إيران تردّ من كيس غيرها!
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
آخر تحديث: 19 غشت 2024 - 9:44 صبقلم:خيرالله خيرالله مقارنة مع ما حصل في نيسان – أبريل الماضي، عندما اغتالت إسرائيل عددا من كبار ضباط “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني في أثناء اجتماع في القنصلية الإيرانيّة في دمشق، طرأ تغيير كبير وإن تدريجي، على الوضع في المنطقة كلّها. في أساس هذا التغيير تحوّل إسرائيل، في ضوء مرور ما يزيد على عشرة أشهر على حرب غزّة، إلى دولة أكثر عدوانيّة وشراسة في غياب من يستطيع ردعها في واشنطن على وجه التحديد.
رفعت الدولة العبريّة شعار أن المطلوب الاقتصاص من إيران نفسها بصفة كونها “رأس الأفعى”، بعدما كانت تكتفي بتوجيه ضربات إلى أدواتها وأذرعها في المنطقة. حصل التغيير في ضوء عجز إسرائيل عن الانتهاء من حرب غزّة ومن “حماس”. تخلصت من غزة بعدما اكتشفت أنّه لن يكون في استطاعتها التخلّص من “حماس”. باتت عملية إعادة إعمار غزّة تحتاج إلى عشر سنوات، هذا إذا وجد من يريد إعادة إعمار القطاع في يوم من الأيّام. ما نفع أن تزول غزّة من الوجود وأن تتباهى “حماس” بأنّها ما زالت حيّة ترزق؟ هل بقاء “حماس” أهمّ من بقاء غزّة التي يعلن رئيس السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة محمود عبّاس (أبومازن) أنّه يريد الانتقال إليها… من باب المزايدات ورفع العتب ليس إلّا؟ لا ينفع حاليا الكلام عن ردّ إيراني، سيحصل يوما، على اغتيال إسماعيل هنيّة رئيس المكتب السياسي لـ“حماس” في طهران أواخر تموز – يوليو الماضي. مثل هذا الاغتيال الذي ترافق مع اغتيال فؤاد شكر، القائد الكبير في “حزب الله” في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، لا يمكن أن يمرّ من دون ردّ إيراني. لكن السؤال هل تستطيع “الجمهوريّة الإسلاميّة” ترتيب ردّ مشابه على ذلك الذي قامت به بعد اغتيال قادة “فيلق القدس” في داخل قنصليتها في دمشق؟ حصل تنسيق في شأن الردّ مع إسرائيل والولايات المتحدة. استطاعت إيران القول إنّها ردت واستطاعت إسرائيل، في الوقت ذاته، القول إن الردّ الإيراني لم يؤد إلى أي أذى، بل كشف امتلاكها لأسلحة تستطيع منع المسيرات والصواريخ التي تطلق من إيران من تحقيق أهدافها. الأهمّ من ذلك كلّه أنّ لدى “الجمهوريّة الإسلاميّة” حساباتها الدقيقة التي تأخذ في الاعتبار التحولات التي طرأت على الموقف الإسرائيلي في ضوء حرب غزّة من جهة وفتح “حزب الله” جبهة لبنان من جهة أخرى. إضافة إلى ذلك لا يمكن تجاهل أنّ إسرائيل، ومعها الولايات المتحدة والدول الغربيّة، باتت تدرك معنى وجود الحوثيين في اليمن وتهديدهم الملاحة الدوليّة في البحر الأحمر… وإطلاق مسيرات وصلت إحداها إلى تل أبيب. هناك منطقة ما قبل حرب غزّة، التي بدأت بهجوم “طوفان الأقصى” الذي شنته “حماس” انطلاقا من القطاع في السابع من تشرين الأول – أكتوبر الماضي… هناك منطقة ما بعد حرب غزّة. كشفت تلك الحرب، التي أدت إلى تهديد وجودي لإسرائيل التي تحولت إلى وحش حقيقي بكلّ ما لكلمة وحش من معنى، أنّ لا حدود لما يمكن أن تقوم به إسرائيل التي لم تكتف بتدمير غزّة، بل أقامت ميني – غزّة في جنوب لبنان. يتكشف كلّ يوم حجم الدمار الذي لحق بقرى وبلدات جنوبيّة قريبة من خط الحدود مع إسرائيل، كما لو أنّه مكتوب على أهل الجنوب، منذ توقيع اتفاق القاهرة في العام 1969 دفع ثمن حروب لا علاقة لهم بها خاضها الفلسطينيون في مرحلة معيّنة وتخوضها إيران حاليا. تأخر الرد الإيراني على إسرائيل أم لم يتأخر، لا مفرّ من الأخذ في الحسبان أن إيران لم تعد مستعدة لخوض حرب مباشرة مع إسرائيل. أظهرت كل تجارب الماضي القريب أنّ “الجمهوريّة الإسلاميّة” تدفع ثمن كلّ الحروب، التي تخوضها بالواسطة، من كيس غيرها. تخوض هذه الحروب على حساب غيرها ومن حساب غيرها. ثمّة من تنبّه إلى ذلك وثمّة من يرفض التنبّه إليه، خصوصا أنّ حربا مباشرة بين “الجمهوريّة الإسلاميّة” وإسرائيل ستكون مكلفة. الأكيد أنّها ستكون مكلفة لإسرائيل التي لن تستطيع توفير حماية كاملة لمنشآتها في حال قرّر “حزب الله” مهاجمتها انطلاقا من الأراضي اللبنانية، لكنّ الأكيد أيضا أن إسرائيل قادرة على إلحاق أضرار كبيرة بالبنية التحتية الإيرانية وبكل الموانئ ومصافي النفط والمنشآت المرتبطة باستخراج النفط والغاز. يتعلّق الأمر في نهاية المطاف بحماية النظام الإيراني الذي أقامه آية الله الخميني في العام 1979، في ضوء سقوط الشاه. شيئا فشيئا تقترب ساعة الحقيقة. مَن غير “حزب الله” وأدوات إيران في اليمن على استعداد لخوض حرب دفاعا عن النظام في إيران؟ هناك ميليشيات مذهبيّة عراقيّة مستعدة أيضا لذلك، لكن اللافت أن الحكومة العراقيّة برئاسة محمد شيّاع السوداني بدأت تعيد النظر في حساباتها بعض الشيء. حصل ذلك في ضوء تهديد إسرائيلي بأن ما حل بميناء الحديدة اليمني الذي تلقّى ضربة قويّة يمكن أن يحلّ بميناء البصرة. لا يمكن تجاهل أنّ النظام السوري بدأ يمارس لعبة الحذر في التعاطي مع الردّ الإيراني المحتمل بعدما شعر أن إسرائيل، التي حمته دائما، صارت مستعدة لاستهداف أماكن يرتادها بشّار الأسد شخصيا. تغيّرت إسرائيل ولم تتغيّر الحسابات الإيرانيّة القائمة. لا تزال هذه الحسابات الإيرانيّة تستند إلى خوض حروب على حساب الغير، من دول وشعوب، من جهة واستغلال كلّ فرصة متاحة، بما في ذلك حرب غزّة، لإثبات أن لا مجال لتجاوز دور “الجمهوريّة الإسلاميّة” في المنطقة من جهة أخرى.تردّ إيران أو لا تردّ، السؤال من سينفذ طلبها الردّ على إسرائيل من دون جعلها في مواجهة مباشرة معها؟ الجواب أن الطرف الوحيد الذي يمكن أن يقدم على مثل هذه المغامرة هو، للأسف الشديد، “حزب الله” في لبنان الذي أدخل بلدا بكامله في لعبة لا أفق سياسيا لها، تماما مثلما أنّه لم يكن من أفق لـ“طوفان الأقصى”… باستثناء القضاء على غزّة!
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: الجمهوری ة الإسلامی ة حزب الله یمکن أن من جهة فی ضوء
إقرأ أيضاً:
التايمز: إيران "المكشوفة" تخشى الانتقام من إسرائيل
عندما نفذت إسرائيل غارتها الجوية الثانية على إيران الشهر الماضي، رداً على هجوم صاروخي إيراني، قللت طهران من أهمية الغارات الجوية التي استهدفت العاصمة ووصفتها بأنها "محدودة".
طهران حذرة من الرد بينما دفاعاتها الجوية معطلة
ومع ذلك، فقد توعدت طهران بالرد، وقالت هذا الأسبوع إن الانتقام سيكون "حاسماً".
وتقول صحيفة "التايمز" البريطانية إن هذا التهديد قد لا يتحقق في ظل تفكير إيران في موقفها الهش، فقد دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية في 26 أكتوبر (تشرين الأول) جميع بطاريات الدفاع الجوي الروسية الصنع من طراز إس 300، والعديد من منشآت الرادار على طول ممر يترك البلاد تحت رحمة إسرائيل، وفقاً لمسؤول غربي مطلع على الأضرار.
وقال: "ستستغرق إعادة بناء الدفاعات الجوية عاماً كاملاً. وهذا سيجعلهم يفكرون مرتين قبل ضرب إسرائيل".
Tehran is wary of retaliation while its air defences are crippled — and unrest is growing among a population weary of hardline Islamist rulehttps://t.co/bJOjewhhJA
— The Times and The Sunday Times (@thetimes) November 21, 2024
وجاءت الغارات الجوية ردا على إطلاق إيران عدة مئات من الصواريخ الباليستية على منشآت عسكرية في إسرائيل، في أعقاب اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، إلى جانب مسؤول عسكري إيراني كبير. وتسببت هذه الاغتيالات، أثناء الهجوم الإسرائيلي الذي دمر الميليشيا المدعومة من إيران، في إحراج طهران بشدة، التي انتقدها أنصارها لعدم تدخلها.
ولكن إيران تدرك أن التفاوت لم يكن قط أكثر وضوحاً بين قوة مثل إسرائيل، وجيشها ضعيف التسليح ودفاعاته الجوية المتقادمة والميليشيات المتحالفة معها. ففي موجة واحدة من الغارات الجوية، نجحت إسرائيل في شل الدفاعات الجوية الإيرانية وعرقلة برنامج تصنيع الصواريخ لديها.
Systemic Failure of Israel’s Air Defense systems. Hebrew media had a black out on casualties right now.
In case of a response, Iran has vowed to send 1000 more… pic.twitter.com/lUnjSSeQIH
ولكن إيران تخشى أن تكون الضربة التالية أكثر تجرؤاً. فقد أشارت إسرائيل إلى أنها قد تضرب المنشآت النووية الإيرانية. وقال بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، هذا الأسبوع إن أحد الأهداف في الضربات التي شنت في أكتوبر (تشرين الأول) أصاب "مكوناً" في البرنامج النووي الإيراني، في إشارة إلى منشأة بارشين. وقد نفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تكون المنشأة نووية.
وتلفت الصحيفة إلى أن مخاوف إيران تمتد إلى ما هو أبعد من برنامجها النووي الضعيف. ففي خطابين مسجلين بالفيديو موجهين إلى الشعب الإيراني، شجع نتانياهو الإيرانيين على الانتفاضة ضد النظام غير الشعبي الذي يقوده المرشد الأعلى آية الله خامنئي، الذي يبلغ من العمر 85 عاماً، والذي ينشغل بمسألة خلافته.
ويفضل المرشد ابنه مجتبى لهذا المنصب بعد وفاة المرشح الآخر، الرئيس إبراهيم رئيسي، في حادث تحطم مروحية في وقت سابق من هذا العام. وأدى الصراع مع إسرائيل في خضم الاستعدادات الجارية للخلافة إلى مزيد من التوتر.
أدرك النظام الإيراني دائماً يدرك أنه يقاتل على جبهتين: جبهتان خارجيتان، في الأساس ضد إسرائيل من خلال وكلائها الضعفاء الآن، وحرب داخلية ضد غالبية مواطنيه، الذين يعارضون حكمه الإسلامي المتشدد.
اضطرابات اجتماعية
وسادت موجة من الاضطرابات الاجتماعية في البلاد في أعقاب وفاة مهسا أميني في عام 2022، التي توفيت في مركز احتجاز للشرطة بعد أن ألقت الشرطة الأخلاقية القبض عليها بزعم عدم ارتدائها الحجاب.
وفي الوقت نفسه، أجبرت إعادة فرض العقوبات الأمريكية في عام 2018 الحكومة على زيادة الضرائب على شعبها وإدارة عجز ميزانية متضخم، مما أبقى التضخم السنوي قريبًا من 40 في المائة. وسجلت انتخابات البرلمان والرئاسة هذا العام رقماً قياسياً في انخفاض نسبة المشاركة حيث دعت المعارضة إلى المقاطعة.