أثار إعلان وزارة الخارجية العراقية، تأجيل موعد إنهاء مهمة قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في العراق، العديد من التساؤلات بخصوص انعكاساته على الواقع الأمني والسياسي في البلاد، خصوصا بعد تصعيد المليشيات هجماتها على القوات العسكرية.

وأفادت الخارجية العراقية خلال بيان لها، الخميس، بأن بغداد تعلن تأجيل موعد إعلان انتهاء مهمة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بسبب "التطورات الأخيرة"، لكن الوزارة لم تحدد هذه التطورات.



اتفاقات ضمنية
وبخصوص انعكاسات تأجيل الانسحاب الأمريكي على الواقع العراقي، قال المحلل السياسي، عصام حسين لـ"عربي21" إن "واشنطن شنت قصفا قاسيا قبل أسبوعين على مدينة جرف الصخر، وقتل أكثر من 10 أشخاص من الحشد، ولم نجد أي رد فعل من فصائل المقاومة".

وأضاف حسين أن "المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تحدث قبل مدة بكل وضوح أنه لم يتم مناقشة موضوع سحب قوات بلاده من العراق، وهذا الأمر أيضا لم يدر عليه أي أحد من الفصائل".

وأردف: "كذلك هناك تدريبات عسكرية أمريكية أعلن عنها مؤخرا في العراق، وهذه قد تكون خوفا من تطور الأحداث خلال المرحلة المقبلة أو ربما تكون هناك صواريخ إيرانية أو أخرى تابعة للفصائل المرتبطة بطهران، والتي قد تطلق نحو القواعد المتواجد فيها الأمريكيين".


وأشار حسين إلى أن "كل هذه المؤشرات ننظر لها على أن عملية انسحاب الأمريكية من العراق في ظل حكومة الإطار التنسيقي ربما تكون بعيدة، وهذا يعود إلى سبب وهو دعم الجانب الأمريكي لأحزاب الإطار في تشكيل حكومة محمد شياع السوداني".

وتابع: "ربما يكون هناك اتفاق حول بقاء القوات الأمريكية داخل العراق بقوة أكبر، في مقابل دعم الإدارة الأمريكية للحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، التي شكلتها الفصائل المسلحة ذاتها".

وتساءل حسين، قائلا: "استهداف القوات الأمريكية في العراق لم تكن تتبناها فصائل معروفة وإنما كانت تحت عناوين مجاميع وهمية، وهذا يعطي انطباع واضح جدا أن هذه الفصائل لديها اتفاق مع الجانب الأمريكي قبل تشكيل حكومة السوداني، مقابل أن تدعم الولايات المتحدة تشكيلها".

ورأى المحلل العراقي أن "الإدارة الأمريكية تدعم بشكل منقع النظير حكومة السوداني، والتي شكلتها الفصائل، وهذه الأخيرة عامل دعم قوي للحكومة، إضافة إلى عمل الفصائل الاقتصادي الذي أصبح أكثر أريحية من عهد حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي".

وأشار إلى أن "أصوات الإطار التنسيقي تخرج بعد كل ضربة أمريكية تستهدف الفصائل، فقد استهدفت واحدة مقار الحشد الشعبي، وهذه كانت ضربة إسرائيلية وجرى إنكار الموضوع، وذلك عندما كان رئيس الوزراء متواجدا في الولايات المتحدة الأمريكية في نيسان الماضي".

وأردف: "الضربة الثانية استهدفت مقار فصيل (عصائب أهل الحق)، وأعلن الأخير أنه استهداف إسرائيل، لكن هيئة الحشد الشعبي قالت إنه عارض أدى إلى حدوث انفجارات. بالتالي هؤلاء يريدون إعطاء انطباع للإدارة الأمريكية بأنهم أكثر سلمية معهم، وأنه رغم قصفكم مقارنا لكننا لم نعلن ذلك".

الأمر الآخر، بحسب حسي، فإن "هيئة الحشد الشعبي لو أعلنت أن القصف كان أمريكيا، لكان عليها الرد لأن جمهورها سيطالبها بذلك، وبالتالي الحشد والفصائل المنضوية تحته لا تريد الرد على الجانب الأمريكي، ثم تذهب القضية ضد مجهول".

وتوصل حسين إلى أن "الأمور كلها تجري بترتيب من أجل الضغط ليس أكثر، لذلك حتى لو حدث قصف ضد القوات الأمريكية، فهذا يكون بتحريض إيراني وليس برغبة داخلية من الفصائل، جرّاء الأحداث الدائرة في قطاع غزة والمنطقة بشكل عام".


"تأجيل سياسي"
وفي المقابل، رأى المحلل السياسي العراقي، وائل الركابي، أن "ما حصل ليس تأجيلا للانسحاب بقدر ما هو تأجيل لاجتماعات اللجان المشتركة (الأمريكية- العراقية) لمدة معينة، لذلك قد يستأنف إذا تهيأت الظروف، للوصول إلى اتفاق تحدد فيه سقوف زمنية، ومدى حاجة العراق لهذه القوات".

واستبعد الركابي في حديث لـ"عربي21" أن "تكون للتأجيل أي انعكاسات على الوضع الأمني في العراق، لأن استهداف الفصائل للقوات الأمريكية لن يؤثر بالشكل الذي يعيد البلاد إلى المخاوف التي يشعر بها المواطن بأنه مقبل على مرحلة مظلمة ومجهولة".

ورجح الخبير العراقي أن "يكون الأمريكيون قد تذرعوا بالقصف الذي حصل على قاعدة عين الأسد غرب العراق من أجل تأجيل إعلان الانسحاب، لكن أعتقد أن الأمر هدفه سياسي، ويتعلق بالشأن الداخلي الأمريكي المرتبط بالانتخابات الرئاسية".

وأوضح الركابي أنه "مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية لا يريد الأمريكيون جعل الانسحاب من العراق ورقة ضمن أوراق النجاح التي يستثمرها أحد المرشحين لصالحه في الداخل الأمريكي".

وأردف الخبير العراقي، قائلا: "لا خشية على الوضع الأمني أو عدم التزام الفصائل والحشد الشعبي لأوامر وتعليمات القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني".

ولفت الركابي إلى أن "الإطار التنسيقي متفق تماما مع توجهات الحكومة في التفاوض والحوار السياسي مع الجانب الأمريكي لإخراج القوات الأجنبية، بالتالي لا يمكن له أن يضغط، بل قد يتحاور في إيجاد فرصة بالتأثير على فصائل المقاومة في هذا السياق".

وأكد الركابي أنه "كان متوقع جدا ضمن الحوارات المشتركة بين بغداد وواشنطن أن تنسحب القوات الأمريكية نهاية عام 2025، لأن عملية الانسحاب ليس بالأمر الهين، ولدينا تجربة في انسحابهم عام 2011، وهذا حصل بعدما تم توقيع الاتفاقية عام 2009".

ويستضيف العراق، وهو حليف نادر لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في آن واحد، 2500 جندي أمريكي ولديه فصائل مرتبطة بقواته الأمنية ومتحالفة مع إيران. وشهدت البلاد تصاعدا في الهجمات المتبادلة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023.

وأعلن مستشار رئيس الوزراء العراقي، ضياء الناصري، السبت، أن "استهداف قاعدة عين الأسد والتطورات الأمنية التي حصلت في الأسبوع الأول من شهر آب الجاري، أجل الإعلان عن انتهاء مهمة التحالف الدولي في العراق، لحين إعادة تقييم الوضع الحالي ومعرفة الجهة التي تقف وراء الاستهداف، هل هي بالفعل جهة تابعة للفصائل أم جهة جديدة؟".

في 6 آب الجاري، أعلنت جماعة "الثوريون"، وهو تشكيل غير معروف ضمن فصائل "المقاومة الإسلامية" في العراق، مسؤوليتها عن الهجوم الصاروخي على قاعدة "عين الأسد" في محافظة الأنبار مما أسفر عن إصابة 5 من جنود القوات الأمريكية المتواجدين فيها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية العراقية تأجيل الانسحاب القوات الأمريكية العراق انسحاب تأجيل القوات الأمريكية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات الأمریکیة الولایات المتحدة الجانب الأمریکی الحشد الشعبی فی العراق إلى أن

إقرأ أيضاً:

انخفاض عوائد سندات الخزانة الأمريكية وسط ترقب قرار الفيدرالي الأمريكي

 

انخفضت عائدات سندات الخزانة الأمريكية بشكل طفيف اليوم الإثنين، وسط تطلع المستثمرين لاجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المرتقب بشأن خفض أسعار الفائدة.

وزيرة الخزانة الأمريكية: لا توجد مخاطر تهدد النظام المالي ارتفاع الذهب مع انخفاض عوائد سندات الخزانة الأمريكية

وذكرت شبكة (سي إن بي سي) الأمريكية أن العائد على سندات الخزانة الأمريكية لمدة 10 سنوات شهد انخفاضا بأقل من نقطة أساس واحدة عند 3.6401%، فيما انخفض العائد على سندات الخزانة لمدة عامين آخر مرة بأكثر من نقطة أساس إلى 3.5571%.

ويتصدر اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وقرار أسعار الفائدة أذهان المستثمرين خلال الأسبوع الجاري حيث يبدأ اجتماع البنك المركزي غدا الثلاثاء ويختتم بعد غد الأربعاء.

وتتوقع الأسواق خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، لأول مرة منذ أن بدأ رفع أسعار الفائدة في مارس 2022، لكن عدم اليقين بشأن حجم الخفض كان واسع النطاق.

وسيتبع قرار سعر الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي مؤتمر صحفي بعد الاجتماع يمكن لرئيس البنك جيروم باول خلاله تقديم تلميحات حول التوقعات المستقبلية للأسعار والاقتصاد.

كما سيراقب المستثمرون العديد من إصدارات البيانات الاقتصادية طوال الأسبوع، بما في ذلك بيانات مبيعات التجزئة في أغسطس الماضي غدا الثلاثاء، بالإضافة إلى أرقام تصاريح البناء وبدء الإسكان ومبيعات المنازل القائمة في وقت لاحق من الأسبوع الجاري.

ومن المقرر أيضا أن يعلن بنك إنجلترا عن أحدث قرار له بشأن سعر الفائدة في وقت لاحق من هذا الأسبوع، حيث انقسمت الأسواق حول ما إذا كان البنك المركزي سيخفض أسعار الفائدة للمرة الثانية في شهرين حينها.

مقالات مشابهة

  • عيادات استعادة الأمل تنطلق من معبر الشيخ حسين إلى غزة لدعم مبتوري الأطراف
  • انخفاض عوائد سندات الخزانة الأمريكية وسط ترقب قرار الفيدرالي الأمريكي
  • السوداني يزور المليادير حسين الصدر
  • الخارجية الأمريكية: احتجاز أحد أفراد الجيش الأمريكي في فنزويلا
  • بيانات التضخم الأمريكي.. تداعياتها وتأثيرها على الأسواق المالية الأمريكية
  • الإعلام الأمريكي يهاجم هاريس: قدمت معلومات كاذبة بشان التواجد العسكري في العراق
  • بقاء القوات الأمريكية في كردستان يعني عدم الانسحاب الكامل
  • السياسيون والمسؤولون العراقيون الجدد وعقدة ‫صدام حسين‬
  • واشنطن بوست: أمريكا تخطط لبقاء قوات في كردستان لحماية الإقليم من الفصائل
  • قوات في كردستان العراق.. هذه تفاصيل الاتفاق بين واشنطن وبغداد حول الانسحاب الأمريكي