فرية ديمقراطية الجنجويد التي تحولت إلي تغيير ديمغرافي كامل الدسم
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
boshsalah@gmail.com
صلاح بوش
١٨/٠٨/٢٠٢٤
ظلت مليشيات الجنجويد منذ نشأتها الأولي التي تزامنت مع ميلاد دولة ست وخمسين تلعب دور الكلب الوفي لتلبية رغبات النخب الحاكمة، فاحبهم نظام الابارتايد المسيطر علي مفاصل الدولة فاستوعب عدد كبير من أبناء حواضنهم أفراد في شعبة الاستخبارات العسكرية، فكانوا اعينهم الساهرة التي تتجسس علي ابناء الهامش واياديهم الباطشة في إخماد كل الحركات التحررية المتطلعة إلي الحرية والديمقراطية والانعتاق من قبضة النخب المركزية الفاسدة،عندما ثار الجنوبيون ضد المركز الظالم تم إستخدامهم في عهد الرئيس الراحل نميري بمسمي قوات "المراحيل" التي إرتكبت ابشع المجاز البشرية بحق الإنسانية ضد مواطني جنوب السودان ذات الأصول الأفريقية، فإستباحوا القري والمدن وقتلوا النساء والأطفال والشيوخ وإسترقوا الشباب وسبوا الفتيات ونهبوا المواشي والمنازل والمتاجر،فاستمروا بهذا النهج الشنيع طيلة فترة حكم الراحل جعفر نميري، وكذلك في عهد الصادق المهدي الدنقلاوي المهوس بوهم العروبة الزائفة قام بتوسعة دائرة الانتهاكات لتشمل مناطق واسعة في دارفور، فتفاقم الأوضاع الإنسانية المأساوية بالاستهداف الممنهج من قبل الدولة ومليشاتها الجنجويدية ضد السكان الأصليين(indigenous People) من ذوي الأصول الأفريقية، فتبني الصادق المهدي مشروع التجمع العربي العنصري، والذي بموجبه تم تشجيع عرب شتات أفريقيا بالهجرة الي دارفور والاستيطان في حواكير السكان الأصليين بقوة السلاح الذي وفرتة لهم حكومة المركز,فخرج من رحم التجمع العربي البغيض كل الكوارث التي ساهمت في تمزيق النسيج الاجتماعي وإراقة دماء الشعب السوداني، في ٢٨ مارس ١٩٨٧ إرتكب الرزيقات في حاضرتهم مدينة الضعين ابشع مجزرة بشرية في تاريخ السودان الحديث المعاصر، هاجمت قوات التجمع العربي- فرسان العرب-الجنجويد، حي البروش التي يقطنها الجنوبيين بقوة قوامها ٤ ألف جنجويدي مدججين بالأسلحة النارية، فاحرقوا الحي بأكملها وقامو بقتل الفارين من لهيب النار المشتعل في منازلهم، اما الناجين من محرفة حي البروش الذين انتشروا داخل أحياء الضعين فارين بجلودهم، هؤلاء لم يسلموا من هجمات المواطنين من أبناء الرزيقات الذين إنهالوا عليهم بالسيوف والسكاكين والعصي والحِراب،تم ذبحهم ورجمهم في شوارع الضعين بوحشيةٍ وعنفٍ مفرط وقُطعت رؤوسهم واياديهم وارجلهم ونكلوا بهم شر التنكيل .
اما القليلون الذين تمكنوا من والوصول الي مركز شرطة سكة حديد مدينة الضعين، قامت السلطات العاجزة عن حمايتهم بتجهيز قطار لإجلائهم إلي مدينة نيالا، فتم حشر أربعة آلاف من الجنوبيين داخل صندليات قطار الموت والمؤامرة الكبري التي جهزتها لهم السلطات المتواطئة مع مليشيات فرسان التجمع العربي- جنجويد الرزيقات، بعد أن تم إغلاق الأبواب بصورة مُحكّمة إنسحب رجال الشرطة والجيش من محطة القطار، فهاجم جنجويد الرزيقات القطار واضرموا فيها النيران واحرقوا جميع من فيها البالغ عددهم أربعة ألف مواطن جنوبي، فإمتلأت محطة القطار وحي البروش بالحثث المتفحمة،وتناثرت الدماء والاشلاء البشرية في جميع ازقة وشوارع مدينة الضعين الظلامية-الظالمة أهلها، حيث بلغ عدد القتلي الذين تم إبادتهم في مدينة الضعين أكثر ١٥،٠٠٠ مواطن جنوبي.
في ٣١ مايو ١٩٨٧ اجري إذاعة البي بي سي العربية لقاء مع رئيس الوزراء السوداني الصادق المهدي بخصوص مجزرة الضعين، فدافع الصادق المهدي عن المجرة وبررها علي انها كانت للانتقام المستحق ضد المتمرد جون قرنق!.
في بداية عهد حكومة الإنقاذ المشؤمة أصبحت العنصرية البغيضة سياسة تمارسها وترعاها الدولة فصارت إذاعة امدرمان والتلفزيون القومي تلعبان دور الحكامات في تعبئة شعوب الشمال السوداني دينياً وعرقياً ضد الجنوبيين،فاعلنوا الجهاد،وكونوا كتائب المجاهدين المتمثلة في الدفاع الشعبي والخدمة الوطنية وكرسوا كل إمكانيات الدولة لمحاربة الجنوبيين إلي أن جأت المفاصلة الكبري بين الإسلاميين في العام ١٩٩٩ ، وفي مايو ٢٠٠٠ تم إصدار الكتاب الأسود الذي وضح بالتفصيل نمط السيطرة السياسية غير المتكافئة لسكان شمال السودان وتهميش باقي أنحاء البلاد، بعد صدور هذا الكتاب بأقل من عامين تفجرت ثورات الهامش التحررية في دارفور وتمثلت في حركة تحرير السودان ذات التوجه الاعلماني بقيادة عبدالواحد نور وحركة العدل والمساواة ذات التوجه الإسلامي بقيادة الراحل الدكتور خليل ابراهيم، بعد الهجوم الناجح لحركات الكفاح المسلحة لمدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور وتمكنهم من تدمير كل الطيران الحربي بمطار الفاشر وأسر قائد العمليات الجوية بالفاشر اللواء ابراهيم البشري،قامت القبائل العربية التي إعتادت الرضاعة من ثدي نظام الابارتايد بقيادة المجرم الشيخ موسي هلال باستنفار مليشيات جنجويد أبناء القبائل العربية ليجسدوا دور عبيد المنازل في ابشع صورها، فاستوعبهم حكومة الإنقاذ العنصرية في قوات حرس الحدود التي تحورت الي مليشيات الدعم السريع الكارثة بقيادة محمد حمدان دقلو (حمتي)نفذ الثنائي أكبر المجازر البشرية البشعة التي صنفتها المنظمات الحقوقية العالمية بجرائم ترتقي إلي الابادة الجماعية والتطهير العرقي، كانت حكومة المركز تقصف القري الآمنة ببراميل الانتنوف الحارقة والمدفعية الثقيلة لتمهد لمليشيات الجنجويد إجتياح القري وإستباحتها بقتل النساء والأطفال وإغتصاب الفتيات ونهب جميع ممتلكات أهالي القري المنكوبة، لم تقف حكومة الإنقاذ العنصرية الفاسدة المتغطرسة في هذا الحد فحسب، بل سعت لإرسال وفود من لجنتها الأمنية واستخباراتها المركزية لدول الجوار الافريقي تشاد، النيجر، الكمرون وأفريقيا الوسطي لجلب عرب الشتات والشروع في تنفيذ سياسة التغيير الديمغرافي،علي غرار حرق القري وإبادة سكانها الأصليين وتوطين المستوطنين الجدد من عرب الشتات في حواكير الضحايا ، ظل الحال هكذا ذهاء ثلاثة عقود،لم يتعاطف معهم أحد من مكونات المركز إلا القليلون من أبناء وبنات السودان الشرفاء ، كانت العنصرية تمارس من اعلي سلطة في الدولة ضد النساء المغتصبات في دارفور، ولن ننسي مقولة الرئيس المخلوع عمر البشير حينما قال :في احدي جلساتة الخاصة "لو واحدن جعلي ركبلو واحدة غرابية دي شرف ولا إغتصاب "
الآن بعد أن وقع الفأس في رأس الجنجويد بفعلتهم التي افقدتهم ثقة اسيادهم في نظام حكم الابارتايد الذي اعلن الحرب ضدهم ،رفعوا شعارات صفراء وقالو ان حربهم من أجل التغيير الديمقراطي وتبنوا منفستوا الحركات التحررية التي ناضلت أكثر من ثلاثة عقود copy paste لتمرير اجندتهم الخبيثة ولكن سرعان ما تبين للناس بأن حربهم من أجل تغيبر ديمغرافي كاملة الدسم، مهما تجمل قائد مليشيات جنجويد الدعم السريع باقلام مناصريه الخونه سيظل في نظر الشعب السوداني قاتل ومجرم ومغتصب رفعت الاقلام وجفت الصحف
صلاح بوش
المملكة المتحدة بيرمنغهام
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الصادق المهدی التجمع العربی مدینة الضعین
إقرأ أيضاً:
تخيل! هناك من يصور انتصار المليشيا في الفاشر كأنه خلاص لباقي السودان
مني أركو مناوي: سعي مليشيا الدعم السريع للاستيلاء على دارفور هو سعي تكتيكي لا يهدف إلى فصلها وإنما إلى استخدامها كقاعدة لتكوين حكومة موازية والحصول على اعتراف خارجي ثم الحشد عبر الحدود المفتوحة مع خمسة دول مجاورة لإقليم دارفور والانطلاق لإجتياح باقي السودان بدءا من الولاية الشمالية ثم النيل الأبيض وحصار الخرطوم والاستيلاء على كامل الدولة. وهذا المخطط ما يزال قائم.
تخيل! ومع ذلك هناك من يصور انتصار المليشيا في الفاشر كأنه خلاص لباقي السودان بانفصال دارفور. أقصد حمقى النهر والبحر هنا. هم بحسب هذا التصور الذي تكلم عنه مناوي يخدمون خطوة تكتيكية للدعم السريع ليس لتمزيق السودان الأمر الذي يرحب به الكثير من الحمقى هذه الأيام، وإنما للانطلاق من دارفور لإسقاط كامل الدولة السودانية بدعم خارجي مفتوح. وما سيناريو إدلب بشمال سوريا والجولاني ببعيد.
ما الذي حدث في إدلب؟ حكومة للمعارضة استقرت لفترة طويلة ما أتاح لها التخطيط لهجوم شامل وبدعم خارجي استطاعت الانقضاض والسيطرة على العاصمة دمشق.
لو أتيح للمليشيا تكوين حكومة في جزء من السودان باعتراف ودعم خارجي لماذا تكتفي بهذا الجزء ولا تفكر في اجتياح باقي السودان بعد إعداد العدة. فهدف الحرب من البداية هو السودان كدولة، وهي ليست حرب عرب دارفور وإن جرى توظيفهم فيها.
حليم عباس
إنضم لقناة النيلين على واتساب