تفاوض عبر رجال الاستخبارات.. ما هو تاريخ منصب منسق المخطوفين لدى الاحتلال؟
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
يتواصل الحديث حول مصير الأسرى والجنود الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مع مواصلة الوسطاء للضغط من أجل إبرام صفقة تبادل واتفاق لوقف إطلاق النار من خلال المفاوضات.
وتستمر المفاوضات الحالية وسط عقد اجتماعات متكررة في قطر ومصر، وبحضور شخصيات تمثل مناصب رفيعة مثل رئيس الموساد، ورئيس الشاباك، ومستشار نتنياهو السياسي، إضافة إلى منسق ملف الأسرى والمعتقلين.
ما هو منصب "منسق المخطوفين" الموجود منذ أكثر من 35 عامًا؟ ومن هم كبار السياسيين والمحامين الإسرائيليين وشخصيات الموساد والشاباك والمخابرات العسكرية الذين شغلوه طوال السنوات الماضية؟
ويتم اختيار هذه الشخصيات بسبب "قدراتهم التفاوضية ومهاراتهم في صياغة العقود وخلفيتهم الاستخباراتية وعلاقاتهم مع القادة الدوليين وأجهزة الاستخبارات الأجنبية"، بحسب تقرير سابق لصحيفة "معاريف".
وبغض النظر عن مدى موهبته، فإن قدرة "منسق المخطوفين" على إبرام صفقة محدودة، رغم أن جميع "أدوات الدولة" تحت تصرفه دون حدود تقريبا من معلومات استخباراتية سرية، والوصول إلى وسطاء دوليين وميزانية كبيرة نسبيا، تسمح له ولفريقه بالطيران إلى أقاصي الأرض.
المنسق الحالي
غال هيرش، أصبح القائد العسكري الإسرائيلي في قوة الاحتياط، مسؤولا عن قضية الأسرى الإسرائيليين، الذين أسرتهم حركة حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بتعيين من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
هيرش من مواليد عام 1964، وهو قائد عسكري في الاحتياط لكن تم استدعاؤه بعد إعلان "إسرائيل" أنها في حالة حرب، وهو كاتب ورجل أعمال وخبير في القيادة والإستراتيجية وزميل في معهد سياسات "مكافحة الإرهاب" في جامعة رايخمان، ومحاضر لدرجتي البكالوريوس والماجستير في مجالات القيادة في "إسرائيل".
وخدم هيرش في جيش الاحتلال في مناصب قيادية عدة لمدة ثلاثة عقود، وكان قائدا لوحدة "شيلداغ" الخاصة التابعة للقوات الجوية، كما كان قائدًا لوحدات المظليين، ومن ثم تولى هيرش قيادة الفرقة 91 من خلال حرب لبنان عام 2006.
وكشف موقع "تايمز أوف إسرائيل" إنه في عام 2015، تم ترشيحه من قبل وزير الشرطة آنذاك غلعاد إردان، للعمل كقائد للشرطة، لكن تم رفض ترشيحه بسبب شبهات تتعلق بمعاملات تجارية غير مشروعة.
وفي عام 2019، حاول الترشح للكنيست، لكنه لم يحصل سوى على حوالي 3400 صوت فقط، وانضم لاحقًا إلى حزب الليكود لكن لم يتم وضعه على قائمته في الانتخابات.
ولم يلعب المسؤول الإسرائيلي عن ملف الرهائن المعين حديثا، دورا فاعلا في المفاوضات لإطلاق سراح اثنتين من الأسرى الإسرائيليين خلال الأسبوع الماضي، حسبما قال مسؤولان دبلوماسيان أجنبيان لـ "تايمز أوف إسرائيل".
وانتقد بعض الإسرائيليين هيرش لأنه اتخذ مركز الصدارة في مشهد الإفراج عن الأسيرتين الأميركيتين جوديث رعنان وابنتها ناتالي، رغم أن حركة حماس أكدت أن الإفراج جاء لـ "أسباب إنسانية"، متهمين إياه بإقحام نفسه في الصورة دون أن يكون له دور في ذلك.
بعد أخذ المعلومات التي بحوزة#الرهينتان_الأمريكيتان
( جوديث رعنان ) وأبنتها ( ناتالي )
ستتحدد محاور #الإجتياح_البري لـ #غزة
1-إمّا إجتياح كامل لقطاع غزة
2-أو تقطيع القطاع لثلاث محاور
3-وأخيراً تخطي السياج الشائك الفاصل
والتوغل وتشكيل خط دفاعي متقدم فقط#الإفراح_خطأ_بهذا_الوقت pic.twitter.com/8igbPdNdmF — جراح جدعان اللغيصم (@JARRAH_J_A_Q8) October 20, 2023
عندما قامت حماس بإطلاق سراح يوخفيد ليفشيتس ونوريت كوبر لدواعٍ إنسانية أيضا في الـ 23 من الشهر ذاته، لم يظهر هيرش في الصورة عند استقبالهما على الحدود.
تصريحات الأسيرة "يوخفد ليفشيتس" للصحافة الصهيونية بشأن ما حدث معها في غزة وذلك بعد إطلاق سَراحِها:
"عندما وصلنا إلى غزة، أخبرونا في البداية أنهم يؤمنون بالقرآن وأنهم لن يضرونا، قالوا سوف يعاملوننا كما يعاملون من حولهم، كنا تحت حراسة مشددة، كما جاء مسعف وطبيب وتأكدا من توفر… pic.twitter.com/2M4uTiuGIn — عبدالله رشدي (@abdullahrushdy) October 24, 2023
المنسق السابق
يرون بلوم، عيّنه نتنياهو في تشرين الأول/ أكتوبر أيضا لكن من عام 2017 خلفًا ليؤور لوتان الذي أمضى ثلاث سنوات في الخدمة، وهو من سكان حيفا، وأنهى خدمته في وحدة جولاني، وانضمّ إلى جهاز الأمن العام "الشاباك" وشغل وظائف عدة من بينها ضابط تجنيد عملاء في لبنان وداخل الخطّ الأخضر، ثم تمت ترقيته ليكون الضابط المسؤول عن كامل قسم تجنيد العملاء.
بعد ذلك، انتقل بلوم إلى مجال الأمن، وتولّى الأمن في فرع طيران "العال" في باريس، وحصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من ميونيخ وروما.
عند عودته إلى الأراضي المحتلة، عمل بلوم في قسم العلاقات الخارجية ضمن جهاز الشاباك، وتولى قسم العلاقات الخارجية، وكان ممثل الجهاز الأمني في فريق التفاوض برئاسة منسق المخطوفين في ذلك الوقت ديفيد ميدان.
ومثلت صفقة إطلاق سراح جلعاد شاليط المعروفة فلسطينيا باسم "وفاء الأحرار، أزمة جديدة بالنسبة لبلوم، بسبب نتائجها المٌخيّبة، وتشكيلها لوعي معين لدى قيادة الاحتلال يجعل مهمة الترويج لاتفاق آخر مع حماس مهمة صعبة، بحسب تقرير لصحيفة "معاريف".
طريق مسدود
شغل ليئور لوتان منصب مُنسّق المخطوفين والمفقودين حتى عام 2017 وكان متطوعا في المنصب على مدار ثلاث سنوات، إلا أنه قرر الاستقالة بعد أن أدرك أن الاتصالات مع حماس قد وصلت إلى طريق مسدود، وأن مساحة المناورة التي يسمح بها المستوى السياسي في هذه الاتصالات محدودة للغاية، بحسب تقرير لصحيفة "هآرتس".
وذكرت العديد من المصادر أن لوتان كان يهاجم عائلة مانغستو (أفيرا منغستو، إسرائيلي من أصول إثيوبية، محتجزا في غزة لأكثر من تسع سنوات) بشكلٍ عنصري، ويطالبهم بعدم ربط قضيته بالجالية الأثيوبية في "إسرائيل" وإلا سيبقى لعام آخر في غزة، وحملهم مسؤولية فقدانه، إلا أنه واعتذر عن ذلك فيما بعد، بحس بما جاء في تقرير آخر للصحيفة.
يقول قادة الإحتلال أن الأسير لدى #حماس افرام مانغستو مدني، حسناً ماذا عن هذه#الصورة؟ #عد_جنودك pic.twitter.com/8JOSD9tUT3 — Saber M. Eleyan ???? (@saberalian) July 10, 2015
صفقة شاليط
أمّا في وقت إجراء صفقة شاليط، كان ديفيد ميدان يشغل منصب المُنسّق، وهو رجل أعمال في القطاع التقني الخاص والتسويق الدولي، وناشط في مختلف القضايا الاجتماعية، خدم في الموساد لأكثر من 30 عاما ضمنمناصب مختلفة داخل "إسرائيل" وخارجها، إذ كان آخرها رئيس قسم العلاقات الدولية.
استلم ميدان مهامه في عام 2011 خلفا لرجال المخابرات المتمرسين، عوفر ديكل، وحاجي هداس، بعد سنوات من الجهود الفاشلة، وجاء هذا مع مغادرة الوسيط الألماني جيرهارد كونراد حينها للمشهد بعدما قدم إلى حكومة حماس مخططا تفصيليًا للصفقة، وتزامنًا مع زيادة التعقيد بسبب رفض حماس للوساطة الأوروبية، وتعذرت الوساطة المصرية بسبب عزل الرئيس المصري حسني مبارك ورئيس مخابراته عمر سليمان في ذلك الوقت.
وبعد إتمام الصفقة، انتهت خدمة ميدان التي امتدت طوال 35 سنة كضابط موساد ومنسق للمخطوفين والمفقودين بالاستقالة من منصبه والتوجه إلى العمل في القطاع الخاص.
بعد صفقة شاليط 2011 والنقد الشديد الذي تعرضت له رفقة الصفقات مع حزب الله عامي 2004 و2008 تقرّر تشكيل لجنة لفحص ماذا حدث وأين فشلت هذه الصفقات، إذ سميت هذه اللجنة فيما بعد باسم “لجنة شيمجر”، لأن من ترأسها كان رئيس المحكمة العليا مائير شيمجر، بحسب موقع "واينت".
صُنّفت توصيات لجنة شيمجر ضمن الملفات الأمنية السرية للغاية، وكان جزء من التسريبات التي وصلت إلى وسائل الإعلام يظهر بندا يتعلق بتحرير أسير فلسطيني واحد مقابل استعادة جندي أسير واحد، وبحثت توصيات خاصة تتعلق بالمفاوضات وكيفية إجرائها.
وجاءت هذه التوصيات بناء على أن "إسرائيل" لن تكون قادرة على دفع هذا الثمن الباهظ مرة أخرى إذا تم خطف جنود إضافيين، إذ تم إطلاق سراح 1027 أسيرًا فلسطينيًا مقابل شاليط، ومن بينهم المئات الذين أدينوا بالتورط في القتل، وكان أبرزهم رئيس المكتب السياسي الجديد لحركة حماس يحيى السنوار.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية الأسرى الإسرائيليين الاحتلال صفقة شاليط إسرائيل الأسرى الاحتلال صفقة شاليط المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إطلاق سراح
إقرأ أيضاً:
كيف غيرت حرب 7 أكتوبر مسار الاستخبارات الإسرائيلية؟
بعد سلسلة من التحقيقات العسكرية والاستخباراتية، كشف الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك عن أوجه القصور التي سبقت هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 (طوفان الأقصى)، الذي نفذته المقاومة الفلسطينية ضد المستوطنات والقواعد العسكرية الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة.
ورغم اعتراف المؤسستين العسكرية والأمنية بالفشل على عدة مستويات، فإن تقرير الشاباك أثار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية، إذ ألقى باللوم على الإخفاق السياسي والأمني، مشيرًا إلى عدة عوامل إستراتيجية أدت إلى وقوع الهجوم، من بينها الانتهاكات المستمرة في الحرم القدسي، وسوء معاملة الأسرى الفلسطينيين، والاعتماد المفرط على العوائق الدفاعية مثل الجدار الحدودي.
وفي ظل تصاعد الاتهامات المتبادلة، رفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتائج تقرير الشاباك، معتبرًا أنها لا تعكس حجم الفشل الحقيقي، بينما حمّلت المعارضة بنيامين نتنياهو المسؤولية المباشرة عن الإخفاق.
وبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، فإن تلك التحقيقات لم تقتصر فقط على تشخيص الإخفاقات، بل كشفت عن حاجة ماسة لإحداث تحول جذري في العقيدة الاستخباراتية لجيش الاحتلال استنادًا إلى الدروس المستخلصة من تلك الأحداث، نستعرض أبرز معالمه في هذا التقرير.
إعلان تعزيز الانخراط العربي والتشكيك الاستخباريفي ضوء التحقيقات التي أُجريت، تقرر أن يصبح الجهاز الاستخباري أكثر انخراطًا في الواقع العربي، سواء من خلال تعزيز تعليم اللغة العربية والدين الإسلامي، أو من خلال تبني نهج أكثر تشكيكًا في التحليلات والتقييمات الاستخبارية.
ويُتوقع أن يخضع الباحثون وضباط الاستخبارات في مختلف الأقسام، بما في ذلك وحدة 8200 -أكبر وحدة عسكرية مفردة في الجيش الإسرائيلي والمتخصصة في فك الرموز والشفرات- لتأهيل مكثف في هذه المجالات.
وكشفت الإذاعة أن أحد أبرز أوجه القصور التي كشفها التحقيق هو ضعف الاستخبارات البشرية وعدم تشغيل العملاء داخل قطاع غزة قبل الهجوم، مما دفع الجيش إلى إعادة تقييم إستراتيجياته، إذ سيتم تعزيز استخدام العملاء والجواسيس جنبًا إلى جنب مع المصادر التقليدية مثل التنصت والسايبر، مع تحسين آليات تبادل المعلومات بين الأقسام المختلفة داخل "أمان".
ويرى الخبير العسكري العميد الركن المتقاعد أيمن الروسان أن إسرائيل تسعى لتعزيز قدراتها الاستخباراتية وتحسين فهمها للواقع العربي والفلسطيني، بعد أن أسهم نقص المعرفة بهذه المجالات في فشل الاستخبارات في التنبؤ بالتهديدات وفهم الدوافع وراء الهجمات.
من جانبه، يتفق المحلل العسكري نضال أبو زيد مع ذلك، ويضيف أن إسرائيل كانت تعتمد بشكل كبير على الاستخبارات الفنية والتكنولوجية، مثل التنصت على الاتصالات واستخدام تقنيات المراقبة الحديثة، لكن التحقيق أظهر أن ضعف الاستخبارات البشرية كان أحد الأسباب الرئيسية للفشل.
وكانت صحيفة "معاريف" العبرية كشفت في ديسمبر/كانون الأول 2024، أن شعبة الاستخبارات في جيش الاحتلال أدركت -بعد بدء الحوثيين القتال المباشر ضد إسرائيل- أن جمع المعلومات وتحليلها يتطلب إلمامًا باللهجة اليمنية، تحدثًا وقراءة، إلى جانب فهم العقلية والثقافة والقبيلة اليمنية.
إعلانوبناء على ذلك، افتتح جيش الاحتلال فصلًا دراسيًا لتعليم اللهجة اليمنية والثقافة القبلية في قاعدة تدريب الاستخبارات "HD15″، لتأهيل عناصر تدير مكتب الاستخبارات "اليمني". كما جنَّد معلمين ناطقين باللهجة اليمنية لتدريب القوات.
وفي الوقت ذاته، تحاول الاستخبارات العسكرية "أمان" دراسة عقلية الحوثيين، خاصة بعد صمودهم أمام حرب الاستنزاف السعودية، التي فشلت في هزيمتهم رغم الخسائر الكبيرة في صفوفهم، وفقا للصحيفة.
ويتفق الخبيران على أن هذه الخطوة تعد محاولة من الاستخبارات الإسرائيلية لاستقطاب عملاء وبناء شبكة من المصادر البشرية القادرة على تقديم معلومات دقيقة حول تحركات وأهداف الجماعات والفصائل الفلسطينية والعربية.
ويأتي هذا التوجه في ظل ضعف واضح في قدرات الاستخبارات البشرية الإسرائيلية داخل قطاع غزة، إذ كشفت قناة 12 العبرية، نقلًا عن مصادر، أن الاستخبارات العسكرية لم تتمكن من تجنيد عملاء هناك منذ 15 عامًا، بينما لم يكن لدى الشاباك أي مخبر ناشط قبل الهجوم.
وفي هذا، أشار أبو زيد -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن الاحتلال اعتمد على إستراتيجيتين سابقتين:
الأولى هي إستراتيجية "غدعون"، وضعها رئيس الأركان آنذاك غادي إيزنكوت في عام 2015، واستمرت لمدة 5 سنوات، والتي قامت على الاعتماد على عنصر التكنولوجيا على حساب العنصر البشري. ثم جاءت إستراتيجية أخرى في عام 2020، وضعها رئيس الأركان أفيف كوخافي، حيث زاد من الاعتماد على التكنولوجيا وقلّص من دور العنصر البشري.أما الإستراتيجية الجديدة، فهي نتيجة للتحقيقات في إخفاقات 7 أكتوبر/تشرين الأول، وتجمع بين العنصرين في تصور هجين يهدف إلى تحسين الأداء الاستخباراتي.
كشف التحقيق عن إهمال الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية لمصادر المعلومات المفتوحة، مثل تصريحات قادة المقاومة الفلسطينية والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، التي غالبًا ما تحمل مؤشرات مهمة حول التوجهات المستقبلية للمقاومة.
إعلانونتيجة لذلك، تقرر إعادة إنشاء وحدة استخباراتية متخصصة لتحليل المعلومات المفتوحة، بعد إغلاق وحدة "حتساف" التي تأسست عام 1949 لجمع المعلومات من الأسرى والإعلام العربي، قبل أنو توسع مهامها لمتابعة شبكات التواصل الاجتماعي.
ورغم دمج "حتساف" مع الوحدة 8200 عام 1992، مما عزز قدراتها على التحليل الرقمي، فإنها أخفقت في رصد الإشارات التحذيرية المرتبطة بطوفان الأقصى.
ووفقًا لمراسل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، يانيف كوبوفيتش، فإن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية كانت قد تلقت منذ 2018 معلومات عن نية حماس شن هجوم واسع على المستوطنات والقواعد العسكرية في الجنوب تحت اسم "جدار أريحا"، لكنها اعتبرت الخطة غير واقعية.
ومع مرور الوقت، كثفت حماس استعداداتها عبر تجنيد وتدريب المقاتلين وإنتاج مسلسل يحاكي سيناريو الهجوم، كما ناقشت قيادتها الهجوم منذ أبريل/نيسان 2022 مع جناحها العسكري، دون علم وزارة الجيش الإسرائيلية، بحسب الصحيفة.
وفي هذا السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية أيمن البراسنة أن المشكلة لم تكن في نقص المعلومات، بل في ضعف التفسير والتحليل، بسبب تركيز الاستخبارات على التكنولوجيا مقابل نقص في الكوادر المتخصصة في البحث والتحليل.
وبحسب الخبير الأمني نضال أبو زيد، فإن اعتماد المقاومة على وسائل اتصال تقليدية وأساليب غير رقمية قد حدّ من قدرة الاستخبارات الإسرائيلية على الاختراق، مما يشير إلى احتمال تصاعد الصراع الخفي في المرحلة القادمة بين استخبارات الاحتلال، التي تتبع نهجًا هجوميًا، واستخبارات المقاومة، التي تركز على تحصين منظومتها الدفاعية وإحباط محاولات التجسس والاختراق.
إصلاحات هيكلية وتوسيع صلاحيات أقسام التقييمكشف المراسل العسكري لإذاعة الجيش الإسرائيلي دورون كادوش أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تعمل على تحسين قدرتها على الإنذار المبكر، من خلال متابعة أدق لتحركات القيادات والفرق العسكرية للعدو، ومن خلال تبني طريقة جديدة في تحليل المعلومات الاستخبارية تقوم على التشكيك الدائم في الفرضيات والتقييمات المعتادة.
إعلانكما تدرس شعبة الاستخبارات العسكرية إمكانية وضع ضباط منتدبين منها في غرف مجندات الرصد التي تجمع المعلومات في كل القطاعات، بهدف ربط المعلومات الاستخباراتية التي يراها العاملون الميدانيون بأعينهم مع المعلومات الاستخباراتية التي تتدفق من مصادر أخرى للمعلومات.
ويرى قاصد محمود، نائب رئيس هيئة الأركان الأردنية الأسبق، أن اختيار ضباط برتب عسكرية رفيعة، مثل لواء وعميد، يعكس توجهًا نحو تعيين شخصيات ذات خبرة واسعة لاتخاذ قرارات دقيقة في المهام الاستخباراتية الحساسة.
وذكرت صحيفة هآرتس، أن التحقيقات حمّلت قسم البحث الاستخباراتي مسؤولية الفشل في التحذير من هجوم حماس، مشيرة إلى أنه كان عليه كشف الإخفاقات في التعامل مع الحركة. لكن التقرير أكد أن الخطأ لم يكن فرديًا، بل نابعًا من منظومة مفاهيم سياسية وعسكرية خاطئة.
وأشارت الصحيفة أن إسرائيل اعتمدت على افتراض أن التهديد الرئيسي من حماس يتمثل في إطلاق الصواريخ، بينما قللت من احتمال شن هجوم بري واسع. وأضافت أن التحقيق أكد أنه رغم تلقي الجيش معلومات ووقائع كان يمكنها دحض هذا التصور، فإنها فُسرت ضمن الإطار التقليدي، وهو ما حال دون إدراك حجم التهديد الحقيقي.
كما أشار الدكتور البراسنة إلى تغييرات كبيرة في التنسيق بين مختلف المستويات داخل شعبة الاستخبارات العسكرية، إضافة إلى التعامل مع التقارير الواردة من الميدان بعناية أكبر مما سبق.
وبدأت شعبة الاستخبارات العسكرية في جهاز "أمان" بإعادة تشكيل الوحدة 504، المسؤولة عن تشغيل وإدارة العملاء، إلى جانب إعادة تفعيل الوحدة 9900، المختصة بجمع المعلومات من المصادر العلنية ومراقبة مواقع التواصل الاجتماعي.
إعلانويتفق الخبيران أن الاستخبارات الإسرائيلية تواجه تحديًا في إعادة هيكلة عملياتها، خاصة مع احتكار الشاباك لتجنيد العملاء في غزة والضفة، إذ إن أي تدخل من وحدات الاستخبارات العسكرية، مثل 504 و9900، قد يؤدي إلى تضارب في الصلاحيات وصراعات داخلية بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
ووفقًا للمحلل أبو زيد، فإن هذه التغييرات جاءت استجابة لتوصيات رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، اللواء شلومي بيندر، الذي حلّ محل اللواء أهارون حاليفا بعد الإخفاقات الاستخباراتية في 7 أكتوبر.
يُجمع الخبراء العسكريون والسياسيون الذين قابلتهم "الجزيرة نت" على أن الجيوش تبدأ دائمًا بالتحقيق في أسباب الفشل، وفي حالة دولة الاحتلال، التي تشعر بالهشاشة وعدم الثقة في وجودها، تكون الصدمات الاستخباراتية أكثر تأثيرًا، فإسرائيل لا تتحمل الضربات الكبيرة، والمقاومة استهدفت نقاط ضعفها، مما دفعها إلى إعادة النظر في هيكل الاستخبارات وتوسيع صلاحيات أقسام التقييم لمواجهة التحديات المستقبلية.