بين الحراك الدبلوماسي وفيديو حزب الله.. كيف يُقرَأ تصاعد العمليات جنوبًا؟!
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
مجدّدًا، يطفو ما يصحّ وصفه بـ"السباق" بين الدبلوماسية والحرب على السطح، على خط تطورات الميدان المشتعل منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، والذي يشهد منذ أيام تصاعدًا ملحوظًا سواء في وتيرة العمليات العسكرية، التي بلغت "ذروة جديدة" إن جاز التعبير خلال عطلة نهاية الأسبوع، أو على مستوى الحراك السياسي، مع استقبال بيروت لثلاثة موفدين دوليين في ثلاثة أيام فقط، تقاطعت زياراتهم على عنوان موحّد، وهو خفض التصعيد.
وبين العمليات العسكرية المتصاعدة والحراك السياسي أو الدبلوماسي "النَّشِط"، يُسجَّل أيضًا تصاعد في الأبعاد "النفسية" للحرب، إن صحّ التعبير، على وقع حبس الأنفاس المستمرّ بانتظار ردّ "حزب الله" على ضربة الضاحية الجنوبية واغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، والذي يؤكد أنّه آتٍ حتمًا، بمعزل عن نتائج المفاوضات القائمة حول وقف إطلاق النار في غزة، والتلويح الإسرائيلي في المقابل بإمكان الذهاب إلى "ضربة استباقية" في حال طال الانتظار.
وعلى خطّ هذه الحرب النفسية أيضًا وأيضًا، يندرج فيديو "عماد 4" الذي كشف عنه "حزب الله" عبر إعلامه الحربي يوم الجمعة الماضي، تحت عنوان "جبالنا خزائننا"، وتضمّن عرضًا لمنشأة عسكرية تحتوي على عدد من الراجمات الصاروخية والتجهيزات العسكرية، في أنفاق تحت الأرض، فكيف تُقرَأ الرسائل الكامنة خلف هذا الفيديو، وهل تتكامل أو تتناقض مع جهود خفض التصعيد القائمة، وأيّ خلفيات لتصاعد وتيرة العمليات وسط كلّ ذلك؟!
قصف ومجازر.. ودبلوماسية
لعلّ التناقض الحقيقي والفعليّ، بحسب ما يقول العارفون، يتمثّل في المقارنة "النسبية" بين وتيرة العمليات التي شهدتها عطلة نهاية الأسبوع جنوبًا، خصوصًا على مستوى القصف والمجازر، وارتفاع عدد المناطق التي يستهدفها الطيران الحربي الإسرائيلي، ما يسفر عن سقوط شهداء وجرحى بينهم مدنيون وأطفال، وبين الجهود الدبلوماسية التي يبذلها المجتمع الدولي، ويحاول بموجبها الضغط على لبنان تحديدًا، من أجل الوصول إلى خفض التصعيد.
فعلى مدى ثلاثة أيام متتالية، حطّ ثلاثة موفدين في لبنان، أولهم كان المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، الذي أصبح متخصّصًا بالشأن اللبناني، محمّلاً برسائل امتزجت بين التهدئة والتحذير، وهو ما أكمله وزيرا الخارجية الفرنسي والمصري في اليومين التاليين، لتتقاطع الزيارات الثلاث على هدف خفض التصعيد، استنادًا إلى أنّ المطلوب من اللبنانيين مواكبة جو المفاوضات القائم في المنطقة، لا التشويش عليه، خصوصًا أنّ "لا وقت لإضاعته"، وفق قول هوكشتاين.
وإذا كان الموفدون الثلاثة حملوا بين طيّات رسائلهم، وفق العارفين، رسالة مبطنة جوهرها محاولة الضغط على "حزب الله" لتجميد ردّه الموعود على إسرائيل، بانتظار نضوج صورة المفاوضات، فإنّ المفارقة وفق العارفين أنّ إسرائيل هي التي ترفع مستوى التصعيد والاستفزاز، وقد أقدمت في اليومين الماضيين على شنّ سلسلة من الغارات، فضلاً عن المجزرة التي ارتكبتها في وادي الكفور، وأدّت لاستشهاد 10 أشخاص، والتي تُعَدّ "الأعنف" منذ بدء الاشتباكات.
فيديو "حزب الله"
في مقابل هذا التناقض بين النشاط الدبلوماسي الدولي والأداء العسكري الإسرائيلي، يتوقف العارفون عند الفيديو الذي نشره "حزب الله"، تحت عنوان "جبالنا خزائننا"، والذي بدا صادمًا لكثيرين، ليس فقط لما حمله من معطيات حول "مدينة مجهّزة تحت الأرض"، ولا حول ما يمتلكه الحزب من ترسانة صاروخية، ولكن قبل ذلك، نسبة إلى حجمها، وسهولة تنقّل راجمات الصواريخ، فضلاً عن عناصر الحزب بدرّاجاتهم النارية داخل الأنفاق.
هنا، يقول العارفون إنّ هذا الفيديو يندرج في خانة الحرب النفسية القائمة مع العدو الإسرائيلي، فـ"حزب الله" أراد من خلاله التأكيد مرّة أخرى على القدرات التي يمتلكها، والإمكانيات التي راكمها، والتي قد لا تخطر على بال العدو، علمًا أنّ المدافعين عن وجهة نظر الحزب يؤكدون أنّ ما عرضه الحزب ليس سوى "غيض من فيض" ما أصبح لديك من ترسانة صاروخية، وهو ما يدره الإسرائيليّ جيّدًا، الذي يعرف أنّ الحزب لن يكشف له كلّ أوراقه بسهولة.
بهذا المعنى، فإنّ البعد الأهم لفيديو "حزب الله" يتمثّل في تكتيك "الردع" الذي يبدو أنه لا يزال متمسّكًا به، بما يتناغم مع جهود خفض التصعيد ولا يتناقض معها بالمُطلَق، ففيديو "جبالنا خزائننا" لا يتوخّى الذهاب إلى الحرب، بل على العكس من ذلك، قد يهدف إلى قطع الطريق أمام توسعتها، وهو يأتي بالدرجة الأولى لمنع "الضربة الاستباقية" التي يلوّح بها الإسرائيلي، وكأنّ الحزب يترجم "جهوزيته" التي يتحدّث عنها دومًا، بفيديو يثبت أنّه يقصد ما يقوله.
باختصار، هو السباق بين الدبلوماسية والحرب، في مرحلة قد تكون الأشدّ تعقيدًا منذ فتح جبهة الإسناد اللبنانية في الثامن من تشرين الأول الماضية، فالدبلوماسية وصلت إلى الذروة، على وقع مفاوضات حول غزة توصَف بـ"البنّاءة" رغم كلّ الشكوك، والعسكرة أيضًا وصلت إلى الذروة، مع ترقّب ردّ "حزب الله" على ضربة الضاحية، وفي ضوء اشتداد "الجنون الإسرائيلي" الذي وصل لحدّ استهداف قرى ومناطق لطالما صُنّفت "آمنة"، فمن ينتصر أخيرًا؟ المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: خفض التصعید حزب الله
إقرأ أيضاً:
أورتاغوس احرجت عون واربكت سلام
كتب رضوان عقيل في" النهار": حرفيا، ومن دون الحاجة إلى أي قفازات ديبلوماسية، عبّرت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس عن فرحتها بـ"انتصار إسرائيل على حزب الله"، مع إصرارها على ألا يكون الحزب جزءا من الحكومة، في إشارة موجهة إلى الرئيس المكلف نواف سلام أولا قبل أن تكون إلى الحزب نفسه.
كان في الإمكان الإفراج عن مراسيم تأليف حكومة سلام الخميس، إلا أن عقدة الوزير الشيعي الخامس أطاحت كل توليفته. وثمة من يعتقد أنه لو قبل بري بالخبيرة المالية لميا مبيض، لربما كان الرئيس المكلف سيطرح استبدال الوزير السابق ياسين جابر باسم آخر في ضوء "التضييق الأميركي" على الحزب، من بوابة الحكومة هذه المرة.
وقد طارت فرصة التأليف قبل مجيء أورتاغوس. والحال أنها ظهرت في مكان ما كأنها تقول لرئيس الجمهورية "عليك أن تتصرف"، باعتبار أنه أصبح المسؤول الأول في الدولة ولم يعد في قيادة الجيش.
وبعد تشديد أورتاغوس على عدم تمثيل الحزب في الحكومة وتحميله مسؤولية الحرب الأخيرة وشكرها إسرائيل على الدور الذي أدته، أصبح اختيار اسمين شيعيين أكثر صعوبة لتمثيل "حزب الله"، بعدما تم الاتفاق على طبيبين من أسرة الجامعة الأميركية.
وتتجه الأنظار السبت إلى ما ستسمعه من الرئيس نبيه بري، بعدما وجهت رسالتها المبكرة إلى عين التينة. وسيثبت لها رئيس المجلس أن الحكومة غير ممثلة بحزبيين من "حزب الله" وأن "الثنائي" لن يكون حجر عثرة أمام التشكيلة وفق ما اتفق عليه وسلام.
وسيأخذ موضوع الجنوب مساحة كبيرة من اللقاء بين بري وأورتاغوس، مع تشديد الأول على تثبيت وقف النار في الجنوب في 18 من الجاري وانسحاب إسرائيل من البلدات التي لا تزال محتلة.
وتتوقف جهات لبنانية عند "الفجاجة" التي تحدثت بها أورتاغوس عن سعي إدارتها إلى حرمان "حزب الله" حق تمثيل كتلته النيابية في الحكومة، في تجربة لم تعرفها منذ دخولها الندوة البرلمانية عام 1992 إلى اليوم.
وبالنسبة إلى الحزب، المعني الأول بكلام إدارة البيت الأبيض في واشنطن، والذي جاء على لسان أورتاغوس، فهو كان يتوقع هذا النوع من الرسائل التي تقول لجمهوره أيضا إن ملف إعمار البلدات المدمرة لن يمر إلا من البوابة الأميركية.