منحت «ملاعب الخماسيات» في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة، متنفساً للرياضيين الفارين من الحرب بالعاصمة الخرطوم، وخلقت تواصلاً بينهم وبين نظرائهم في المدينة، خاصةً المعتزلين والأجيال الجديدة.

التغيير- ود مدني: عبد الله برير

أوجد الرياضيون واللاعبون المعتزلون القادمون من العاصمة الخرطوم إلى ولاية الجزيرة- وسط السودان، لأنفسهم نشاطاً جديداً ومتصلاً تمثّل في اجتماعهم بملاعب الخماسيات في نادي النيل الرياضي بعاصمة الولاية ود مدني.

والتأم شمل اللاعبين المعتزلين بصورة عفوية بعد هروبهم من حرب الخرطوم الدائرة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني منذ منتصف ابريل الماضي.

وقد اجبرت الحرب كثيرين على التوجه إلى الولايات القريبة من العاصمة لاسيما الجزيرة وعاصمتها ود مدني، بعد أن استحال العيش تحت القصف، وتوقفت كل الأنشطة ومعينات الحياة تقريباً.

ملتقى اجتماعي

ومثّل تجمع الرياضيين ملتقى اجتماعياً كبيراً ضم لاعبي أندية الهلال والمريخ والموردة وغيرها، ليجتمعوا مع نجوم الزمن الجميل في مدينة ود مدني بقطبيها ناديي الأهلي والاتحاد بالإضافة إلى بقية الأندية العريقة.

وضم التجمع إعلاميين رياضيين وإداريين من الخرطوم وود مدني، بجانب الحكام وكل المنتمين للمنظومة الرياضية.

وأضحى تجمع الرياضيين في ملعب نادي النيل للخماسيات تظاهرةً اجتماعية اجتذبت مواطنين من مدينة ود مدني وأصبح لتدريبات الدوليين جمهور ذواق يتقاطر من شتى أنحاء المدينة.

وتضم التظاهرة نجوماً بارزين سابقين من المريخ السوداني على غرار عبد المجيد جعفر وعبد الحميد السعودي وعمار أبو كدوك.

كما حضر اللاعبون المعتزلون من الهلال السوداني بقيادة مصطفى النقر ومبارك سلمان المدير الفني السابق للمنتخب السوداني وصديق الرميلة وغيرهم، وبرز من لاعبي الاتحاد ود مدني عز الدين أدروب.

قدامى اللاعبين أنشطة وحضور جماهيري

لم يحتمل الرياضيون توقف النشاط الكروي في البلاد بسبب الحرب لتأتي هذه التظاهرة في ثوب يذكرهم بأيام ملاعب الهلال والمريخ واستاد الخرطوم وغيرها من الملاعب.

وتحظى المباريات الودية بحضور جمهور شغوف يتابع إبداعات نجوم الزمن الجميل ويتفاعل مع اللمسات الفنية للاعبين.

وبعيد المباريات يتسابق الجمهور في التقاط الصور التذكارية مع اللاعبين والدعوات بأن تنتهي الحرب ليعودوا إلى الخرطوم بسلام.

وساهم نشاط الرياضيين القادمين من الخرطوم في إثراء المنطقة التي أصبحت تضم عدداً من بائعات الشاي والقهوة وبائعي العصائر وتحويل الرصيد وغيرها من الأنشطة الخدمية الخفيفة.

ولا يقتصر نشاط اللاعبين الدوليين على ممارسة كرة القدم فقط بل تمتد اللقاءات لجلسات أنس عقب أداء صلاة المغرب.

كما تواصل البرنامج إلى نشاط اجتماعي يومي الجمعة والسبت اللذين يتوجه فيهما الرياضيون إلى حديقة امبارونا شرق مدني لقضاء وقت ترفيهي واجترار ذكريات الرياضة بالخرطوم.

مصطفى النقر مع محرر التغيير متنفس وذكريات

وتحدث لـ«التغيير» لاعب الهلال السوداني الدولي السابق مصطفى النقر الذي بدا سعيداً بلم شمل الرياضيين في مدني.

النقر تحسر على الوضع الحالي في السودان، وأشار إلى أن الحرب الدائرة حالياً يروح ضحيتها الابرياء.

واعتبر أن اجتماع اللاعبين الدوليين يعتبر متنفساً بسبب الأوضاع المأساوية التي يعيشها السودان، وقال: «لولا هذه (اللمة) لاختنقنا من الحزن».

وأضاف: «نجتمع يومياً لنتبادل الحديث ونتفقد أوضاع بعضنا ونواسي أنفسنا بعد الدمار والخراب الذي طال الجميع».

وختم مصطفى النقر حديثه متمنياً أن تستقر الأوضاع لتعود البلاد إلى مجدها وينعم الجميع بالسلام ويتفرغ الرياضيون لممارسة كرة القدم التي حرموا منها.

الوسومالأهلي الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان المريخ الموردة الهلال حرب 15 ابريل مبارك سلمان مصطفى النقر نادي النيل ود مدني ولاية الجزيرة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الأهلي الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان المريخ الموردة الهلال حرب 15 ابريل ود مدني ولاية الجزيرة

إقرأ أيضاً:

ماذا تقول الغزيّات في القدس بعد 9 أشهر من الإبادة؟

القدس المحتلة- لقصاصات الورق تبوح الغزية أم مصطفى، وقد رفضت الإفصاح عن اسمها خشية الملاحقة الإسرائيلية، بحزنها وعجزها عن حماية ما تبقى من آمال عائلتها، وأحلامهم التي تجمدت مع اندلاع الحرب على غزة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

"يا كاشف الكرب قد ضاقت بنا الخيم

نار من القهر في الأحشاء تضطرم

لم يبقوا فينا شيئاً لم يُقاسِ ألم

لم يرحمونا وزادوا ليلنا عتم

جئناك ضرعى وكل ما بنا سقم

جئناك صرعى وكل ما بنا كلم

فاشدد لنا الأزر واجبر قلبنا الهشم

أنت الولي ونعم الرب والحكم"

في بيتها بالمدينة المقدسة -الذي انتقلت للعيش فيه مع زوجها المقدسي قبل سنوات- استقبلتنا السيدة الغزية أم مصطفى، ورحبت بنا بابتسامة تخفي خلفها سيلا من الدموع التي انهمرت بمجرد الحديث عن حنينها لغزة التي أسمتها "مدينة القلب".

وطُويت صفحة الشهر التاسع من الإبادة الجماعية التي تُمارس في القطاع المحاصر، وطُويت فصول حياة عشرات الآلاف بعد استشهادهم، ولا أحد في العالم استطاع حتى الآن أن يطوي صفحة هذه الحرب، هذا ما يعبر عنه صوت أم مصطفى المرتجف، وقلبها العاجز عن تحمل المزيد من الألم.

أم مصطفى تحتفظ بذكريات طفولتها في حي الرمال الذي هجرت منه عائلتها خلال الحرب (الجزيرة) شتات ورعب

تعيش عائلة أم مصطفى في مدينة غزة ويتوزع أفرادها بين أحياء تل الهوى والصبرة والرمال، وكان آخر لقاء جمعها بهم عند زيارتها للقطاع خلال سبتمبر/أيلول المنصرم أي قبل أسابيع من اندلاع الحرب.

وحملت معها هواء غزة ورزمة جديدة من الذكريات وعادت بها إلى العاصمة المقدسة، لكن الفرح لم يدم طويلا مع انطلاق الحرب التي تشعر أم مصطفى منذ اندلاعها أن شيئا كبيرا ينقصها بسبب شح التواصل خاصة مع شقيقتها التي تعتبر أقرب إنسانة إلى قلبها.

عبّرت السيدة الغزية للجزيرة نت عن كثير من المشاعر التي تنتابها لكن تنهيدات الألم والصمت المتكرر الذي تخلل الكلمات كان أكثر مما تمكنت هذه الغزيّة من البوح به.

واستهلت بوحها بالقول "التواصل معهم هو الذي كان يخفف عني صعوبة الحياة وتفاصيلها في البعد عنهم، وكنت أُمنّي نفسي طيلة العام بأنني سألتقي بهم في عطلة الصيف.. أمل اللقاء بهم كان هو الحافز الذي يمكنني من مواصلة الحياة في الغُربة.. بلقائهم كان قلبي يرتوي والآن الأمل معدوم بلقائهم".

البحر جزء من ذكريات طفولة الغزية أم مصطفى وآخر عهد لها به كان قبيل الحرب بأسابيع (الأناضول) بحر غزة

في غزة كانت أم مصطفى تعود إلى طفولتها فتمارس مع أحبابها هواياتها بالسير على شاطئ البحر، والنوم على الشُرفة الخارجية للمنزل لتستيقظ على صوت أمواجه، والهروب من صخب مدينة غزة إلى البيّارة (بستان) للاسترخاء، لكن ذلك كلّه اندثر فالمنزل دُمر ولم يعد صالحا للعيش والبيارة سلبها الغرباء، والسيارة التي احتضنت ضحكاتهم احترقت.

"في بداية الحرب توقفت حياتي وتسمّرت أمام شاشة التلفاز لمتابعة الأخبار، ومرّت أيام متتالية دون أن أعرف مصير عائلتي هناك، وبعد شهرين قررت البوح بكل ما أشعر به للورق فكتبتُ وما زلت أكتب لأحافظ على اتّزاني النفسي، واعتزلت متابعة الأخبار ودخلت في حالة هروب كي لا أغرق في الوجع أكثر".

وعند سؤالها عما إذا كان لديها أمل أو رغبة في العودة إلى غزة في حال انتهت الحرب، قالت إنها حتما ستزورها فـ"لدي أمل للعودة إلى مدينة القلب والذكريات، وكما قال محمود درويش إن الحنين: استرجاع للفصل الأجمل في الحكاية".

وحتى تضع الحرب أوزارها فإن "في الانتظار.. يصيبني هوس برصد الاحتمالات الكثيرة" وهو اقتباس لدرويش أيضا الذي تستأثر أم مصطفى بنصوصه عادة.

ومع كل الألم الذي تعيشه هذه المواطنة فإن الحرب جعلتها ممتنة لنعم كثيرة تحظى بها وكانت تعتبرها بديهية، كأن تحرص على عدم التفريط بأي حبّة أرز أثناء غسلها وتحضيرها للطبخ، أو أن تنام في الليل على سرير ووسادة لا بخيمة، أو أن يكمل أطفالها مسيرتهم التعليمية بسلاسة.

وتختتم حديثها بالقول إنها "مدينة لغزة بكل الحب، مدينة لها بضحكاتي المجلجلة، بغمازتيَّ حين تشرقان، وقلبي حين يثمل فرحاً مدينة لها ببئر الذكريات الذي أغترف منه فترتوي روحي".

أمام ما يجري من غزة تلجأ أم محمد للصمت وبداخلها وجع عقدين لم تر فيهما عائلتها بغزة بسبب إجراءات الاحتلال (الفرنسية) الألم عميق

في منزل أم محمد، الغزيّة المتزوجة من مقدسي، الحالة النفسية ليست أفضل على الإطلاق، والصمت كان أبلغ من الكلام في أحيان كثيرة، والدموع عبّرت عمّا لا يمكن أن تعبر عنه الأحرف الأبجدية.

منذ عقدين ونيف تعيش أم محمد، في القدس منسلخة بفعل الإجراءات الإسرائيلية عن عائلتها في غزة والتي يفصلها عنهم حاجز "إيريز" العسكري سيئ الصيت، وبالتالي فإن زياراتها لمهوى قلبها كانت متذبذبة دائما، ومنعدمة التحقق حاليا.

تعيش أُسرة أم محمد في حي الرمال، وتذكر أنها في اليوم الرابع للحرب شاهدت على التلفاز خبرا يدعو أهالي هذا الحي للنزوح منه فورا نحو الجنوب، فـ "اتصلتُ بهم مباشرة وطلبت منهم تحضير أوراقهم الرسمية والخروج، لكنهم قالوا لن نترك المنزل وهذه ليست الحرب الأولى وسنصمد، لكن الهجوم كان أقوى من أن يواجه بالصمود.. وخلال ساعتين اتصلوا بي وقالوا إنهم نزحوا إلى دير البلح".

وعن وصفها لحالها وهي تعيش بعيدة عنهم قسرا قالت "نجحت مؤخرا في الخلود إلى النوم ليلا، كنت أستيقظ طوال الليل مع اشتداد القصف خوفا من سماع خبر سيئ عن عائلتي.. اتصلت بي إحدى قريباتي يوما تسألني إذا كانت عائلتي ممن استشهدوا بعد سماعها خبر استهداف في دير البلح كُشف فيه عن أسماء أشخاص من عائلتنا.. الظروف قاسية وشعور العجز قاتل".

أكثر ما يخيف أم محمد هو الفقد، وأكثر ما يغضبها هو عجز العالم عن إيقاف المجازر "ومن وجهة نظري الكل متواطئ ولا أرى مستقبلا أفضل".

مراجعة ذاتية

يرفض أشقاء أم محمد فتح الكاميرا في محادثات الفيديو كي لا ترى شقيقتهم إلى أي حال وصلوا بعد 9 أشهر من الحرب التي كانت المجاعة وسوء التغذية أبرز سماتها، لكنهم قالوا لها مرارا إنهم باتوا يتمنون لو أن الرصاصات القادمة تستهدفهم لتنتهي حياتهم وينتهي الوجع معها.

ورغم كل الألم فإن أم محمد حاولت البحث عن جوانب إيجابية فقالت إنها نجحت على الصعيد الشخصي في إعادة ترتيب أولياتها وعلاقاتها الإنسانية، وأسقطت الكثير من الأشياء من قانون الأهمية لديها، وقد جعلتها الحرب تكتشف أن الكثير من الأمور التي كانت تبذل جهدا خرافيا لأجلها لا معنى لها أمام الحياة والموت.

أما في غزة فترى هذه السيدة أن معاناة الحرب وطدت العلاقات بين أبناء القطاع، وستجعل جزءا منهم يخرج بوعي أكبر في كيفية تنظيم حياته وترتيب أولوياته، لكنها ستجعل آخرين يتعاملون بلا مبالاة ولا يفكرون سوى بإسعاد أنفسهم وأطفالهم في كل لحظة قبل أن تأتي لحظة تضيع فيها الحياة منهم.

مقالات مشابهة

  • الصراع السياسي القائم في السودان هو بين خونة وآخرين فاشلين
  • ماذا تقول الغزيّات في القدس بعد 9 أشهر من الإبادة؟
  • مع من يجب أن نبحث وقف الحرب؟ و لماذا
  • رئيس حزب المؤتمر السوداني: وقف الحرب هو مطلب مُلح وعاجل
  • رئيس حزب «المؤتمر» السوداني: وقف الحرب مطلب ملح بالنظر للمعاناة الإنسانية
  • سفير الخرطوم السابق بأمريكا: نحي الشقيقة مصر لجهودها في توحيد كلمة القوى السياسية وحل الأزمة في السودان
  • كاتبة صحفية: دعوات وقف إطلاق النار في السودان مصرية صادقة
  • طريقة الاستعلام عن مخالفات المرور 2024
  • حمدوك للبرهان: لو كنت في الخرطوم لجئتك!
  • حكومة ظل مدنية لانهاء الحرب وإعادة تعمير السودان