“تحليل استراتيجي لمفاوضات القاهرة الضغوط الدولية وتكتيكات الجيش السوداني”
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
القرار الذي اتخذه الجيش السوداني بإرسال وفد إلى القاهرة للتشاور مع المبعوث الأميركي توم بيرييلو يأتي في سياق شديد التعقيد ويعكس عدة نقاط مهمة في الديناميات السياسية والعسكرية الحالية في السودان. دعونا نحلل هذا القرار من عدة زوايا
الضغوط الدولية والاستجابة لها
من الواضح أن هناك ضغوطًا دولية قوية على الجيش السوداني للمشاركة في الحوار والمفاوضات من أجل إنهاء النزاع المسلح في السودان.
قرار الجيش بالذهاب إلى القاهرة بعد رفضه المشاركة في مفاوضات جنيف يشير إلى نوع من الخضوع لهذه الضغوط، وإن كان بطريقة تحفظ ماء الوجه، حيث يختار الجيش القاهرة كمنبر بديل للتشاور مع الولايات المتحدة.
تجنب العزلة الدولية
يدرك الجيش السوداني أن عدم المشاركة في المفاوضات سيؤدي إلى مزيد من العزلة الدولية وربما فرض عقوبات صارمة، وهو ما قد يضعف موقف الجيش أكثر. لذلك، فإن الذهاب إلى القاهرة يمكن اعتباره محاولة لتجنب هذه العزلة، مع الحفاظ على بعض السيطرة على شروط المفاوضات.
المخاوف من الدعم الشعبي لقوات الدعم السريع:
من القضايا المحورية التي تؤرق الجيش هو الدعم الشعبي الذي قد تحظى به قوات الدعم السريع، رغم الانتهاكات التي ارتكبتها. المشاركة في المفاوضات من خلال منبر مختلف قد يكون وسيلة لمحاولة تقليل تأثير هذا الدعم والتفاوض على شروط أكثر ملائمة للجيش.
التكتيك العسكري والسياسي
رفض الجيش الجلوس مع قوات الدعم السريع في جنيف دون تنفيذ مخرجات اتفاق جدة يعكس رغبة الجيش في فرض شروطه قبل الدخول في مفاوضات شاملة. هذا التكتيك يظهر أن الجيش يحاول الحفاظ على موقفه التفاوضي القوي، مع السعي إلى كسب الوقت لتعزيز موقفه على الأرض.
القاهرة تعتبر حليفًا استراتيجيًا للجيش السوداني، وقد تكون المحادثات في القاهرة بمثابة تحرك تكتيكي لتعزيز الدعم المصري لمواقف الجيش، وهو ما قد ينعكس إيجابًا في مفاوضات جنيف المستقبلية.
رؤية دولية وإقليمية مشتركة
يبدو أن هناك تقاربًا في الرؤية بين الولايات المتحدة ومصر فيما يتعلق بالحل في السودان، مما قد يعزز من فرص الوصول إلى اتفاق يحظى بدعم إقليمي ودولي واسع. هذا التقارب قد يفسر أيضًا اختيار القاهرة كموقع لهذه المشاورات.
تحليل لمفاوضات القاهرة
المفاوضات المرتقبة في القاهرة قد تركز على تنفيذ مخرجات اتفاق جدة، بما في ذلك وقف إطلاق النار، وتسهيل المساعدات الإنسانية، وتحديد الدور السياسي لقوات الدعم السريع.
من المحتمل أن تستغل الحكومة السودانية هذه المفاوضات لمحاولة بناء توافق دولي حول موقفها، وفي الوقت نفسه تعمل على تقليل الضغوط من الداخل والخارج.
الدور المصري سيكون حاسمًا في هذه المفاوضات، حيث ستحاول القاهرة توجيه النقاشات بطريقة تدعم استقرار السودان بشكل يتماشى مع مصالحها الإقليمية.
القرار بالذهاب إلى القاهرة يعكس تكيف الجيش السوداني مع الضغوط الدولية والخوف من العزلة، ولكنه أيضًا جزء من استراتيجية معقدة لتحسين موقفه التفاوضي وكسب الوقت. المفاوضات في القاهرة ستشكل خطوة مهمة في تحديد مسار الأزمة السودانية، وستكون اختبارًا لقدرة الجيش على الحفاظ على مواقفه وسط الضغوط الدولية والإقليمية المتزايدة.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الجیش السودانی الضغوط الدولیة الدعم السریع إلى القاهرة
إقرأ أيضاً:
طيران الجيش السوداني يقصف «بارا» وسط مخاوف على المدنيين
طيران الجيش السوداني استهدف حيا سكنياً ومنشأة صحية- وفق ما أفادت مصادر محلية، فيما تعذر الحصول على معلومات دقيقة.
بارا: التغيير
شن طيران الجيش السوداني صباح اليوم الاثنين غارات جوية على مدينة بارا بولاية شمال كردفان- غربي وسط البلاد- والخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع.
وتأتي هذه التطورات الميدانية ضمن تحركات عسكرية أوسع حيث يواصل الجيش تقدمه من مدينة الأبيض باتجاه مناطق تقع تحت سيطرة الدعم السريع في ولايتي شمال وجنوب كردفان.
وقال مصدر لـ«التغيير» إن غارات طيران الجيش السوداني، استهدفت منشأة صحية هي مبنى إدارة التأمين الصحي وحي الوادي السكني، وسط مخاوف من سقوط ضحايا في صفوف المدنيين في ظل تعذر الحصول على معلومات دقيقة نتيجة انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت في المنطقة.
وتكرر مؤخراً سقوط الضحايا المدنيين جراء قصف طيران الجيش على مناطق سكنية وأعيان مدنية في مواقع تشهد معارك بينه وبين قوات الدعم السريع في سياق الحرب المندلعة منذ 15 ابريل 2023م.
وفي الأثناء، ذكرت تقارير إعلامية لمواقع محلية معروفة بمساندتها للجيش السوداني، أن القصف الجوي استهدف مواقع تمركز لقوات الدعم السريع وأسفر عن خسائر بشرية ومادية كبيرة في صفوفها.
وذكرت أن الجيش دمّر حوالي 20 عربة قتالية ومدرعة بجانب مخزن كبير للأسلحة والذخائر والدعم اللوجستي، علاوة على مقتل ما لا يقل عن 40 عنصراً كانوا داخل المعسكر المستهدف.
بينما نقلت مواقع عن مصادر بالدعم السريع تأكيدها أن قيادة القطاع في بارا شكلت لجنة تحقيق برئاسة مقدم وعضوية ثمانية ضباط للوقوف على أسباب الخسائر الفادحة وتقصير القيادات الميدانية.
يذكر أن قوات الدعم السريع تسيطر منذ فترة على عدة مواقع استراتيجية في المدينة من بينها الكيلو زيرو ومبنى التأمين الصحي والسوق والطريق الرابط بين بارا ومدينة الأبيض وكذلك الطريق المؤدي إلى أم دم حاج أحمد وأم درمان.
وتقع مدينة بارا في شمال كردفان على بعد نحو «317» كيلومترا من العاصمة الخرطوم و«40» كيلومترا من مدينة الأبيض، وتعد المدينة محطة مهمة في وسط المسافة الصحراوية التي تربط الخرطوم بولايات كردفان وتتميز بمواردها الطبيعية المتنوعة.
الوسومالأبيض الجيش الدعم السريع السودان الطيران الحربي بارا شمال كردفان