ألمانيا لم تكن أبدا خالية من النازية ولهذا تدعم إسرائيل حاليا
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
نشر موقع "موندويس" تقريرًا قال فيه إن ألمانيا لم تخضع لعملية تطهير نازية، مما يفسر موقفها الحالي الموالي لـ "إسرائيل"، فقد فشل الحلفاء في تطهير أوروبا من النازية بسبب تقاعسهم في تفكيك الأسس السياسية التي شاركتهم النظام النازي.
وذكر الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي 21"، أن موقف ألمانيا الثابت في دعم الإبادة الجماعية في فلسطين يثير السؤال: كيف يمكن للبلد المعروف بمحاسبته المفترضة على الذنب عن الإبادة الجماعية الماضية أن يكرر مثل هذه الأخطاء المماثلة؟
وفهم ماهية النازية - ليس الجرائم التي ارتكبتها، بل طبيعتها كرؤية اجتماعية سياسية - يساعد على فهم كيف ولماذا فشل الحلفاء عمدا في إزالة النازية من ألمانيا، ولماذا لا يزال شبح الفاشية يطارد فلسطين وأوروبا والعالم اليوم، وهو يساعد أيضا على فهم كيف أصبح الحل متوفرا.
فهم الركائز الأساسية للمشروع السياسي النازي
أكد الموقع أن النازية ليست دافعا إجراميا غير سياسي، بل مشروع سياسي إجرامي مبني على ثلاثة ركائز أساسية: تسييس الهوية، والاستعمار، والرأسمالية.
وأوضح أن كل الدول تميز بين المواطنين وغير المواطنين، ولكن النازية أقامت فصلا بين الداخل والخارج على أساس الهوية، فاستبعدت المواطنين الألمان من الهويات التي اعتبرتها غير مرغوبة.
ومن المثير للاهتمام أن زعماء النازية كانوا يشيرون في صياغة برنامجهم السياسي إلى قانون الفصل العنصري الأمريكي، فقد استندت كتب مثل "دليل الاشتراكيين الوطنيين للقانون والتشريعات لسنتي 1934 و1935" و"قانون العرق في الولايات المتحدة" لهينريش كريجر سنة 1936 إلى السوابق الأمريكية إلى حد كبير، فلم تجد دولة أخرى لديها نماذج مماثلة للتشريع العنصري. وقد ألهمت أبحاث كريجر قوانين نورمبرج، التي أدخلت حيز التنفيذ التمييز الذي مارسه الحزب النازي في وقت مبكر ضد الألمان اليهود والغجر والسود.
وعبر تسييس النازية للهوية عن نفسه بطريقة استعمارية؛ حيث أخذ مرة أخرى الإلهام المباشر من التوسع الأمريكي غربا عند وضع إستراتيجياتها لغزو بولندا وجيرانها السلاف. لقد درس هتلر نفسه علم تحسين النسل الأمريكي بعناية وتبنى دعاية مماثلة لتبرير عمليات الإبادة الجماعية التي ارتكبها حزبه.
والواقع أن التوسع النازي والتطهير العرقي لم يكونا جديدين على الدول الأوروبية، والفارق هو أن دولا أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وهولندا والمملكة المتحدة استعمرت واستعبدت ونظمت عمليات إبادة جماعية في المقام الأول خارج أوروبا. وفي نظر الأوروبيين؛ يبدو أن خطيئة ألمانيا النازية لم تكن تتمثل في مشروعها الاستعماري في حد ذاته، بل في المكان والأشخاص الذين فُرِض عليهم هذا المشروع.
ولم تكن الاشتراكية الوطنية اشتراكية على الإطلاق؛ بل كانت رأسمالية في جوهرها. ولعبت الرأسمالية دورًا مباشرًا في صعود هتلر إلى السلطة، فقد انتهت الحرب العظمى في أوروبا بفرض قيود شديدة على سيطرة ألمانيا على الفحم وحجم جيشها، الأمر الذي أثر بشدة على صناعتها.
وأشار الموقع إلى أن من مصلحة الرأسماليين الصناعيين دعم البرنامج السياسي النازي الذي وعد بتحدي هذه القيود وحمايتهم أيضًا من "التهديد" الشيوعي المتزايد لملكيتهم الخاصة لوسائل الإنتاج الصناعي. ولقد مولوا الدعاية والحملات السياسية للحزب النازي، وضغطوا على الرئيس هيندينبورج لتعيين هتلر مستشارًا، ووافقوا على "قانون التمكين" الذي عزز دكتاتورية هتلر.
وليس من قبيل المصادفة أن يتمتع الرأسماليون الصناعيون الألمان بعلاقة وثيقة مع الولايات المتحدة، ليس فقط قبل الحرب (كان لأكثر من مائة شركة أمريكية مصالح في ألمانيا، بما في ذلك جهود إعادة تسليحها) ولكن أيضًا أثناء الحرب (استمرت شركات أمريكية مثل آي بي إم في دعم الإنتاج الحربي الألماني، والذي توسع بالفعل تحت قصف الحلفاء، والذي لاحظ وزير الخزانة الأمريكي مورجنثاو أنه تجنب المصانع الألمانية إلى حد كبير)، وبعدها (لم يتلق الصناعيون الألمان الذين استثمروا بكثافة في النظام النازي واستخدموا عمالة العبيد في معسكرات الاعتقال أكثر من صفعة على المعصم).
هل نجح الحلفاء في إزالة النازية من ألمانيا؟
لقد أدى انتصار الحلفاء على النازيين إلى إثارة التساؤل حول كيفية تطهير ألمانيا من النازية. فبدلا من الاعتراف بعلاقات القوة الهوياتية والاستعمارية والرأسمالية التي مكنت النازية، وتنفيذ برنامج سياسي سعى إلى تفكيك هذه العلاقات، اختار الحلفاء التركيز على الجرائم التي نتجت عن هذه العلاقات.
وشدد الموقع على أن هذا كان ضروريا للحفاظ على الذات؛ حيث إن الحلفاء، كما رأينا، كانوا مذنبين في الأساس بنفس أشكال العنف السياسي. وعلى حد تعبير الأكاديمي والمؤلف والمعلق السياسي الأوغندي محمود ممداني حول هذه القضية: "من خلال تفسير النازية بشكل ضيق كمجموعة من الجرائم التي ارتكبها الألمان بدلاً من كونها تعبيرًا عن القومية، حمت القوى المتحالفة نفسها ومواطنيها من التدقيق ... خشية أن تُضطر إلى تحمل المسؤولية عن عنفها القومي في الداخل وفي مستعمراتها... فمن خلال الحد من المسؤولية على الألمان؛ تجنب الحلفاء مواطنيهم الذين تعاونوا مع النازيين. لو تم فهم النازية بدلاً من ذلك كمشروع سياسي، لكانت كل هذه الحقائق غير المريحة - ولكن الحيوية - على الطاولة، مما قد يؤدي إلى إعادة تصور ثورية للتنظيم السياسي الحديث".
الفشل في نزع النازية وآثاره على أوروبا وفلسطين
لقد حافظت ستارة الدخان لبرنامج نزع النازية الاسمي الذي تبناه الحلفاء على تطبيع الافتراضات الرأسمالية والاستعمارية في الوعي الاجتماعي والسياسي الأوروبي الأوسع وعمقته. إن اختيار تحميل ألمانيا المسؤولية كدولة وشعب بدلا من النازية كبرنامج سياسي (الذي عارضه بعض الألمان ودعمه بعض غير الألمان) كان في حد ذاته تكرارًا للهويات. لقد ترسخ تسييس الهوية، الأداة المركزية التي يستخدمها الاستعمار لتفتيت المجتمعات، في أوروبا على حساب نفسه.
وقال الموقع إن ترسيخ العقليات الهوياتية هو من بين العوامل التي حركت الصعود الأخير لليمين المتطرف في أوروبا اليوم. فعلى سبيل المثال؛ يلاحظ الديمقراطيون السويديون (حزب يميني متطرف) ارتفاع معدل الجريمة في الأحياء التي يسكنها مهاجرون أكثر حداثة. وقد يكون السبب الحقيقي وراء هذا المعدل المرتفع للجريمة هو انخفاض جودة الخدمات الاجتماعية في هذه الأحياء، ولكن بدلاً من ذلك، يتم إلقاء اللوم على هوية المهاجرين.
من ناحية أخرى؛ غالبًا ما يقع اليسار الأوروبي في نفس الفخ؛ حيث يقدم دعمًا غير مشروط لمجموعات الهوية المهمشة بدلاً من معالجة الجذور السياسية للمشاكل التي يواجهونها. وبعبارة أخرى، يحول هذا الفخ "نحن ضدهم" إلى "نحن معهم"، الأمر الذي يعزز الانقسام القبلي بين "نحن وهم".
وأدى الفشل في نزع الطابع السياسي عن الهوية في أوروبا إلى تمكين الحروب، بما في ذلك الحروب الأهلية، استنادًا إلى افتراض مفاده أن الهوية ينبغي أن تحدد الحدود التي يعيش فيها المرء، وهذا يعني أن الدول والمجتمعات ينبغي أن تكون أحادية العرق في الوضع المثالي. وتشكل تجزئة قبرص على أسس عرقية أو تجزئة يوغوسلافيا إلى كوسوفو المسلمة، وكرواتيا الكاثوليكية، وصربيا الأرثوذكسية أمثلة بارزة على ذلك. وفي الآونة الأخيرة؛ استشهدت روسيا بالعرقية الأوكرانية الشرقية لتبرير حربها هناك.
وبين الموقع أن دعم أوروبا للصهيونية هو أيضًا تكرار للهوياتية، ولكن بدلاً من تقديم تعويضات لجميع ضحايا النازية الفعليين، بما في ذلك بالطبع اليهود الأوروبيين الذين ألحقت بهم الأذى، والتحرر من استهداف النازية لليهود، قبلت أوروبا فرضيات النازية وعوضت الحركة الصهيونية التي ادعت أنها تمثل إرادة جميع اليهود في العالم، والتي تجسدت في إسرائيل، ما يسمى "الدولة القومية للشعب اليهودي [حيث] يكون تحقيق الحق في تقرير المصير الوطني حصريًا للشعب اليهودي".
وهكذا مكنت أوروبا، بل وتسببت في تقسيم فلسطين والتطهير العرقي لها، حتى المحرقة اليوم. إن حقيقة أن معاديِّ السامية يشتركون في الرؤية الطائفية للصهيونية وللهوية اليهودية تلقي الضوء على سبب قول هرتزل إن "معاديِّ السامية هم حلفاء الصهيونية"، فهل هناك أي فرق جوهري بين هتلر أو نتنياهو أو حاخام الكنيس الكبير في باريس الذي يقول إن "اليهود ليس لهم مستقبل في أوروبا"؟
وأفاد الموقع أن دعم ألمانيا للإبادة الجماعية في غزة يشترك في نفس الجذور الاجتماعية والسياسية التي دعمت بها عمليات الإبادة الجماعية الأخرى التي ارتكبها "الغرب" طوال تاريخه، فلقد فشل الحلفاء في نزع النازية من أوروبا بسبب فشلهم في تفكيك الأسس السياسية التي كانت دولهم تشترك فيها مع النظام النازي. ولا ينبغي للأوروبيين أن يكرروا هذا الخطأ؛ حيث إن نزع النازية من أوروبا اليوم يعني إنشاء دول تعمل كأدوات وظيفية لإدارة شؤون المجتمع بدلاً من الدول التي تسلح الهويات، داخليًا أو خارجيًا.
واختتم الموقع تقريره موضحًا أنه لا يمكن تحقيق هذا إلا من خلال الحركات السياسية التي لا تسعى فقط إلى معالجة أعراض الحكم غير الأخلاقي، بل وأيضًا التي تعترف بتسييس الهوية والاستعمار والرأسمالية باعتبارها الأمراض الكامنة. ولا بد أن تسعى مثل هذه الحركات إلى ما لا يقل عن الاضطراب الكامل لمئات السنين الماضية من التاريخ الأوروبي، وهو المسعى الذي من شأنه أن يجعل من الممكن إقامة أوروبا حرة، وفلسطين حرة، وعالم حر.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية إسرائيل النازية المانيا إسرائيل الاحتلال النازية المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة السیاسیة التی من النازیة النازیة من فی أوروبا
إقرأ أيضاً:
أمين عام الناتو يبحث في البرتغال وأسبانيا ضخ مزيد من الإنفاق الدفاعي
أجرى مارك روته الأمين العام لحلف شمال الاطلسي "ناتو" مباحثات في لشبونة ومدريد حول الوضع الأمني في أوروبا، والحاجة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي، وأهمية استمرار الدعم لأوكرانيا.
استجابة لضغوطات ترامب.. ليتوانيا وإستونيا تتعهدان بزيادة الإنفاق الدفاعي على الناتو حلف الناتو يبدأ تدريبات عسكرية واسعة النطاق على المحور الشرقيوذكر بيان صادر عن حلف شمال الأطلسي أن أمينه العام التقى الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا، ورئيس الوزراء لويس مونتينيجرو وأعضاء آخرين في الحكومة، كما التقى في مدريد، رئيس الوزراء بيدرو سانشيز ومسؤولين آخرين.
وقال الأمين العام للناتو إنه "للحفاظ على قوة التحالف، يجب على الحلف الاستمرار في التكيف وتكثيف الجهود، وإنفاق المزيد على الدفاع"، مرحباً بالزيادات الأخيرة في الإنفاق الدفاعي للبرتغال وإسبانيا.. مشددًا على أن هدف 2 بالمائة المحدد قبل عقد من الزمن "لن يكون كافياً لمواجهة تحديات الغد".
وفي لشبونة، أشاد "مارك روته" بمساهمة البرتغال في الابتكار بالمجال البحري، وقال إن مركز التجارب العملياتية البحرية البرتغالي يساعد الحلفاء على اختبار وممارسة التقنيات الجديدة، بما في ذلك تحسين مرونة البنية التحتية للطاقة والاتصالات.
وأضاف " قد تبدو التهديدات من روسيا بعيدة، لكن اسمحوا لي أن أؤكد لكم أنها ليست كذلك.. السفن الروسية والقاذفات بعيدة المدى تهدد الساحل البرتغالي.. البنية التحتية الحيوية للبرتغال تحت سطح البحر في مرمى البصر في روسيا، وبينما نتعامل مع التهديد الروسي، يجب علينا أيضا معالجة التحديات القادمة من الجوار الجنوبي، وكذلك الفرص القادمة من الجنوب".
"ناتو" يبحث تعزيز الابتكار وأمن تكنولوجيا المعلومات بين دول الحلف
اجتمع قادة الصناعة الأوروبيون ومقدمو خدمات تكنولوجيا المعلومات وصناع القرار في حلف شمال الاطلسي "ناتو" في بروكسل خلال مؤتمر لاستكشاف التقنيات والاستراتيجيات لاعتماد حلول آمنة قائمة على السحابة للتعامل مع المعلومات السرية.
وذكر بيان صادر عن "ناتو" أن أكثر من 25 مؤسسة شاركت في الحدث، وقدمت وعرضت حلولها، في خضم إدارك الدور الحاسم الذي يلعبه التحول الرقمي في قدرة الحلف على الاستمرار في أداء مهامه الدفاعية الأساسية.
وأوضح البيان أن الحلفاء أيدوا استراتيجية تنفيذ التحول الرقمي في قمة الناتو لعام 2023 ، فيما كان الهدف هو تعزيز العمليات متعددة المجالات، وزيادة قابلية التشغيل البيني في جميع المجالات، وتعزيز الوعي بالأوضاع والاستشارات السياسية.
وفي قمة الناتو لعام 2024 في واشنطن، وقع 22 حليفًا خطاب نوايا لشراء أول قدرة سحابية سرية على مستوى الحلف، برنامج الحلفاء للسحابة، ومن المتوقع أن تبدأ عملية التعاون في وقت لاحق من هذا العام.