المال السياسي والضغوط الحزبية: لعبة الكواليس في اختيار رئيس البرلمان
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
19 أغسطس، 2024
بغداد/المسلة: في ظل استمرار الخلافات السياسية في العراق، تصاعدت الدعوات لترك حرية اختيار رئيس مجلس النواب المقبل لأعضاء البرلمان أنفسهم، بعيداً عن الضغوط والتدخلات من قِبل الزعامات السياسية والحزبية. لكن هذه الدعوات تصطدم بواقع سياسي معقد تهيمن عليه إرادات الأحزاب، ما يجعل هذا الخيار بعيد المنال.
ومنذ فترة، يشهد المشهد السياسي العراقي توترات وخلافات مستمرة بين الكتل السياسية المختلفة حول اختيار رئيس جديد لمجلس النواب. وتتداخل هذه الخلافات مع تدخلات مباشرة من قِبل قوى سياسية شيعية وسنية وكردية، ما زاد من تعقيد الوضع وجعل من الصعب التوصل إلى توافق حول اسم المرشح الأنسب لهذا المنصب المهم.
ويشير بعض النواب العراقيين إلى أن تباين المواقف والقرارات وتعددها، بالإضافة إلى تمسك الزعامات السياسية بالقرار بعيداً عن قبة البرلمان، هي من أبرز العوامل التي تعرقل حسم هذا الملف. فالزعامات تسعى لفرض شخصية معينة تُرضي مصالحها، بغض النظر عن آراء النواب.
ورغم أن هناك دعوات لمنح النواب حرية الاختيار في تحديد هوية رئيس مجلس النواب المقبل، فإن الواقع يشير إلى أن الأغلبية شبه المطلقة من النواب تخضع لإرادات الأحزاب التي ينتمون إليها، مما يجعل من الصعب أن يكون هناك اختيار حر ومستقل.
و التدخلات السياسية من خارج البرلمان، ومحاولة فرض مرشحين معينين، ترتبط بشكل وثيق بالرغبة في الحفاظ على مصالح حزبية ضيقة، وليس على مصالح وطنية. هذا الأمر يُعقّد من فرص الوصول إلى حل وسط يُرضي جميع الأطراف، ويزيد من احتمالات تأخير اتخاذ القرار النهائي بشأن هذا المنصب.
علاوة على التدخلات الحزبية، يلعب المال السياسي دوراً كبيراً في تحديد مواقف بعض النواب، حيث يُذكر أن الرشاوى والإغراءات قد تؤثر بشكل كبير على تصويتهم واختيارهم لرئيس المجلس. وهذا الأمر يزيد من تعقيد المشهد ويؤدي إلى تأجيل متكرر لاتخاذ القرار النهائي.
وبحسب مصادر داخل البرلمان، فإن تأخير انتخاب رئيس مجلس النواب يعود بالدرجة الأولى إلى خلافات حزبية داخلية، وليست وطنية. فعلى الرغم من احتمال توافق القوى السنية على دعم ترشيح محمود المشهداني لهذا المنصب، إلا أن هناك مخاوف من عدم تمرير هذا الترشيح في ظل الاعتراضات من بعض القوى.
ويبدو أن تحالف “تقدم”، المدعوم من بعض القوى الشيعية، يقف في مواجهة مع تحالف “السيادة” و”العزم”، المدعوم ايضا من تلك القوى الشيعية وهو ما يزيد من تعقيد عملية التوافق على مرشح واحد. هذا الانقسام الواضح بين الكتل السياسية يعكس حجم الخلافات الداخلية ويعزز من صعوبة التوصل إلى اتفاق.
وفي ظل المشهد السياسي المعقد في العراق، تبدو الدعوات لمنح النواب حرية الاختيار مجرد اقتراح نظري، بعيداً عن الواقع المليء بالتدخلات الحزبية والسياسية. ومع استمرار هذه الخلافات والتدخلات، يبقى حسم ملف اختيار رئيس مجلس النواب معلقاً، مما يزيد من حالة الجمود السياسي التي تشهدها البلاد.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: رئیس مجلس النواب اختیار رئیس
إقرأ أيضاً:
البرلمان يوافق نهائيًا على مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد
وافق مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، خلال الجلسة العامة اليوم الثلاثاء، نهائيًا، على مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد.
وقال المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، خلال كلمته بالجلسة العامة، وصلنا اليوم إلى لحظةٍ فارقةٍ، من عمر مجلسكم الموقر، تتشابك فيها أيدينا؛ لنسطر سويًا، بكل فخرٍ واعتزازٍ، صفحةً جديدةً من صفحات سجل التشريع المصري العريق. وتعلمون جميعًا؛ أنه لعقودٍ ممتدةٍ؛ قد طال الجمود التشريعي مجال الإجراءات الجنائية، حاولت خلال تلك العقود جهودٌ عدةٌ أن تصوغ لمصر قانونًا حديثًا يليق بمكانتها وطموحات شعبها، لكنها تعثرت مرارًا.
وأضاف: اليوم، يحسب لمجلس النواب الحالي أنه قد اقتحم، بعزيمةٍ صادقةٍ، قلاع هذا الجمود، وحطم بكل جرأةٍ، قيود التعطيل والانغلاق، ونفخ روح التغيير، بكل إيمانٍ، في نصوصٍ هرمت، فأحياها فتيةً؛ تواكب نبض العصر وتستجيب لحاجات المجتمع. واليوم، بحمد الله، قد بلغنا موعد ميلاد قانونٍ جديدٍ للإجراءات الجنائية.
وتابع رئيس مجلس النواب، كما أتوجه بعظيم الامتنان لدولة رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، الذي كان ــ وما زال ــ داعمًا مخلصًا لمواقف مجلس النواب سيما التشريعية منها، ومؤمنا بأن الصالح العام فوق كل اعتبارٍ، فلم يدخر جهدًا في دعم كل مبادرةٍ برلمانيةٍ ترسي قواعد الدولة الحديثة.
وأضاف، كما أشيد بالسيد المستشار عدنان فنجري، وزير العدل؛ والذي أضفي حضور سيادته شخصيًا لكل جلسات مناقشة مشروع القانون طابعا من الالتزام والإخلاص، وهو ليس بغريبٍ على سيادته، فقد أثرى المناقشات من خلال تعقيباته حول فلسفة النصوص وبيان مقاصدها، مما عزز الفهم المشترك وقرب وجهات النظر؛ مستندًا في ذلك إلى خبرةٍ قانونيةٍ رفيعةٍ المستوى.
وأردف، والشكر أيضا، للمستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، لما بذله من جهودٍ حثيثةٍ في رحاب المناقشات، فكان صوت الحكمة، ولسان العقل، وبنى جسرًا متينا تتلاقى عليه الإرادة الشعبية مع السلطة التنفيذية، فعمل بصبرٍ وحسن تدبيرٍ، على تقريب المسافات بين الرؤى المتباينة، بغية الوصول بالنص التشريعي إلى ما نصبو إليه من دقةٍ وتوازن.