جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-05@18:59:38 GMT

هل تعاود الحرب رحاها في اليمن؟!

تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT

هل تعاود الحرب رحاها في اليمن؟!

 

وافي الجرادي **

algradiwafi@gmail.com

 

المُتابِع لأطراف الصراع والحرب في اليمن من حكومة شرعية وجماعة أنصار الله يجد العروض العسكرية والتحشيد للجبهات يُقابله خطاب إعلامي بلغة التهديد والوعيد بالحرب، غير أن عودة العمليات العسكرية من الصعب توقعه، وإن تعثرت المفاوضات بين جماعة أنصار الله (الحوثيين) مع المملكة العربية السعودية.

كما أسلفت لا يمكن توقع عودة الحرب في اليمن وتحديدًا بين جماعة أنصار الله والسعودية، لكون الأيام ثبتت دور القوى الدولية البارز في مسألة الحرب ووقفها، وأن ما جرى في اليمن من صراع وعلى مدى 8 سنوات، لم يكن بمحض إرادة واختيار القوى اليمنية فقط، وإنما للقوى الإقليمية والدولية دورها في عمليات التصعيد والتجميد أيضًا، وهنا يكمن دور القوى اليمنية في العمل ووفق محددات ورغبات راعييها الإقليميين والدوليين، وأنّ وقف الحرب والانخراط في السلام لا يمكن حدوثه بمعزلٍ عن توجهات وإرادات القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في الشأن اليمني، وتحديدًا تلك التي لها أجندات ومصالح خاصة.

العروض العسكرية والتصعيد في الخطاب الإعلامي لأطراف الحرب في اليمن، لا يعكس حقيقة النوايا بالعودة لمسرح القتال والمواجهة، بقدر ما هو تعبير عن حالة فشل أو تعثر في المشهد السياسي، أو لغاية فرض تلبية مطالب ومكاسب. هنا يكمُن المدلول الفعلي لما يحدث بعيدًا عن القول إن الحرب قادمة، أو إن كل ما يجري يصب لغاية استئناف القتال، فليس بمقدور الأطراف في الداخل اليمني فعل شيء دون أوامر من الرعاة والحلفاء، وليس بوسعهم طي صفحة الحرب دونما عودة لما تقتضيه مصالح وأجندات القوى الخارجية المُمَولِة والراعية للصراع.

أتحدثُ عن استحالة العودة للحرب في اليمن إلى ما كانت عليه قبل إعلان الأمم المتحدة في أبريل الماضي للهدنة في اليمن، واستحالتي هذه بناءً على ما يلي:

- ترغب السعودية في وقف الحرب في اليمن والانخراط في تسوية شاملة من شأنها أن تُنهي العمليات العسكرية، وطي مهام ما يُسمى بـ"التحالف العربي" في اليمن، انطلاقًا من رؤى وتوجهات جديدة للقيادة هناك، والتفرُّغ أكثر لإنجاز الرؤية الاستراتيجية (رؤية المملكة 2030)، والتعامل مع الإقليم وربما العالم وفق تحوّلات ومحددات جديدة، وهو ما لمسناه في عودة علاقاتها مع إيران، وتوسيع نطاق علاقاتها مع روسيا والصين.

لهذا فإن السعودية وبحكم قيادتها للتحالف العسكري في اليمن، فإنَّ لرغباتها وتوجهاتها دورًا في وقف الحرب أو إشعالها والأخير لم يعد ضمن حسابات جاره اليمن الشمالي، وباتت اليوم عازمة على الوصول إلى حلول وتسوية شاملة يضع حدًا لحرب تستنزف قدرات الجميع.

- نتيجةً للتقارب السعودي الإيراني، والذي توّج بإعلان استئناف علاقاتهما الدبلوماسية في 10 مارس الماضي وبرعاية صينية، فإن لهذا التقارب صداه فيما يخص اليمن لكون الرياض وطهران الطرفين الأكثر انخراطًا في الصراع في اليمن. وبعودة العلاقات بينهما وبالتفاهم بين الجانبين يتشكل عامل مساهم وقوي في العمل على إيجاد سلام دائم ومستقر في اليمن.. الرياض لم تعد إلى طهران من أجل ترميم خلافاتهما البيّنية، بقدر ما هي عودة لترميم الخلافات في المنطقة والعمل على احتوائها، ولكون طهران أيضًا مستفيدة- كما هو الحال بالنسبة للرياض- من عودة علاقاتها مع الرياض في التغلب على الصعاب والمخاطر المحدِّقة بها، والدفع باقتصادها وشعبها صوب الازدهار والتنمية؛ فهي وبكل تأكيد تدفع جماعة أنصار الله (الحوثيين) لعدم الإقدام على عمل عسكري يمس السعودية ويُهدد أمنها القومي، رغبةً في استمرارية التقارب والاستفادة قدر الإمكان من نتائجه المرجوّة، فقد أعقب عودة علاقاتها بالرياض، تسريع عودة علاقات دول خليجية وعربية معها، وهو ما يُشكّل تحولا مهما وإيجابيا بالنسبة لطهران ولديها اهتمام ورغبات متزايدة في توسيع نطاق علاقاتها بالدول الخليجية والعربية.

لهذا فهي حريصة كل الحرص على استمرارية الهدنة في اليمن، والاستفادة من التصالح مع الرياض وباقي الدول الخليجية.

ونتيجةً للحرب الروسية الأوكرانية والتي نجم عنها أزمة طاقة عالمية وتضرر الدول الغربية منها كثيرا، وتراجع مستويات اقتصاداتها وتزايد غضب الشارع هناك من ارتفاع الوقود وزيادة التضخم، كل هذا ترك أثره في إسهام هذه الدول في استمرار هدنة اليمن، من خلال حثها المتواصل ودعواتها لكل أطراف الحرب للالتزام بالهدنة؛ حيث إن العودة للحرب وللقصف الجوي قد تتسبب في استهداف إمدادات الطاقة في السعودية وهو ما قد يُضاعف من أزمة الطاقة وزيادة الأسعار، وبالتالي مضاعفة خسائرهم.

لهذا تُسخّر كل جهودها لدعم الهدن المُعلنة في اليمن، والحيلولة دون عودة الصراع والتي إن عادت فليس في صالح الإقليم ودول العالم، لما قد تُشكّله من مخاطر على إمدادات الطاقة، وربما على حركة التجارة العالمية في مضيق باب المندب.

** كاتب يمني

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أم روابة .. عودة الروح في مواسم الأفراح ..!!

يرويها : صديق السيد البشير

Siddigelbashir3@gmail.com

(1)
بصبر ويقين ونشاط ملحوظ، كانت الفرق الفنية بولاية النيل الأبيض، تمضي نحو تجهيز الأغذية والأدوية وغيرها، تمهيدا لنقلها إلى مدينة روابة بولاية شمال كردفان، المدينة التي حررتها القوات المسلحة من قبضة قوات الدعم السريع، بعد أن فقد الناس هناك، الأموال الأنفس والثمرات، وبدأوا في هجرات قسرية إلى أماكن آمنة، هربا من أزيز المدافع التي تركت بصمتها قاتمة السواد على أرض المدينة، التي كانت تنتج المحصولات الغذائية النقدية، ولم يتمكن السكان من حصاد الثمار، التي أصبحت أثرا بعد عين.
(2)
مع بزوغ فجر الأحد، الثاني من شهر فبراير عام ألفين وخمسة وعشرين ميلادية، بدأت عشرات السيارات الحكومية والخاصة في تشغيل المحركات، لتنطلق_ضمن قافلة _إلى شمال كردفان (غربي السودان)، ليمم الجميع وجوههم شطر تلك الديار، في رحلة، باطنها الرحمة وظاهرها المحبة، محبة التسامح والتراحم والمودة للأرض، وعلى هذه الأرض ما يستحق الاحتفاء، إحتفاء بعودة الروح في موسم الأفراح، أفراح التحرير لمدينة أم روابة، الغنية بالموارد البشرية والطبيعية، لتعود الحياة إلى طبيعتها في بادية كردفان (الغرة).
(3)
بالهتاف والنشيد، هكذا كانت الجماهير تستقبل القافلة، بزغاريد النساء، ومارشات الجيش وأغنيات الحماسة، المستوحاة من بيئة محلية سودانية خالصة وخالدة في الأسماع والأبصار والعقول، عقول حصيفة ومدركة لضرورات الأمن والسلام والتعايش بمحبة، لوطن ينشد الحرية الريادة والإستقرار في قادم السنوات، لم تتمكن القافلة من الوصول إلى أم روابة في زمن وجيز، بسبب أن الأهل في مدينة تندلتي كانوا في الموعد، ألزموا الوفد على التزود بالنصائح والغذاء، وتسابقوا في إكرام الضيوف العابرين بوجبة في بيت عمدة تندلتي مالك بخاري، ثم تمضي القافلة، لتطوي السيارات المسافات طيا في طريق مرصوف، تآكلت طبقته الأسفلتية، بفعل الحرب في تلك المناطق، من منازل ومتاجر ومزارع، مزارع لم تحصد ثمارها، تناثرت حبيبات السمسم على الأرض بدون حصاد، وكذا الحال بالنسبة لمزارع الكركدي، وغيرها، إنها الحرب التي قضت على الأخضر واليابس.
(4)
بهدف تقديم الدعم والسند للقوات المسلحة، كانت القافلة التي سيرتها ولاية النيل الأبيض، بدعم من الغرفة التجارية والأمانة العامة لديوان الزكاة ومحليات كوستي وربك وقلي والسلام وغيرها من رجال المال والأعمال بولاية الخير والعطاء والإحسان، وتحتوي على أغذية وأدوية ومعينات أخرى، لتحمل رسائل التلاحم والتراحم ونصرة المستضعفين، بما يسهم في التخفيف من وطأة الحرب على الناس هناك، وتضميدا للجراحات، في وطن يسعى إلى الاستشفاء من نكبات القتال، والصراع الدولي على موارده، لينشد السلام والإستقرار في قادم الأيام.
(5)
أنجزت الجماهير الهادرة التي احتشدت في ميدان المولد بمدينة أم روابة، لوحة التلاحم والمؤازرة والفرح النبيل بعودة الروح إلى جسد المدينة المنهك، لمواطن يحتفي بالعودة إلى الديار الراسخة في ذاكرة السودانيين، تاريخا وجغرافيا، الإحتفال بالقافلة في ميدان المولد شمل كلمات موجزة، بأسلوب ما قل ودل، ليطلق اللواء عاصم عبدالله قائد السيطرة بمتحرك الصياد على القافلة (محمل الكرامة)، تشبيها بمحمل القائد العظيم السلطان على دينار، المحمل الذي قدمه لأرض الحرمين الشريفين قبل أكثر من قرن وبضع سنوات، المحفوظ في ذاكرة التاريخ السوداني في بعديه، المحلي والكوني.
(6)
يأتي (محمل الكرامة)، بعد بطاقات الشكر والعرفان والتقدير التي أهداها والي شمال كردفان عبدالخالق عبداللطيف لولاية النيل الأبيض، حكومة وشعبا، مشيرا إلى أن المحمل، يسهم مستقبلا في إسناد القوات المسلحة وتحقيق انتصارات في أسماها (معركة الكرامة) على قوات الدعم السريع، وصولا إلى ولاية ووطن خال من التمرد، تمهيدا للبدء في مشروعات البناء والإعمار، في سودان يسعى للتمتع بموارده، وإحداث نقلة نوعية في قطاعات المختلفة، تصديرا وحصائل، واستشرافا لغد مشرق بأضواء الريادة والتميز.
يأتي ذلك، تحت ظلال بشريات يطلقها والي النيل الأبيض عمر الخليفة، بقرب تحرير شمال الولاية من قوات الدعم السريع، وصولاً إلى ولاية وسودان خال من التمرد والمليشيا على حد قوله.
(7)
في ام روابة كان الناس ينشدون الأمن والأمان والاستقرار، خاصة مع عودة الحياة إلى طبيعتها، مع بدء مشروعات الإعمار لما دمرته الحرب، وكأن لسان حالهم يقول (هذه الأرض لنا)، وعلى هذه الأرض ما يستحق الاحتفاء، إحتفاء بعودة الروح إلى جسد منهك.
*صحافي سوداني  

مقالات مشابهة

  • سياسي أنصار الله: تصريحات ترامب عدوان صريح على الشعب الفلسطيني واستهتار بالأمة
  • تفاصيل إقالة السعودية لأعضاء مجلس القيادة الرئاسي في اليمن
  • أم روابة .. عودة الروح في مواسم الأفراح ..!!
  • تقرير أمريكي يكشف: كيف تُدار الغارات على اليمن من غرفة عمليات في الرياض
  • الحوثي يعلن خيارات “أنصار الله” في حال انهار اتفاق وقف إطلاق في غزة أو لبنان
  • الحوثي يعلن خيارات أنصار الله في حال انهار اتفاق وقف إطلاق في غزة أو لبنان
  • إدارة المجرم ترامب تُعِدّ خططها لليمن: محاكاة للتحالف ضد «داعش»
  • هل يتوافق فرقاء السودان على أسئلة اليوم التالي للحرب؟
  • صنعاء تستعد لكشف تفاصيل أخطر العمليات السرية الأمريكية في اليمن
  • تطورات عسكرية متسارعة في اليمن.. وثلاث محافظات قد تنطلق منها شرارة الحرب