رغم الاهتمام الدائم بملف الثانوية العامة، إلا أن تصدر المشهد العام هذا الأسبوع، بعدما أعلن وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، محمد عبد اللطيف، ملامح الهيكلة الجديدة لنظام الثانوية العامة، عبر تخفيض المواد، ودمج بعضها، وأن جعل اللغة الأجنبية الثانية والجيولوجيا وعلم النفس مواد خارج المجموع، مع خطط أخرى للوزارة لعلاج مشكلات الكثافة الطلابية، العجز فى المعلمين، وجعل أعمال السنة لطلاب النقل 40%.

تعدد نظرة الطلاب، أولياء الأمور، والمعلمين لقرارات وزارة التربية والتعليم، بحكم المربع الذي تقف فيه كل فئة، ومن ثم تباين وجهات النظر للقرارات، وهل هي فى الصالح العام، أم أنها من زاوية أخرى «غير مدروسة، وضربة قاضية لبعض المواد، والعناصر التى تقوم بتدريسها» بحسب معلمي اللغة الثانية، الجيولوجيا، علم النفس والاجتماع.

من بين التساؤلات: هل المواد التى تم دمجها وغير المضافة للمجموع ستخفف من الأعباء الملقاة على الأسر المصرية؟ هل يؤثر تهميش بعض المواد كعلم النفس تربويًا على المجتمع؟ هل ستقضى على الدروس الخصوصية؟ هل النظام الجديد يؤثر على نتيجة التنسيق بالكليات الأدبية؟

يرى أستاذ العلوم والتربية جامعة عين شمس، د.محمد عبد العزيز، أن «القرارات الجديدة للثانوية العامة لا تخدم تطوير التعليم، لكنها تعالج مشكلة نقص عدد المعلمين، وكثافة الفصول الدراسية، وتحد من الدروس الخصوصية، فضلاً عن أنها محاولة لإعادة الطلاب للمدارس، ومع ذلك لم تتضح فاعليتها سواء فى حل المشكلات المتراكمة في التعليم». ويقول أستاذ علم الاجتماع التربوى بجامعة القاهرة، د.عاصم حجازى: «هدف وزارة التربية والتعليم من دمج مواد وإخراج مواد أخرى من قائمة المواد المضافة للمجموع تقليل عدد الساعات والحصص وبالتالي مواجهة العجز في أعداد المعلمين أو التخفيف على الطلاب وأولياء الأمور».

يشير «حجازي» إلى أنه «بعض الإجراءات التى تمت غير مقبولة، تربويًا، قبل التأكد من شروط عدة، أهمها ألا يكون الحذف أو الدمج عشوائيًا، بل يخدم الأهداف التعليمية للمرحلة، وألا تنفرد وزارة التربية والتعليم بتنفيذ مقترحات الدمج أو الحذف، وإنما يجب أن يتم ذلك بمشاركة من أساتذة الجامعات في التخصصات المختلفة، وألا يخل الدمج بنواتج التعلم المطلوب تحقيقها ولا المستويات المعرفية المطلوب الوصول إليها».

ويوضح «حجازي» إلى أن «تطوير مناهج مرحلة مهمة كمرحلة الثانوية العامة يحتاج لوقت أطول ومشاركة واسعة من الخبراء حتى لا تكون عواقبه خطيرة على الطلاب والنظام التعليمي. دمج بعض المواد، وإخراج بعضها من قائمة المواد المضافة للمجموع لن يسهم في القضاء نهائيًا على الدروس الخصوصية، لكنه سيقلل منها خاصة في مواد اللغة الأجنبية الثانية كما سيؤثر هذا النظام على تفضيلات الطلاب، لتخصصات معينة أثناء كتابة الرغبات، حيث سيشهد الإقبال على دراسة اللغات الأخرى غير اللغة الإنجليزية إقبالاً ضعيفًا بعد قرار عدم إضافة اللغة الثانية للمجموع».

يبين «حجازي» أن «إهمال بعض المواد كالفلسفة وعلم النفس سيؤدي إلى خلق مشكلة جديدة لم تكن موجودة من قبل، وهي مشكلة تحيز مناهج الثانوية العامة لبعض القدرات والمواهب وإهمالها للبعض الآخر، وهو ما يعتبر ظلمًا للطلاب المتميزين في هذه المواد التي تم حذفها. مواد علم النفس والاجتماع تعبير عن رؤية الوزارة ونظرتها السلبية لهذه التخصصات واهتمامها بالجانب المعرفى على حساب الجوانب الوجدانية والمهارية والطبيعة الإنسانية للطالب وهو ما سوف يدركه الطالب ويبني عليه قراراته وتفضيلاته».

تأثير سلبي

وحول تأثير ما تم استبعاده من مواد خارج المجموع على متطلبات الدراسة الجامعية، يقول الخبير التربوي والأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس، تامر شوقى: «للأسف، هى متطلبات أساسية للدراسة الجامعية، خاصة في أقسام اللغات بكليات التربية والآداب والألسن، مما يفقد الطالب جزءًا كبيرًا من تأهيله للدراسة بتلك الكليات. لم يتم إلغاء مادة علم النفس والاجتماع كما أشاع البعض من معلمي الدروس الخصوصية. هي مادة أساسية في الصف الثاني الثانوي، لكنها غير مضافة للمجموع في الصف الثالث الثانوي. دمج الفيزياء والكيمياء والأحياء، إيجابي، سيخفف على الطلاب، وكذلك تقليل الكتب الخارجية والدروس، شرط توافر معلمين مؤهلين، حتى لا يؤدي الدمج للإخلال بالمحتوى العلمى لكل مادة. منح ٤٠% من الدرجات لأعمال السنة لطلاب النقل، سلاح ذو حدين، فهو يضمن التزام الطالب بالحضور للمدرسة، لكن قد يستغله بعض المعلمين ضعاف النفوس في إجبار الطلاب على الدروس الخصوصية».

أمر مقبول

وينبه «شوقي» إلى أن «تقليل عدد المواد الدراسية الأساسية أمر مقبول سواء من خلال دمج بعض المواد أو جعل بعض المواد خارج المجموع يحقق مميزات عديدة فى ظل النظام الجديد للثانوية العامة، والذى يتسم بالعديد من الإيجابيات أهمها أنه يتسق مع نظم التعليم العالمية التى تركز على الكيف وليس الكم في عمليات التعلم كما أنه لم يتم استبعاد أو حذف أى مادة دراسية، بل تم تغيير مواضعها ما بين مواد داخل المجموع ومواد خارج المجموع أو دمج بعضها».

ونبه إلى أن «ما تم يقلل الضغوط على الأسر المصرية ويحد من الضغوط التى كانت تمثلها الثانوية العامة وكذلك تخفيف العبء المعرفي على أذهان الطلاب في ضوء دراستهم لعدد من المواد بما يتناسب مع قدراتهم العقلية بالإضافة إلى إتاحة النظام الجديد الفرص للطلاب لفهم واستيعاب المقررات الدراسية المختلفة بدلاً من حفظها مما ييسر تحقيق نواتج التعلم المستهدفة ويخفف أعباء الدروس الخصوصية ويجعل التعلم له معنى وهدف لدى الطالب كما أن النظام الجديد يقوم بمعالجة مشكلات العجز بشكل غير مباشر في المعلمين من خلال دمج مواد مختلفة».

مواجهة للأزمات

يقول الخبير التربوى، د.حسن شحاتة: «الوزير، أدرك مشكلات التعليم: ارتفاع كثافة الفصول، التى تؤثر سلبًا على التواصل بين المعلم والمتعلم. النقص في أعداد المعلمين، وانعكاسه على الرسالة التعليمية. عدم انتظام التلاميذ في المدارس لعدم قيامها بواجباتها التعليمية. كثرة المواد الدراسية بما لا يتفق مع الوقت المخصص للتدريس».

لذلك «اعتمد الوزير بعد إجراء حوار مع مجلس التعليم قبل الجامعي والمجلس الأعلى للجامعات وخبراء المراكز العلمية على تقليص عدد المواد الدراسية بإعادة توزيعها على أو دمجها، ولجأ إلى مد فترة الحصة الدراسية والاستفادة من الكنترولات لتشغيلها كفصول دراسية واستغلال المدارس التي تعمل لفترة واحد لتعمل فترتين لتقليل الكثافة إلى خمسين تلميذًا في الفصل» بحسب د.حسن شحاتة.

وأضاف: «عمل الوزير على تقليل الأعباء التعليمية على المعلمين عبر الإعلان عن الاستمرار في تعيين ثلاثين ألف معلم سنويًا لسد العجز فى أعداد المعلمين وفتح العمل التطوعي للمدرسين بمقابل مدى أضاف شحاتة أن خطة الوزارة الجديدة هدفها الأساسى حصر الغياب ومتابعة غياب المعلمين والمتعلمين، وهيكلة مناهج الثانوية العامة بما يضمن تخفيف العبء المعرفي على الطلاب بما لم يخل بأساسيات المواد الدراسية المؤهلة للتعليم الجامعي مع إتقان الطلاب المهارات المستهدفة ومراعاة مناسبة عدد المواد الدراسية بما يتناسب مع العدد الأسبوعي لجدول الحصص».

وأشار د.حسن شحاتة إلى أنه «يجب الالتفات إلى أن الخطة المعلنة لا تحذف مواد دراسية بل هي تدمج بعض المواد، وترحيل بعضها الأخرى إلى ما قبل الصف الثالث الثانوي وبعض المواد لا تدخل إلى المجموع ولكنها مواد نجاح ورسوب، وكل ذلك يخفف من العبء المعرفي الذي يناسب استيعاب الطالب، ويقلل من الدروس الخصوصية، وهى خطوة واقعية لمواجهة النقص فى أعداد المعلمين، مطالبًا المساندة الجادة لهذه القرارات من جانب الآباء والمعلمين والطلاب مع وضع خطة زمنية لتفعيل هذه الحلول».

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى محمد عبد اللطيف ملف الثانوية العامة مواد خارج المجموع التربیة والتعلیم الثانویة العامة المواد الدراسیة الدروس الخصوصیة أعداد المعلمین النظام الجدید بعض المواد على الطلاب علم النفس دمج بعض إلى أن

إقرأ أيضاً:

شعبة المواد الغذائية: تأمين كميات كافية من السلع وبأسعار تنافسية يخفف العبء عن المواطنين

صرح حازم المنوفي عضو شعبة المواد الغذائية، ورئيس جمعية عين لحماية التاجر والمستهلك، أن الصفقات التي تبرمها الحكومة مع الجهات المختلفة سواء الحكومية أو القطاع الخاص تساهم بشكل كبير في التأثير الإيجابي على أسعار السلع الغذائية بعدة طرق، منها على سبيل المثال تحقيق استقرار الأسعار وذلك من خلال تأمين كميات كافية من السلع الغذائية وبصفة خاصة الأساسية، أسعار تنافسية، مما يخفف العبء عن المواطنين في ظل الارتفاع الكبير والمتزايد في أسعار الغذاء ليس في مصر فقط، بل في العالم كله، وهنا يستوجب على الحكومة القيام بدورها في استقرار الأسعار ومنع التقلبات الكبيرة التي قد تحدث بسبب العرض والطلب.

السلع التموينية تتعاقد على ٧٦ ألف و٢٠٠ طن زيت طعام

 

وأضاف المنوفي، أن من ضمن الطرق التي تتخذها الدولة في استقرار الأسواق، خفيض التكاليف فإذا كانت الصفقة تشمل شراء السلع بكميات كبيرة أو شروط تجارية مفضلة، فقد تؤدي إلى خفض تكلفة شراء السلع، مما ينعكس إيجاباً على أسعار المستهلكين.
وكذلك تحسين سلاسل التوريد بإبرام الصفقات التي تعزز التعاون مع الموردين، أو تضمن التوريد المستمر، وهي أحد أهم آليات تحسين كفاءة سلاسل التوريد، مما يقلل من مشاكل الانقطاع أو نقص السلع، ويعزز الاستقرار في السوق والسيطرة على الأسعار.

وقال رئيس جمعية عين لحماية التاجر والمستهلك، أن زيادة الدعم الحكومي يأتي ضمن طرق الحفاظ على استقرار الأسواق وتوفير السلع الغذائية، خاصة إذا كانت الصفقات تتضمن دعمًا حكوميًا للسلع الأساسية، وهو ما يدعم تقليل تكاليف الإنتاج أو التوريد، مما يساهم في الحفاظ على أسعار معقولة.

وأوضح حازم المنوفي، أن تعزيز المنافسة من خلال فتح أسواق جديدة أو توسيع الشراكات التجارية، يساعد على تشجع عمل الصفقات والمنافسة بين الموردين، مما يؤدي إلى تحسين جودة المنتجات والسلع الغذائية المعروضة وتقليل الأسعار.

وأكد المنوفي، على أنه عندما تتم الصفقات بحذر وبتخطيط جيد، تكون لها تأثيرات إيجابية على استقرار وتحسين أسعار السلع الغذائية للمستهلكين، وشدد على ضرورة تقليل سلسلة تداول السلع، والذي يخفض من تكلفة السلع؛ ومن ثم انخفاض أسعارها على المستهلك النهائي، ومن ثم شعور المواطن بالجهد المبذول من الحكومة في توفير غذاء آمن بسعر معقول طول الوقت، ودون حدوث نقص أو أزمة في توافر السلعة.

مقالات مشابهة

  • محمد مغربي يكتب.. وداعا للدروس الخصوصية
  • التعليم العالى تعلن موعد تسجيل رغبات الطلاب الناجحين في الثانوية العامة الدور الثاني عام 2024
  • موعد فتح التنسيق لطلاب الثانوية العامة الدور الثاني
  • أكاديمية مصر للطيران للتدريب تستقبل أوائل الثانوية العامة 2024
  • المدير التنفيذي لجهاز حماية وتنمية البحيرات يكرم أوائل الثانوية العامة
  • "مواد البناء": توافر الأسمنت وتراجع سعره في الأسواق 500 جنيه في الطن
  • مواد البناء: توافر الأسمنت وتراجع سعره في الأسواق 500 جنيه في الطن
  • شعبة المواد الغذائية: تأمين كميات كافية من السلع وبأسعار تنافسية يخفف العبء عن المواطنين
  • بعد إعلان نتيجة الدور الثاني.. «التعليم» تكشف عن مصير الطلاب الراسبين في الثانوية العامة 2024
  • نادي بنها الرياضي يكرّم 70 متفوقا من طلاب الثانوية العامة والأزهرية