شلالات هادرة بالمال العام
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
تتعرض معظم الأنظمة السياسية من وقت لآخر لعدوى الإصابة بالرمد الصديدي. فتصيب البقة وتخطئ البعير، وترى الأرنب ولا ترى الفيل. وتعمل احيانا بتحريض من بعض الجهات المغرضة، فتسدد بنادقها نحو المواقع المستهدفة، أو التي تريد استهدافها بتهمة الهدر بالمال العام، لكنها لا ترى الشلالات الهادرة بأموالنا، ومنها على سبيل المثال الشلال الذي تمخض عن قرار مجلس الوزراء (في زمن الكاظمي) باعفاء المنتجات الأردنية (الصناعية والزراعية) من الرسوم الجمركية والرسوم الضريبية، ففتح هذا الشلال بوابات معبر طريبيل لتتدفق منه المنتجات الأردنية إلى الأسواق العراقية، في انتهاك صارخ لقانون حماية المنتج الوطني.
لقد تغاضت الدولة تماماً عن هذ الشلال. لكنها ظلت تطالب محافظة البصرة بدفع بدلات الأيجار إلى وزارة النقل مقابل بقاءها في بناية تعود لتلك الوزارة، وظلت تطالب بسحب المال من رصيد تلك المحافظة العراقية وإيداعه في حساب الوزارة العراقية، أي من العراق إلى العراق. وهذا يعني نقل المال العراقي من الجيب الأيمن ووضعه في الجيب العراقي الأيسر في الجاكيت نفسه، وفي البدلة الحكومية. .
اللافت للنظر ان الدولة نفسها ليست لديها رؤية مستقبلية ثاقبة حول حجم الهدر الهائل بالمال العام بعد استكمال اجراءات ترحيل نفط البصرة إلى ميناء العقبة، ومنه إلى ميناء (عين السخنة) في مصر. .
وسوف تتحمل الدولة تكاليف إنشاء الانابيب والمصافي، وانشاء وتشغيل محطات تصعيد الضخ التي سوف تشفط آخر قطرة من نفطنا لكي تمتلئ بها صهاريج الجارة المدللة التي ما انفكت تتحين الفرص للتآمر علينا. .
الطامة الكبرى ان جماهير البصرة خرجوا في مظاهرات عارمة لمطالبة إدارتهم المحلية بتسديد بدلات الإيجار إلى خزينة العراق. لكنهم لم يتظاهروا ضد مشاريع ترحيل نفطهم نحو البلدان البعيدة، ولم يعترضوا على المشاريع الكويتية والسعودية التي تعمدت سحب النفط من خطوط التماس الحدودية على امتداد الخط الواصل بين صفوان وجبل سنام، والى خرانج، وخضر الماي، والرچي، وخريزات، فهذا في نظرهم لا يعد هدرا في ثروات العراق ولا يمس سيادتنا، ولم يعترضوا على حرماننا من التنقيب على النفط في سواحلنا ومياهنا الاقليمية. ولا يريدون إرهاق انفسهم في معالجة النزف الحاد في أوردة وشرايين المال العام. .
ولله في خلقه شؤون. . . د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
السوق العراقية.. متنفس البضائع الإيرانية الذي تتجاذبه المصالح بين النفوذ والتحديات الدولية- عاجل
بغداد اليوم – بغداد
في ظل أزماتها الاقتصادية الخانقة، تبحث إيران عن أسواق خارجية تمثل متنفسا لبضائعها وشركاتها، ويبرز العراق كوجهة رئيسة بحكم اعتماده الكبير على الاستيراد.
وفي السياق، أكد أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي في حديث لـ"بغداد اليوم"، الأربعاء (5 آذار 2025)، أن "العراق يشكل سوقا واعدا للبضائع والشركات الإيرانية، لا سيما في قطاعات الطاقة، والتجارة، والبنية التحتية، والصناعات الغذائية، حيث تمتلك إيران حضورا قويا بالفعل".
ومع ذلك، يرى السعدي أن "البيئة العراقية ليست مثالية تماما للاستثمارات الخارجية، خاصة الإيرانية، نظرا لجملة من التحديات الداخلية، أبرزها الفساد، وسوء الإدارة، والمنافسة المتزايدة من الشركات التركية والصينية التي تسعى لتوسيع نفوذها في السوق العراقية".
وعلى الصعيد السياسي، أوضح السعدي أن "التوجهات الحكومية العراقية تسعى إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية، مما قد يحد من قدرة الشركات الإيرانية على فرض هيمنتها على بعض القطاعات الحيوية".
أما فيما يخص موقف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، فيؤكد السعدي أنه "يواجه ضغوطا إيرانية متزايدة لتسهيل دخول الشركات الإيرانية إلى السوق العراقية، خاصة مع تقلص نفوذ طهران في سوريا ولبنان.
وفي المقابل، يتعرض السوداني لضغوط داخلية ودولية، خاصة من الولايات المتحدة ودول الخليج، التي تسعى للحد من الهيمنة الاقتصادية الإيرانية في العراق".
ويختم السعدي حديثه بالتأكيد على أن "قدرة السوداني على الموازنة بين المصالح الاقتصادية للعراق والضغوط السياسية الإقليمية والدولية، ستكون العامل الحاسم في تحديد ملامح العلاقة الاقتصادية بين بغداد وطهران خلال الفترة المقبلة".
الخلفية الاقتصادية والسياسية
ولطالما كانت العلاقة الاقتصادية بين العراق وإيران محكومة بعوامل متعددة، تتراوح بين الجغرافيا، والتاريخ، والسياسة. فبعد عام 2003، عززت إيران وجودها الاقتصادي في العراق، مستفيدة من الفراغ الذي خلفه الحصار والعقوبات الدولية التي فُرضت على العراق سابقا، إلى جانب العلاقات الوثيقة مع بعض القوى السياسية العراقية.
دوافع التوسع
تعاني إيران من أزمات اقتصادية خانقة، أبرزها التضخم المرتفع، وانخفاض قيمة العملة، والعقوبات الأمريكية والدولية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي وسياساتها الإقليمية.
هذا الوضع جعلها تبحث عن أسواق خارجية تساعدها على تصريف بضائعها وضمان تدفق العملات الصعبة، والعراق يعد من أهم هذه الأسواق نظرا لاعتماده الكبير على الاستيراد في مختلف القطاعات، بدءا من السلع الاستهلاكية وصولا إلى مشاريع الطاقة والبنية التحتية.