنفيذية بالمرحلة التمهيدية"، في إشارة إلى انبثاق الحكومة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي بجنيف في 5 فبراير/ شباط 2021.

وفي ردها الرافض لخطوة مجلس النواب، كانت حكومة الدبيبة، قد طرحت تفسيرا مغايرا للنص القانوني لهذا الاتفاق والخاص بمدة بقائها في السلطة.

وقالت الحكومة، عبر بيان لها، في وقت سابق، إنها "تستمد شرعيتها من الاتفاق السياسي المضمَّن في الإعلان الدستوري (دستور مؤقت يحكم البلاد منذ 2011)، وتلتزم بمخرجاته التي نصت على أن تُنهي الحكومة مهامها بإجراء الانتخابات العامة".

إلى ذلك، يختلف الليبيون حول مدة ولاية الحكومة، التي ينص اتفاق جنيف على أن مهمتهما، وسوف تنتهي  بإجراء انتخابات عامة في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021.

غير أنه بسبب عدم إجراء الانتخابات جراء خلافات، تقول أطراف ليبية إن مدة ولاية الحكومة لم تنته، فيما ترى أطراف أخرى أن عدم إجراء الانتخابات في ذلك التاريخ لا يعني عدم انتهاء ولايتهما.

أما بخصوص السند القانوني لسحب صفة القائد الأعلى للجيش من المجلس الرئاسي، الذي يرأسه محمد المنفي ومنحها لصالح، فقد برر مجلس النواب ذلك بأن القرار "جاء وفق الإعلان الدستوري".


وقال صالح إنه "من الضروري إعادة النظر في اتفاق جنيف لعام 2021، للمرحلة التمهيدية، لا سيما وأنه لم يضّمن في الإعلان الدستوري الذي يعتبر السند لكل السلطات".

لكن السند القانوني لهذا القرار أيضا طُعن فيه وفُسر بشكل مغاير من طرف آخر، كما جاء في رد رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، عبر بيان. الذي  أوضح، في اليوم نفسه، أن "تعديلات جرت في الإعلان الدستوري، تنص على أن يكون المجلس الرئاسي هو الجهة التي تمارس صلاحيات القائد الأعلى".

وتابع: "طبقا لما نصت عليه المادة 12 من الأحكام الإضافية للاتفاق السياسي: في حال اقتضى الأمر إجراء تعديل لاحق للإعلان الدستوري يمس الاتفاق أو أحد المؤسسات المنبثقة عنه بشكل مباشر أو غير مباشر، يلتزم مجلس النواب ومجلس الدولة بالتوافق فيما بينهما على صيغة هذا التعديل ".

التفسير ذاته تقريبا هو ما علّق به نائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، إذ قال عبر موقع التواصل الاجتماعي "إكس" إن "الاختصاصات التي مُنحت للرئاسة جاءت وفق المادة 64 من الاتفاق السياسي (الموقع بالمغرب عام 2015)، والتي شُكل على أساسها ملتقى الحوار السياسي (بجنيف)".

وضن الإشكال القانوني التشريعي، قد برز خلاف آخر تمثل في إصدار المنفي قرارا بإنشاء مفوضية مستقلة تتبعه معنية بإجراء استفتاءات ملزمة حول قضايا عدة. فيما برّر المنفي قراره، الأحد، بالاستناد إلى الإعلان الدستوري وتعديلاته والاتفاق السياسي بالمغرب 2015 ومخرجات ملتقى الحوار السياسي في جنيف 2021.

لكن حتى هذا الإسناد فُسر بشكل آخر، إذ استنكره مجلس النواب، في بيان، ووصفه بأنه "باطل" وطالب المنفي بسحب قراره. واعتبر مجلس النواب أن القرار "تجاوز صلاحيات (المجلس) الرئاسي المقررة في اتفاق جنيف وتعداها إلى اختصاصات دستورية".

ووفقا لبيان المجلس الرئاسي، فإن معركة الصلاحيات ونصوصها القانونية، قرر المنفي، الأحد، عزل محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، وفق بيان للمجلس الرئاسي.

وحسب وسائل إعلام محلية، فإن "القرار جاء بضغوط من الدبيبة، ضمن الرد على إعلان مجلس النواب، للمرة الثانية، سحب الثقة من حكومة الوحدة". 

وقبيل صدور القرار، تحدث المصرف عن "تهديدات متزايدة تطال أمن المصرف المركزي وسلامة موظفيه وأنظمته"، وأعلن الأحد "توقف جميع أعماله بسبب اختطاف أحد المدراء فيه".


وتدهورت العلاقات مؤخرا بين الدبيبة والكبير، الذي ظهر قبل نحو شهر في لقاء جمعة لأول مرة مع صالح، بعد أن كان الأخير يصفه بأنه مقال من منصبه ووجوده غير شرعي.

‌كذلك، أعلن المجلس الرئاسي، مساء الأحد، عن اعتزامه تشكيل مجلس إدارة جديد للمصرف المركزي.

وليس من صلاحيات المجلس الرئاسي تشكيل مجلس إدارة المصرف، لكنه وفق مراقبين يحاول استغلال ثغرة عبر الاستناد إلى قرار مجلس النواب لعام 2018 بشأن تكليف عبد السلام الشكري بمنصب محافظ المصرف.

وجراء خلافات، لم يتم تنفيذ قرار تكليف الشكري، ويؤيد مجلس النواب حاليا المحافظ الحالي للمصرف الصديق الكبير.

وحتى هذا الأمر الذي يبدو تشريعي يتعلق بصلاحيات المنفي حيال المناصب السيادية هو أيضا وفق الطيرة "في جوهره سياسي وسببه تغير بوصلة المصالح". وأوضح أن "الخلاف بين الدبيبة والكبير دعا الأخير إلى التحالف مع مجلس النواب وإقرار ميزانية موحدة للبلاد سوف يصرفها الكبير للحكومتين"، في إشارة إلى ميزانية أقرها النواب في 10 تموز/ يوليو الماضي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية ليبيا ليبيا تحالفات جديدة خلافات سياسية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإعلان الدستوری المجلس الرئاسی مجلس النواب

إقرأ أيضاً:

تعرف على اختصاصات "اللجنة العامة" بمجلس النواب

عقدت اللجنة العامة لمجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس المجلس، أول اجتماع لها خلال دور الانعقاد الخامس من الفصل التشريعى الثانى، الأسبوع الماضي، وذلك بحضور وكيلى المجلس ورؤساء اللجان النوعية وممثلى الهيئات البرلمانية، ووزير الشئون النيابية والقانونية المستشار محمود فوزي.

 

ونصت المادة (25) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب على أن يدعو رئيس المجلس اللجنة العامة إلى الاجتماع، ويضع جدول أعمالها، ويدير مناقشاتها، ويعلن انتهاء اجتماعاتها وقراراتها وتوصياتها.


وتعقد اللجنة اجتماعا دوريا مرة كل شهر على الأقل، خلال دور الانعقاد، ويجوز لرئيس المجلس دعوتها الاجتماع غير عادي، ولا يكون اجتماع اللجنة صحيحا، إلا بحضور أغلبية أعضائها.


ومع مراعاة ما ورد فى شأنه نص خاص، تصدر قرارات اللجنة بالأغلبية المطلقة لأصوات الحاضرين وعند التساوي يرجح الجانب الذى منه الرئيس.


وتحرر محاضر موجزة لما يدور فى اجتماعات اللجنة، ولرئيس المجلس أن يأمر بطبع هذه المحاضر، ونشرها بالطريقة التى يراها مناسبة، وتضع اللجنة القواعد الأخرى المنظمة لأعمالها بناء على اقتراح رئيس المجلس.

 

اختصاصات اللجنة العامة


نصت المادة (26) من لائحة مجلس النواب على أن: بالإضافة إلى اختصاصات اللجنة العامة المنصوص عليها فى هذه اللائحة، تختص هذه اللجنة بما يأتي:

 

أولًا: مناقشة الموضوعات العامة والأمور الهامة التى يرى رئيس الجمهورية، أو رئيس المجلس، أو رئيس مجلس الوزراء، تبادل الرأى فى شأنها مع اللجنة أو إحاطة أعضائها علما بها.

 

ثانيًا: دراسة التقارير الدورية التى تقدمها لجان المجلس عن متابعة تنفيذ القوانين والقرارات التنظيمية العامة، وعن المقترحات والشكاوى الهامة، التى تمثل ظاهرة اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية عامة.

 

ثالثًا: دراسة ما يحيله إليها المجلس من تقارير الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، وللجنة أن تقرر عرض الموضوعات والتقارير على المجلس، أو أن تتخذ الإجراء المناسب فى شأنها.

 

وللجنة العامة أن تدعو رئيس مجلس الوزراء أو غيره من أعضاء الحكومة أو أيًّا من رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية أو غيرهم، للاستماع إليهم كلما رأت ضرورة لذلك.


كما يجوز للجنة أن تدعو أحد أعضاء المجلس لعرض موضوع هام أو عاجل، أو لاستيضاح العضو فى أمر من الأمور المعروضة عليها. ويوجه رئيس المجلس الدعوة بناء على ما تقرره اللجنة.

مقالات مشابهة

  • المجلس الرئاسي يبحث تدهور العملة الوطنية ويتعهد بتحمل مسؤولياته
  • الرئاسي يستعرض الأوضاع الاقتصادية وأحدث المتغيرات الإقليمية
  • المنفي يُحذّر: الاستمرار في عدم احترام القضاء يُمهد لانهيار الدولة
  • تعرف على اختصاصات "اللجنة العامة" بمجلس النواب
  • المنفي: نرحب بقرار مجلس الأمن الذي مثّل بوضوحه خارطة الطريق للمرحلة الفاصلة في ليبيا
  • المنفي: قرار مجلس الأمن خارطة طريق مهمة لمرحلة فاصلة في تاريخ ليبيا
  • التكبالي: الدبيبة والمنفي لا يمكنهما فرض استفتاء من قبل مفوضية الاستفتاء التي أنشأها الرئاسي
  • اوحيدة: ما يقوم به الرئاسي ليس من اختصاصه ولن يأتي بنتيجة الا مزيد من خلط الأوراق
  • أوحيدة: المجلس الرئاسي غير مؤهل لإجراء الانتخابات ومايفعله مجرد خلط للأوراق
  • بلها: انقسام حاد يهدد مجلس الدولة ويعطل دوره في المشهد السياسي